الخارطة الدولية الجديدة في ظل تنامي قوة منظمة تعاون شنغهاي

17-06-2009

الخارطة الدولية الجديدة في ظل تنامي قوة منظمة تعاون شنغهاي

الجمل: بعد انتهاء الحرب الباردة بسبب تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية انكفأت روسيا على نفسها لبضعة سنوات والشيء ذاته بالنسبة للصين التي كانت بالأساس أكثر اهتماماً بعدم الانخراط في الصراعات الإقليمية والدولية ولكن بسبب مساعي الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على النظام الدولي بدا واضحاً أن الأداء السلوكي للسياسة الخارجية الأمريكية يمضي قدماً نحو إنفاذ مخطط تطويق روسيا والصين عبر سلسلة من الدول المعادية والتحالفات بما يتيح عرقلة روسيا والصين من إعادة بناء القدرات والتحول إلى قوى عظمى تتقاسم النفوذ على النظام الدولي مع أمريكا.
* الخارطة الدولية الجديدة: مخاطر التحدي وفرص الاستجابة:
استشعرت روسيا والصين خطر النفوذ الأمريكي بعد قيام سلسلة التحولات السياسية في مناطق آسيا الوسطى والقوقازين الشمالي والجنوبي ومناطق الباسفيك وشبه القارة الهندية وعلى هذه الخلفية برزت المبادرات الآتية لموازنة النفوذ الأمريكي:
• مبادرة منظمة تعاون شنغهاي (SCO): تم تكوين هذه المنظمة في عام 2001 ومجال اهتمامها هو التعاون الأمني المتبادل وضمت إلى عضويتها ستة دول هي: روسيا – الصين – كازاخستان – كيرغيزستان – طاجيكستان – أوزبكستان، و4 دول مراقبة هي: الهند – إيران – منغوليا – باكستان، إضافة إلى ثلاثة دول ضيوف شرف: أفغانستان – منظمة الآسيان – منظمة كومنولث الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق.
• مبادرة منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO): تم تكوينها في عام 2001 وهي عبارة عن حلف جماعي عسكري – أمني وضمت إلى عضويتها سبعة دول هي: روسيا – أرمينيا – بيلاروسيا – كازاخستان – كيرغيزستان – طاجيكستان – أوزبكستان.
برغم استقلالية كل منظمة عن الأخرى، فإننا نلاحظ الآتي:
• وجود العديد من الدول التي لها عضوية في منظمة تعاون شنغهاي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
• عدم انضمام تركمانستان إلى أي من المعاهدتين.
• وجود إيران والهند وباكستان في منظمة تعاون شنغهاي بصفة مراقب مع عدم وجودها في معاهدة الأمن الجماعي بأي صفة.
يقول خبراء الأحلاف العسكرية والأمنية أن وجود منظمة تعاون شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي يشير إلى نشوء صيغة جديدة لتوازنات القوى الدولية على أساس الاعتبارات الآتية:
• إن محصلة قدرات منظمة تعاون شنغهاي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي تشكل المعادل لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
• تسيطر منظمة تعاون شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي على المسرح الدولي الاستراتيجي الشرقي بينما تسيطر منظمة حلف شمال الأطلنطي على المسرح الدولي الاستراتيجي الغربي.
• تملك منظمة تعاون شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي القدرة على الردع النووي وقدرة الدمار الشامل في مواجهة منظمة حلف شمال الأطلسي التي تملك الردع النووي وقدرة الدمار الشامل.
وبالنتيجة وعلى خلفية وجود صيغة توازن القوى الدولية بهذه الطريقة فإن محصلة الردع الشامل أصبحت تندرج ضمن ما يطلق عليه الخبراء صيغة "المعادلة الصفرية" التي يعادل فيها كل طرف الآخر بما يجعله في حالة الدمار الشامل على نفس ما يحصل عليه الطرف الآخر.
* ماذا تقول التطورات الجارية؟
تقول المعلومات الأخيرة أن التطورات الجارية على ساحة منظمة تعاون شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي تتضمن الآتي:
• تزايد احتمالات تمتع إيران بالعضوية الكاملة في منظمة تعاون شنغهاي وهو أمر لو تحقق سيترتب عليه اندماج إيران ضمن منظومة أمنية دولية بما يعزز قدرتها في تفادي المواجهة مع الأطراف الأخرى.
• تزايد خلافات موسكو – بكين حول تنازع السيطرة على زعامة منظمة تعاون شنغهاي، فبكين تسعى إلى دفع هذه المنظمة لإسقاط قدراتها العسكرية على المسرح الباسفيكي لمعادلة خطر القدرات الأمريكية التي ظلت تسيطر بشكل كامل على هذا المسرح بينما تسعى موسكو إلى دفع هذه المنظمة لجهة إسقاط قدراتها من أجل تأمين منطقة آسيا الوسطى.
• تزايد نفوذ موسكو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي وذلك بسبب عدم وجود الصين ضمن هذه المنظمة وإضافة لذلك تقول المعلومات أن بيلاروسيا بدت أكثر اهتماماً بضرورة عدم تصعيد أنشطة المنظمة طالما أن حلف الناتو ينظر إليها باعتبارها مصدر الخطر المحتمل القادم من الشرق الذي تتطلب مواجهته نشر شبكات الدفاع الصاروخي في مناطق شرق أوروبا بما يجعل من هذه البلدان مرة أخرى مسرحاً للحرب الباردة النووية – الصاروخية الجديدة.
حتى الآن لم تتم رسمياً عملية ضم إيران إلى منظمة تعاون شنغهاي وتقول التسريبات أن واشنطن تمارس حالياً ضغوطاً مكثفة على موسكو وبكين لعدم الإقدام على دعم عضوية إيران في المنظمة.
أما بالنسبة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي فتقول المعلومات والتسريبات بأنها تقدمت أكثر فأكثر باتجاه التحول لحلف عسكري استراتيجي دولي على غرار حلف وارسو بعد نجاح موسكو في إقناع أعضاء المنظمة في تشكيل ما أطلق على تسميته قوة الانتشار السريع التي تتكون من 20 ألف جندي مجهزين بأحدث الأسلحة وفي جاهزية للقيام بعمليات التدخل السريع لمواجهة الظروف والمستجدات الطارئة وتقول المعلومات والتسريبات بأن عدد هذه القوات سيزداد إضافة إلى أنها ستتمركز بشكل رئيسي في شكل قواعد عسكرية موزعة بين الدول الأعضاء مع بقاء قوام القوة الرئيسي في روسيا، وتشير المعلومات إلى أن النوايا متوافرة لإسقاط هذه القوة واستخدمها لمواجهة النزاعات في مناطق القوقاز الشمالي والجنوبي تماماً وضمن السيناريو ذاته تدخل حلف الناتو في الحرب اليوغسلافية السابقة!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...