محور دمشق- الرياض بين التحفظ والبرود

16-09-2007

محور دمشق- الرياض بين التحفظ والبرود

الجمل:      سورية والسعودية تمثلان اللاعبان الأكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى ما يبدو، برغم ذلك فإن علاقات دمشق- الرياض قد توترت في الفترة الأخيرة بسبب المشاحنات حول بعض التصريحات، فهل يا ترى سوف يستمر ويتصاعد هذا التوتر على النحو الذي يؤثر على الأداء الدبلوماسي السوري والسعودي إزاء ملفات الشرق الأوسط العالقة، والتي أصبحت تداعياتها تهدد البلدين، خاصة ون الأطراف الخارجية ليس في مصلحتها لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد نشوء أي توافق سوري- سعودي حول قضايا الشرق الأوسط الرئيسية، مثل: الأزمة العراقية، الأزمة الفلسطينية، الأزمة اللبنانية، الأزمة الإيرانية، وأزمة الصراع العربي- الإسرائيلي.

·       مؤتمر سلام الشرق الأوسط القادم وتداعيات التوتر السوري- السعودي:

ماتزال التحضيرات مستمرة لمؤتمر سلام الشرق الأوسط الدولي الذي دعت إليه وسوف تستضيفه الولايات المتحدة خلال شهر تشرين الثاني 2007م، ومن المؤكد بحسب إجماع المراقبين، بأن هذا المؤتمر سوف لن يحقق أي نجاح إذا حدث وغاب عنه اللاعبان الأساسيان: سورية والسعودية.

أبدى السعوديون المزيد من معالم وإشارات عدم الرضا إزاء التحضيرات الجارية بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي والتي مازالت في مرحلة النقاش، وفي هذا الصدد نقلت وكالة فرانس برس عن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل تحذيره القائل بأنه إذا لم يهتم هذا المؤتمر بمعالجة المسائل والقضايا الأساسية مثل: قضية القدس، قضية الحدود، قضية الفلسطينيين، وغيرها  من المسائل المدرجة في مبادرة السلام العربية، فإن المؤتمر سوف يصبح بلا جدوى.

·       محور دمشق- الرياض بين التحفظ والبرود:

العلاقات السورية- السعودية هبطت منحدرة إلى مستوى أدنى جديد بعد الخلافات والتعليقات التي دارت حول إدراك ما قصد إليه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في تصريحه الأخير حول دول السعودية في المنطقة.

تداعيات تصريح نائب الرئيس السوري، قابلتها من الجانب السعودي بعض التصريحات الغاضبة، وتقول المعلومات الواردة في موقع إي.إس.إن الاستخباري الالكتروني السويسري بأن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد خطط للقيام بزيارة للسعودية خلال الفترة الماضية من أجل اللقاء مع العاهل السعودي الملك عبد الله وبعض المسؤولين السعوديين، وذلك من أجل تخيف توترات دمشق- الرياض.

يرى معظم المراقبين بأن العلاقات السورية- السعودية، قد توترت بسبب إدراك السعوديين بأن محاولاتهم وجهودهم لحل الأزمة اللبنانية، وحل الأزمة الفلسطينية، قد تم تقويضها بواسطة دمشق، إضافة إلى الخلاف السوري- السعودي حول ملف قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

خلافات دمشق- الرياض، انتقلت إلى مستوى أعمق في السعودية، وذلك لأن القيادة السعودية، أو بالأحرى مركز صنع واتخاذ القرار السعودي، قد أصبح أكثر انقساماً، إزاء الكيفية التي يجب أن تتعامل بها السعودية مع سورية، بالسبة لكل الملفات الشرق أوسطية: العراق، لبنان، فلسطين، إضافة إلى ملف مؤتمر سلام الشرق الأوسط المتوقع انعقاده في تشرين الثاني القادم ولذي لم تتم حتى الآن دعوة سورية للمشاركة فيه.

·       بين العلاقات السورية- السعودية ومحور دمشق الرياض:

العلاقات السعودية- السورية سوف تظل أمراً قائماً ومستمراً، وذلك لأنه أولاً توجد ضمن إطار العلاقات العربية البينية المستمرة والتي تحكمها ثوابت التاريخ العربي والمواثيق العربية، وثانياً لأن التفاعلات وتداعيات الأحداث والوقائع الجارية حالياً والمتوقعة في المستقبل سوف تظل تفرض نفسها وحضورها القوي الذي يفرض بدوره ضرورة مشاركة الطرفين في التعامل مع التطورات والوقائع الجارية.

علاقة القيادة السورية بالقيادة السعودية، أو (محور دمشق- الرياض) سوف تظل مرتبطة بحتمية الأمر الواقع المتمثل في العلاقات العربية البينية، وأيضاً في الإدراك المشترك بواسطة كلا الطرفين إزاء  أهمية تحمل المسؤولية والتعامل بإيجابية وفاعلية إزاء قضايا المنطقة العربية.

·       دور الأطراف الثلاثة:

بسبب تداخل المصالح، وتشابك قضايا المنطقة العربية مع واقع البيئة الإقليمية والدولية المعاصر، أصبح من غير الممكن تفادي الأطراف الثلاثة ومحاولاتها الرامية إلى التأثير في مسار العلاقات العربية البينية، وعلى وجه الخصوص العلاقات السورية- السعودية، وبتحديد أكثر علاقات محور دمشق- الرياض، باعتباره المحور الأكثر فعالية في التصدي لقضايا المنطقة، وباعتباره المحور الذي يمسك بزمام المبادرة والسيطرة في توجيه الموقف العربي إزاء التطورات الجارية.

الأطراف التي تتدخل وتحاول حالياً التأثير سلباً في علاقات محور دمشق- الرياض، هي أطراف دولية تتمثل بشكل أساسي في: أمريكا، فرنسا، بريطانيا (ومن ورائهم إسرائيل)، وأطراف عربية تتمثل في: مصر، الاردن، قوى 14 آذار وحكومة السنيورة، والسلطة الفلسطينية (ومن ورائهم أمريكا وإسرائيل).

وتأسيساً على ذلك، فإن الأطراف الثلاثة التي تحاول التأثير في علاقات محور دمشق- الرياض- هي أطراف تسعى إلى تقويض مبادرة السلام العربية التي طرحتها (الرياض) ووافقت عليها وأيدتها (دمشق).. ولما كان تماسك مبادرة الرياض يرتبط بدعم دمشق، فقد حاولت هذه الأطراف الالتفاف على المبادرة عن طريق الضغط على دمشق من جهة، وبسبب الفشل تحولت الضغوط باتجاه السعودية.. وتعتقد بأنها سوف لن تدفع الرياض إلى تغيير موقفها إزاء المبادرة كما اتضح ذلك من تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الأخيرة حول مؤتمر سلام الشرق الأوسط الدولي المتوقع انعقاده في أمريكا خلال تشرين الثاني المقبل. إضافة إلى مطالبة (الرياض) برغم توتر علاقاتها مع (دمشق)، بضرورة دعوة ومشاركة سورية في هذا المؤتمر.. وبالتالي على خلفية اقتراب انعقاد المؤتمر، فقد آن الأوان لتعاون سوري- سعودي حقيقي من أجل توحيد الموقف العربي الداعم لمبادرة السلام السعودية، وتحويلها إلى أمر واقع في المؤتمر القادم.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...