العامل الإسرائيلي في أزمة إقليم كوسوفو

30-10-2007

العامل الإسرائيلي في أزمة إقليم كوسوفو

الجمل: أخبار وتطورات ملفات الشرق الأوسط الساخنة (الملف النووي السوري -المفترض-، الملف النووي الإيراني، الملف الفلسطيني، الملف اللبناني، الملف العراقي، الملف التركي، الملف الأفغاني، الملف الباكستاني، ملف دارفور، ملف الصومال، ...وغيرها) حجبت عن الأنظار ملفاً هاماً في غاية الخطورة، يرتبط بمنطقة الشرق الأوسط وإن كان لا يرتبط بها وهو ملف "أزمة إقليم كوسوفو"..
* السياسة الأمريكية: من نظرية المؤامرة إلى ولع إعادة تشكيل العالم:
يقول المؤرخون السياسيون بأن معاهدة ويستفاليا التي أعقبت الحروب الدينية الأوربية، هي التي أدت إلى قيام ما عرف بـ"النظام الإقليمي الويستفالي" الذي تشكلت على أساسه بنية القوام الإقليمي الأوروبي الحالي..
وحالياً، هناك رأي يقول بأن أزمة إقليم كوسوفو، سوف تؤدي بالضرورة إلى نشوء ما يمكن أن نطلق عليه "النظام الإقليمي الويستفالي الجديد" الذي سوف يؤدي إلى إعادة تشكيل القارة الأوروبية إلى منظومة من الدول والكيانات السياسية الجديدة التي سوف تشبه الكيانات السياسية الأوروبية التي كانت قائمة قبل حروب الوحدة الإيطالية الكارلونجية..
* الأزمة اليوغسلافية: حل أم زراعة بؤرة جديدة لأزمة جديدة:
من المعلوم أن تفكك وانفراط عقد الاتحاد الفيدرالي اليوغسلافي كان وما زال يشكل تحدياً خطيراً للبلدان الأوروبية ، ولبلدان البلقان، والقفقاس..
لقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضرب يوغسلافيا، وتبعها في ذلك حلفاؤها الأوروبيون الغربيون، الذين كانوا آنذاك مأخوذين ببريق صراع الثقافات وأطروحات نهاية التاريخ الذي تبين لهم بعد أن حطموا يوغسلافيا بأنه لا ينتهي..
في الفترة التي سبقت ضرب طائرات أمريكا وحلف الناتو ليوغسلافيا، بذلت الحكومة الأمريكية والحكومات الأوروبية الغربية، وأجهزة إعلامها، جهداً كبيراً في التسويق لتطبيق المعايير المزدوجة إزاء الصرب، باعتبارهم شعباً وحشياً يتلذذ بقتل الآخرين وإبادتهم، وتمثلت حينها سخرية القدر بأنه لم ينظر لا الأمريكيون ولا الأوروبيون الغربيون إلى الدور الكبير والتضحيات الكبيرة التي قدمها الصرب في الحرب العالمية الأولى والثانية، والتي كان الصرب من أكبر ضحاياها، والأكثر شجاعة في التضحية فيها من أجل حماية الأوروبيين الغربيين من نيرانها..
* الخلافات الجارية حول مستقبل كوسوفو:
تقول المعلومات بأن الصراع أصبح أكثر حدة حول مستقبل كوسوفو:
• أمريكا (ومن ورائها إسرائيل): تريد تحويل الإقليم إلى دولة مستقلة بعد فصله عن يوغسلافيا.
• روسيا تريد الإبقاء على الإقليم ضمن دائرة ما تبقى من الاتحاد اليوغسلافي، وهو صربيا.
يقول السفير الأمريكي السابق جيمس يبزيت، في محاضرته التي قدمها في منتدى الكابيتول هيل التابع للكونغرس الأمريكي:
"التشديد الأمريكي على منح الألبان الاستقلال والقيام من طرف واحد بتسليم 15% من الأراضي الصربية لقادة إقليم كوسوفو المجرمين، هو ببساطة مثال آخر لرغبة الولايات المتحدة في استخدام القوة المكشوفة بهدف تحقيق غايات وأهداف سياساتها".
الخلافات الأمريكية – الروسية على مستقبل كوسوفو تختلف ذرائعها، ومن سخرية القدر أن الأمريكيين باتوا يتحدثون على غرار طريقة الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين، وتحديداً مبدأه الخاص بـ "حق الأمم في تقرير مصيرها".. أما الروس، فقد أصبحوا يتحدثون على طريقة إيزنهاور المتعلقة باعتبارات الالتزام بتطبيق مواثيق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي واحترام المعاهدات الدولية !!!
* مستقبل كوسوفو: العامل الإسرائيلي:
وبين موسكو وواشنطن، يبدو العامل الإسرائيلي أكثر وضوحاً، فقد أكدت المعلومات بأن الحكومة التي أشرفت أمريكا على تعيينها بعد انتهاء العمليات العسكرية ضد يوغسلافيا، للإشراف على إقليم كوسوفو بالتعاون مع قوات حلف الناتو وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، هي بالأساس من العناصر الألبانية ذات الارتباط الوثيق بجماعات المافيا الروسية – الإسرائيلية، وتقول المعلومات أيضاً، بأن هذه "الحكومة" المعينة أمريكياً، قد استفادت من مظلة الحماية التي وفرها وجود قوات الناتو وقوات الأمم المتحدة، وعاثت فساداً في المنطقة بحيث أصبح إقليم كوسوفو:
• ممراً رئيسياً لتجارة ونقل المخدرات.
• ملاذاً آمناً للعناصر الإجرامية والعصابات العالمية.
• مركزاً رئيسياً لأنشطة المخابرات الإسرائيلية التي تستهدف دول شرق أوروبا السابقة.
• ممراً رئيسياً لتهريب النساء وشبكات الدعارة بين شرق أوروبا وغربها.
• ملاذاً آمناً لمعسكرات تدريب الحركات المتطرفة.
• مركزاً رئيسياً للعمليات السرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وحالياً، يرى الأمريكيون، ومن ورائهم الإسرائيليون، بأن فصل كوسوفو عن صربيا، وإقامة دولة مستقلة في الإقليم سوف تكون منافعه ومزاياه أكثر من إبقائها تحت العباءة الصربية.. وبكلمات أخرى، فإن أمريكا وإسرائيل تستطيعان استغلال دولة كوسوفو الوليدة، بسبب عوامل الضعف الكثيرة التي سوف تعاني منها هذه الدولة:
• عدم وجود الموارد الاقتصادية الكافية.
• استغلال وتوظيف مشاعر الكراهية الموجودة في الإقليم إزاء الشعوب الأخرى.
• بيئة الإقليم المغلقة جغرافياً.
* تداعيات استغلال إقليم كوسوفو:
يقول الخبراء بأن انفصال إقليم كوسوفو سوف يؤدي لاحقاً إلى زلزال كبير في البيئات الإقليمية المحيطة به:
• في غرب أوروبا: سوف تنشط حركات الإحياء التاريخي ذات الطابع القومي - الاجتماعي، فهناك حركة انفصال الباسك، وحركة إيتا، والحركات السلتية، والنزعات الانفصالية الأيرلندية والاسكتلندية، وذلك على النحو الذي قد تؤدي تداعياته إلى تنشيط الحركات الانفصالية الأوروبية التي ظلت نيرانها هامدة مدة طويلة..
• في شرق أوروبا: سوف يغري انفصال كوسوفو بعض دول شرق أوروبا السابقة إلى محاولة إنهاء علاقاتها وروابطها التاريخية مع روسيا، وذلك بتأثير حركات الإحياء القومي - الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص روسيا البيضاء (أو بيلاروسيا).. كذلك سوف يؤدي انفصال كوسوفو إلى القضاء على أهم منطقة أوروبية للحوار الإسلامي – المسيحي، فالصرب مسيحيون والكوسوفيون مسلمون، وهي ظاهرة غير موجودة في أي مكان آخر في أوروبا..
• في منطقة البلقان: انفصال كوسوفو سوف يؤدي إلى تنشيط الصراع بين تركيا واليونان حول الجزر الموجودة في بحر إيجة، إضافة إلى أنه سوف يؤدي إلى تنشيط الحركات الانفصالية المطالبة بانفصال الجزر، وتحويلها إلى دول مستقلة غير مرتبطة لا بتركيا ولا باليونان.. وأمريكا تريد ذلك من أجل الانفراد بالتعامل مع هذه الجزر وتحويلها إلى قواعد عسكرية أمريكة بحرية وجوية.
• في منطقة القفقاس: تعتبر بيئة القفقاس مشابهة تماماً لبيئة إقليم كوسوفو، من حيث التنوع الديني، فمنطقة القفقاس يتعايش فيها المسيحيون الأرثوذكس منذ فترة طويلة مع المسلمين السنّة، وبرغم حروب وصراعات: داغستان، الشيشان، شركسيا، أوسيتيا الشمالية، أوسيتيا الجنوبية.. وغيرها، فإن استقلال كوسوفو سوف يترتب عليه المزيد من طاقة العنف السياسي الانفصالي ضد دولة الاتحاد الفيدرالي الروسي، على النحو الذي يمكن أن يترتب عليه انفصال كيانات القفقاس، والتي بسبب صغر حجمها، وضعف مواردها، فإنها سوف تتحول تلقائياً إلى قواعد عسكرية أمريكية، يمكن أن تشكل خطراً حقيقياً ضد روسيا، وضد بقية بلدان آسيا الوسطى..
عموماً، فإن تأثير العامل الإسرائيلي إزاء مستقبل إقليم كوسوفو لا ينظر إلى الإقليم باعتباره منطقة تجميع المسلمين الألبان، وبكلمات أخرى، لا يمكن أن يهتم الإسرائيليون مطلقاً بحماية حقوق المسلمين وإعطائهم الاستقلال، وسبب اهتمامهم بإقليم كوسوفو يمكن تحديده على النحو الآتي:
• أهداف قصيرة الأجل: استخدام الإقليم كبؤرة للأنشطة الإسرائيلية غير الأخلاقية، أو بالأحرى كملجأ ومكان آمن لانطلاق جماعات المافيا الروسية – الإسرائيلية، إضافة إلى استخدامها كبؤرة للفساد العالمي والأنشطة الإجرامية التي يشرف عليها الموساد الإسرائيلي.
• أهداف طويلة الأجل: وتتمثل في أنه بعد أن يفتضح أمر ما يحدث في "دولة كوسوفو" المرتقبة، وتقوم دول العالم بإدراك حجم المعاناة والخطر الداهم والشرور القادمة لها من "دولة كوسوفو"، فإن الإعلام الإسرائيلي والغربي يقوم حينها وبكل سهولة بالترويج لمزاعم أن سكان كوسوفو من المسلمين وبالتالي فإنهم مصدر للشر في العالم.. (كما يقول الحاخامات اليهود الحاليون).


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...