إنجازات الهدر في ثروتنا النفطية

29-04-2007

إنجازات الهدر في ثروتنا النفطية

الذي يجهل الصقر يشويه، ويشبهه من يجهل النفط ويبيعه رخيصاً ليستورد مشتقاته بثمنها الباهظ، إنّما قاتل الصقر يهدر صقراً ومهدر النفط يخرّب اقتصاداً! ‏

ربّما لم يشهد بلد بظروف طبيعية وإرادة وطنية كبلدنا ذلك «الهدر» في تصدير ثروة مصيرها إلى نضوب، وتمّ تسفيه الحكمة (اصرف بتدبير لو كنت على بئر)، حتّى بدأت آبار نفطنا تئنّ وسنستورد بعد عدّة سنوات نفطاً خاماً أيضاً، ولكن بدأنا نستورد مشتقات نفطية بقيمة تعادل بناء مصفاة ونصف مصفاة سنوياً ولم نبن أو نطوّر مصفاة خلال خطتين خمسيتين؟! 
 كان يجب تشريح الشؤون النفطية منذ سنوات طويلة لإشراك المواطن في فهم كيف ومن يدير ثروته النفطية؟ ولكن تجسّدت وزارة النفط وما زالت كقلعة مغلقة في وجه الإعلام الوطني ولا تنفتح إلاّ للمديح، وهذا ما جعل جهدنا مضنياً ونحن نحاول "اختراق الوزارة" بعد انتظار شهرين لمذكرة جوابية من السيّد وزير النفط دون جدوى، ولكن امتلكنا وثائق تصلح تسميتها «وثائق المقامرة» بثروتنا النفطية؟! وتقول إحداها: «نبيع نفطنا الخام بأقل من قيمته»، أليست هذه مفاجأة المفاجآت في «اقتصادنا النفطيّ»؟! كم خسرنا ونخسر مادام النفط يشغل 60%من صادراتنا؟! ‏

أيضاً تكشف الوثائق «تفشيل» قطّاعنا العام تجاه تمويل تطوير مصفاتي حمص وبانياس، أو بناء مصفاة جديدة، مع أنّ مصفاة دير الزّور «المدروسة» تستعيد كلفتها خلال ثلاث سنوات بعد إنجازها إذ تربح600مليون دولار سنوياً، فهل بات القطّاع العام غير صالح للاستثمار حتّى في المجالات الشديدة الربح؟! ولماذا قرار إحداث مصفاة دير الزّور يصدر نهاية 2001 ولن تتجسّد مضامينه إلاّ بعد أربع سنوات وفق «المتفائلين»؟! أليست كارثة اقتصادية أن نستورد خلال ست سنوات مازوت لوحده بما يعادل قيمة ثلاث مصافي نفط كمصفاة دير الزّور المنتظرة؟! لماذا غضب المواطن والإعلام على مصدري المازوت تهريباً (عصابات التهريب)، ولم يغضب على مصدري النفط الخام رخيصاً محافظين على محدودية طاقة التكرير الوطنية؟! 
 البلاغة عميقة في مقولة «ثمرة التفريط الندامة وثمرة الحزم السلامة»، إذاً أليس من المعيب أنّ الندامة طالت المواطن الذي يتشرشح سنوياً في الحصول على مشتقات النفط، ولم تطول عدالة «الحزم» ولو صاحب قرار من صانعي الندامة؟! ‏

ازدحم اقتصادنا بالكسالى الذين من شدّة كسلهم نفطياً لا يسيرون تحت الشمس كي لا يسحبون ظلّهم، لهذا غابت عن المواطن شمس الحقائق النفطية حتّى نشر هذا التحقيق؟ ونزعم أنه الأوّل من نوعه على صعيد الصحافة الوطنية لأنّه دخل إلى «قلعة» وزارة النفط كي لا يمدح في المكان الخاطئ؟ 
 ما تخفيه الليالي تظهره الأيّام،..هاهو واقع صناعتنا النفطية وفق الوثائق الرسمية، ويكشف لنا محضر لاجتماع لجنة تنسيق ومتابعة مشاريع التكرير والبتروكيمياء، برئاسة السيّد وزير النفط في 23/3/2006 الوضع المتردي لصناعة التكرير في ظلّ الطلب المتزايد على المشتقات النفطية والخسارة الناتجة عن (عدم كفاية الطاقة التكريرية لتلبية حاجة السّوق المحلية من المشتقات النفطية، وتصدير النفط الخام بأسعار تقلّ عن قيمته الحقيقية، وأجور نقل المشتقات النفطية المستوردة والرسوم المترتبة جرّاء ذلك). ‏

كما يكشف المحضر عدم وثوقية الحصول على الكميات اللازمة من المشتقات النفطية عن طريق الاستيراد في ظلّ الطلب المتزايد عليها والظروف السياسية في المنطقة، حيث يتمّ حالياً استيراد كميات كبيرة من المازوت والغاز المنزلي والفيول والإسفلت، وخلال سنتين سنصبح بحاجة لاستيراد البنزين، وأنّ ذلك يكبّدنا خسائر جسيمة في ضوء الارتفاع المتزايد لأسعار المشتقات النفطية، وتصدير نفطنا الخام بأسعار أقل من قيمته. ‏

ويكشف لنا محضر اجتماع برئاسة السيّد رئيس مجلس الوزراء وحضور عشرة وزراء ومعنيين آخرين، بتاريخ 16/7/2006أرقاماً مريعة إضافة إلى «نوعية» القرار النفطي تجاه صناعة التكرير والمشتقات النفطية، وبيّن المحضر أنّ العجز عام 2010 في تلبية المازوت سيصل إلى 5520ألف طن، وفي مادة الغاز المنزلي 371ألف طن، وفي البنزين 460ألف طن.. ‏

ونفهم من مجموعة محاضر رسمية أنّ الجهات الرسمية تضع الأولوية في القطاع النفطي تغطية حاجة السوق المحلية وتحقيق أمان التزويد والاستفادة من القيمة المضافة لتكرير النفط الخام السوري الثقيل، وكذلك إنتاج المشتقات النفطية وفقاً للمواصفات العالمية..، وهنا لا يمكن المرور على هذه الأولوية دون إثبات «أنّها» تنتمي إلى أدبيات التنظير، فمن يزعم هذه الأولوية لا يترك قرار بناء مصفاة ست سنوات حتّى الآن بلا تنفيذ عمليّ؟! فلنتابع معاً قصّة المصفاة الثالثة (مشروع مصفاة دير الزّور بطاقة140ألف برميل/اليوم(.. ‏

ذهب أمس بما فيه وأتى الغد لنلاقيه، فكيف نلاقيه بقلّة النفط والتدبير؟! ولكن لا بأس من التذكير بالأمس النفطي، إذ نستعين هنا ببيان للجبهة الوطنية التقدمية عام1978 ومجموعة قرارات لها، ورد ضمنها (العمل على تلافي الاختناقات التي تحدث في بعض المواد الضرورية كالغاز والمازوت)، ونسأل: أليس معيباً أن تكون مسألة الاختناقات في مادة كالمازوت مثلاً منذ ما قبل 1978 ونفتتح الألفية الثالثة بالمشكلة ذاتها ونفتتح الخطة الخمسية العاشرة بالمشكلة ذاتها إنّما بشكلها الإنتاجي المتفاقم؟! ‏

سنكتشف أداءً أسوأ تجاه مصفاة دير الزّور، إذ صدر قرار إقامة المصفاة منذ نهاية 2001، وفي مذكرة رسمية نفطية ورد أنّ شركة فرنسية قدّمت الدراسة الاقتصادية للمصفاة في25/12/2004 وفق عقد أبرم معها عام 2003، وأنّه في 2006 تمّ تحديث المؤشرات الاقتصادية الواردة في الدراسة باحتساب وسطي أسعار النفط لعام 2005، وبناء عليه تبلغ قيمة استثمارها 1521مليون دولار، وصافي الربح السنوي 600مليون دولار، وزمن استرداد التكلفة 3.1سنة..؟ ‏

وفي 13/7/2005 اجتماع تنسيقي برئاسة السيد وزير النفط السّابق جاء فيه: «من أجل تأمين حاجة القطر المتزايدة من مادة المازوت تقرر الاستمرارية بمتابعة بناء المصفاة الجديدة في دير الزّور، وأنّه تمّ التنسيق والربط بين الجهات المعنية لكي تركّز المصفاة الجديدة على إنتاج المازوت لأنّ البلد بحاجة إليه»؟ طبعاً هنا يجب الانتباه إلى أنّ هذا الكلام لا يعني أنّه تمّـت المباشرة ببناء وإنشاء المصفاة!! ‏

أيضاً وفي وثيقة صادرة عن وزارة النفط أوردت جزءاً من كلمة للسيد سفيان العلاو، وزير النفط، نوّه فيها إلى أهمية المصفاة الثالثة على صعيد تأمين احتياجات القطر من المشتقات النفطية، وأشار إلى أنّ تصميم المصفاة سيلحظ إمكانية تكرير مزيج من النفط الخام السوري الخفيف والثقيل وبنسبة 50% لكلّ نوع وإمكانية تكرير النفط الخام السوري الثقيل وبنسبة 100% وذلك من أجل تحقيق قيمة مضافة إضافية..، وستسهم المصفاة بتأمين1550 فرصة عمل، ومدّة التنفيذ تتراوح بين3 ـ 4سنوات.. ‏

إذاً لاحظوا معي المدّة الزمنية التي تلت صدور قرار بناء المصفاة وهي كافية لاسترداد ثمن مصفاتين مثل المصفاة المخطط لها، وإنّ ربح ثلاث سنوات مليارو800مليون دولار لو رأت المصفاة النّور منذ ثلاث سنوات مثلاً، ومشروع كهذا بكلّ هذا الإغراء وبكلّ تلك المواصفات وبتلك الأهمية ومع ذلك لم يتأمّن له التمويل الحكومي حتّى الآن..؟! ولم تحدث أيّة مباشرة به..؟! ‏

أمّا في الشأن الختامي لمصفاة دير الزّور فنفهمه من وثيقة صادرة عن وزارة النفط في 26/12/2006وجاء فيها أنّه تمّ الاتفاق بين الوزارة وشركة نور للاستثمارات الكويتية ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ونقابة المهندسين السوريين على إنشاء شركة مساهمة تتولّى إنشاء المصفاة والتي ستطرح جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام للمواطنين المقيمين والمغتربين..، وكان صدر كتاب بتوقيع السيّد رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 6/12/2006من جملة ما جاء فيه: «الموافقة على اقتراح شركة نور للاستثمار المالي الكويتية على قيادة تحالف فني ومالي لإنشاء مصفاة دير الزّور بالتعاون مع مستثمرين خارجيين ومحلّيين وطرح جزء من الأسهم على الاكتتاب العام».. ‏

وفي وثيقة صادرة عن وزارة النفط بتاريخ 8/2/2007تتناول شؤون الطاقات التكريرية، ورد تأكيد السيّد وزير النفط على أنّه تمت مناقشة مذكرة التفاهم المقترح توقيعها مع شركة نور الكويتية للمباشرة بإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية لمصفاة دير الزوّر بطاقة140ألف برميل في اليوم.. ‏

ولكن حتّى مع حالة قيام شركة النور الكويتية بإنشاء المصفاة تكون الحكومة تناقضت مع هدف ورد في الخطة الخمسية العاشرة؟! ‏

جاء في المرامي الكمية للخطة الخمسية العاشرة ضمن قطّاع النفط (تطوير الطاقة التكريرية بنسبة لا تقل عن 50% من الطاقة الحالية من خلال بناء مصفاة جديدة للنفط بمنطقة دير الزور بطاقة تكريرية 140 ألف برميل/يومياً في السنوات الثلاث القادمة وبناء مصفاة أخرى مع الجانب الصيني بطاقة 70 ألف ب/ي ومتابعة تأهيل وتطوير مصفاة بانياس وحمص)، وأنّ الحكومة ستعمد إلى إقرار صيغة التمويل المثلى والتعاقد مع إحدى الشركات العالمية لإقامة مصفاة التكرير (140 ألف ب/ي) ونسب إمداداتها من النفط الخفيف والثقيل على أن تكون موضوعة في الخدمة قبل نهاية عام 2009.؟! ‏

وهكذا نستنتج أنّ وضع مصفاة دير الزّور في الخدمة قبل نهاية 2009كما ورد في الخطة هو أمر مستحيل إذ حتّى الخطّة نفسها قالت: «بناء المصفاة يتطلّب ثلاث سنوات»، والأمر ذاته ورد في تصريح معنيّ بمتابعة شؤون المصافي، بينما كان السيّد وزير النفط أكثر واقعية عندما توقّع 3 ـ 4سنوات إنشاء المصفاة؟! كيف يمكن وضعها في الخدمة عام 2009ونحن تجاوزنا الربع الأوّل من العام2007؟! ‏

كلّ عام يمضي دون زيادة طاقة التكرير يعني توسّعا في ثقب المازوت في جسم الاقتصاد الوطني، ويحضر البنزين والغاز المنزلي كثقبين إضافيين، فماذا لو استمرّت الهمّة التخطيطية في توسيع طاقة التصريحات والتوجّهات بدلا من توسيع طاقة التكرير دون إجراءات عملية تختصر سنوات الهدر الزمني والمالي تجاه مشتقاتنا النفطية؟! ‏

فلنتابع في قصّة مصفاة دير الزّور، إذ قامت وزارة النفط (2005) بعقد لقاء ضمّ جميع الشركات والجهات التي أبدت اهتماما بالمشاركة في مشروع إنشاء مصفاة دير الزّور، وزار المدير الإقليمي لشركة سوميتومو اليابانية وزير النفط السابق واستقبله الوزير السابق الذي قدّم نبذة عن مشروع إنشاء المصفاة والعروض الأولية المطلوب تقديمها من الشركات الراغبة بالعمل في المشروع وطريقة التمويل وفق نظامbot (تملكه الدولة بعد استثماره سنوات من قبل جهة استثمارية)، فطلب الوفد الضيف إمكانية مشاركة سوميتومو اليابانية عن طريق تقديم عرضها كشركة تجارية؟! ‏

ومن وفد ياباني إلى وفد روسي، ففي 6/11/2005 تمّ اجتماع في وزارة النفط مع وفد روسي لبحث عرض الشركة الروسية (ستروي ترانس غاز أويل بروغرس) بخصوص مشروع إنشاء مصفاة تكرير النفط في سورية بطاقة 140ألف برميل يومياً، ومجمّع بتروكيميائي تابع لها، وموضوع إمداد المصفاة بالنفط الخام وبيع مشتقات النفط الناتجة عن المصفاة، وعموماً انقضى العام 2005 دون خطوة عملية بخصوص المصفاة.. ‏

وفي 23/3/2006تمّ اجتماع للجنة تنسيق ومتابعة مشاريع التكرير، وجاء في محضر الاجتماع إشارة السيّد وزير النفط إلى المشروعات المطروحة هي (مشروع إقامة المصفاة الثالثة في ديرالزّور140ألف برميل/اليوم، والمشروع المقترح من قبل شركة كرودكس الإماراتية لإقامة مصفاة نفطية بطاقة 140 ألف برميل/اليوم، والمشروع المقترح من قبل شركة كريديت لاين الروسية لإقامة مصفاة دير الزّور 140 ألف برميل/اليوم، والمشروع المقترح من الجانب الصيني CNPC لإقامة مصفاة بطاقة 70ألف برميل في اليوم..). ‏

ونكتشف هنا أيضاً شركة روسية أخرى دخلت إلى ملف المصفاة الثالثة أو مصفاة في دير الزّور، وشركة إماراتية؟!ومع ذلك مضى ستّ سنوات على قرار إقامة المصفاة، ولم يتمّ بناؤها لا هي ولا غيرها، وحتّى لم يتمّ تطوير مصفاتي حمص وبانياس ودائماً تحضر عقبة التمويل؟! ‏ نتابع في محضر اجتماع لجنة تنسيق ومتابعة مشاريع التكرير في23/3/2006 الذي حصر الجديّة بمشروعي (مصفاة الجانب الصيني)، والمصفاة الثالثة في دير الزّور المتوقف على تأمين التمويل..، وتقرر إعطاء هذين المشروعين الأولوية، وتأمين التمويل اللازم لمشروع المصفاة الثالثة سواء من خلال التمويل الذاتي أو عن طريق القروض في حال عدم توفّر ذلك..؟ ‏

إذاً نكتشف هنا على الأقل معنيون متخصصون يضعون مسألة تمويل المصفاة الثالثة ذاتياً أو بالقروض..، فلماذا لم يتمّ تنفيذ ذلك منذ قرار إحداث المصفاة؟! كنّا على الأقل رأينا المصفاة الثالثة أبصرت النور قبيل أن «تقود» شركة النور الكويتية تحالفاً مالياً وفنياً لإنشاء المصفاة؟! ‏ ثمّ ما هي مبررات الخطتين الخمسيّتين التاسعة والعاشرة في عدم تأمين تمويل لبناء مصفاة أو تطوير مصفاة؟!ويناسب هنا أن نفتح في دفاتر إنجازاتنا القديمة، فقد بنى قطّاعنا العام وموّل خلال الخطة الخمسية الرابعة (1975 ـ 1980)مصفاة بانياس، وعقود مصنع لاستثمار الغاز، وعروض توسيع مصفاة حمص، ووحدات أخرى، ومعملي إسمنت الشيخ سعيد، والمسلمية، وقسم من الأعمال المدنية لمعمل إسمنت طرطوس..، ومعامل (كابلات حلب، وحلب للبطاريات، وسماد الأمونيا يوريا، وتريبل فوسفات، والورق، والإطارات)، طور الشركة الطبية العربية، ومعامل كونسروة كانت قيد الإنجاز، وأنجز معامل السكر في الرقة ومسكنة، ودير الزّور، وتعاقد على معمل إسمنت عدرا..، ومشروع 37ألف مغزل قطني في حمص، ومثله في دير الزّور، و75ألف مغزل قطني في جبلة، ومعمل السجاد الصوفي..، والمجموعة الأولى 150ميغاوات من محطة محردة.. ‏

فهل بات حلمنا بالعودة إلى الوراء ثلاثين عاماً حلماً واقعياً كي نستطيع إنشاء معامل ومصافٍ ومشروعات مكلفة بإمكانات القطّاع العام؟! ‏ يرتكز الاقتصاد السوري على قطاع النفط والغاز الذي يشكل خمس الناتج المحلي الإجمالي، بينما تمثل عوائد تصدير الخام ومشتقاته ما يقارب ثلاثة أرباع عوائد التصدير، ويساهم في تمويل ما يقارب نصف الموازنة العامة للدولة، وفي وثيقة صادرة عن وزارة النفط تتضمّن أرقاماً نوجزها كما يلي (يوجد تناقص تدريجي في إنتاج النفط الخام فمن 518ألف برميل يومياً عام 2000انخفض إلى 400ألف برميل يومياً عام2006، ويتوقّع أن يستمر هذا الانخفاض التدريجي ليصل إلى 300ألف برميل يومياً عام2020، وتأمل وزارة النفط خلال السنوات المقبلة أن يزداد الاحتياطي القابل للإنتاج)؟! ‏

اتبعت الطريقة التي تفرضها وزارة النفط في الحصول على معلومات للصحافة من خلال مع المعنيين في الوزارة وذلك عن طريق السيد وزير النفط، وتلك الطريقة لا تختلف عن جملة «أهلاً بكم لا نرحب بكم»؟! ‏

تقدّمت بأسئلتي إلى السيّد وزير النفط حول شؤون طاقة التكرير، وضمّنت طلبي إمكانية اللقاء معه أو الإيعاز بالتوضيح لمن يجده مناسبا، وأذكر من أسئلتي هنا (مبررات البطء في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لإنشاء مصافٍ جديدة؟!) ومحاور أخرى مهمّة، فلم يثمر طلبي عن شيء، بل أتاني الجواب بأنّ السيّد الوزير سيقيم لقاءً صحفياً مع مجموعة من الزّملاء، وتبيّن لاحقاً أنّ اللقاء مع الزّملاء عبارة عن رسائل تفاؤل نشرها الزملاء في صحفنا ولم يتمّ التطرق خلالها إلى أيّ شيء محرج في مجال طاقة التكرير؟! ‏

حاولت مرّة أخرى بأسئلة شبه متطابقة مع أسئلتي السّابقة، فظفرت بلقاء السيّد الوزير الذي كان مشغولاً وأوضح بعض الشؤون باستعجال واعداً أن يزوّدني بمذكرة جوابيّة وتفصيلية، وانتظرت المذكرة شهرين، وأجريت أكثر من اتصال تذكيريّ دون جدوى؟! ولكن ما أحتفظ به من رأي السيّد الوزير خلال لقائي به يتمثّل بالتالي 60%استهلاك قطّاع النقل من الوقود وهو يزداد في سورية بشكل كبير ـ ستحتاج معامل الإسمنت في حال إنشائها إلى المزيد من الوقود والفيول الذي يجب تأمينه ـ لا يتحسسّ الصينيون من مصفاة دير الزّور التي تجاور المصفاة التي سيقيمونها ـ حدث سابقاً إهمال عالمي للمصافي، وفقط دول جنوب شرق آسيا اهتمّت بالمصافي، واستفاقت حديثاً دول العالم على الحاجة الماسّة إليها ـ 32%من إنتاج مصفاتي حمص وبانياس هو مازوت ـ نستورد مازوتاً بقيمة تعادل قيمة مصفاة ونصف سنوياً ـ ننتج حالياً للاستهلاك 200 ـ 220ألف برميل يومياً، وستكون الحاجة المحلية عام 2015حوالى500ألف برميل يومياً..- لا توجد سهولة في إنشاء مصافٍ والأمر معقدّ ويحتاج إلى وقت ودراسات جدوى وأن تؤمّن النفط للمصافي..). ‏

عموماً لاتزال أسئلتنا برسم السيّد وزير النفط، ونستغرب أن يكون الحصول على الوثائق والمحاضر النفطية كأنّه مسّ بالأمن القومي، مع أنّ قانون المطبوعات يضمن ذلك ولا يقرّ بسريّة نفطية مع الإعلام الوطني؟! ونضيف أيضاً جملة من الأسئلة: ‏

ہ لماذا لم يتمّ إحداث مصفاة ثالثة ورابعة منذ التسعينيات في الألفية الماضية؟! ‏

ہ من «يطبخ» قرارنا النفطي وكيف يتمّ طبخه؟! ‏

ہ إذا كان القرار النفطي الذي يتكفّل بتصويب الخلل بين المتوفّر والحاجة صرفاً بيد فريق حكومي منذ الألفية الماضية، لماذا لم يتجسّد تصويبا للخلل حتّى الآن؟! ‏

ہ إذا كان القرار النفطي بيد شريحة مستفيدة من خيرات الاستيراد وصناعة أزمة مشتقات نفطية فهل نكافؤها بمزيد من فرص الاستيراد وصناعة الأزمات؟! ‏

ہ هل يوجد في الأفق ما يغيّر حالة الخلل في معدل الطلب على المشتقات النفطية الذي يتجاوز معدل النمو الاقتصادي والسكاني؟! ‏

أبلغ خلاصات التقصّي عن شؤون طاقة التكرير الوطنية اكتشاف أميّة حكومية عريقة تجاه النفط، ولا بدّ من المطالبة بمحو تلك الأمية، وهذا هو غاية تحقيقنا..، ونفهم أنّ الإجراءات التنفيذية لمحو الأمية النفطية تبدأ من المساءلة والمحاسبة في قطّاع النفط تجاه (طاقة التكرير) المحدودة والمأزومة منذ سنوات. ‏

وأمام خسائر جسيمة جداً جداً وغير معلنة بسبب سوء الإدارة النفطية، نعتبر أنّه في حال عدم فتح ملف الهدر في تصدير النفط الخام، وسياسة «البحترة» النفطية وعدم شدّ البطون، وملف البطء باتخاذ القرارات النفطية الصائبة، والبطء في حسم أمور التمويل، يكون هذا التحقيق هو هدر جديد يضاف إلى ملفات النفط، وبالتالي كان الأجدى أن نضع مكانه (أخبار الفنانة هيفا ونانسي عجرم من المهد وحتّى النجومية مروراً بالغناء عبر الخصر..) بدلاً من أن يصبح التحقيق عن أهم ثروة اقتصادية ‏ مجرّد كلام جرائد؟! ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...