الدبلوماسية الأمريكية منخرطة في مخطط فك الارتباط بين سوريا وإيران

30-05-2007

الدبلوماسية الأمريكية منخرطة في مخطط فك الارتباط بين سوريا وإيران

الجمل:    تسعى إدارة بوش حالياً إلى العودة بالتاريخ إلى الوراء، وذلك عن طريق العودة إلى تطبيق مبدأ نيكسون، القائم على التعامل مع أمن الخليج والشرق الأدنى، على أساس نظرية (العمود المزدوج)، والتي تحدد للإدارة الأمريكية الاعتماد في إدارة أمن هذه المنطقة على إيران، والسعودية.
• معطيات خبرة أمن الخليج والشرق الأدنى:
بعد انسحاب بريطانيا من الخليج العربي خلال مطلع حقبة ستينيات القرن الماضي، وانهيار حلف بغداد، تقدمت الولايات المتحدة لملء الفراغ الأمني في المنطقة، وعملت على تهدئة الخلافات الخليجية- الإيرانية، بين نظام شاه إيران السابق، وزعماء الخليج، ومن ثم ظلت الإدارات الأمريكية خلال فترة الرؤساء نيسكون، فورد، كارتر، تتعامل بشكل متوازن بين السعودية وإيران، باعتبارهما القوى الأكبر وزناً في منطقة الخليج والشرق الأدنى، وكانت تنظر إلى الدول الواقعة شمال الجزيرة العربية باعتبارها دول شرق أوسطية، وهي: سوريا، الأردن، العراق، لبنان، وكانت النظرة الأمريكية تفصل تماماً بين هذه الدول ودول الخليج، وذلك على أساس اعتبارات أن أمريكا يمكن أن تضمن أمن دول الخليج والشرق الأدنى، أما دول الشرق الأوسط فلا يمكنها أن تقدم أي ضمانات أمنية لأي منها، وذلك بسبب الارتباط والتحالف الاستراتيجي الأمريكي- الإسرائيلي.
• التحركات الأمريكية الجديدة- القديمة:
افترضت إدارة بوشن نموذجاً أمنياً على أساس اعتبارات الشرق الأوسط الكبير الذي يضم الشرق الأدنى، والخليج العربي، وشرق المتوسط، والقرن الافريقي وشمال افريقيا، والمغرب العربي.
ولكن بسبب عدم القدرة على تكييف وتطويع الواقع لجأت مرة أخرى الى محاولة تطبيق النماذج الاستراتيجية القديمة القائمة على التقسيم على أساس المناطق الفرعية الأصغر، مع بعض التعديلات، فأصبح هناك مفهوم الشرق الأوسط الجديد، ويقصد به منطقة شرق المتوسط باستثناء العراق، ومفهوم الخليج الفارسي، ويقصد به دول الخليج العربي بإضافة العراق، وإيران، ومفهوم الشرق الأدنى، ويقصد به تركيا وأذربيجان ودول القوقاز، وأسيا الوسطى.
• علاقة سوريا- إيران:
الارتباط والعلاقة الوثيقة السورية- الإيرانية، ظلت تشكل هاجساً أمنياً أمام مخططي البنتاغون، ووزارة الخارجية الأمريكية، ومن ثم فقد ظلت هذه العلاقة في الفترة الأخيرة هدفاً للمؤامرات الأمريكية، وقد ظلت كل أدبيات مراكز الدراسات التابعة لجماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي تتحدث عن ضرورة إبعاد سوريا عن إيران، أو إبعاد إيران عن سوريا، مهما كلف الأمر، عن طريق الترغيب أو الترهيب.
يرى خبراء الإدارة الأمريكية أن خطورة هذه العلاقة بالنسبة لمشروع القرن الأمريكي الجديد، تتمثل في الآتي:
- الربط بين مثلث الخليج الفارسي، الشرق الأدنى، وشرق المتوسط، وهذا الربط يعيق توجهات الإدارة الأمريكية الرامية إلى فصل هذه المناطق جيوبوليتيكياً، بحيث تشكل كل منطقة منها منظومة أمنية قائمة بذاتها.
- تهديد أمن إسرائيل، ويشير خبراء الإدارة الأمريكية إلى أن التعاون السوري- الإيراني هو السبب الرئيس في هزيمة الجيش الإسرائيلي على يد مقاتلي حزب الله في حرب الصيف الماضي، وبالتالي لضمان أمن إسرائيل لابدّ من البحث عن قطيعة سورية- إيرانية.
- تهديد النفوذ الأمريكي، وذلك على أساس اعتبارات أن علاقة سوريا- إيران، لن يكون تكون علاقة استاتيكية ثابتة، بل وكما ثبت بالدليل القاطع أنها علاقة تتميز بالحيوية والديناميكية، وبالتالي فإن نمو الروابط السورية- الإيرانية سوف يؤدي إلى تفتيت التحالفات الأمريكية- الشرق أوسطية الأخرى والتي يعترف الخبراء الأمريكيون بأنها روابط تتميز بالفوقية والهشاشة، وذلك لأن ارتباط أمريكا هو ارتباط بالنخب الحاكمة في دول مثل الأردن، ومصر، ولبنان.. والتي تقودها حكومات تجلس على بحر من العداء الشعبي الرافض للوجود الأمريكي من جهة، والمتعاطف مع سوريا، وإيران، من الجهة الأخرى وبالذات بعد حرب حزب الله- إسرائيل في الصيف الماضي.
• الفصل الختامي- ورقة إدارة بوش الأخيرة في المنطقة:
تحاول الإدارة ا لأمريكية حالياً استخدام الورقة الأخيرة في سيناريو أحداث القطيعة السورية- الإيرانية، وذلك عن طريق الآتي:
- تكثيف التحركات الأمريكية مع إيران، حول الملف العراقي، وإغراء إيران بدور أكبر في العراق.
- تكثيف التحركات السعودية مع إيران، حول ملف العلاقات السعودية- الإيرانية، ومحاولة  إقناع إيران بضرورة التعاون السعودي- الإيراني في قضايا المنطقة، والقبول بالتعايش مع الوجود الأمريكي، واقتسام النفوذ حول العراق وبقية منطقة الخليج.
- الضغط على إيران لكي تقبل، وذلك عن طريق قيام القوات الأمريكية باستهداف الفصائل الشيعية العراقية، بحيث يكون أمام إيران إما القبول بالتعاون، أو القضاء على حلفائها العراقيين.
• ملف المساومة مع إيران- بين الممكن والمستحيل:
تحركات المساومة والتفاوض، هي تحركات مثلها مثل التحركات الحربية، وبالتالي كما يقول الخبراء لا فرق بين ساحة التفاوض وساحة الحرب.. وذلك لأنهما يكملان بعضهما البعض، فعندما تفشل الحرب في تحقيق أهدافها، تلجأ الأطراف المتحاربة إلى التفاوض، وعندما تفشل المفاوضات في تحقيق أهدافها، تلجأ الأطراف المتفاوضة إلى الحرب.
كذلك عندما يكون هدف كل طرف من الحرب، أو التفاوض هو الحصول على أكبر المكاسب خصماً من حساب الطرف الآخر على النحو الذي يجعله يحصل في أفضل الأحوال على أقل ما يمكن، فإن حدوث الفشل هو النتيجة الأكثر احتمالاً.
التحركات الأمريكية (ولن نقول الأمريكية- السعودية، لأن التحركات السعودية، هي بالأساس تحركات أمريكية بغطاء سعودي) الأخيرة إزاء إيران، تهدف إلى تحقيق معادلة المباراة التي تكون نتيجتها رابح- خاسر، بحيث يكون الرابح هو أمريكا، والخاسر هو إيران.. أما إيران فهي تفهم جيداً أن نتيجة مباراة الصراع مع أمريكا هي- خاسر- خاسر، لأنه لن يكون هناك رابح- خاسر، في هذه المباراة، وبالتالي فأمام إيران فرصة واحدة، هي رابح- رابح، هذا إذا وافقت أمريكا على القبول بالتعايش مع البرنامج النووي الإيراني، والانسحاب من العراق، وتخفيض وجودها العسكري في الخليج، وعدم التعرض لحزب الله اللبناني، والحل العادل للصراع العربي- الإسرائيلي، والانسحاب من أفغانستان.. وذلك مقابل أن تربح أمريكا ضمان مصالحها النفطية في الخليج والشرق الأدنى، وضمان عدم اعتداء أي طرف على إسرائيل..
وعموماً، لا يمكن أن يكون الإيرانيون غافلون، عن الأهداف غير المعلنة للتحركات الدبلوماسية الأمريكية، وبالذات الدبلوماسية الأمريكية السرية غير المباشرة التي تجري حالياً بين الرياض- طهران، ويقوم بها سمو الأمير بندر بن سلطان نيابة عن ديك تشيني، وإيليوت ابراهام، والتي تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى عزل إيران عن سوريا بما يؤدي لإضعاف حزب الله، على النحو الذي يترتب عليه عدم تشكيل أي تهديد محتمل لأمن وسلامة إسرائيل، وبعد أن تضمن أمريكا بأن إسرائيل في مأمن عن حزب الله، فإنها سوف لن تتردد في تنفيذ خطة  ضرب إيران، طالما أنها أصبحت بلا أنياب أو مخالب من جراء انعزالها عن سوريا وحزب الله.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...