الفشل الإستراتيجي في سوريا

08-03-2013

الفشل الإستراتيجي في سوريا

الجمل - شون فنلي- ترجمة: د. مالك سلمان:

بينما كانت السيناتورة كريستن غيليبراند تستجوب السيناتور السابق عن نبراسكا تشك هاغل, خلال جلسة الاستماع المخصصة لترشيحه وزيراً للدفاع, ذكرت الأسلحة الكيماوية في سوريا. أعتقد أن على السيناتورة غيليبراند الطيبة أن تدرك أن ما يسمى "الجيش السوري الحر" يشكل تهديداً حقيقياً مع الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها أيضاً. إذ إنه يتلقى الدعم والمساندة من حلفاء أمريكا سيئي السمعة مثل المملكة السعودية وقطر, وهما دولتان وهابيتان تعملان على قمع النساء, وتفتقدان إلى أي نوع من الحريات المدنية, كما لا تتمتع شعوبهما بأي حقوق ديمقراطية على الإطلاق.
السعودية وقطر دولتان بدائيتان ناضجتان لربيعين عربيين يولدان فيهما نوعاً من الديمقراطية الحقة. فقد غزت المملكة السعودية جارتها البحرين, كما عملت بشكل متواصل على قمع حركة/ثورة ديمقراطية شعبية هناك أيضاً.
لا أحد ينكر أن النظام في سوريا سلطوي, لكن المجتمع السوري مجتمع معقد مكون من عدة طوائف تؤمن لها حكومة بشار الأسد القومية العربية حماية أكبر بكثير مما يمكن أن تؤمنه لها حكومة إسلامية فاشستية يديرها السلفيون أو الإخوان المسلمون, حكومة أشبه بحكومة محمد مرسي في مصر (حيث قدم كافة المسيحيين القبطيين استقالاتهم منها).
أنا خائف جداً على العلويين والدروز والمسيحيين في سوريا: المسيحيين الشرقيين, والسريان, والمارونيين, والكلدانيين والمجموعات الأخرى, في حال وصول هؤلاء القتلة السلفيين والوهابيين – المدعومين من الحكومات الرجعية المتحالفة مع الولايات المتحدة – إلى السلطة. قال لوران فابيوس, وزير الخارجية الفرنسية: "لا يمكننا أن ندع [سوريا] تنحدر إلى مستوى نزاع ميليشياوي." كما قال جيرار آرو, ممثل فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة: "إننا نخلق صومالاً جديداً في قلب الشرق الأوسط."
الجواب الأفضل يتمثل في حث السعودية وقطر على وقف زعزعة البلاد. فالطريق الوحيد هو حل سياسي غير عنيف يضمن عدمَ وصول الأصوليين الإسلاميين السنة إلى السلطة. إن السريان/الآراميين – الذين يتكلمون اللغة الآرامية التي كان يتحدث بها يسوع المسيح – يريدون حواراً بين كافة المجموعات بلا أية شروط مسبقة؛ يريدون وقف إطلاق النار؛ يريدون توقف تدفق السلاح الأجنبي؛ يريدون رفع كافة العقوبات الاقتصادية؛ كما يريدون وضع حدٍ لتجنيد المقاتلين الأجانب واستقدامهم إلى أرضهم.
إن معاذ الخطيب – الذي يرأس "الائتلاف الوطني السوري", وهو مجموعة من المنفيين الذين يدعمون التدخل العسكري ضد الحكومة السورية, والمدعومين من الدول الغربية والخليجية – يدعو الآن إلى الحوار مع حكومة بشار الأسد. كما أن عدة مجموعات مدنية, رفضت الصراع المسلح والتدخل العسكري الأجنبي, تفضل وقف إطلاق النار وحلاً تفاوضياً فورياً أو لاحقاً.
على الولايات المتحدة وحلف الناتو أن يوقفا كلابهما المسعورة (كما أن تركيا متورطة في هذا الخليط الوسخ أيضاً), ويفسحا المجال للعقول الراجحة, وألا يتسرعا في إسقاط نظام مستقل عنهما مع أنهما لا يحبانه 100%. يمكن أن يزعجهم أن شركاتهم لا تهيمن على ذلك البلد, ويمكن أن يتضايقوا لعدم قدرتهم السيطرة على القيادة السياسية السورية وتحويلها إلى مجرد دمية يتحكمون بها – إلا أن ذلك صعب عليهم!
إن سوريا, المتحالفة مع حزب الله وإيران, عصية عليهم, ولك مع ذلك من الضروري ألا يهيمنَ الأصوليون السنة على هذه الدولة. فعوضاً عن الأهداف الجيوسياسية قصيرة النظر والمصالح الإسرائيلية, على الولايات المتحدة والناتو العمل من أجل الوصول إلى حلٍ سياسي منفتح الآن! يجب ألا يلجؤوا فقط إلى فلسفة السلاح الراهنة. فهذه إستراتيجية بائسة وبغيضة, وخاصة أنها استراتيجية تنسقها مجموعات تم تصنيفها على أنها فرق موت متوحشة وهمجية وحتى إرهابية, حسب العديد من التقارير التي تتمتع بمصداقية كبيرة.

تُرجم عن ("إيشا تايمز", 8 آذار/مارس 2013)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...