القذافي في مواجهة المجتمع الدولي وسيناريو عملية تحرير ليبيا

26-02-2011

القذافي في مواجهة المجتمع الدولي وسيناريو عملية تحرير ليبيا

الجمل: بدأت الضغوط الخارجية تأخذ مكانها المعتبر في إدارة دولاب مفاعيل الأزمة السياسية الليبية، وفي هذا الخصوص تشير التطورات الجارية إلى ظهور المزيد من الأدوار الخارجية بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي: فما هي حقيقة هذه الأدوار الجديدة؟ وما هي فعالية تأثيرها على وتائر الصراع السياسي الليبي-الليبي؟خارطة الحظر الجوي المقترح على ليبيا
* التطور الأول: توظيف آليات المحكمة الجنائية الدولية
تقول المعلومات عن تقديم مشروع قرار دولي لجهة قيام مجلس الأمن الدولي بتفويض المحكمة الجنائية الدولية من أجل التعامل مع ملف الأزمة السياسية الليبية، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
•    ليبيا ليست عضواً في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فليبيا ليست ملتزمة ببنود اتفاقية دولية لم توقع عليها أو تعتمدها رسمياً، وبرغم ذلك، فهناك بند في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية يلزم المحكمة بقبول الملفات والقضايا التي يقوم بها مجلس الأمن الدولي بتحويلها للمحكمة، وكما هو واضح، فهناك سابقة للحكم في هذا الخصوص تمثلت في إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير برغم أن السودان ليس عضواً في اتفاقية المحكمة، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي بتحويل ملف أزمة دارفور للمحكمة. والآن، أصبح في حكم المتوقع والوارد أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بالتدخل في ملف الأزمة الليبية بناء على تفويض مجلس الأمن الدولي.
•    توجد نوايا مسبقة في أوساط المحكمة لجهة استلام ملف الأزمة الليبية، وفي هذا الخصوص صرح قبل ثلاثة أيام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مورينو أوكامبو بأن ليبيا ليست عضواً في اتفاقية المحكمة، ولكن إذا قام مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بتفويض المحكمة، فإنه سوف يقوم على الفور بمباشرة التحقيقات وإعداد قوائم الاتهام.
•    تضم عضوية المحكمة الجنائية الدولية العديد من القضاة ومن بينهم قاضي ليبي الجنسية يدعى شلوف، وهو في نفس الوقت زعيم أحد الأحزاب السياسية المعارضة لنظام الرئيس معمر القذافي، وقد شوهد هذا القاضي الدولي خلال السبعة أيام الماضية وهو يطلق المزيد من التصريحات عبر الفضائيات التلفزيونية وعلى وجه الخصوص في قناة العربية، قناة الحرة وقناة البي بي سي وهو يطالب بضرورة تقديم ملف الأزمة السياسية الليبية للمحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي يعكس وجود المزيد من النوايا في أوساط المحكمة لجهة تولي ملف التعامل مع الأزمة الليبية.
إن قيام مجلس الأمن الدولي بتحويل ملف الأزمة السياسية الليبية إلى المحكمة الجنائية الدولية هو أمر يعني بالضرورة قيام هذه المحكمة بالتدخل وإصدار مذكرات التوقيف في حق الزعيم الليبي معمر القذافي وبقية رموز نظامه، وربما بعض الأطراف الأخرى التي يمكن أن تسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى استهدافها.
* التطور الثاني: العقوبات الدولية المتعددة الأطراف
سوف يواجه نظام الزعيم الليبي معمر القذافي المزيد من أنواع العقوبات الدولية المتنوعة والمتعددة الأطراف، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    حزمة العقوبات الأمريكية: توجد حالياً العديد من التحركات في أوساط الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية لجهة الدفع من أجل فرض قائمة من العقوبات الأمريكية الجديدة ضد ليبيا بما يمكن أن يشمل: تجميد الأرصدة الليبية بمختلف أنواعها إضافة إلى حظر المعاملات التجارية مع ليبيا وتجميد الاستثمارات الأمريكية.
•    حزمة العقوبات الأوروبية: سوف تتضمن القائمة الأوروبية طبقاً واسعاً من أنواع العقوبات، فهناك عقوبات على المستوى الكلي سوف يتم فرضها من قبل الاتحاد الأوروبي، وعقوبات على المستوى الجزئي سوف يتم فرضها من قبل الدول الأوروبية وخصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعلى الأغلب أن تسعى هذه العقوبات إلى استهداف الأرصدة والمعاملات وتحركات المسئولين الليبيين.
•    حزمة العقوبات الدولية: سوف تتضمن العقوبات الدولية قائمة واسعة من البنود، وعلى الأغلب أن تكون على غرار نظام العقوبات الدولية المتعددة الأطراف التي سبق وأن فرضها مجلس الأمن الدولي ضد العراق.
الأكثر خطورة في هذه العقوبات هو العقوبات الأوروبية الكلية والجزئية، وذلك لأن معظم المعاملات الحيوية الليبية الخارجية هي مع بلدان الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى خطورة عقوبات مجلس الأمن الدولي بسبب أنها ملزمة لجميع دول العالم بما في ذلك حلفاء نظام الزعيم معمر القذافي، أما العقوبات الأمريكية أقل خطورة وذلك لأن فترة العقوبات الأمريكية الطويلة الماضية قد جعلت المعاملات الليبية-الأمريكية في حالة انقطاع كامل.
* التطور الثالث: بروز الخيارات العسكرية ضد ليبيا
تقول التقارير والتسريبات بوجود نوايا غربية مازالت في طور الإعداد والتخطيط لجهة القيام بعمل عسكري ضد نظام الزعيم معمر القذافي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
-    فرض منطقة حظر الطيران، بما يشمل كافة المناطق الليبية وذلك بما يمنع النظام الليبي من استخدام الطائرات بكافة أنواعها داخل وخارج ليبيا، وحالياً توجد خلافات حول كيفية إنفاذ مخطط منطقة حظر الطيران ومن هي الدول التي سوف تقوم بهذه المهمة.
-    إرسال قوات تدخل سريع إلى ليبيا تحت مزاعم حماية السكان المدنيين، ولكن، يوجد خلاف حول من سوف يصدر قرار التدخل: فمجلس الأمن الدولي من المحتمل أن يواجه صدور القرار عراقيل بواسطة روسيا والصين.. حلف الناتو: يتوقع أن يواجه صدور القرار الرفض التركي، خاصة وأن أنقرا قد لوحت بذلك من خلال تأكيدها بأنها لا ترفض التدخل العسكري وحسب، وإنما ترفض تطبيق العقوبات الدولية ضد ليبيا.
-    التدخل العسكري العربي ضد النظام الليبي، وفي هذا الخصوص تتحدث التسريبات عن تفاهمات سرية تجري مع مصر، وربما الجزائر لجهة القيام بعملية تدخل عسكري واسعة النطاق ضد النظام الليبي تكون مدعومة بواسطة أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى بعض الدول العربية الأخرى ذات القابلية لجهة الإسهام في إسقاط نظام الرئيس معمر القذافي.
سوف تتضح الصورة أكثر فأكثر خلال اليوم ونهار الغد، وبالنسبة للدول الأوروبية الغربية، فإن هناك معارضة إيطالية شديدة ضد القيام بفرض عقوبات أو تدخل عسكري ضد ليبيا، وتقول التسريبات بأن بعض الأطراف الأوروبية طالبت بتحديد ملاذ جوي آمن للطيارين الليبيين وذلك بما يؤدي إلى تحريضهم من أجل الهروب بطائراتهم إلى هذه الملاذات خاصة وأن هناك بوادر تفيد لجهة عدم رغبة الطيارين الليبيين القيام باستهداف السكان المدنيين والمنشآت المدنية الليبية!!
تحدث العديد من الخبراء والمحللين مساء الأمس وصباح اليوم قائلين بأن الأيادي الخفية الأمريكية تسعى حالياً إلى العمل ضمن مستويين:
-    المستوى النظري: تصعيد لهجة الخطاب الإعلامي والنفسي ضد ليبيا.
-    المستوى العملي: إبطاء تطبيق العقوبات وعمليات الاستهداف العسكري ضد ليبيا.
وتشير التفسيرات والتحليلات إلى أن واشنطن تسعى إلى جعل الصراع الليبي-الليبي يحتدم أكثر فأكثر بما يؤدي إلى وقوع الأعداد الكبيرة من الضحايا الأمر الذي يمكن أن يتيح ذريعة ناضجة للتدخل العسكري المباشر والقيام باحتلال ليبيا، على غرار نموذج احتلال العراق، وبكلمات أخرى، لقد شهد العالم سيناريو عملية "تحرير العراق" والآن على العالم أن يتوقع سيناريو عملية "تحرير ليبيا".
وأضافت التسريبات بأن التفاهمات تجري على قدم وساق لجهة ترتيب الأوضاع من أجل قيام المملكة العربية السعودية برفع إنتاجها النفطي بحوالي 1.3 مليون برميل إضافي من أجل سد النقص الذي يمكن أن تتعرض له الأسواق النفطية في حالة توقف إمدادات النفط الليبي البالغ قدرها 1.3 مليون برميل يومياً. وعلى الأغلب أن تكتمل عملية سد النقص النفطي خلال بضعة أيام، وفي نفس الوقت تكون الدماء قد سالت مداداً في الساحة الليبية، وإذا لم تحدث مفاجآت خلال الأيام القادمة فإن سيناريو عملية "تحرير ليبيا" قد يصبح أمراً واقعاً بالفعل، مع احتمالات أن يتم تنفيذه عن طريق بناء حلف عسكري أمريكي خارج مجلس الأمن الدولي، وعلينا أن لا نستغرب احتمالات مشاركة بعض الأطراف العربية في ذلك!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...