الخطة الأمريكية لإبعاد تركيا عن سورية

22-12-2007

الخطة الأمريكية لإبعاد تركيا عن سورية

الجمل: فرضيات مدرسة السياسة الخارجية "المثالية" ما تزال تسيطر على منهجية اللوبي الإسرائيلي، في توظيف صعود قوة أمريكا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وفي هذا الخصوص، وفي إطار مراجعة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قام الخبير اليهودي الأمريكي –التركي الأصل- سونير كاغايتاني بجولة شرق أوسطية في تركيا، من أجل التعرف على الواقع الميداني الجاري حالياً، بعد صعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وتحديداً بعد فوز عبد الله غول الزعيم الإسلامي للحزب برئاسة الجمهورية التركية.
* الإشكالية القائمة بحسب توصيف معهد واشنطن:
تقول ورقة الرصد السياسي رقم 1322 التي أعدها الخبير سونير كاغايتاي، بأن السياسة الخارجية التركية أصبحت تتحرك الآن ضمن مثلثين:
• مثلث تركيا – سوريا – إيران.
• مثلث تركيا – الولايات المتحدة – إسرائيل.
ويقول كاغايتاي بأن حكومة حزب العدالة والتنمية ما تزال قادرة على الاستمرار في روابطها الوثيقة ضمن المثلثين، فما تزال علاقات تركيا الخارجية قوية مع الولايات المتحدة وإسرائيل وفي نفس الوقت أصبحت لتركيا علاقات وثيقة مع سوريا وإيران.
والإشكالية كما هو واضح من تحليل كاغايتاي خبير اللوبي الإسرائيلي للشؤون التركية، تتمثل في كيفية تعزيز قوة وتماسك مثلث تركيا – الولايات المتحدة – إسرائيل، وإضعاف مثلث تركيا – سوريا – إيران؟
* أبرز القضايا التركية الجارية:
من واقع جولة سونير والنقاشات والحوارات مع السياسيين والاقتصاديين والأكاديميين والمسؤولين الأتراك، فإنه توجد حالياً قضيتان رئيسيتان في تركيا:
• الانتعاش الاقتصادي: أدى الاستقرار السياسي الذي ترتب على فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2002م البرلمانية إلى تحقيق معدل نمو عالي للاقتصاد التركي، وحالياً يستفيد الاقتصاد التركي من:
* ازدهار البنيات التحتية.
* تزايد ديناميكية القطاع الخاص.
* تزايد حيوية الطبقة الوسطى.
• حزب العمال الكردستاني: يمثل حزب العمال الكردستاني المشكلة ذات الديناميكية الأكبر في التغطية والصعود على حساب المشاكل الأخرى. بكلمات أخرى، برزت مشكلة الصراع بين العلمانية والدين خلال مطلع العام الحالي ولكن تصاعدت عمليات حزب العمال الكردستاني أيضاً وتزايد الاهتمام بالمشكلة الكردية في تركيا وانخفض الاهتمام بمشكلة الصراع بين العلمانية والدين إلى أدنى مستوياتها. وتقول المعلومات بأن حزب العدالة التنمية الإسلامي استطاع بنجاح أن يوظف انهماك الأتراك وتركيزهم على مشكلة حزب العمال الكردستاني ويقوم بتمرير وتفنيد بعض الأجندة التي كان من الصعب تمريرها في غياب التغطية التي توافرت للسلطات التركية من جراء تصاعد الأزمة الكردية وتتمثل هذه الأجندة فيما يلي:
* السيطرة على المؤسسة العسكرية.
* إضعاف الأحزاب والتيارات العلمانية.
* المضي قدماً في التعديلات الدستورية.
* تعزيز قوة التيار الإسلامي الكردي – التركي المعادي لحزب العمال الكردستاني والمتحالف مع حزب العدالة والتنمية التركي.
* الضغط على الإدارة الأمريكية.
* دعم الحركات الفلسطينية.
* إضعاف العلاقات التركية – الإسرائيلية.
* الضغط على دول الاتحاد الأوروبي.
* الانفتاح  التركي على سوريا وإيران:
تشير ورقة الرصد السياسي رقم 1322 التي نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن إلى أن السياسة الخارجية التركية ظلت منذ عام 2002م أكثر ميلاً إلى توثيق الروابط السورية – التركية والروابط التركية – الإيرانية، ويعود السبب في ذلك إلى:
• تعاون إيران مع تركيا إزاء مشكلة حزب العمال الكردستاني، تشير المعلومات إلى أن إيران استطاعت توظيف سلبية الموقف الأمريكي إزاء حزب العمال الكردستاني عن طريق القيام بقصف مواقع حزب العمال الكردستاني في منطقة جبال قنديل، الأمر الذي ترتب عليه أن يهلل الرأي العام التركي لصالح الموقف الإيراني، وفي الوقت نفسه ينظر بقدر كبير من الريبة والشك إزاء سلبية وعدم مصداقية موقف الولايات المتحدة التي كان يجب أن تتصرف باعتبارها الحليف الاستراتيجي لتركيا!!
• التأييد والإجماع الكبير في الشارع التركي وفي أوساط ودوائر صنع واتخاذ القرار بأهمية سوريا باعتبارها بلداً يتوجب على تركيا العمل من أجل الانخراط معه في الساحتين الدولية والإقليمية.
* مثلث أنقرة – واشنطن – تل أبيب: خيارات التعاون والصراع:
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الصادرة يوم 20 كانون الأول 2007م، تقريراً إخبارياً أعدته المراسلة هيلينا كوبر، تطرق إلى موضوع التعاون التركي – الأمريكي الأكثر تعقيداً إزاء كيفية القيام بمحاربة المسلحين الأكراد، وأشار التقرير إلى النقاط الآتية:
• قيام الإدارة الأمريكية بتقديم المعلومات الاستخبارية حول الأكراد للسلطات التركية.
• قيام السلطات التركية بإخبار الإدارة الأمريكية مسبقاً بأي عملية عسكرية قبل قيام الجيش التركي بتنفيذها.
وحول الموضوع نفسه، نشر الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تحليلاً من إعداد الخبير غريغ برونو، حمل عنوان "حشد القوات التركي ضد العراق"، وأشار التحليل إلى العملية العسكرية التركية ضد شمال العراق والتي تمت خلال الثلاثة أيام الماضية وذلك بالتأكيد على النقاط التالية:
• تزامنت العملية العسكرية التركية ضد شمال العراق مع قيام وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بزيارتها المفاجئة إلى كركوك الغنية بالنفط والتي يسعى الأكراد إلى ضمها إلى إقليم كردستان من جهة ومن الجهة الأخرى بتشدد الأتراك في عدم القبول مطلقاً بضمها إلى كردستان وتشير التكهنات إلى الآتي:
* إن زيارة رايس إلى كركوك تحمل إشارة واضحة باهتمام الإدارة الأمريكية بالصراع الجاري حول مصير ومستقبل كركوك.
* إن العملية العسكرية التركية تحمل إشارة واضحة حول اهتمام تركيا بالصراع الجاري حول مصير كركوك.
فأي مصير لمستقبل كركوك في ظل:
• الخلافات التركية – الكردية الحادة.
• الخلافات العراقية الداخلية بين العرب السنّة والأكراد.
أما حيرة الموقف الأمريكي فيتمثل في أن الإدارة الأمريكية أصبحت تعمل باتجاه سياسة كسب الوقت عن طريق:
• تأجيل الاستفتاء حول مستقبل كركوك.
• طمأنة حلفائها الأكراد وتحديداً البرزاني بأنها تقف إلى جانبه فيما يتعلق بمصير كركوك، ولكنها قد لا تقف بجانبه في مصير حزب العمال الكردستاني.
• طمأنة حلفائها الأتراك بأنها تقف إلى جانبهم فيما يتعلق بمصير حزب العمال الكردستاني ولكنها قد لا تقف إلى جانبهم فيما يتعلق بمصير كركوك.
* اللوبي الإسرائيلي: الدفع باتجاه خطة جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية:
يطالب خبراء معهد واشنطن بضرورة أن تتوخى الإدارة الأمريكية الحذر الشديد عند القيام بوضع وتحديد سياساتها الخارجية إزاء حكومة حزب العدالة والتنمية الموجودة في أنقرة، وذلك لأن:
• دعم إدارة بوش لموقف تركيا المعادي لحزب العمال الكردستاني قد يعرض المصالح الأمريكية في العراق للخطر.
• دعم إدارة بوش لموقف حزب العمال الكردستاني المعادي لتركيا قد يعرض المصالح الأمريكية في تركيا للخطر.
ويرى خبراء معهد واشنطن بضرورة أن تقوم الإدارة الأمريكية برعاية عملية سياسية تركية – كردية – عراقية.
عموماً، تشير المعلومات والتحليلات إلى أن الخلافات في مثلث أنقرة – واشنطن – تل أبيب قد تزايدت منذ قيام إدارة بوش بتجاهل الموقف التركي إزاء عملية غزو واحتلال القوات الأمريكية للعراق:
• قبل الحرب رفضت واشنطن تحذيرات أنقرة حول تداعيات وعواقب القيام بغزو واحتلال العراق.
• بعد الحرب طلبت واشنطن من أنقرة التعاون معها في التغلب على التداعيات والعواقب التي ترتبت على عملية غزو واحتلال العراق.
ويشير خبراء مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إلى أن كل من أنقرة وواشنطن سوف تواجهان خلال العام القادم المزيد من التجاذبات حول الملف الكردي:
• أنقرة والرأي العام التركي سوف ينظران إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها تتصرف في شمال العراق بشكل يؤدي إلى المزيد من التهديدات والمخاطر إزاء الأمن القومي التركي.
• واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون سوف يعملون باتجاه تهدئة الأمور في أنقرة إلى حين توافر الفرصة الملائمة التي يمكن عندها إعادة تركيا إلى وضعها السابق الموالي لأمريكا والغرب.
المطلوب أمريكياً وإسرائيلياً في الوقت الحالي:
• إبعاد تركيا عن سوريا وإيران والدول العربية.
• إبعاد سوريا وإيران والدول العربية عن تركيا.
وفي هذا الصدد سوف يكون تركيز واشنطن وتل أبيب على دفع أنقرة إلى التركيز حصراً على المجالات الآتية:
• أزمة الملف القبرصي.
• أزمة ملف جزر بحر إيجة.
• أزمة ملف المذبحة الأرمنية.
• أزمة ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي.
• أزمة الصراع بين العلمانية والدين.
أما بالنسبة لأزمة ملف حزب العمال الكردستاني، فتقول المعلومات بأن محور واشنطن – تل أبيب سوف تسعيان إلى القيام بالمزيد من "المناورات" لطمس معالم هذا الملف وتغييب تأثيره على دوائر صنع واتخاذ القرار التركية، ومن أبرز الأمثلة الدالة على وجود هذه المناورة، ما اتضح من كون إدارة بوش قد دعمت العمل العسكري التركي ضد الحزب مع حلول فصل الشتاء وهو الفصل الذي يقوم فيه حزب العمال الكردستاني بتجميد نشاطه فيه، الأمر الذي يقلل من فعالية الإجراءات العسكرية التركية.
أما على الجانب العربي، فإن الإدارة الأمريكية تسعى حالياً داخل العراق إلى إقامة تحالف كردي – شيعي، وتحديداً بضم مقتدى الصدر إلى البرزاني وذلك على أساس اعتبارات الصفقة الآتية:
• أن يقاتل جيش المهدي إلى جانب الأكراد ضد القوات التركية، وبالفعل أرسل مقتدي الصدر بضعة آلاف من جيش المهدي ويتمركزون حالياً بالقرب من مدينة كركوك تحت ذريعة حماية الأكراد الشيعة.
• بالمقابل، أن تدعم سلطات الاحتلال الأمريكي سيطرة جيش المهدي على منطقة البصرة الغنية بالنفط في جنوب العراق وسيطرة البرزاني على مدينة كركوك الغنية بالنفط أيضاً في شمال العراق.
وفي حالة تورط جيش المهدي الشيعي إلى جانب الأكراد في الصراع ضد تركيا، فإن محور واشنطن – تل أبيب يتوقع أن يكون الناتج الرئيسي لذلك هو التوتر في العلاقات التركية – الإيرانية  وسوف يكون ذلك خطوة باتجاه إبعاد تركيا عن إيران بشكل يدفع تركيا إلى العمل من أجل إضعاف الحركات الشيعية العراقية وحزب الله اللبناني وحركة حماس المتحالفة مع إيران، الأمر الذي سوف يؤدي تلقائياً إلى توتر العلاقات السورية – التركية وبالتالي يكون ذلك بمثابة الخطوة الثانية قي اتجاه إبعاد تركيا عن سوريا.
وباكتمال هاتين الخطوتين تبدأ الخطوة الثالثة، والتي سوف تتمثل في قيام محور واشنطن – تل أبيب بدعم تركيا في الملفات الخاصة بها، بدءاً من معالجة ملف المذبحة الأرمنية وتقديم الدعم الاقتصادي والتوسع في دعم القطاع الخاص التركي، وتوثيق الروابط مع المؤسسة العسكرية التركية على النحو الذي يردع حزب العدالة والتنمية الإسلامي من مغبة التخلي عن الغرب العلماني وتحديداً محور واشنطن – تل أبيب، والتمادي بالاندماج في البيئة الشرق أوسطية ذات الطابع الإسلامي المعادي للعلمانية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...