مباحثات سورية بريطانية حول التسوية: أوباما يمثل فرصة جدية لم تبدأ

05-08-2009

مباحثات سورية بريطانية حول التسوية: أوباما يمثل فرصة جدية لم تبدأ

يُكثر وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية إيفان لويس من ترداد اسم الرئيس الأميركي باراك أوباما في حديثه، مشيرا إلى عزم الأخير على تحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط، مشددا في هذا الإطار على أن ثمة فرصة الآن لتحقيق تقدم في العملية السلمية، داعياً دمشق إلى استخدام دورها «الحيوي» في تحقيق مزيد من الأمن في لبنان والعراق.
التقدم الذي يتحدث عنه لويس في عملية السلام، مبني على أسس تجميد إسرائيل نشاطها الاستيطاني وحصولها في المقابل على خطوات تطبيع من قبل الجانب العربي. وإن كانت علائم تحقيق تقدم في هذه العملية غير بادية بعد لمجمل المراقبين في المنطقة وخاصة في دمشق، إلا أن الجهد الأوروبي والبريطاني المساند للجهد الأميركي يقوم وفق تحليلات عديدة على بنية أفكار تضع كل التركيز على هذه «الخطوة الأولى» دون «العبث» بملفات التفاصيل المعقدة والكثيرة، على أمل أن يحلها التفاوض في حال كان له أن يحصل.
ويحذر المسؤول البريطاني في هذا الإطار من أن عدم التقدم سيكون معناه، لا محالة، التراجع، بما يرفع احتمالات عدم الاستقرار في المنطقة.
وقال لويس، عقب محادثاته مع كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ومعاونه عبد الفتاح عمورة، ان بريطانيا التي سبق لها أن تقدمت على إدارة أوباما في إعلانها ضرورة وقف الاستيطان كونه «غير قانوني ومعيقا للسلام»، تؤيد خطاب الرئيس الأميركي، وتروج له باعتباره أرضية دبلوماسية للتحرك.
وأكد لويس أن لندن ترحب «بطلب الرئيس تجميد كل أنشطة الاستيطان، وأن يقوم العالم العربي (في المقابل) حين يتم اتخاذ هذه الخطوة بإشارة، وأن يكون ذلك، نقطة بدء لعملية تتعامل مع القدس والحدود النهائية واللاجئين وأيضا التطبيع من وجهة نظر العرب نحو إسرائيل، لا الاعتراف بها فقط».
من جهته، أكد الوزير المعلم، وفقا لبيان رسمي، أن «العقبة الأساسية» أمام تحقيق السلام في المنطقة «تتمثل في افتقار إسرائيل للإرادة السياسية لتحقيق السلام»، معدداً في هذا الإطار «السياسات التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي العــربية المحتلة، والمتمثلة في بناء المستوطنات واستمرار الحصار الجائر وقضم الأراضي ورفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري حتى خط الرابع من حزيران 1967».
إلا أن هذا لم يمنع الوزير لويس من الجزم بوجود «فرصة فريدة لتحقيق السلام والاستقرار و(أن) الرئيس الأميركي جعل السلام أولوية لديه وبأقصى سرعة ممكنة»، مشيراً إلى أن «لبريطانيا دورا مميزا لأدائها كصديقة لسوريا وإسرائيل وعبر علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والعالم العربي»، واصفاً هذا «الدور بالمحوري» وبأنه «مكمّل لدور الولايات المتحدة لكنه ضروري لأن لنا دورنا المميز ونظرتنا الخاصة».
وشرح أنه سبق للندن أن قدمت نصائح للأميركيين حول كيفية قيادة هذه العربة وفي أي اتجاه «نصحناهم بأنه من المهم بدايةً أن يطلب من إسرائيل تجميد الاستيطان، وكنا سعداء أن إدارة أوباما قبلت هذه النصيحة كبداية مهمة، وأيضا كنا مؤيدين لخطة السلام العربية وأوضحنا رأينا ذلك باعتبارها خطوة متقدمة لأي أرضية للمفاوضات تقود لتسوية».
إلا أنه وفقا لمراقبين متابعين، فإن العمل الدبلوماسي ولا سيما الأوروبي ومن ورائه الأميركي مبني على فكرة مفادها مبادلة خطوة تجميد مبهم للمستوطنات (يتم التركيز على المستوطنات في القدس الشرقية كجائزة كبرى!) مقابل خطوات عربية «دافئة ومصادقة لإسرائيل»، ربما لا تذهب بعيدا عما سربته صحيفة «نيويورك تايمز» من إجراء المسؤولين العرب حوارات مع صحف إسرائيلية والسماح لطيران إسرائيل بالتحليق في الأجواء العربية، وهي خطوات يقول لويس انها « أمثلة بناءة وإيجابية» وإن كان يتجنب الحديث عن أي دور لسلطة بلاده بـ «توجيه» هذه العملية لدى الحكام العرب.
يشار إلى أن لويس يشدد على حل مسألة اللاجئين، وهو ما يرفض الإسرائيليون نقاشه. ويرى المسؤول البريطاني أن هذا الموضوع «الصعب» كما «الحدود النهائية»، مسائل «يجب أن يتم التعامل معها إذا رغبنا بسلام دائم ومستقر في المنطقة»، محذّراً من الفشل في هذه العملية، التي «تشهد فرصة فريدة»، داعياً إلى ضرورة الاستفادة من تحسن الظروف في العراق ولبنان. وأضاف «أعتقد أنه احتمال جدي إذا لم نستفد من هذه الفرصة أن يسوء الوضع بالطبع، والناس ستفقد الأمل بمستقبل أفضل وحين يحصل ذلك سيسوء الوضع في المنطقة».
وفي هذا السياق، أعرب لويس عن ارتياحه لتحسن الوضع في لبنان، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «سوريا ستبقى شريكاً مهماً وحيوياً (بالنسبة للبنان)، لكن في ما يخص حكم البلاد والتمثيل السياسي في هذا البلد وإذا كان لنا أن نتعلم من التاريخ فإنه أمر يعود إلى اللبنانيين».
أما عن الحوار مع حزب الله، فأوضح دون لبس «لدينا حوار محدود مع الحزب بطريقة مبرمجة وفقط مع الذين نعتقد أنهم مكرسون للعمل السياسي وليس لاستخدام العنف، وهو حوار محدود وتحت السيطرة»، داعياً دمشق إلى إلى ممارسة تأثيرها «الإيجابي» في العديد من ملفات المنطقة، معددا لبنان وفلسطين والعملية السلمية والحوار الفلسطيني، والملف النووي الإيراني.
وعن العلاقات بين دمشق ولندن، قال لويس ان التعاون مع الجانب السوري في الإطار الأمني أصبح أكثر و«هنالك تقدم في التلاقي حول ما هو التهديد المشترك كما هنالك تقدم في مشاركة المعلومات في ما يخص مصالحنا المشتركة»، داعياً سوريا إلى «اتخاذ خيار قاطع وهو استخدام تأثيرها بشكل أقصى وإيجابي».
إلى ذلك، سلّم سفير دولة الإمارات في دمشق سالم عيسى القطام الزعابى، نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أمس رسالة موجهة إلى الرئيس بشار الأسد من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...