كيف تدعم الولايات المتحدة "سورياستان"

30-09-2013

كيف تدعم الولايات المتحدة "سورياستان"

الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة: د. مالك سلمان: 

لو أن هناك حاجة لأي دليل إضافي كفيل بتدمير أسطورة "الثورة" التي تناضل من أجل سوريا "ديمقراطية" مستقبلية, فقد أزالت أخبار هذا الأسبوع أية ذرة من الشك المتبقي.
رفضت 11, أو 13, أو 14 من كتائب "المتمردين" (تبعاً للمصدر) "الائتلاف الوطني السوري" "المعتدل" المدعوم من الولايات المتحدة, والجيش السوري غير الحر تماماً. وقادة هذه المجموعات هم الجهاديون المجانين الذين يشكلون "جبهة النصرة", بالإضافة إلى قذرين آخرين مثل "كتائب التوحيد", إلخ, الذين كانوا حتى وقت قريب جزأ من "الجيش السوري الحر" المتداعي.
أمرَ الجهاديون, عملياً, كافة "المعتدلين" بالاستسلام, و "الاتحاد في إطار إسلامي واضح", وإعلان الولاء لسوريا مستقبلية يحكمها قانون الشريعة بصفته "المصدر الوحيد للتشريع".
لا بد أن أيمن الظواهري يملك أدوات الهيمنة في مخبئه المريح المضاد لصواريخ الطائرات الآلية في مكان ما من وزيرستان. ليس فقط لأن دعوته إلى الجهاد العالمي – على غرار أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي – قد نجحت؛ بل أيضاً لأن "الائتلاف الوطني السوري" الذي تديره الولايات المتحدة قد انكشفَ أمام العالم على حقيقته كقارض عديم الأسنان.
ولا تنفك الحقائق على الأرض تثبت ذلك مرة بعد أخرى. فقد سيطرت "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ("داعش"), المدعومة من القاعدة, على بلدة بالقرب من معبر باب السلام على الحدود التركية كان "الجيش السوري الحر" يسيطر عليه لأن هذا "الجيش" قد اتُهِمَ بأنه يقاتل من أجل "الديمقراطية" وبعلاقته الوثيقة بالغرب. خطأ؛ "الجيش السوري الحر" يريد تلك العلاقات ولكن في ظل نظام يسيطر عليه الإخوان المسلمون. أما "داعش" – التي تشكل جبهة النصرة مكونَها السوري – فتريد "سورياستان طالبانية".
يمكن أن يصل عدد العصابات الجهادية المتطرفة في سوريا إلى حوالي 10,000 مقاتلاً؛ لكنهم يساهمون في 90% من العمليات القتالية الضارية, لأنهم الوحيدون الذين يمتلكون تجربة قتالية ميدانية (بما في ذلك العراقيون الذين حاربوا الأمريكيين, والشيشان الذين حاربوا الروس).
وبموازاة ذلك, وليس من قبيل المصادفة, منذ تكليف الأمير بندر بن سلطان – الملقب "بندر بوش" – من قبل الملك السعودي عبد الله بإدارة الجهاد السوري, الذي يتبع مبدأ القتل دون الأسر, تم تحييد "الائتلاف الوطني السوري" الإخواني "المعتدل" المدعوم من قطر.

إزاحة الساعين إلى الحل السلمي
بالحديث عن تحطم القطارات, لا شيء يساوي عذرَ إدارة أوباما في البحث عن "استراتيجية" تتلخص, من الناحية النظرية, في تسليح وتدريب الحلقة الأضعف – عصابات مختارة من "الجيش السوري الحر" المخترَق من عناصر "سي آي إيه" – و "منع" الأسلحة من الوقوع في أيدي الجهاديين. وكأن لدى "سي آي إيه" معلومات موثوقة حول المصادر المالية واللوجستية الجهادية في الخليج.
إن "الائتلاف الوطني السوري", و "الجيش السوري الحر", وما يسمى "المجلس العسكري الأعلى" التي يرأسها المتحذلق الكبير سليم إدريس لم تعد الآن أكثر من نكتة. وقد حدث هذا كله بينما كان رئيس "الائتلاف الوطني السوري", الجربا, في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك – حيث التقى وزيرَ الخارجية جون "الأسد مثل هتلر" كيري. لم يتحدث كيري عن الأسلحة بل عن مزيد من "المساعدات" والمفاوضات المستقبلية في مؤتمر "جنيف2" المؤجَل. غضبَ الجربا. ولزيادة الطين بلة, انضمت بعض عصابات "الجيش السوري الحر", التابع له, إلى القاعدة.
لماذا؟ ابحثوا عن المال. هكذا تسير الأشياء, باختصار. فنصف "كتائب" "الجيش السوري الحر" عبارة عن مرتزقة – حيث يتم تمويلهم من الخارج. وهم يقاتلون حيث يأمرهم أسيادهم – الذين يسلحونهم ويمولونهم – بأن يقاتلوا. ولا يسيطر "المجلس الأعلى", في أفضل حالاته, إلا على حوالي 20% من هذه الكتائب. ولا يعيش هؤلاء الأشخاص في سوريا, حتى؛ فهم مقيمون على الجانب التركي, أو الأردني, من الحدود.
أما الجهاديون المرتزقة, من جهة أخرى, فهم متواجدون على الأرض بشكل دائم. وهم يشكلون القوة المقاتلة الفعلية, ويتلقون رواتبهم في آخر كل شهر, كما تلقى عائلاتهم كل أنواع الرعاية.
ولذلك فإن الحرب الآن هي بين الجيش العربي السوري ومجموعة من الجهاديين. وبالطبع لن يقومَ الإعلام الرسمي المضلل بتوضيح هذه الصورة للرأي العام الغربي.
والآن تخيلوا هذه المجموعات التكفيرية التي تقطع الرؤوس وتأكل الأكباد ذاهبة إلى مؤتمر "جنيف2" للتفاوض على وقف إطلاق النار مع الحكومة السورية وعقد صفقة سلام محتملة مع محور "الناتو- آل سعود". ومن الواضح أن ذلك لن يحدث – كما أخبرَ بندر بوش نفسُه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً في موسكو.
الأسوأ من ذلك, من وجهة نظر واشنطن, ليست هناك طريقة لتبرير عدم إمكانية إطلاق أية مفاوضات ذات معنى. فحتى المعاتيه يمكن أن يربطوا بين قطعان "المتمردين" السوريين الموالين للقاعدة مباشرة بعد هجوم "الشباب" على مجمع "وستغيت" التجاري في نيروبي.
من البديهي أن بندر خائف من كل هذه التطورات. حيث أن "داعش" تقوم بتفخيخ وتفجير السيارات في العراق نفسه – لأن حكومة المالكي الشيعية "الكافرة" مستهدَفة مثل حكومة بشار الأسد العلمانية. من الصعب التصديق أنني منذ خمسة أشهر فقط كنت أكتب عن قدوم "داعش". فقد اتضحَ الآن كيف تمكنَ الظواهري "الخفي" وبندر بوش المَكار من تطويع "استراتيجية" واشنطن للحصول على ما يريدان.


http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/MID-02-270913.html

تُرجم عن ("إيشا تايمز", 27 أيلول/سبتمبر 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...