أزمة استراتيجية واشنطن الإسلاموية

06-07-2013

أزمة استراتيجية واشنطن الإسلاموية

الجمل- ف. وليام إنغدال- ترجمة- د. مالك سلمان:

إن مسارعة الجيش المصري إلى اعتقال محمد مرسي وقادة منظمته "الإخوان الإسلامويين" في 3 تموز/يوليو مؤشر إلى هزيمة شنيعة لاستراتيجية واشنطن في "الربيع العربي" القائمة على استخدام الإسلام السياسي بهدف نشر الفوضى من الصين, مروراً بروسيا, ووصولاً إلى الشرق الأوسط الغني بالطاقة. رفض مرسي مطالبة وزير الدفاع له بالاستقالة لتجنب حمام دم. لكن مرسي قال إنه يدافع عن "كرامته الشرعية" وطالب الجيش بسحب المهلة التي أعلن عنها. ويمكن لما حدث أن يصبحَ نقطة الانعطاف الرئيسة في انحطاط الولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى وحيدة عندما تراجع أجيالُ المؤرخين القادمة هذه الأحداث.
بعد عام واحد من استيلاء "الإخوان الإسلامويين", المنظمة المتكتمة, على السلطة وتنصيبها لرجلها محمد مرسي رئيساً للبلاد وهيمنتها على البرلمان, تحرك الجيش المصري – على خلفية الملايين من المصريين المحتجين على فرض مرسي لقانون الشريعة وفشله في التعاطي مع الاقتصاد المنهار. قاد الانقلاب وزير الدفاع وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي. ومن الأهمية القول إن مرسي كان قد عينَ السيسي العام الماضي بصفته مسلماً ورعاً وجنرالاً صغيراً في السن. كما تلقى السيسي تدريبَه على يد قادة البنتاغون الذين يكنون له الاحترام. ولذلك فإن قيادته للانقلاب تشير إلى الرفض الشديد للإخوانيين داخل مصر. فقد أعلن السيسي مساء الأربعاء, 3 تموز/يوليو, أن رئيسَ "المحكمة الدستورية" سيحتل منصب الرئيس المؤقت ويشكل حكومة مؤقتة من التكنوقراط لإدارة البلاد إلى حين حصول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة. وقد أحاط به زعماء مسيحيون ومسلمون ومعارضون علمانيون. قال السيسي إن كافة الجهود التي بذلها الجيش لإقامة حوار وطني ومصالحة وطنية لاقت موافقة جميع الفصائل باستثناء الرئيس مرسي ومنظمته "الإخوان الإسلامويين".


من المحتمل أن أهمَ وجه من أوجه التحرك الجماهيري للمحتجين في الأسابيع الأخيرة, والذي تم تتويجه بقرار الجيش فرض سيطرته, هو العداء الواضح لواشنطن الذي تجلى في احتجاجات الشارع. فقد حمل المتظاهرون لوحات مصنوعة يدوياً تدين أوباما وسفيرته في القاهرة, آن باترسون, المؤيدة للإخوان الإسلامويين.
كانت سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة, آن باترسون, هدفاً خاصاً للمتظاهرين. فقد أدلت بتصريحات في 18 تموز/يوليو ضد الاحتجاجات على مرسي. إذ قالت مخاطبة المصريين, "يقول البعض إن النزول إلى الشارع يؤدي إلى نتائج أفضل من الانتخابات. في الحقيقة, أنا وحكومتي لا نتفق مع ذلك قطعاً." وفي مقابلة أكثر شفافية مع "أهرام أونلاين" المصرية في شهر أيار, رفضت الدبلوماسية الأمريكية توجيه أي انتقاد إلى مرسي, وقالت: "الحقيقة هي أنهم خاضوا انتخابات شرعية وفازوا. من الطبيعي وجود صعوبات في التعاطي مع أية حكومة جديدة. ومع ذلك, على المستوى المؤسساتي للدولة, لا زلنا مثلاً نتعامل مع الجيش نفسه والمسؤولين المدنيين نفسهم, وهكذا استعدنا نفس العلاقات القديمة."
كما جاء التحرك العسكري أيضاً ضد التدخل السافر للرئيس الأمريكي أوباما ورئيس أركانه, الجنرال مارتن ديمبسي. فقد اتصل أوباما بالرئيس المصري, كما اتصل ديمبسي رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي, في محاولة تنفيس الأزمة الثلاثية بين النظام, والجيش, والحركة الاحتجاجية. والآن يجد أوباما نفسه ممرَغاً بشيء أسوأ من البَيض. [لا أعرف ما ذا يقصد الكاتب, يس بتوقع قصدو يقول ... "جظ مظ" ]
من الأهمية بمكان أن الملك السعودي عبد الله وقادة الإمارات العربية المتحدة المحافظين, باستثناء أمير قطر المؤيد للإخوان الإسلامويين, رحبوا بشكل علني بتدخل الجيش في مصر. فقد نقلت وكالة الأنباء الرسمية السعودية تصريحاً رسمياً للملك جاء فيه: "باسم الشعب السعودي وباسمي, نهنئكم لقيادتكم لمصر في هذه المرحلة التاريخية الحرجة. ونتمنى من الله أن يعينكم في تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقكم لتحقيق طموحات الشعب المصري الشقيق."
يقول موقع إخباري يعتقد أنه مقرَب من الدوائر العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية إن الجيش المصري تحرك بدعم صامت من السعودية والبلدان الخليجية المحافظة. وتبعاً لهذه التقارير, إذا قررت الولايات المتحدة قطع المساعدات الأمريكية السنوية (1.3 مليار دولاراً) للجيش المصري, فسوف تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة بتعويض ميزانية الجيش. وإضافة إلى ذلك, كما يقولون, سوف تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة وبلدان خليجية أخرى, مثل البحرين والكويت, "بضخ كميات ضخمة من الأموال على الفور لدعم الاقتصاد المصري. وسوف يكتشف المصريون أن بمقدورهم, بوجود اقتصاد يدار بشكل مناسب, أن يضمنوا الحد الأدنى من المستوى المعيشي دون أن يعانوا من الجوع مثلما حصل للكثيرين تحت حكم الإخوان الإسلامويين. وتبعاً لمصادرنا, فقد وعدت السعودية والإمارات العربية المتحدة تقديم مساعدات تساوي الأموال التي كانت قطر تقدمها لخزائن الإخوان الإسلامويين في القاهرة خلال السنة الفائتة, أي ما يعادل 13 مليار دولاراً."
وسواء تم تقديم هذه المساعدات بالفعل أم لا, فإن التدخل العسكري في مصر يرسل موجات أرضية عنيفة عبر العالم الإسلامي كله. ففي الأسبوع الماضي, ومع تنامي الاحتجاجات الجماهيرية في مصر, قام الشيخ حمد آل ثاني الداعم العلني للإخوان الإسلامويين بتسليم السلطة لابنه البالغ من العمر 33 عاماً والذي يشاع عنه أنه معتدل. وسرعان ما أقالَ الابنُ رئيسَ الوزراء الشيخ حمد بن جاسم المؤيد للإخوان الإسلامويين. كانت قطر قد منحت الإخوانَ في عهد مرسي حوالي 8 مليار دولاراً, وكان القائد الروحي للإخوان الإسلامويين, يوسف القرضاوي, يعيش في الدوحة منذ عقود, حيث كان يستخدمها كقاعدة لبث خطبه الإشكالية والمثيرة للجدل. كما تم انتقاد قناة "الجزيرة" التي تملكها الحكومة القطرية لتحولها في السنوات الأخيرة من قناة إخبارية عربية مستقلة ومحترمة إلى صوت للإخوان الإسلامويين. ومن اللافت للانتباه أن من بين الأشياء التي سارع الجيش المصري إلى القيام بها إغلاق ستوديو الجزيرة في القاهرة.
كما ستولد هزيمة الإخوان في مصر موجات صادمة قوية في تركيا تؤثر على حزب رئيس الوزراء إيردوغان, التنمية والعدالة, الإخواني. فقد عمل إيردوغان على قمع الاحتجاجات الجماهيرية بشكل وحشي, حيث لجأت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. لقد سمح إيردوغان باستخدام تركيا كقاعدة رئيسة لإرسال المرتزقة, الممولين من قطر, إلى سوريا في محاولة لإسقاط حكومة بشار الأسد واستبدالها بنظام إخواني. ومن الجدير بالذكر أن مرسي قد دعا, قبَيلَ سقوطه, إلى الجهاد لإسقاط الأسد.
السؤال الهام الآن هو: كيف سيرد أوباما على سقوط "الربيع العربي" الذي قامت واشنطن بهندسته؟ فقد أصبح "ربيع" واشنطن "العربي" شتاءً سيبيرياً كابوسياً.

http://www.globalresearch.ca/washington-islamist-strategy-in-crisis-as-morsi-toppled/53415

تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 4 تموز/يوليو 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...