نقاط التباين في تقييم الخطر النووي الإيراني بين أمريكا وإسرائيل

02-12-2007

نقاط التباين في تقييم الخطر النووي الإيراني بين أمريكا وإسرائيل

الجمل: بينما تركز الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية على تصعيد لهجة خطابهما السياسي المتعلقة بمفاوضات مؤتمر سلام أنابوليس، نلاحظ عبر الضباب السياسي الكثيف بعض الملامح التي تشير إلى نذر الشر الذي يجري إعداده في أروقة محور تل أبيب – واشنطن إزاء إيران.
* بعد مزاعم الملف النووي السوري: جون بولتون يظهر مرة أخرى:
نقلت صحيفة تايمز البريطانية عن جون بولتون تصريحه الذي قال فيه أن "أمريكا ببندقيتها الخجولة تضيِّع الفرصة الأفضل لإيقاف إيران".
وأشارت الصحيفة إلى أن جون بولتون أصبح شديد الانتقاد لإدارة بوش من جراء عدم اهتمامها بمعالجة الملف النووي الإيراني، ولم يكتف بولتون بتوجيه الانتقادات للبيت الأبيض الأمريكي، بل بات يصب جام غضبه على وزارتي الخارجية الأمريكية والبريطانية، متهماً القائمين بأمرهما بأنهم ليسوا سوى مجرد حفنة من الموظفين الواقعين تحت تأثير العقلية البيروقراطية المكتبية، وأضاف بأن الإدارة الأمريكية إذا لم تتحرك، فإن إيران، التي ستكون نووية بعد عام من الآن، سوف لن تكتفي بامتلاك القدرات النووية وإنما سوف تطالب بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي يتيح لها استخدام حق الفيتو لعرقلة توجهات أمريكا وبريطانيا وفرنسا.
* إيران: الحوار الإسرائيلي – الأمريكي الجاري حالياً:
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية تقريراً إخبارياً أعده الصحفي الإسرائيلي ألوف بيت، حمل عنوان "دراسة: على الولايات المتحدة وإسرائيل بدء التخطيط لتنفيذ ضربة إيران". هذا، ويقول التقرير:
يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل بدء الحوار المكثف حول سبل وطرق التعامل مع مخططات إيران النووية، إضافة إلى فحص واختبار سبل وطرق تنفيذ الهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية.
يقول الخبير الأمريكي تشوك فرايليخ (نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقاً) بأن على إسرائيل والولايات المتحدة مناقشة سيناريوهات الأزمة النووية بين إسرائيل وإيران.
وأشار فرايليخ إلى أن الحوار والمحادثات بين أمريكا وإسرائيل يجب أن لا تمتد بعيداً بحيث تركز على:
• تبادل المعلومات الاستخبارية.
• تنسيق التحركات الدبلوماسية.
• تزويد إسرائيل بالأسلحة المتطورة.
* إشكالية الإدراك اللامتماثل بين أمريكا وإسرائيل:
التحليل الذي أعده خبيرا اللوبي الإسرائيلي، اليهودي الأمريكي باتريك كلاوسن واليهودي الأمريكي مايكل إيزينشتات يقول بالآتي إزاء إشكالية إدراك إيران:
• على أساس اعتبارات الخطاب السياسي، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان تماماً في مناهضة ومعارضة البرنامج النووي الإيراني.
• على أساس اعتبارات خطر تهديد الوجود، فإن:
* إسرائيل تنظر إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره خطراً يهدد وجودها.
* أمريكا تنظر إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره خطر ولكنه لا يهدد وجودها.
يقول فرايليخ، بأن التباين في تقييم إشكالية خطر التهديد النووي الإيراني، قد أدت إلى نشوء ما يعرف بظاهرة الإدراك اللامتماثل، والذي أدى بدوره إلى الخلافات بين أمريكا وإسرائيل فيما يتعلق بالتقييمات والتخمينات الاستخبارية الإستراتيجية إزاء:
• مستقبل الخطر النووي الإيراني.
• طريقة التعامل مع الخطر النووي الإيراني.
* توحيد أسلوب العمل الأمريكي – الإسرائيلي: إشكالية الخيارات والبدائل:
وثيقة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تشير إلى الآتي:
• الخيار الدبلوماسي لا يصلح في مواجهة إيران وذلك بسبب عدم توافق الأطراف الدولية حوله.
• خيار العقوبات ضد إيران، حتى وإن تم التوافق عليه بين الأطراف الدولية، فإن العقوبات لن تجدي نفعاً في عرقلة مسيرة البرنامج النووي الإيراني، وذلك لأن إيران قد قطعت شوطاً طويلاً في هذا البرنامج ووصلت إلى مرحلة "اللارجعة" منذ أكثر من عامين.
• خيار الوسائل شبه العسكرية: ومن أمثلتها القيام باستخدام الحصار البحري والبري والجوي عن طريق القوات العسكرية، أو القيام باستخدام عمليات التخريب السرية، وهذه الخيارات من الصعب استخدامها بسبب عدم إمكانية تطبيقها على الملف النووي الإيراني، وذلك لأن المنشآت النووية الإيرانية تتوزع على أكثر من 26 منشأة وهي محصنة في باطن الأرض، وتحت المناطق الجبلية الوعرة، إضافة إلى أنها مزودة بالكثير من إجراءات الحراسة المكثفة، وذلك بشكل يستحيل فيه تنفيذ عملية استهدافها بواسطة "الجماعات التخريبية الصغيرة". وأيضاً، فإن الحصار البحري والبري والجوي لن يجدي في تضييق الخناق على إيران وعرقلة برنامجها النووي، لأن حدود إيران البرية واسعة مع دول يرفض معظمها التعاون مع أمريكا وإسرائيل في استهداف إيران.
• خيار الوسائل العسكرية: ويتمثل الخيار العسكري في تنفيذ الضربات الحربية المباشرة ضد المنشآت النووية الإيرانية، ويتفرع عن هذا الخيار ثلاثة خيارات فرعية:
* خيار تنفيذ ضربة عسكرية دولية متعددة الأطراف: وهو خيار يستحيل الوصول إليه، وذلك بسبب رفض روسيا والصين المصحوب بتردد فرنسا وبريطانيا في المشاركة فيه، ولن تستطيع أمريكا مهما بلغت من قوة دفع مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار بتوجيه ضربة عسكرية دولية متعددة الأطراف ضد المنشآت النووية الإيرانية.
* خيار تنفيذ ضربة عسكرية من طرف واحد: وهي إما أن تكون ضربة أمريكية أو ضربة إسرائيلية. وتشير المعلومات إلى أن كلا الخيارين (الأمريكي والإسرائيلي) ممكن الحدوث ولكن المشكلة تتمثل في:
* يتردد الأمريكيون إزاء عملية ضرب إيران، وذلك بسبب التداعيات التي قد تؤدي إلى القضاء على الوجود الأمريكي في العراق، وأيضاً إلى الأضرار الجسيمة التي سوف تواجهها القوات الأمريكية والمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي وبقية أنحاء الشرقين الأوسط والأدنى.
* يتردد الإسرائيليون في القيام بتوجيه الضربة لإيران، ليس بسبب خوفهم من الخسائر التي قد تلحق بأمريكا، فذلك لا يهمهم كثيراً، ولكن لخوفهم من القصاص والانتقام الإيراني، والذي سوف يؤدي إلى سقوط الأعداد الهائلة من الضحايا داخل إسرائيل، وربما يفزع الولايات المتحدة والتي قد لا تقامر بالدفاع أو الانتقام لإسرائيل، لأن ذلك قد يعرض الولايات المتحدة نفسها إلى خطر الانتقام الإيراني خاصة وأنها تمتلك أسلحة دمار شامل. بكلمات أخرى، لن تستطيع الولايات المتحدة تفادي خطر ضرب الإيرانيين للمدن الأمريكية باستخدام الرؤوس الحربية الكيميائية غير التقليدية.
• خيار ضربة ثنائية أمريكية – إسرائيلية: وهو الخيار الذي تفضله إسرائيل وذلك لأن العسكريين الأمريكيين يرون بأنه طالما أن إيران النووية سوف تشكل تهديداً لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة قادرة على ضمان أمن إسرائيل، عن طريق قوتها النووية الرادعة لإيران، أما إذا تورطت أمريكا في ضرب إيران فإن ذلك قد يؤدي إلى أن تواجه أمريكا وإسرائيل معاً كارثة الضربة الثانية الإيرانية، وهي ضربة لن تتوقف حدودها عند إبادة المدن الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية فحسب بل ستؤدي في أحسن الأحوال إلى القضاء على جزء كبير من قوة أمريكا بما يترتب عليه تغيير موازين القوى العالمية وتوازن البنيان الدولي بما يؤدي إلى أفول الهيمنة الأمريكية ليس على الشرق الأوسط وإنما على سائر العالم.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...