الأهداف غير المعلنة لزيارة شيمون بيريز إلى تركيا

13-11-2007

الأهداف غير المعلنة لزيارة شيمون بيريز إلى تركيا

الجمل: تناولت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة خبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز إلى تركيا، وهي أول زيارة للرئيس الإسرائيلي بعد فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
* توقيت الزيارة:
تأتي زيارة بيريز في وقت تتقاطع فيه العديد من الملفات الشرق أوسطية الساخنة، وبالذات الأوضاع التي أصبحت بالنسبة لإسرائيل وأمريكا أكثر تعقيداً بعد فوز حزب العدالة والتنمية وسيطرة الثنائي الإسلامي (غول - أردوغان) على مفاتيح عملية صنع واتخاذ القرار في تركيا، على النحو الذي ترتب عليه إغلاق الباب أمام تأثيرات أعضاء نادي «تل أبيب – أنقرة – واشنطن» الذي كان ممسكاً بزمام المبادرة والسيطرة في عملية صنع القرار السياسي التركي الشرق أوسطي..
* التوازنات القائمة في الساحة التركية:
* البيئة السياسية الداخلية التركية: يتمتع حزب العدالة والتنمية بالأغلبية الكبيرة في أوساط الرأي العام التركي، كذلك استطاع الحزب أن يكسب المؤسسة العسكرية إلى جانبه حيث تتعرض حكومته إلى ضغط شعبي كبير إزاء ضرورة القيام بالعملية العسكرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في الشمال العراقي. أما بالنسبة للعلاقات التركية – الأمريكية، فقد أصبحت الأوساط الشعبية التركية أكثر شكّاً في مصداقية وجدية واشنطن في دعم توجهات أنقرة العسكرية كما في دعمها بالنسبة لموضوع انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وقد بات الرأي العام التركي أكثر اقتناعاً بأن استقلالية القرار السياسي التركي وتوجهات أنقرة المتشددة هي السبيل الوحيد لدفع الأطراف الأوروبية لإدراك مدى خطورة عدم انضمام تركيا إلى الإتحاد، بالتالي فإن الرهان الوحيد أمام الإتحاد الأوروبي هو ضم تركيا إلى عضويته أو خسارة مزايا ضمها إلى الأبد، وتحمل تبعات ذلك فيما يتعلق بمستقبل حلف الناتو والعلاقات الأوروبية مع آسيا الوسطى والشرقين الأدنى والأوسط، والدور التركي في منطقة البلقان، والحرب الباردة التي بدأت بين الغرب وروسيا.
 * البيئة السياسية التركية الخارجية:
* على المستوى الإقليمي: تتضمن البيئة الإقليمية العديد من الملفات الساخنة، والتي ينظر إليها الأتراك باعتبارها تشكل تهديداً للأمن التركي، وتتضمن هذه الملفات: الأزمة الكردية، الأزمة العراقية، الأزمة الإيرانية، الأزمة القبرصية، الأزمة البلقانية، أزمة جزر بحر إيجة.
* على المستوى الدولي: تتضمن البيئة الدولية أيضاً العديد من الملفات التي باتت تشكل خطراً بالنسبة لتركيا، وتتمثل في: أزمة العلاقات التركية – الأمريكية، أزمة الدور التركي في حلف الناتو.
* أبرز الأسئلة حول زيارة شيمون بيريز إلى تركيا:
بعد الطريقة التي تصرف فيها وزير الخارجية التركي علي باباجان في تل أبيب خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاءه مع بيريز والذي علقت جميع وسائل الإعلام عليه ووصفته بالمهين، بعد ذلك قامت إسرائيل أيضاً –ولأول مرة- وهي مرغمة بتقديم الاعتذار إلى السلطات التركية عن قيام الطائرات الإسرائيلية بانتهاك الأجواء التركية دون إذن مسبق من تركيا. كذلك فإن من الإهانات التي وجهتها تركيا إلى إسرائيل باستقبالها لقادة حماس الذين تعتبرهم إسرائيل وأمريكا إرهابيين، وإعلان السلطات التركية عن قرارها القاضي بعدم تقديم أي موافقة لإسرائيل باستخدام الأجواء أو الأراضي التركية في أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد سوريا أو إيران أو بقية دول المنطقة.
وبرغم ذلك، وصل الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى العاصمة التركية أنقرة زائراً لمدة ثلاثة أيام، بعكس كل التوقعات داخل إسرائيل وخارجها. وعلى هذه الخلفية تبرز العديد من التساؤلات: ما هي طبيعة هذه الزيارة؟ وما هي أجندتها؟ وما هو الأفق الإسرائيلي الذي يتحرك ضمنه بيريز؟ وما هو الإدراك الإسرائيلي للقيادة التركية الجدية وهي قيادة لديها رؤية "إسلامية" تجاه إسرائيل..؟
* الأهداف المعلنة للزيارة:
أوردت الصحافة الإسرائيلية بعض المعلومات حول أهداف بيريز من زيارته لتركيا:
• صحيفة أورشليم بوست: أوردت أن "إسرائيل وتركيا سوف تعقدان محادثات رفيعة المستوى حول عملية البيع المحتملة لصواريخ «أرو» الإسرائيلية بالإضافة إلى قمر تجسس من طراز «أوفيك» إلى تركيا". كذلك أوردت الصحيفة بأن هناك اجتماعاً ثلاثياً سوف يعقد في أنقرة وسوف يضم: عبد الله غول، وشيمون بيريز، ومحمود عباس.
• صحيفة هاآرتس: أوردت أن هناك لقاء ثلاثياً في أنقرة سوف يجمع غول وعباس وبيريز، كذلك أوردت الصحيفة بأن تركيا سوف تقوم بإنشاء منطقة صناعية في الأراضي الفلسطينية لدعم الفلسطينيين، وكان مقرراً أن يتم إنشاء هذا المشروع في منطقة معبر «إيريتز» في غزة، ولكن بعد استيلاء حركة حماس على غزة، فقد تقرر تحويل المشروع إلى الضفة الغربية. وأشارت الصحيفة إلى أن بيريز سوف يلقي خطاباً في البرلمان التركي، ونوهت الصحيفة إلى أنها المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس إسرائيلي بمخاطبة البرلمان في بلد إسلامي تسيطر عليه أغلبية سياسية إسلامية. وأضافت الصحيفة بأن الرئيس الإسرائيلي سيلتقي رئيس الوزراء التركي أردوغان ووزير خارجيته علي باباجان.
* المناورات في لقاء غول – بيريز:
تحدث الرئيس الإسرائيلي في المؤتمر الصحفي المشترك، واصفاً تركيا باللاعب المهم في منطقة الشرق الأوسط، وأعلن ترحيبه بمشاركة تركيا في مؤتمر أنابوليس للسلام، ونقلت الصحف التركية عبارة بيريز التي شبه فيها تركيا بالنسر..
أما الرئيس التركي عبد الله غول فقد التقط الإشارة التي تتضمنها عملية تشبيه تركيا بالنسر، ورد على الرئيس الإسرائيلي بطريقة تحمل رداً أكثر وضوحاً عندما قام بشرح وتفسير النسر التركي، قائلاً بأن تركيا تشبه النسر فعلاً ولكنه نسر يستخدم إحدى جناحيه في الطيران من أجل التقدم بثبات، ويستخدم الآخر لتحقيق التوازن السياسي.. وعبارة التوازن السياسي هي بلا شك من العبارات التي تسبب الكثير من الانزعاج للإسرائيليين الذين يرفضون فكرة ومفهوم التوازن، وذلك لأنها تقوم على الموازنة بين الحقوق والواجبات، والتي هي بالضرورة موازنة تخل بالإدراك والأداء السلوكي الإسرائيلي في المنطقة.
* الأهداف غير المعلنة للزيارة:
من المؤكد تماماً أن التوجهات التركية الأخيرة ليست بأي حال من الأحوال في مصلحة الإسرائيليين وحلفائهم الأمريكيين. ومن ثم يمكن القول بأن الزيارة تهدف على الصعيد غير المعلن إلى:
• إعادة الحيوية للعلاقات الإسرائيلية – التركية التي ظلت قائمة لفترة طويلة.
• دفع الأتراك للاهتمام بالمضي قدماً في مشروع تمديد أنابيب نفط عبر مياه البحر المتوسط من ميناء جيهان التركي إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي.
• تعزيز موقف اليهود الأتراك الذين يتغلغلون حالياً ي المؤسسة العسكرية وأجهزة الأمن التركية وغيرها من المرافق الفائقة الحساسية.
• إثناء تركيا عن القيام بأي عمل عسكري في الوقت الحاضر ضد شمال العراق.
• إعطاء دفعة للعلاقات الأمريكية – التركية المتدهورة.
• نقل رسالة للأتراك مفادها أن علاقات وروابط إسرائيل مع تركيا لن تتأثر بالتوترات التي تحدث في علاقات محور واشنطن – أنقرة.
• نقل رسالة للأتراك حول مدى أهمية الدور الإسرائيلي في دعم وتحقيق رغبة تركيا بالانضمام إلى الإتحاد الأوروبي، خاصة وأن علاقات إسرائيل – ساركوزي، وإسرائيل – أنجيلا ميركل في أفضل حالاتها.
• قطع الطريق أمام محاولات تنامي وتزايد الروابط العربية – التركية.
• إقناع تركيا بدعم التوجهات الإسرائيلية إزاء الملف النووي الإيراني، أو على الأقل الوقوف موقف الحياد.
• إقناع تركيا بضرورة الحفاظ والالتزام بالاتفاقيات الأمنية والعسكرية التركية – الإسرائيلية.
عموماً، أشار التقرير الإخباري لصحيفة زمان التركية اليوم، والتحليلات الأخرى الواردة في الصحف اليوم، إلى أنه برغم عبارات التحية والمجاملة بين الرئيسين التركي والإسرائيلي، فإن ثمة مواقف ثابتة مبدئية، ما تزال تدفع بقوة باتجاه اختلاف المواقف ووجهات النظر، ومنها مواقف حزب العدالة والتنمية الإسلامي إزاء الآتي:
• عملية سلام الشرق الأوسط وضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم.
• ضرورة مشاركة سوريا في مؤتمر أنابوليس.
• القضاء على الحركات الانفصالية التركية.
• عدم القيام بضرب إيران.
وتقول المعلومات أيضاً بأن تركيا حالياً تقوم بالوساطة في عملية إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى حزب الله وحركة حماس.. هذا، وبرغم التفاؤل، فإن دور تركيا بالوساطة في نزاعات الشرق الأوسط، سوف يكون محدوداً إزاء السقف الإسرائيلي الواطئ، الذي لن يسمح بأي حال من الأحوال بتوجهات القيادة التركية الجديدة إزاء قضايا وملفات الصراع العربي – الإسرائيلي وأزمات شمال العراق، وإيران.. وعلى ما يبدو فإن زيارة شيمون بيريز إلى تركيا قد تنجح في تأجيل تصاعد الخلافات التركية – الإسرائيلية، ولكنها بأي حال من الأحوال لن تمنع وقوعها.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...