تحوّل في الموقف الغربي من تسليح المعارضة السورية

07-09-2012

تحوّل في الموقف الغربي من تسليح المعارضة السورية

إعلانات فرنسا المتكررة في الآونة الأخيرة عن نيتها تقديم «الدعم» للمناطق السورية «المحررة» كما تسميها، قد تتجاوز نطاق العمل «الإنساني» إلى حدّ تسليح المعارضة في تلك المناطق بل ربما تزويدها بمضادات طيران. الإشارة التي حملتها تصريحات ديبلوماسي فرنسي  في باريس محمد بلوط أمس، تزامنت مع تسريبات عن نشاط أميركي متزايد على الحدود السورية، استخباراتية وديبلوماسياً، وقابلها أيضاً قلق من عواقب قرار كهذا، ضمن المتعارف عليه من دروس التجربة الليبية، ليبقى التساؤل مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الاحتمال «قيد الدرس» جدياً بما يكفي لتنفيذه، أم مناورة ديبلوماسية جديدة تهدف إلى إبقاء ضغط افتراضي على النظام السوري.
أما السلطات السورية، فلم تتجاهل التصعيد الإقليمي ضدها، الذي شهدته منابر القاهرة وأنقرة أمس الاول. واعتبرت أن تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب «تدخل سافر» في الشأن السوري، معتبرة إياه «شريكاً» في سفك الدماء. كما استنكرت تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان التي وصفتها بـ«الوقحة»، وردت بالمثل على اتهامه لها بـ«الإرهاب».
روسيا من جهتها، تمسكت بثوابتها في الملف السوري، بل دعت القوى الغربية إلى إعادة النظر في موقفها من ذلك، وحذرت من أن دعم المتطرفين في سوريا سيرتد سلباً على الغرب. لكن أبرز ما جاء في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأكثره قابلية للتأويلات الإعلامية، كانت إشارته إلى ضرورة «ضمان أمن» كل المشاركين في حوار سـوري ـ سوري  اعتبر أنه من الضروري «إرغام» الاطراف كافة على المشاركة فيه.
وقال مسؤولون أميركيون إن المزيد من ضباط الاستخبارات الأميركيين وعناصر وزارة الخارجية توجهوا إلى الحدود السورية. ويجمع الضباط معلومات من المنشقين واللاجئين، فيما يعمل عناصر الوزارة على مساعدة العمل التنظيمي المعارض.
من جهته، قال ديبلوماسي فرنسي  إن «باريس تفكر في احتمالات تسليح المعارضة السورية في الداخل، لحماية المناطق المحررة من قصف الطائرات السورية لها». وقال المصدر الديبلوماسي إنه بالرغم من خروج الجيش السوري من مناطق كثيرة، الا أن هذه المناطق لا تزال تتعرّض لقصف مدفعي متقطع، وقصف بالطيران، ومن المستبعَد أن تعود اليها يوماً ما قوات النظام السوري، ولكن الأهالي يطالبون مع ذلك بوسائل دفاع جوي. الديبلوماسي الفرنسي قال «إن موضوع التسلح موضوع معقد جداً، نحن نعمل بجد في التفكير به، ولكن مضاعفاته جدية وخطرة، نحن لا نقلل من شأنها».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية السورية في بيان إن «مرسي أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أنه يعكس آراء جماعة لا تمت بصلة إلى حقائق التاريخ المشترك للشعبين السوري والمصري». وأضافت الوزارة إن ما قاله مرسي هو «جزء من التحريض الإعلامي الذي يهدف إلى تأجيج العنف الدائر في سوريا، وبهذا لا يختلف عن غيره من الحكومات التي تدعم المجموعات الإرهابية المسلحة بالمال والسلاح والتدريب والمأوى ما يجعلهم شركاء في سفك الدم السوري». وقالت الوزارة إن «التاريخ لن يغفر لهؤلاء ما فعلوه بالشعب السوري».
كما استنكرت الخارجية «التصريحات المتكررة والوقحة لـرجب طيب أردوغان وآخرها التي أدلى بها أمس (الأول) والتي تناولت ما يدين بحد ذاته سياسات الحكومة التركية ومواقفها العدائية». وقالت الوزارة في بيان لها إن «أردوغان يتهم سوريا بالإرهاب بينما يمارس هو وحكومته هذا الإرهاب علانية بحق الشعب السوري، عبر إيواء وتدريب ودعم المجموعات الإرهابية المسلحة وتسهيل تسلل الإرهابيين والجهاديين الى سوريا بشكل بات مكشوفاً عبر شهادات الإعلاميين الذين زاروا سوريا واعترافات الإرهابيين في الاعلام السوري، وحتى تصريحات بعض السياسيين الأتراك الذين يتهمون حكومة أردوغان علانية باللعب بالنار».
وأضافت الوزارة إنه «في الوقت الذي يدعو فيه أردوغان إلى إقامة مناطق عازلة في كل محفل دولي، فمن المفيد التذكير بأن الحدود المشتركة بين البلدين كانت المثال الذي يُحتذى به للتكامل بين الدول، من حيث التبادل التجاري وبناء جسور الصداقة بين الشعبين الشقيقين، لكن أردوغان الذي يتحمل بسبب سياساته العدوانية التدهور الذي ألم بالعلاقات الثنائية لم يشبع مما سفكه من الدم السوري والدمار الذي ألحقه بسوريا وضرب بعرض الحائط كل مبادئ حسن الجوار والاخوة التي تربط بين الشعبين السوري والتركي». وتابعت قائلة «إن دلالات السلوك العدواني لأردوغان واضحة، فهي تعبر عن إحباطه الواضح من فشل المخطط باستهداف سوريا وشعبها».
أما بوتين، فقال خلال مقابلة نشرت أمس مع قناة «روسيا اليوم»، «لماذا يتعين على روسيا وحدها ان تعمد إلى إعادة تقييم موقفها؟ ربما يتعين على شركائنا في المفاوضات ان يعيدوا تقييم موقفهم!». واضاف الرئيس الروسي «بالنسبة الينا الأهم هو انهاء العنف وارغام كل اطراف النزاع... على الجلوس الى طاولة المفاوضات وضمان امن كل المشاركين في العملية السياسية المحلية». وتابع قائلاً «فقط عندها يمكن المضي قدماً الى الخطوات العملية بشأن تنظيم البلد من الداخل».
وبخصوص السياسة الغربية الداعمة للمعارضة السورية ضد نظام دمشق، رأى الرئيس الروسي ذلك «كأنه فتح ابواب غوانتانامو وإرسال جميع معتقليه الى سوريا لكي يقاتلوا، الأمر سيان». وأضاف «البعض يريدون استخدام مسلحين من القاعدة وغيرها من التنظيمات المتشددة للوصول الى اهدافهم في سوريا... لكن ينبغي عدم تناسي أن هؤلاء سيعودون الى مهاجمة داعميهم».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...