حرب القمم: قمة شرم الشيخ ضد قمة دمشق

03-04-2008

حرب القمم: قمة شرم الشيخ ضد قمة دمشق

الجمل: تعتبر عرقلة التضامن العربي واحدة من أهم الأساليب الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل ضمن ما يعرف بـ"الإجراءات الوقائية" لحماية الأمن الإسرائيلي، وتعتبر الدبلوماسية الأمريكية الوسيلة والأداة الفاعلة لتحقيق ذلك.
* إجراءات الأمن الوقائي الإسرائيلي قبل قمة دمشق:
ظلت الولايات المتحدة تركز دبلوماسياً على دفع حلفائها العرب على تبني مواقف بما يجعل الصف العربي أقل خطراً وتحدياً لأمن إسرائيل. وقد أدى ذلك، طوال الفترة الماضية إلى إعاقة فعالية وحيوية العمل العربي المشترك، وقد ظلت الكثير من الأفكار والرؤى الهادفة إلى تعزيز وتفعيل قوة المواجهة العربية، تجد الطريق مغلقاً أمامها في القمم العربية، بسبب مواقف الأطراف العربية المرتبطة بمعاهدات سلام وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأيضاً بسبب الدول العربية الشديدة الارتباط بالولايات المتحدة الأمريكية.
تعتبر قمة دمشق من أكثر القمم العربية التي واجهت مخاطر استهدافات إجراءات الأمن الوقائي الإسرائيلي، الذي لم يعد يستخدم الأساليب الأمنية الوقائية التقليدية، وإنما أصبح أيضاً يستخدم أساليب دبلوماسية وقائية، ومحاولات نماذج تفكيك وإعادة تشكيل البيئة الإقليمية العربية مستخدماً النفوذ الأمريكي ونفوذ الاتحاد الأوروبي.
مارست الإدارة الأمريكية ضغوطاً متزايدة على حلفائها في المنطقة مستخدمة الترغيب والترهيب لجهة دفعهم إلى العمل من أجل إفشال قمة دمشق، بما يضع العمل العربي المشترك أمام خطر فقدان المصداقية والعجز عن الاستمرار.
وبعد مواجهة دبلوماسية حامية بين دمشق وواشنطن، استطاعت دمشق حسم المعركة لصالح انعقاد القمة العربية في العاصمة السورية، أولاًَ بسبب تمسك دمشق بثوابتها المبدئية إزاء استرداد الحقوق العربية المشروعة والسلام العادل، وثانياً بسبب إدراك الأغلبية العظمى من الأنظمة العربية لأهمية انعقاد القمة وحضورها بما في ذلك حلفاء أمريكا الذين حضروا القمة بوفود منخفضة التمثيل، وثالثاً بسبب ضغوط الشارع العربي وإدراك الرأي العام العربي لـ"فضيحة" التعليمات الدبلوماسية الأمريكية التي أصبحت تشكل انتهاكاً خطيراً لسيادة عدد من البلدان العربية.
* إجراءات الأمن الوقائي الإسرائيلي بعد قمة دمشق:
انعقدت قمة دمشق، وصدر إعلان دمشق، وتحدثت الأغلبية العظمى من المراقبين والمحللين الدوليين والإقليميين المختصين بالشؤون الدولية والإقليمية والعربية والصراع العربي – الإسرائيلي على نجاح القمة، وكسب دمشق لجولة الصراع الدبلوماسي في الساحة العربية أمام واشنطن.
بدأت واشنطن مرة أخرى تحركاً جديداً، يهدف إلى شن المزيد من الهجمات المضادة التي تسعى إلى إبطال وإفراغ "إعلان دمشق 2008م" من مضمونه، ومن أبرز هذه التحركات:
• محاولة التقليل من شأن إعلان دمشق سواء بالتجاهل أو بمحاولة توجيه الانتقادات.
• تصعيد التهديدات السياسية والأمنية والعسكرية ضد سوريا التي تولت قيادة الجامعة العربية التي ستقوم بدور القلب الحيوي في عملية تفعيل بنود إعلان دمشق.
• استخدام المزيد من الوسائل الدبلوماسية في المواجهات الهادفة لإعاقة جهود سوريا في تفعيل إعلان دمشق.
• مطالبة حلفاء أمريكا المعتدلين العرب القيام بدور بعد إفشال قمة دمشق ويستهدف الدور الجديد هذه المرة:
* قيادة سوريا للجامعة العربية.
* إجهاض إعلان دمشق.
* قمة شرم الشيخ المتوقعة: التحركات الأولية:
تقول التسريبات الإسرائيلية الأخيرة بأن تحركاً قد بدأ على خط القاهرة – واشنطن، يهدف إلى الترتيب لـ:
• زيارة الرئيس المصري حسني مبارك لواشنطن.
• عقد قمة شرق أوسطية مصغرة برعاية أمريكية – مصرية في شرم الشيخ خلال حزيران القادم.
وما هو جدير بالاهتمام يتمثل في أن التحركات على خط القاهرة – واشنطن لا تقوم بها الخارجية المصرية، وإنما يقوم بها طرفان مصريان هما:
• عمر سليمان وزير المخابرات المصرية.
• حسين الطنطاوي وزير الدفاع المصري.
وعلى هذه الخلفية يمكن الاستنتاج بكل وضوح أن ترتيبات قمة شرم الشيخ المصغرة تندرج ضمن الملف الأمني – العسكري الخاص بخط القاهرة – واشنطن، وهو خط لا يمكن فصله عن تل أبيب التي ظلت تتمتع بالحضور القوي الفاعل في توجيه معطيات هذا الخط بالاستناد إلى الدور ونفوذ تأثيرات واشنطن على القاهرة.
* التوصيف الهيكلي – البنائي المتوقع لقمة شرم الشيخ:
حسب المعلومات الواردة فإن قمة شرم الشيخ الشرق أوسطية ستكون على غرار نموذج القمة المصغرة وسوف ينحصر حضورها في الآتي:
• الرئيس الأمريكي جورج بوش.
• الرئيس المصري حسني مبارك.
• العاهل الأردني الملك عبدا الله.
• رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
• رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت.
وقد تحددت مدينة شرم الشيخ المصرية مكاناً لانعقاد القمة.
* التوصيف القيمي المتوقع لقمة شرم الشيخ:
بحسب التاريخ المحدد مبدئياً لعقد القمة المصغرة، فإنها ستأتي بعد أقل من شهرين على انعقاد قمة دمشق 2008م، ومعنى ذلك:
• أن قمة شرم الشيخ تهدف إلى خلق حدث قمة دبلوماسية ثانية بما قد يؤدي إلى محاولة التغطية دبلوماسياً على القيمة والأهمية الرمزية لقمة دمشق.
• إن المشاركة في قمة شرم الشيخ تتضمن وجود إسرائيل وهذا يعني وجود الطرف المعني بعملية تقويض إعلان دمشق 2008م.
• إن رئاسة قمة شرم الشيخ ستكون بمشاركة أمريكية – مصرية طالما أن جورج بوش هو رئيس الدولة الراعية للقمة، وحسني مبارك هو رئيس الدولة المستضيفة لها.
• إن إقامة قمة شرم الشيخ بهذه السرعة وهذا الترتيب المصغر، يطلق بعض الإشارات التي تفيد لجهة صعود ثنائية القاهرة – دمشق ومحاولة كل طرف تجميع المزيد من الزخم العربي حوله، مع ملاحظة أن الزخم العربي يقف إلى جانب قمة دمشق، فإن وجود جورج بوش وأولمرت يفيد لجهة أن القاهرة تسعى لتجميع الزخم الدولي حولها، والعودة إلى لعبة الشرق الأوسط التي أصبحت على وشك الخروج من حلبتها بعد:
* تقليل مستوى تمثيلها في القمة.
* تبنيها لخطاب جماعة المحافظين الجدد والإدارة الأمريكية إزاء الملف اللبناني وفي التعامل مع قمة دمشق.
• إن تضييق دائرة حضور قمة شرم الشيخ بهذه الطريقة، معناه عدم السماح للأطراف الأخرى المعنية بالصراع العربي – الإسرائيلي من تقديم طروحاتها، وعلى ما يبدو فإن حضور مصر – الأردن يمكن أن يغني عن حضور بقية المعتدلين العرب الذين ظلوا يفضلون التعامل مع إسرائيل من وراء الحجاب المصري- الأردني تفادياً للحرج أمام الرأي العام العربي والإسلامي.
* التوصيفات التفاعلية المتوقعة لقمة شرم الشيخ:
تشير الحيثيات والمعطيات المتاحة والمتوافرة –برغم قلتها- إلى أن سيناريو قمة شرم الشيخ قد يتضمن الآتي:
• التركيز على الملفات الأمنية المتعلقة بـ:
* حركة حماس – قطاع غزة ومصيره وارتباطه مع مصر.
* حزب الله اللبناني – جنوب لبنان ومصير الرئاسة اللبنانية.
* السلطة الفلسطينية: مواجهة حركة حماس – مصير الضفة الغربية وارتباطها مع الأردن.
* سوريا: الملف اللبناني والعقوبات الأمريكية ضدها.
• التركيز على الملفات العسكرية المتعلقة بـ:
* نشر القوات الدولية على حدود مصر – قطاع غزة، وهناك تسريبات سابقة تقول باحتمالات الاستعانة بقوات حلف الناتو في مهمة مراقبة حدود مصر مع القطاع.
* قيام مصر بمراقبة تسلل المسلحين عبر صحراء سيناء واختراق الحدود المصرية – الإسرائيلية.
* اتخاذ مصر للإجراءات العملية لتنفيذ المشروطيات الإسرائيلية المتعلقة بصحراء سيناء، وعلى وجه الخصوص الوجود البدوي العربي المكثف في بعض مناطق سيناء القريبة من إسرائيل.
* الرقابة العسكرية البحرية لسواحل سيناء المصرية وسواحل قطاع غزة.
حتى الآن لم يصدر عن القاهرة أو عمان أو حتى واشنطن ما يؤكد قيام قمة شرم الشيخ، وكل ما يوجد حالياً هو بعض التسريبات الإسرائيلية التي تؤكد حضور الرئيس بوش إلى إسرائيل من أجل المشاركة في احتفالات الذكرى الستين لقيام إسرائيل، وعلى هامش ذلك سيتم عقد مؤتمر القمة المصغرة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...