التنافس السوري – الإسرائيلي في قمة باريس وصعود أسهم دمشق

28-07-2008

التنافس السوري – الإسرائيلي في قمة باريس وصعود أسهم دمشق

الجمل: عقدت خلال يومي 13 – 14 الماضيين قمة «الاتحاد من أجل المتوسط» بالعاصمة الفرنسية باريس، برعاية الرئيس نيكولاس ساركوزي، وقد شارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد إضافةً إلى لفيف من زعماء الاتحاد الأوروبي وبلدان جنوب المتوسط. هذا، وبرغم أهمية الحدث، فإن ردود الفعل الإسرائيلية كانت من القلة بحيث لا تتناسب مع حجم ووزن الحدث، الأمر الذي يلقي بالضوء على مدى تردد الإسرائيليين إزاء أجندة القمة وتداعياتها المؤجلة القادمة المحتملة.
* ورقة معهد جافي الإسرائيلي حول القمة:
نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد جافي الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية والتابع لجامعة تل أبيب، ورقة تحليلية حول قمة الاتحاد من أجل المتوسط أعدها الباحث عامير كوليك، وحملت عنوان: "سوريا، إسرائيل، وعملية السلام: ما الذي يمكن تعلمه من قمة باريس؟". وقد أشارت الورقة إلى النقاط الآتية:
• تم في يومي 13-14 الماضيين قمة الاتحاد المتوسطي الذي يمثل منتدى للتعاون تم إطلاقه بواسطة الرئيس  الفرنسي نيكولاس ساركوزي.
• برغم وجود أكثر من 40 دولة ووزير خارجية فقد كان الرئيس السوري بشار الأسد النجم الأكثر لمعاناً في القمة –على حد تعبير المحلل- وقد أدى ذلك إلى جعل الرئيس الأسد ضيف الشرف الأول في القمة المتوسطية وأيضاً على الصعيد الوطني الفرنسي.
• الإشارة الدبلوماسية الرئيسية التي حملتها رسالة قمة باريس التي التقطتها الدبلوماسية العالمية تقول بوضوح: أن سوريا قد استقبلها الزعماء الأوروبيين بالأحضان دون أن تقوم بتغيير سياساتها.
• ما تزال شحنات الأسلحة تتدفق إلى حزب الله وما نزال قيادة الحركات الفلسطينية تتمركز في دمشق وما تزال العناصر المسلحة تعبر الحدود السورية إلى داخل العراق، وما تزال دمشق تتدخل في الساحة اللبنانية، وما تزال علاقة دمشق بطهران أكثر دفئاً من أي وقت مضى، وبرغم ذلك وبعد مرور سنوات العزلة الدولية عادت دمشق إلى تولي مكانة اللاعب الرئيسي في الساحة الدولية.عكست قمة باريس بعض التطورات الهامة الأخرى:
- في نهاية عام 2006م أطلق الرئيس الأسد حملة نداءات تظهر رغبة سوريا في استئناف المفاوضات مع إسرائيل.
- رفضت إسرائيل والولايات المتحدة النداءات السورية.
- أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحقاً رغبة في إجراء المحادثات المباشرة مع سوريا.
- أعلن الرئيس السوري بأنه لا يتوقع إجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل خلال الأشهر الستة القادمة.
- في قمة باريس تجنب الرئيس الأسد مصافحة أولمرت.
• عكست قمة باريس المنظور السوري الجديد إزاء حل الصراع مع إسرائيل ويقوم المنظور السوري على فكرة استراتيجية وهي أن انسحاب إسرائيل من الجولان لا يكفي للسلام معها وإنما يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تبني روابطها الوثيقة مع سوريا، كشرط لابد منه لضمان وتأكيد السلام.
• عكست قمة باريس اضطراب وعدم توازن الإدراك الفرنسي – الأوروبي إزاء سوريا، ففي الفترة السابقة أعلن الرئيس ساركوزي بأن دمشق لم تتعاون بالشكل الكافي المطلوب لحل الأزمة اللبنانية التي كان يدور الصراع فيها بين حلفاء الغرب وحلفاء سوريا وقد لجأت فرنسا آنذاك إلى تقليل علاقاتها وروابطها الدبلوماسية مع دمشق، وحالياً بعد انتخاب الرئيس اللبناني الجديد وتشكيل الحكومة رحبت باريس بدمشق، ولكن ما هو واضح أن حل الأزمة اللبنانية حمل معه إضعاف حلفاء الغرب وتقوية حلفاء سوريا وهو ما كان يجب أن تنتبه إليه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى.
• أهمية مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في قمة باريس تمثلت في أنها عكست وبدلت صورة سوريا من مجرد بلد شرق أوسطي معزول إلى بلد يمثل لاعب إقليمي أساسي في المنطقة تعترف بدوره وتعتمد عليه فرنسا وبلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى.
* ما هي ردود الفعل الإسرائيلية المحتملة إزاء قمة باريس:
أدت قمة باريس إلى توليد وإنتاج وإعادة إنتاج العديد من النتائج الاستراتيجية الدولية والإقليمية المتعلقة بسوريا، ولم تكن جميعها إيجابية لجهة تعزيز موقف سوريا وحسب وإنما كانت في جانبها الآخر إضعافاً لموقف إسرائيل.
أولى النتائج المباشرة التي ترتبت على القمة ما تمثل في انتقال سوريا من مرحلة اكتساب المكانة الإقليمية وبسرعة بالغة إلى اكتساب مزايا الدور الوظيفي الإقليمي، وذلك بدليل مباركة قصر الإليزيه والاتحاد الأوروبي لقيام دمشق بدور الوساطة في حل أزمة البرنامج النووي الإيراني.
التكليف الفرنسي لدمشق بهذا الدور لم يشكل نقطة إيجابية أضيفت إلى رصيد دمشق وحسب، وإنما شكل نقطة سلبية خصمت من رصيد إسرائيل وبكلمات أخرى، فإن الردع الإسرائيلي لم يعد ساري الصلاحية في توجيه أزمة البرنامج النووي الإيراني إضافة إلى أن احتمالات نجاح الجهود السورية في حل الأزمة مع طهران، سيترتب عليه انهيار البعد الإقليمي في الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية ولتوضيح ذلك، لقد ظلت إسرائيل تمارس عملية ترويج وتسويق واسعة النطاق لفكرة الخطر النووي الإيراني وعلى خلفية هذه الفكرة نجحت إسرائيل في بناء تحالف دبلوماسي دولي ضد إيران وسوريا واستطاعت أيضاً حشد تجمع المعتدلين العرب ضمن أجندة فكرة الخطر الإيراني واستخدمت فكرة الخطر الإيراني ضمن إجراءات الأمن الوقائي الإسرائيلي بحيث نجح الإسرائيليون في ابتزاز المعونات والمساعدات الأمريكية والغربية، وفي صناعة المزاعم القائلة بأن جنوب لبنان هو قاعدة إيرانية وبأن قطاع غزة أصبح قاعدة إيرانية وبأن الجولان ستصبح قاعدة إيرانية إذا تمت إعادتها لسوريا، والآن إذا تحققت احتمالات نجاح الوساطة السورية في أزمة الملف النووي الإيراني فإن إسرائيل ستفقد أحد أبرز وأهم مرتكزات المذهبية الأمنية – العسكرية الإسرائيلية وما الذي سيقوله الإسرائيليون للعالم إذا زالت "فزاعة الخطر الإيراني"!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...