سورية .. فرصة حقيقية لإنهاء سنوات من الدم و العنف

27-02-2016

سورية .. فرصة حقيقية لإنهاء سنوات من الدم و العنف

  الجمل ـ *فيكتور ميخين ـ ترجمة رنده القاسم:

يثير الاتفاق الذي تم التوصل إليه من قبل روسيا و الولايات المتحدة الأميركية،  من أجل وقف إطلاق النار في سوريه منذ السابع و العشرين من شباط، الكثير من الأسئلة عبر العالم حول ما إذا سيتم تطبيق شروط الوثيقة...و هناك آراء متعارضة حول الأمر: فإما أن اتفاق وقف إطلاق النار هو المقدمة لمفاوضات أبعد و بداية نهاية الحرب الأهلية، أو أنه قصاصة ورق عادية سوف تهمل بشكل كبير في المستقبل. و من الواضح تماما أن كل شيء يعتمد على موقف الأطراف  و مصالحهم و ما الذي سيحصلون عليه في حال اختاروا الالتزام بوقف إطلاق النار.

و على الفور تم تشكل معسكرين متمايزين أعلنا بصوت عال عن مواقفهما. فمن جهة، يوجد أولئك الذين يريدون  حقا وقف إطلاق النار، لإنهاء الحرب الأهلية، و يتوقعون أن تسوية الصراع السوري قد يكون الخطوة الأولى نحو نهاية الفوضى الدموية التي تورطت بها دول الشرق الأوسط. و هذا المعسكر يضم  أولا روسيا بموقفها الواضح حول التسوية السلمية للحرب الأهلية في سوريه. و تؤمن موسكو أن الاتفاق على وقف إطلاق نار مؤقت في سورية ليس مجرد خطوة متوسطة في تاريخ الحرب الأهلية. و الالتزام بوقف إطلاق النار أو خرقه سيظهر قدرة ضامني الهدنة، روسيا و الولايات المتحدة، على التأثير على مؤيديهم في سورية. و تقع مسؤولية كبيرة على عاتق روسيا، و قدم فلاديمير بوتين نفسه ككفيل  للاتفاق الجديد  و نشر تصريحا خاصا، ما يعتبر حالة نادرة بشكل كبير.

و أكد الرئيس بوتين أن وقف إطلاق النار يستثني تماما الدولة الإسلامية و جبهة النصرة و منظمات صنفت إرهابية من قبل مجلس الأمن و قال: "سيستمر الهجوم عليهم".

و من الضروري أن تكون كل من الولايات المتحدة و روسيا ، و هما المسؤولتان عن مجموعة دعم سوريه الدولية، مستعدتين لتشغيل آلية فاعلة لمراقبة  التقيد بوقف إطلاق النار من قبل كل من الحكومة السورية و المجموعات المعارضة المسلحة. و لهذا الهدف، يجب خلق خط ساخن و مجموعة عمل لتبادل المعلومات.

و بنفس الوقت  أنشأ في سورية، منتصف شباط، مركز تنسيق من أجل تسوية الخلافات بين الأطراف المتنازعة. و قال الممثل الرسمي لوزير الدفاع الروسي أن هذه البنية خلقت في القاعدة الروسية الجوية في مطار حميميم ، و هدفها الأساسي دعم مرحلة التفاوض من أجل التسوية بين السلطات السورية و المعارضة، باستثناء داعش و جبهة النصرة و منظمات إرهابية أخرى ، إضافة إلى إحراز اتفاقيات حول وقف إطلاق النار و إيصال المساعدات الإنسانية.

و قال بوتين: " ستقود روسيا العمل اللازم مع دمشق ، مع الحكومة الشرعية السورية. و نأمل بأن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بالشيء ذاته مع حلفائها و المجموعات المدعومة من قبلها". و تعتقد موسكو أن العمل المشترك المتماسك المتفق عليه مع الولايات المتحدة يمكنه و بشكل جذري تغيير مسار الصراع في سورية. فأخيرا، توجد فرصة حقيقية لإنهاء سنوات من سفك الدماء و العنف. و نتيجة لذلك، سيتم تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المواطنين السوريين المحتاجين.

و روسيا، جندي حفظ السلام الرئيسي، اقترحت على مجلس الأمن في الأمم المتحدة إصدار قرار حول وقف إطلاق النار في سورية، و تجري الآن الاستشارات مع الولايات المتحدة حول هذه المسألة.

و رحب العالم بالتصريح المشترك الروسي – الأميركي حول وقف إطلاق النار في المنطقة. و بشكل خاص، لاقت هذه المبادرة الدعم من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون . و في حال الالتزام بهذا الاتفاق، سيغدو الأمر خطوة هامة نحو تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 ، و سيضمن خلق المزيد من البيئة الملائمة من أجل مفاوضات سياسية.

غير أن النشاطات الحالية لمسؤولين أميركيين رفيعي المستوى تشير إلى انقسام جدي بين قادة إدارة أوباما حول الوضع في سورية. و حتى قبل دخول وقف إطلاق النار في سورية حيز التنفيذ، قررت وكالات الأمن الأميركية التصرف بشكل حذر و طورت ما يسمى "الخطة ب". و بنفس الوقت أعلن البنتاغون علنا أنهم لن يتعاونون بشكل وثيق مع وزارة الدفاع الروسية و لا ينوون العمل معا...

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، الذي يحاول مؤخرا  اتباع سياسة انفصالية، انتقد بشدة الاتفاق المشترك بين روسيا و الولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار في سورية. و ذكرت Haber Turk  نقلا عن أردوغان أن القيادة التركية تعتبر عددا من المجموعات  الكردية المقاتلة ضد الميليشيات في سورية ( و خاصة الاتحاد الديمقراطي، وحدات حماية الشعب، حزب عمال كردستان) إرهابية، كحال مجموعات الدولة الإسلامية و القاعدة، و لهذا لا تتفق أنقره مع موسكو و واشنطن.

و لكن الوضع في أنقره يغدو أسوأ كل يوم . إذ وجدت تركيا نفسها في حالة خلاف مع روسيا، محفوفة بالمواجهة العسكرية المباشرة بين الدولتين،  في حال اختارت أنقره غزو سوريه. و علاوة على ذلك، غموض السياسة التركية حيال داعش، و هوس أنقره بقتال الأكراد يعتبر شروطا مسبقة لصراع محتمل بين تركيا و الولايات المتحدة. و السياسة الخارجية التركية ممزقة، و فشلت محاولات أردوغان لجعل تركيا مركز العالم السني.

و في كل الأحوال، يوجد حاليا وضع فريد لوضع نهاية للصرع في سورية، و هذا يتطلب بشكل طبيعي النوايا الطيبة لكل الأطراف المتورطة في الحرب الأهلية....

 

* صحفي عضو في الأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية

عن مجلة New Eastern Outlook الالكترونية

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...