سوريا في دوامة المقترحات غير القابلة للتنفيذ

02-07-2012

سوريا في دوامة المقترحات غير القابلة للتنفيذ

دخلت الازمة السورية في متاهة جديدة، بعد مؤتمر جنيف الذي أصدر وثيقة ملتبسة اختلف الاميركيون والروس في تفسيرها واتفق النظام السوري ومعارضوه على التشكيك فيها، ويبدو أنها لن تصمد طويلاً في ظل استعداد الجامعة العربية للانقلاب عليها عبر تنظيم أكبر حشد سوري معارض اليوم في القاهرة، يسبق مؤتمر أصدقاء سوريا المقرر في باريس الجمعة المقبل، والذي يتوقع أن يشكل تعطيلاً إضافياً لفرص التسوية السياسية في سوريا.
وبدا أن مؤتمر جنيف لم يتمكن حتى من كبح جماح العنف الدموي في سوريا، لاسيما وانه لم يحدد آليات لضمان تنفيذ خطة المبعوث العربي والدولي كوفي انان التي يفترض ان تكون مقدمة لمبادئ الخطة الانتقالية في سوريا، التي أقرت بالإجماع وهي تتضمن تأليف حكومة انتقالية تضمّ معارضين وموالين للنظام، وتملك كامل الصلاحيات التنفيذية، وتؤسس لتعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة.
وقد انضمّت طهران التي غيبت عن المؤتمر إلى موقف روسيا والصين، عندما شددت امس على أن «أي قرار يفرض من الخارج من دون مشاركة الحكومة والشعب السوري ومن دون حوار وطني لن يأتي بأي نتيجة».
إلـى ذلـك، وفـي أكـبـر تجـمـع للمعارضة السورية المشرذمة، يجتمع حوالى 200 معارض، في القاهرة لمدة يومين في محاولة لحل الخلافات بينهم والخروج من حلقة مفرغة، تدور المعارضة فيها منذ عام، بحثاً عن إطار جامع للعمل المشترك، وتصور للمرحلة المقبلة من خلال عهد وطني دستوري جديد. ومن المفترض أن تؤسس «وثيقة العهد الوطني» المطروحة للنقاش لإعلان دستوري، يعتمد مقدمة لدستور سوريا الثورية، يجنّب المعارضين الخلافات حول الطبيعة «العلمانية» او «العربية» للدولة السورية المقبلة. 
وشددت «مجموعة الاتصال حول سوريا»، في بيانها الختامي في جنيف أمس الأول، على «وجوب تشكيل حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية. وعلى الحكومة السورية أن تسمي محاوراً فعلياً عندما يطلب المبعوث الدولي (كوفي انان) ذلك، للعمل على تنفيذ خطة النقاط الست والخطة الانتقالية. ويمكن للحكومة الانتقالية أن تضمّ أعضاء في الحكومة الحالية والمعارضة، وسيتم تشكيلها على قاعدة التفاهم المتبادل بين الأطراف».
وأضاف البيان «من الممكن البدء بمراجعة للدستور، إضافة إلى إصلاحات قانونية. أما نتيجة المراجعة الدستورية فيجب أن تخضع لموافقة الشعب. وحالما يتم الانتهاء من المراجعة الدستورية، يجب الإعداد لانتخابات حرة ومفتوحة أمام كل الأحزاب». وشددت على ان «على المعارضة تدعيم تماسكها بهدف تسمية ممثلين فعليين للعمل على خطة النقاط الست والخطة الانتقالية».
وبالنظر إلى ما تضمنته ورقة العمل التي نشرها موقع الأمم المتحدة، حول بنود الاتفاق وطرائق تنفيذه، يمكن استنتاج ملاحظات، توحي باتفاق نظري لا يمكن الشروع بتطبيقه فعلياً إلا باشتراعه وفقاً للفصل السابع في مجلس الأمن، الذي يفتح الأزمة في سوريا على أبعاد أخرى غير محسوبة.
وقد تؤدي قرارات مؤتمر جنيف، إذا ما طبقت، إلى إعادة عقارب الساعة الى الوراء 15 شهراً، حيث كانت الحكومة السورية قد عدّلت الدستور وأجرت انتخابات تشريعية وألفت حكومة جديدة، أدخلت فيها معارضين. يُذكر أن الأسد كان أعلن رفضه أي قرارات تفرض على سوريا.
وأعلن أنان، في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع، أنه يجب على الحكومة والمعارضة أن تتعاونا مع خطة إقامة حكومة انتقالية يأمل أن تحقق نتائج إيجابية في غضون عام، مؤكداً أن مستقبل الأسد «سيكون شأن السوريين».
وفي حين أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن اجتماع جنيف «يمهّد الطريق لمرحلة ما بعد الأسد»، شدّد نظيرها الروسي سيرغي لافروف على أن النقطة الرئيسية هي أن الاتفاق لم يحاول فرض عملية انتقال على سوريا، موضحاً أن الاتفاق لم يُشر ضمنياً إلى أنه يجب على الأسد أن يتنحّى. وقال وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي إن الخطة الانتقالية «لا يمكن إلا أن تكون بقيادة سوريين وبموافقة كل الأطراف المهمين في سوريا».

ورفض النائب السوري خالد العبود الاتفاق الذي توصلت إليه القوى العالمية في جنيف، معتبراً أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه وعملية اتخاذ القرار لا يعنيان السوريين. وقال لوكالة «رويترز» في دمشق إن الصراع لا يمكن حلّه إلا بين السوريين، وليس من خلال تدخل قوى خارجية، مضيفاً إن الشيء الوحيد الذي سيساعد السوريين هو صمودهم.
وعبر النائب عن حزب البعث فايز صايغ عن رضاه على اجتماع جنيف، معتبراً ان المشاركين فيه تركوا للشعب السوري تقرير مصيره وكيفية تشكيل حكومته. وقال، لوكالة «اسوشييتد برس»، إن «المؤتمر لم يناقش قضايا كانت تطالب بها الدول الغربية، مثل وضع الرئيس».
وفي طهران، قال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان «حصلت توترات شديدة بين روسيا والولايات المتحدة خلال اجتماع الخبراء، ولم يكن اجتماع جنيف ناجحاً، على غرار الاجتماعات السابقة، نظراً لغياب (الحكومة) السورية والدول التي تؤثر على الأحداث في ذلك البلد».
واعتبر ان «اي قرار يفرض من الخارج من دون مشاركة الحكومة والشعب السوري ومن دون حوار وطني لن يأتي بأي نتيجة»، منضماً بذلك الى موقف روسيا والصين. وانتقد «تحرك بعض الدول الأجنبية التي ترسل أسلحة الى سوريا»، مؤكداً ان ذلك «يعرض الى الخطر ليس أمن سوريا فحسب، بل أمن الشرق الاوسط والعالم».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...