تقرير أمريكي حول النفوذ الإيراني في شرق المتوسط

20-02-2008

تقرير أمريكي حول النفوذ الإيراني في شرق المتوسط

الجمل: يعتبر معهد المسعى الأمريكي من أبرز مراكز دراسات جماعة المحافظين الجدد التي تمارس تأثيراً نافذاً إن لم يكن مطلقاً على دوائر صنع واتخاذ القرار في البيت الأبيض الأمريكي. يضم المعهد النخبة الأكثر شهرة في التاريخ السياسي الأمريكي لجهة بناء النماذج السياسية "المثالية" المفارقة للواقع ورسم آليات ووسائط وسيناريوهات فرضها على الواقع، وقد ذاعت شهرة المعهد وخبراءه من خلال ملفات العراق واستهداف سوريا وإيران وكوريا الشمالية ودعم إسرائيل. هذا، ولم يفلت من سهام المعهد المسمومة حتى حلفاء أمريكا المعتدلين العرب وغيرهم في المنطقة فقد تكررت انتقادات المعهد لأنظمة السعودية ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية وحركة فتح.
* توجهات السيناريو الجديد:
كانت حملة بناء الذرائع ضد سوريا وإيران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية والأفغانية إضافة إلى كوريا الشمالية، حملة تقوم على "تعددية الملفات" ولكن بعد:
• صدور التقرير الاستخباري الأمريكي الأخير حول القدرات النووية الإيرانية.
• فشل حملة بناء الذرائع ضد سوريا.
• فشل حملة إلغاء اتفاقية الأطراف السداسية مع كوريا الشمالية.
• فشل قوات حلف الناتو في السيطرة على أفغانستان.
• فشل القوات الإسرائيلية في القضاء على حزب الله اللبناني وتوجهات حركة حماس.
• اقتراب نهاية ولاية إدارة بوش وضعف احتمالات صعود إدارة أمريكية مماثلة.
فقد بدأ المعهد حملة جديدة تقوم على أساس سيناريو موحد يتضمن كل سيناريوهات الاستهداف السابقة.
* تقرير معهد المسعى الأمريكي الجديد: تجميع السيناريوهات لجهة توحيد المسرح:
أصدر معهد المسعى الأمريكي تقريره الجديد الذي حمل هذه المرة عنواناً قد يبدو عادياً للوهلة الأولى ولكنه غير عادي لجهة ما وراء العنوان والأطراف الذين قاموا بإعداده إضافة إلى حجم التقرير وتنوع محتوياته والأسلوب التفصيلي الدقيق الذي تمت به معالجة البنود والصياغات.
• عنوان التقرير: «النفوذ الإيراني في شرق المتوسط، العراق، وأفغانستان».
• إعداد التقرير: فريدريك كاغان، ليمبرلي كاغان، دانييلا بليتكا.
• محتويات التقرير: - المقدمة
- سوريا، لبنان والضفة الغربية – غزة.
- العراق.
- أفغانستان.
- الاستنتاجات.
* سوريا: ماذا يقول التقرير:
برغم أن عنوان التقرير يتعلق بفكرة النفوذ الإيراني إلا أن التقرير تطرق في المقام إلى سوريا على النحو الذي يطلق إشارة مفادها أن سوريا هي المعنية أكثر من غيرها بما ورد في محتويات التقرير أيضاً بالنوايا التي يمكن إدراكها بسهولة ويسر من "معطيات وحيثيات ما وراء التقرير". يربط التقرير بين سوريا ولبنان والضفة الغربية-غزة ويبين إستراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية، وللتدليل على ذلك يتطرق إلى العلاقات السورية – الإيرانية من خلال المحاور الآتية:
• الروابط العسكرية: وقد تطرق التقرير إلى تفاصيل تتعلق بالتحالف السوري – الإيراني وبالتعاون العسكري السوري – الإيراني.
• الروابط الاقتصادية: أشار التقرير إلى أن العلاقات والروابط الاقتصادية السورية – الإيرانية تزداد كل يوم اتساعاً وعمقاً لجهة كثافة حجم المبادلات الاقتصادية.
كذلك تجدر الإشارة إلى أن تحليل التقرير للروابط الاقتصادية السورية – الإيرانية تطرق إلى الكثير من التفاصيل التي شملت قطاع النقل والموارد الطبيعية والإسمنت والمياه والتعليم والثقافة والكهرباء والنفط والإنشاءات والتعدين والبنوك والمصارف والتجارة.
* التقرير والأطراف الأخرى:
بالنسبة لحزب الله اللبناني فقد تعرض التقرير لروابط وعلاقات إيران مع الحزب في مجالات التسليح والتدريب والدعم الاقتصادي وكان التقرير أكثر تفصيلاً في محاولة إثبات العلاقات والروابط الوثيقة بين حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني. بالنسبة للضفة الغربية – غزة (لاحظ تفادي التقرير لعبارة الأراضي الفلسطينية) فقد تطرق التقرير بشكل عام إلى الدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه إيران للفلسطينيين ولكنه بشكل خاص ركز على العلاقات والروابط العسكرية والاستخبارية بين قوات الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية والفصائل المسلحة الفلسطينية وتحديداً حركة الجهاد الإسلامي وبقدر أقل حركة حماس. أما بالنسبة للعراق فقد تعرض التقرير لجملة من التفاصيل المتعلقة بحركات المقاومة العراقية والمليشيات الشيعية وأكد على ارتباط قوات الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية بكل الفصائل والأطراف العراقية المسلحة وغير المسلحة المعارضة والمؤيدة للاحتلال الأمريكي وتوصل إلى تحميل إيران مسؤولية حالة عدم الاستقرار في العراق. أما أفغانستان فقد أكد التقرير على قيام طهران باستخدام المساعدات الاقتصادية والاجتماعية كمدخل للضغط على نظام كرزاي ولكن إيران من الجهة الأخرى استطاعت استخدام وتوظيف ورقة اللاجئين الأفغان الذين نزحوا إلى إيران ويرى التقرير بأن طهران مسؤولة عن عدم تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
* الاستنتاجات، النوايا، ما وراء النوايا:
استخدام التقرير أسلوب البحث والتحليل الأكاديمي في محاولة الوصول إلى الربط المحكم بين الذرائع وتفاعلات الوقائع والأحداث الجارية من خط الحدود الباكستانية الأفغانية في الشرق وحتى حدود غزة – مصر في الغرب، وذلك من أجل التأكيد على صحة الفرضيات الجيوسياسية الآتية:
• قيام إيران بنشر كل موارد القوة القومية الإيرانية في المنطقة.
• الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية هما المسؤولان عن عملية صنع واتخاذ القرار الاستراتيجي والتكتيكي والتعبوي والعملياتي فيما يتعلق بالأنشطة الإيرانية في المنطقة.
• استطاع الإيرانيون التغلب على فجوة القدرات العسكرية الأمريكية – الإيرانية عن طريق تطوير أساليب ووسائط الحرب اللامتماثلة ومذهبيتها العسكرية والقتالية.
• حاول التقرير إثبات أن إيران تستخدم أسلوب حروب الوكالة (حروب البروكسي) ضد الولايات المتحدة في العراق وضد إسرائيل في الضفة الغربية-غزة وضد حلفاء أمريكا في لبنان.
النوايا الظاهرية المعلنة بواسطة التقرير تتمثل في التأكيد على أن الأزمات والاضطرابات الجارية في منطقة شرق المتوسط والعراق وأفغانستان والتي أصبحت تحدد مشروع القرن الأمريكي الجديد وسيطرة واشنطن على النظام الدولي الجديد هي أزمات تمثل مجرد أزمات فرعية تنطلق ضغوطها من بؤرة مركزية واحدة هي إيران والتي تلعب دور ماكينة توليد طاقة العنف السياسي في المنطقة. أما النوايا الحقيقة غير المعلنة أو بالأحرى شبه المعلنة التي لمح إليها التقرير فتتمثل في الأهداف التالية:
• تجميع مسارح الأزمات ضمن مسرح واحد كبير يمتد من الحدود الأفغانية – الباكستانية حتى حدود غزة – مصر.
• إدراك المخاطر الجارية في هذه المنطقة باعتبارها صادرة عن الخطر الإيراني الذي يشكل مع حلفائه مصدر التهديد الرئيسي للمصالح الحيوية الأمريكية.
• التأكيد على عدم فعالية الوسائل الدبلوماسية في احتواء المخاطر والتهديدات الجارية والماثلة والمحتملة.
• الدفع باتجاه تعبئة الموارد العسكرية وتعبئة عناصر القوة الأمريكية (بما في ذلك إسرائيل) من أجل التعامل الاستباقي مع عناصر التهديد.
وبسبب التفاصيل الكثيرة الواردة في هذا التقرير وبسبب وجود فريدريك كاغان شخصياً على رأس من قاموا بإعداد التقرير نقول: سوف يكون لهذا التقرير تأثير وفعالية في دفع توجهات إدارة بوش المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط خاصة وأن تقارير فريدريك كاغان السابقة قد ثبت لاحقاً أنها كانت تشكل العمود الفقري لتوجهات السياسة الأمريكية العسكرية والأمنية قبل السياسية والاقتصادية إزاء العراق. فهل تنجح محاولة المحافظين الجدد في دفع إدارة بوش نحو مغامرة واسعة في المنطقة خلال الصيف القادم الذي بدأت بواكيره أم أن  الوقت قد فات على تقرير المحافظين الجدد الذي جاء بعد رحيل القطار.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...