القمة العربية في موعدها والجيمع سيحضرونها

06-03-2008

القمة العربية في موعدها والجيمع سيحضرونها

لم يأت بيان وزراء الخارجية العرب بأكثر مما كان يتوقع أن يتضمنه من صياغات عامة، تحرر قمة العرب في دمشق، من ملف لبنان، وتقيّد لبنان مجددا بمجرى الخلافات العربية العربية المفتوحة على مصراعيها، ليصبح الحادي عشر من آذار لانتخاب «الرئيس» ميشال سليمان، موعدا مفتوحا ينتظر التسويات الكبرى أو عكسها في المنطقة.
وفيما لم يخرج الوزراء العرب بأية صيغة جديدة تعيد تزخيم المبادرة العربية، سوى إعادة تأكيد الالتزام بعنوانيها الأساسيين وهما انتخاب الرئيس التوافقي ووضع أسس تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن، فإن العنصر المستجد والأهم، في المبادرة العربية، مقاربتها، وللمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، ومن خلال نص سياسي واضح ملف أزمة العلاقات اللبنانية السورية المفتوح على مصراعيه منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فقد دعا الوزراء العرب الى «العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الامين العام (عمرو موسى) البدء بالعمل على تحقيق ذلك».
وقال موسى إن هذه الاضافة النوعية ليست مرهونة بمدى زمني معين، بل هي مهمة تحتاج الى مدى زمني طويل خاصة في ظل التراكمات والتعقيدات التي شابت وتشوب العلاقات اللبنانية السورية في السنوات الأخيرة.
وشدد موسى على أهمية مقاربة هذا البعد في الأزمة اللبنانية، من دون أن يعني ذلك تخلي اللبنانيين عن تحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه بلدهم.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة ان الموضوع اللبناني استحوذ على أربع ساعات من الاجتماع الوزاري الثاني، وسبقته مشاورات ثنائية وثلاثية، أبرزها أكثر من اجتماع عقد بين وزيري خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل وسوريا وليد المعلم، شارك في جزء منها عمرو موسى وبعض مساعديه وتناولت بشكل خاص الملف اللبناني بالاضافة الى العلاقات الثنائية المتأزمة بين البلدين.
وقالت المصادر إن الجانبين اتفقا على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، لكن لم تحسم بعد قضية مشاركة العاهل السعودي شخصيا في القمة العربية، علما أن الرياض حسمت أمر مشاركتها وهي تنتظر على الأرجح مجريات الأمور حتى تقرر الموقف المناسب قبل نهاية آذار، وربما تجاريها بعض العواصم في الأمر نفسه».
وأشارت المصادر الى أن النقطة المستجدة في التعامل مع الملف اللبناني هي المقاربة الأولى من نوعها من جانب العرب للملف الأكثر حساسية، اي ملف العلاقات اللبنانية السورية، بوصفه يشكل أحد أبعاد الأزمة التي يشهدها لبنان منذ ثلاث سنوات.

وأوضحت المصادر أن الجامعة العربية لعبت دورا محوريا في هذا الصدد، «وذلك من منطق حرصها على أولوية تأمين التقارب العربي العربي وعلى خلفية الاعتراف بالدور السوري في لبنان وفي الوقت نفسه ضرورة أخذ مصالح البلدين وخاصة مصالح لبنان في الاعتبار، على أن تتخذ الحكومة اللبنانية كل الاجراءات التي تحول دون جعل لبنان ممرا لاستهداف سوريا».
وجدد موسى في تقريره أمام الوزراء العرب حول نتائج مهمته اللبنانية، مطالبته الدول المعنية بممارسة نفوذها على الأطراف الداخلية في لبنان من أجل تسوية تؤمن انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن.
وبرزت مداخلات عربية عدة تحت هذا العنوان، حيث أكد بعض الوزراء العرب أن لا أحد يريد منافسة الدور السوري في لبنان، «ولكن لا يجوز تحت أي سبب من الأسباب تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية متوافق عليه بإجماع عربي ودولي ولبناني».
وأكد وزيرا خارجية السعودية ومصر على هذا الموقف وأن انتخاب رئيس للجمهورية «يمكن أن يشكل مدخلا لاحداث اختراق في جدار الأزمة السياسية (موضوع الحكومة) وكذلك من شأنه أن يساهم في اعطاء دفع لمساعي ترتيب العلاقات العربية العربية، قبيل موعد قمة دمشق بما يجعلها مناسبة للم شمل العرب ورص صفوفهم».
وبرز موقف مقابل، خاصة من جانب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي شدد على أن سوريا تحترم سيادة واستقلال لبنان وهي أبدت استعدادها أكثر من مرة للتبادل الدبلوماسي، ولكن في كل مرة كنا نخطو خطوة كانت تبرز عراقيل من جهات محلية وخارجية لا مصلحة لها باستقرار لبنان وأن يكون على خير علاقة مع شقيقته سوريا، وشدد على أن سوريا ترغب باستقرار لبنان وهي مستعدة لأن تبذل ما بوسعها في هذا الاتجاه، لكنه جدد القول إن الوفاق اللبناني هو مسؤولية لبنانية بالدرجة الأولى، متعهدا أمام الجميع بأن لبنان سيكون حاضرا في القمة.
وبرزت وجهة نظر سورية مدعومة من دول أخرى، تدعو الى الفصل بين الموضوع اللبناني والقمة العربية، وذلك في موقف مكمل لما كان قد أبلغه الرئيس  بشار الأسد لعمرو موسى بأن دمشق ترفض اقتراح تأجيل القمة شهرين وأي محاولة للربط بينها وبين ملف لبنان، مع التشديد على عقدها في موعدها ومكانها المحددين.
ولم يعرف ما اذا كانت «مبادرة» الوفد اللبناني المشارك في اجتماع القاهرة، برئاسة الوزير طارق متري، بطلب ادراج «قضية التدخل السوري في لبنان» في صلب جدول أعمال القمة العربية المقررة في دمشق يومي التاسع والعشرين والثلاثين من الجاري، قد أعطت مردودا سلبيا، أم العكس.
وعدا الصياغة المبهمة للمسألة اللبنانية عن سابق تصور وتصميم، فإن القاهرة شهدت مع انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب، وصول وزير خارجية ايران منوشهر متكي من جنيف، في زيارة مفاجئة، استهلها رئيس الدبلوماسية الايرانية باجتماع على مدى نحو مئة دقيقة في مطار القاهرة الدولي، مساء أمس، مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل.
وخصص متكي والفيصل اجتـــماعهما الأول من نوعه منذ فترة طويلة للازمة اللبنانية «وتداعياتها المحــتملة على القمة العربية المقبلة في دمشق»، وسبــق ذلــك لقاء مطول بين الفيصل ومساعد وزيرة الخارجية الأمـيركية ديفيد ولش. 
وقالت معلومات أن متكي سيصل يوم السبت المقبل الى دمشق في زيارة هي الثانية خلال أقل من شهر، على أن يلتقي في اليوم التالي الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ونظيره السوري وليد المعلم.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة إن الجانب الايراني استأنف بالتنسيق مع الرياض جهده على الخط السعودي السوري وفي الوقت نفسه باتجاه تثبيت أسس الهدنة اللبنانية التي كانت قد شهدت اهتزازات جزئية في الآونة الأخيرة.
وعلم أن الجانب السوري قرر توجيه الدعوة الى الجانب اللبناني قبل نهاية الأسبوع الحالي، عن طريق الجامعة العربية (المندوب السوري في الجامعة العربية يوسف الاحمد يسلمها الى نظيره اللبناني)، مع ادراك دمشق بأن من سيبت بأمر الدعوة هو الرئيس فؤاد السنيورة سواء بقرار الحضور الشخصي (وهو أمر مستبعد) أو ارسال من يمثل لبنان من وزراء حكومته.
وأكد الوزراء في بيان اصدروه في ختام اجتماعهم في مقر الجامعة العربية في القاهرة «التزام المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية الى انجاز انتخاب المرشح التوافقي الرئيس العماد ميشال سليمان في الموعد المقرر والاتفاق على اسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اسرع وقت ممكن».
وأشاد الوزراء بـ«الجهود التي بذلها الامين العام تنفيذا للمبادرة العربية» وكلفوه «الاستمرار في هذه الجهود»، داعين «كل الدول العربية الى دعم جهوده في اتصالاتها بالاطراف اللبنانية وكذلك في اتصالاتها العربية والاقليمية والدولية».
ودعا البيان «قيادات الاكثرية والمعارضة (اللبنانية) الى التجاوب مع جهود الامين العام لتنفيذ المبادرة والتوصل الى توافق في شأنها دون ابطاء، وذلك في ضوء ما تم إحرازه من تقدم في لقاءات الاجتماع الرباعي السابقة».
ودعا الوزراء العرب الى «العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الامين العام البدء بالعمل على تحقيق ذلك».
وقال وزير الخارجية وليد المعلم للصحافيين اثر الاجتماع إن «المبادرة كتبت باللغة العربية وهي مبادرة واضحة والامين العام يقوم بتنفيذها كخطة متكاملة».
وردا على سؤال حول الجهة اللبنانية التي ستوجه اليها الدعوة لحضور القمة، اعرب عن امله في معالجة هذا الموضوع «من خلال الجهود التي سيقوم بها الامين العام قبل 11 آذار».
وأضاف «تم الاتفاق على جدول اعمال القمة المقبلة في دمشق والتي ستعقد في موعدها».
وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع العربي، قال عمرو موسى ردا على سؤال باللغة الانكليزية ان السنيورة سيمثل لبنان في قمة دمشق «تبعا للدستور» في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الحادي عشر من آذار، مؤكداً ان القمة العربية سوف تعقد في دمشق في موعدها، وقال ان «جميع الدول العربية سوف تحضر القمة، اما مستوى التمثيل فلا يزال غير محدد وسوف نبلغ به من قبل الدولة المستضيفة».
وجدد موسى التأكيد أن المبادرة العربية لم تفشل بل هي تتقدم وأنها نجحت في احراز تقدم في الاطار السياسي وقال ان الاتصالات مستمرة وأن مسألة حضوره الى بيروت رهن بنتائج الاتصالات.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...