التعقيدات المحيطة بالمفاوضات السورية- الإسرائيلية

28-07-2007

التعقيدات المحيطة بالمفاوضات السورية- الإسرائيلية

الجمل:    نشر مركز دراسات القوة والمصلحة الأمريكي، اليوم على موقعة الالكتروني تحليلاً حمل عنوان (التعقيدات المحيطة بالمفاوضات السورية- الإسرائيلية).
تقول مقدمة التحليل بأنه خلال الأشهر الماضية، كانت هناك إشارات متضاربة حول احتمال الحرب بين سورية وإسرائيل. وقد تضمنت هذه الإشارات عمليات التعبئة والحشد العسكري على الحدود، والتهديدات المبطنة حول الصراع الوشيك والمزاعم بواسطة المحللين حول مخاطرة حرب الصيف بين البلدين.
وتقول المقدمة، بأن هذه اللهجة ترافقت مع إعلانات رغبة البلدين باستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى سلام مستقر ودائم.
وتناول التحليل الموضوع ضمن عدة نقاط يمكن استعراضها على النحو الآتي:
• وجهة النظر السورية، أهمية مرتفعات الجولان:
كررت سورية رغبها في التفاوض مع إسرائيل دون أي شروط مسبقة، وفي الوقت نفسه حذرت من أن عدم استجابة إسرائيل بالإيجاب على هذه المقترحات، فإن سورية قد تلجأ إلى الحرب من أجل تحقيق أهدافها والحفاظ على مصالحها.  ويضيف التقرير بأن التحركات والاستعدادات السورية هدفت إلى الضغط على إسرائيل، ولم تكن تهدف إلى شن العدوان ضدها. كذلك كانت التحركات والاستعدادات السورية تهدف إلى تحقيق الجاهزية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي متزامن مع العدوان الأمريكي الوشيك ضد إيران.
الهدف الرئيسي للسوريين هو الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان، باعتباره أساساً جوهرياً للسلام بين سورية وإسرائيل.
أهمية الجولان بالنسبة لسورية تعتبر أمراً تمليه المسببات التاريخية المذهبية المرتبطة بالشعور الوطني والقومي السورية، إضافة إلى الأهمية والمزايا الاستراتيجية.
استعادة الجولان تعتبر ورقة هامة لقوة الدولة السورية، وحرق كل أوراق خصوم سورية، إضافة إلى أن تحقيق السلام يمكن أن يجعل سورية تتلقى الاستثمارات الاقتصادية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تظهر هذه العوامل المنافع والمزايا، التي يمكن أن تحصل عليها دمشق، على النحو الذي يعزز قوتها الاقتصادية وقدرتها على إعادة توزيع الدخل والثروة وتقليل التوترات الخارجية.
من وجهة النظر الاستراتيجية، تمثل مرتفعات الجولان عنصراً أساسياً لسورية، وذلك لجهة الأمن المائي، خاصة وأن المياه تمثل عاملاً هاماً من عوامل المصلحة في منطقة الشرق الأوسط.
أهمية المياه بالنسبة لسورية تكمن حالياً في عدم الوضوح النهائي حتى الآن لتأثيرات مشروع جنوب شرق الأناضول التركي بالنسبة لسورية، والطريقة الاستراتيجية والدبلوماسية التي ستقوم أنقرا فيها باستخدام تأثيرات هذا المشروع مع سورية، خاصة وأن منابع نهري دجلة والفرات تتكون من المصادر المائية الموجودة في جنوب تركيا.
• وجهة النظر الإسرائيلية، الأرض مقابل السلام ومشاكل أولمرت:
مطالبة سورية بتجديد الحوار تم النظر إليها باعتبارها فرصة في إسرائيل، وبرغم ذلك، فإن الافتقار للثقة بين البلدين والرسائل المتعاكسة خلال الأشهر الماضية كانت عقبة في وجه الشروع الفوري في المفاوضات. وعلى الأرجح أن بعض القنوات السرية قد نشطت بين الطرفين، ولكن على ما يبدو فإنها كانت فقط مجرد المراحل الأولية.
الدلالة والمغزى الاستراتيجي لمرتفعات الجولان بالنسبة لإسرائيل تغيرت وتبدلت خلال الحقب القليلة الماضية، برغم أن المنطقة ماتزال هامة بالنسبة لعدد كبير من الإسرائيليين. فتاريخياً اعتبرت السيطرة على مرتفعات الجولان أمراً هاماً بالنسبة لأغراض الدفاع، وذلك باعتبار أن مرتفعات الجولان تمثل وسيلة هامة لتقوية وتعزيز قوة العمق الاستراتيجي الهش، وأيضاً لأسباب تتعلق بحاجة إسرائيل الحرجة الى المياه.
ولكن، فقد بدأت على ما يبدو أهمية هذين الجانبين، تضعف، ومن وجهة النظر العسكرية، فإن تطور تكنولوجيا الصواريخ البالستية قد فرض نوعاً مختلفاً من التهديد في مواجهة إسرائيل، والقدرات الصاروخية السورية أصبحت تشكل خطراً داهماً بالنسبة لأمن إسرائيل، وذلك على النحو الذي جعل مرتفعات الجولان تفقد أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل. إضافة إلى أن التهديدات التي أصبحت تتعرض لها إسرائيل أصبحت تأتي ليس من دول الجوار، وإنما من دول الطوق الثاني مثل إيران التي أصبحت تملك القدرات الصاروخية القادرة على ضرب العمق الإسرائيلي.
فيما يتعلق بمسألة المياه، فإن تطور تكنولوجيا تحلية مياه البحر وإزالة ملوحتها، قد قللت من تأثير مسألة المياه بالنسبة لإسرائيل.
توجد العديد من العوامل التي مازالت تدفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت سعياً وراء البحث عن اتفاق مع سورية، وفي الوقت نفسه هناك عوامل أخرى تدفع باتجاه البعد والنأي عن هذا الاتفاق. وأبرز هذه العوامل يتمثل في الآتي:
- الضعف المستمر لحكومة اولمرت، على النحو الذي يؤكد عدم قدرتها على القيام بإرجاع مرتفعات الجولان إلى سورية.
- مخاوف حكومة اولمرت من احتمال نشوء ردود الفعل السلبية بواسطة الرأي العام الإسرائيلي، على النحو الذي يعمق ضعف استقرار الحكومة.
- هناك جزء كبير من الرأي العام الإسرائيلي مايزال ينظر إلى مرتفعات الجولان باعتبارها حصناً دفاعياً هاماً.
- تدهور الأوضاع في غزة وجنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي خلق إدراكاً بأنه من الأفضل بالنسبة لإسرائيل مواصلة السيطرة على مرتفعات الجولان تحسباً لسلامة أمن إسرائيل.
- حديث أولمرت الذي قال فيه بأن سورية لاتريد التحادث مع إسرائيل وفقط تطرح هذا الأمر لكي تفتح جبهة علاقاتها مع الولايات المتحدة. وانتقاده لسورية بسبب مطالبتها لإسرائيل بالشروط المسبقة مثل الانسحاب إلى حدود تموز 1967م.
- الاستقطاب الحاد في العالم العربي وتزايد قوة الجماعات الإسلامية السنية الأصولية في المنطقة تدفع إسرائيل إلى طرح المزيد من الأسئلة حول المستقبل، وذلك لأن هذه الجماعات إذا استطاعت السيطرة على منطقة الشرق الأوسط المتاخمة لإسرائيل، فإن كل الاتفاقيات التي وقعتها أو سوف توقعها إسرائيل سوف تكون بلا جدوى، وبالتالي سوف تكون إسرائيل في موقف أكثر ضعفاً في مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة.
• أدوات النفوذ السورية الإقليمية والاهتمامات الإسرائيلية:
ليست مرتفعات الجولان مصدر الاهتمام الرئيسي بالنسبة لإسرائيل فيما يتعلق بالتفاوض مع سورية.. فالدور الإقليمي المزايد لدمشق، وبالذات في لبنان والأراضي الفلسطينية وتحالفها مع طهران، تمثل جميعهاً مثاراً لاهتمام إسرائيل، وقد طالبت إسرائيل سورية بإنهاء دعمها لحزب الله وحماس، وإضعاف روابطها مع إيران قبل بدء الحوارات والمحادثات، وقد رفضت سورية هذه المطالب، وأكدت على التزامها ببدء المفاوضات بناء على مؤتمر مدريد دون أي شروط مسبقة من الجانبين.
وعلى ما يبدو فإن سورية إن لم تجد إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، فسوف تواصل سياساتها الحالية، وسوف تدعم حزب الله من أجل الضغط على إسرائيل عبر حدودها الشمالية وأيضاً سوف تواصل دعمها لفلسطين.
• الهيكلية الإقليمية الجيوبوليتيكية المعقدة:
إن حدوث صفقة سلام بين سورية وإسرائيل سوف يكون لها الكثير من التأثيرات الفورية على توازن القوى الإقليمي. وهذه التسوية سوف تحدث تحت إشراف الولايات المتحدة، التي سوف تظل لاعباً أسياسياً في المنطقة، وبالتالي إذا حققت سورية السلام مع إسرائيل، فإن سورية سوف تدخل في الهيكل الأمني الإقليمي، وهو أمر –كما يرى كاتب التحليل- بأنه سوف يكون حسماً من رصيد الأردن، ومصر، والسعودية.
ويقول التحليل بأن هذه البلدان سوف تعمل من أجل عرقلة وتخريب أي محاولة لإقامة اتفاقية سلام بين سورية وإسرائيل، وذلك خوفاً من تصاعد قوة سورية القومية العربية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...