ألف باء المشروع الأمريكي لتغيير الأنظمة: سوريا نموذجاً

28-03-2013

ألف باء المشروع الأمريكي لتغيير الأنظمة: سوريا نموذجاً

الجمل- براين بيكر- ترجمة: د. مالك سلمان:

بينما تتظاهر إدارة أوباما بالحذر تجاه تدخلها في سوريا, تقوم بترتيب عملية سرية ضخمة في السنتين الأخيرتين لضخ السلاح والمعدات العسكرية الثقيلة والأموال لإذكاء لهيب الحرب الأهلية التي تدمر سوريا.
وتمثل "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي إيه) منصة لهذه العملية السرية المنسقة.
تحت إشراف "سي آي إيه", قامت أكثر من 160 طائرة شحن عسكرية بنقل الأسلحة إلى الوحدات المسلحة المناوئة للحكومة في سوريا. ("نيويورك تايمز", 25 آذار/مارس)
إن إحدى الأكاذيب السخيفة حول الحرب في سوريا هي أن إدارة أوباما تزعم في العلن أنها تتوخى "الحذر" بخصوص تسليح المتمردين, على النقيض من المملكة السعودية وقطر اللتين اعترفتا علناً بدورهما في إشعال الحرب الأهلية في سوريا من خلال إرسال الأسلحة والأموال إلى أعداء حكومة الأسد.
إن السعودية وقطر ملكيتان مطلقتان ووراثيتان يعتمد وجودهما بشكل كامل على دورهما كزبونتين للولايات المتحدة. وهذا هو حال العائلة الملكية في الأردن أيضاً, والتي تسمح باستخدام أراضيها كمركز لنقل شحنات الأسلحة الضخمة إلى سوريا.
لا تستمد قطر, التي يبلغ عدد سكانها 250,000 نسمة فقط, زخمَها القتالي ضد سوريا من قدراتها العسكرية الكبيرة. هذه نكتة. لكن قطر تحتوي "مقر القيادة المركزية الأمامية" التابع للبنتاغون و "مركز العمليات الجوية المشترك" التابع لهذه القيادة. كما تحتوي قطر قناة "الجزيرة" التي تدعم التمرد المسلح ضد حكومة الأسد.
لا تدير قطر أي شيء لا يوافق عليه البنتاغون الأمريكي.
كما أن العائلة المالكة السعودية القميئة تحافظ على عرشها فقط بسبب علاقاتها الوثيقة بالبنتاغون و "سي آي إيه".
إن الحكم الملكي السعودي محمي من الإمبريالية الأمريكية لأنه يشكل جزأً من فضاء التأثير الأمريكي القوي وغير المعلن, كما أنه أكبر منتج للنفط في العالم. وقد عبر رونالد ريغان بطريقة بليغة عن موقف الولايات المتحدة تجاه الحكم الملكي السعودي في سنة 1981, عندما قال إن الحكومة الأمريكية "لن تسمح" بقيام ثورة في المملكة السعودية مثل الثورة الإيرانية في 1979 التي أزاحت نظامَ الشاه الموالي للولايات المتحدة. كانت رسالة ريغان واضحة: سيتم استخدام البنتاغون والقوات الأمريكية بشكل حاسم لتدمير أي حركة ديمقراطية ضد حكم العائلة المالكة السعودية.
وقد شكل تصريح ريغان الواضح والصريح في سنة 1981 سياسية جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة, بما في ذلك الإدارة الحالية.
من الصعب المبالغة في المفارقة الكبيرة لإدانات وزير الخارجية جون كيري لإيران وروسيا لمحافظتهما على العلاقات الطويلة مع الحكومة السورية العلمانية المستقلة, بينما تستخدم الولايات المتحدة الملكيات الوراثية الأكثر معاداة للديمقراطية في الشرق الأوسط كزبانية لها لإذكاء الحرب الأهلية تحت راية "الديمقراطية" و "التغيير".
تأخذ السياسة الأمريكية شكلَ المفارقة, لكنها تكشف عن استمرارية وتشابهاً مميزين في هدفها بغض النظر إن كان من يجلس في البيت الأبيض جمهورياً محافظاً أم ديمقراطياً وسطياً. إذ إن هناك إجماعاً في الكونغرس بين الديمقراطيين الليبراليين واليمينيين من أنواع "تي بارتي" حول الدعم اللامتناهي والقبيح من أجل إسقاط الحكومات المستقلة في الشرق الأوسط. وفي أسوأ الحالات, تتمحور خلافاتهم حول بعض الخطوات التكتيكية فقط. فهم يعبرون عن نفس الأهداف والأغراض. إذ تمكن الغزو والحرب في 2003 من إسقاط الحكومة الوطنية العلمانية المستقلة في العراق. كما دمر قصف الناتو لليبيا حكومة القذافي, والتي كانت أيضاً وطنية وعلمانية ومستقلة. والآن, تنكبُ الآلة الحربية والعمليات السرية الجاسوسية على تدمير حكومة مماثلة في سوريا.
تسعى الولايات المتحدة إلى تنصيب أنظمة دمىً وزبانية فقط في منطقة تمتلك ثلثي النفط العالمي. والباقي مجرد كلام خطابي فارغ. فهذا هو ألف باء مشروع تغيير الأنظمة المتواصل الذي قامت الولايات المتحدة بهندسته ضد حكومات مستقلة ظهرت في الأصل نتيجة للثورات المناهضة للاستعمار التي هزت الشرق الأوسط في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

العنوان الأصلي: الولايات المتحدة تصَعد الحرب على سوريا

تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 27 آذار/مارس 2013)

الجمل: قسم الترجمة

التعليقات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...