أرباح واشنطن من الاشتباك العسكري الأرمني-الأذربيجاني

28-06-2010

أرباح واشنطن من الاشتباك العسكري الأرمني-الأذربيجاني

الجمل:  تحدثت التسريبات الصادرة اليوم نقلا عن أحد المصادر العسكرية القوقازية الرفيعة المستوى, عن وجود مخطط أميركي يسعى بشكل حثيث وخافت من أجل استغلال واستثمار الظروف غير المستقرة السائدة في منطقة القوقاز الجنوبي, لجهة نشر القوات الأميركية في المنطقة: ما هي حقيقة هذا المخطط.. وما هي أبعاد النوايا الأميركية المتجددة من أجل عسكرة منطقة القوقاز الجنوبي؟

ماذا وراء الاشتباك العسكري الأرمني-الأذربيجاني الأخير؟
تقول التقارير والمعلومات, بأن يوم 18 تموز (يوليو) 2010م الماضي قد شهد اشتباكات في منطقة شمال شرق إقليم ناغورنو-كرباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان, وأضافت المعلومات, بأن تداعيات هذا الاشتباك قد أدت إلى رفع التوترات في المناطق الأذربيجانية السبعة التي تحتلها القوات الأرمنية.
انتهى الاشتباك بمقتل جندي أذربيجاني واحد, وأربعة من الجنود الأرمن, وبرغم ذلك فإن تداعيات هذا الاشتباك قد أخذت طابعا أكثر عمقا لجهة الحراك الدبلوماسي الهادئ المكثف على خطوط علاقات دبلوماسية واشنطن-ييرفان الأرمنية, وواشنطن-باكو الأذربيجانية.
هذا, وما هو مثير للاهتمام هذه المرة يتمثل في أن جدول أعمال هذه التحركات يتكون من بنود تنطوي على نوايا ومساعي أميركية لجهة الحصول على موافقة أذربيجان وأرمينيا على مشروع نشر القوات الأميركية في المناطق الأذربيجانية السبعة الواقعة تحت الاحتلال العسكري الأرمني, هذا, وما هو أكثر خطورة يتمثل في أن المناطق الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمنيا تقع على طول خط الحدود الأذربيجانية-الإيرانية: وذلك بما معناه أن نشر القوات الأميركية في هذا المناطق السبعة معناه أن القوات الأميركية أصبحت تتمركز على طول الحدود الإيرانية-الأذربيجانية, بشكل ينطوي على قدر كبير من الخطر بالنسبة للأمن الإيراني.

ماذا يعني وجود القوات الأميركية على خط الحدود الإيرانية-الأربيجانية؟
وجود القوات الأميركية في المناطق الأذربيجانية المحتلة أرمينيا, سوف يتيح للقوات الأميركية التمركز على طول خط الحدود الأذربيجانية-الإيرانية, ولتوضيح مخاطر ذلك على إيران, نشير إلى الآتي:
• تقع الحدود الإيرانية-الأذربيجانية على مقربة من مناطق شمال ووسط إيران.
• توجد كل المنشآت الحيوية الإيرانية في المناطق الوسطى والشمالية.
• تتميز رقعة الأراضي الإيرانية الممتدة من خط الحدود الإيرانية-الأذربيجانية بالسكان ذوي الأصول الأذربيجانية, الذين ينخرطون في عداء عميق لنظام الثورة الإسلامية, إضافة إلى تميزهم بالنزعة القومية الاجتماعية الأذربيجانية, فهم يتحدثون باللغة الأذربيجانية ويدعمون الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام إلى أذربيجان.
هذا, وتشير التوقعات إلى تمكن واشنطن من نشر قواتها في هذه المناطق الأذربيجانية الفائقة الحساسية بالنسبة لأمن إيران, هو مسألة وقت, ومن الممكن أن تحصل أميركا بكل سهولة على هذه المزايا, وأذربيجان حليفة لأميركا, وأرمينيا, وإن كانت حليفة روسيا, فإنها تحتفظ بعلاقات وثيقة مع أركان الإدارة الأميركية, وعلى وجه الخصوص بسبب الاعتبارات المتعلقة بالتحالف الوثيق بين جماعات اللوبي الإسرائيلي, واللوبي الأرمني, إضافة إلى اللوبي الكردي.

الحسابات الدبلوماسية الجارية:
سوف تتضمن تحركات واشنطن الرامية إلى نشر القوات الأميركية في الأقاليم الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمينيا الكثير من الحسابات المعقدة, والتي سوف يكون من أبرزها:
• التجميد النهائي غير المحدود لأزمة إقليم ناغورنو-كرباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان, إضافة إلى الأقاليم الأذربيجانية الستة الأخرى المحيطة بإقليم ناغورنو-كرباخ والتي تحتلها حاليا القوات الأرمنية.
• إضعاف نفوذ الدبلوماسية الوقائية التركية الساعية إلى عقد صفقة أرمنية-أذربيجانية يتم بموجبها حل أزمة إقليم ناغورنو-كرباخ, أو على الأقل إخراج القوات الأرمنية من الأقاليم الأذربيجانية الأخرى.
• إضعاف العلاقات الأرمنية-الروسية, والعلاقات الأرمنية-التركية الضعيفة أصلا.
• ردع إمكانيات حدوث أي تقارب إيراني-أذربيجاني.
• ردع إمكانيات تطوير العلاقات الثنائية التركية-الإيرانية.
• دفع أرمينيا المجاورة لإيران وأيضا أذربيجان لجهة توتير العلاقات الثنائية ليس مع إيران وحسب وإنما مع تركيا أيضا.
هذا, وإضافة لذلك, فإن وجود القوات الأميركية في الأقاليم الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمينيا, سوف يتيح لأميركا تنسيق عمليات الحرب السرية ضد بلدان منطقة القوقاز الجنوبي, وعلى الأغلب أن يتضمن ذلك المزيد من العمليات العسكرية-المخابراتية السرية, التي تتضمن الآتي:
• رعاية ودعم الحركات الانفصالية الإيرانية ذات الطابع القومي الاجتماعي الأذربيجاني, ودفعها لتفعيل أنشطتها ضد إيران على غرار جماعة جند الله الإيرانية الناشطة في منطقة سيستان-بلوشيستان, وجماعة حزب الحياة الحرة (بيجاك) الكردية الإيرانية والناشطة في منطقة كردستان الإيرانية, وجماعة حركة مجاهدي خلق الناشطة بالانطلاق من الأراضي العراقية.
• رعاية ودعم الحركات الانفصالية الكردية التركية, وعلى وجه الخصوص بما يتضمن توفير الملاذ الآمن السري لعناصر حزب العمال الكردستاني لجهة الحصول على التدريب والدعم السري بعيدا عن عيون المخابرات التركية الناشطة في شمال العراق.
تمركز القوات الأميركية في المناطق الأذربيجانية المحتلة أرمينيا سيتيح لأميركا تجاوز عملية منسك, وهي العملية التي تم إطلاقها في عام 1992م ضمن سياق فعاليات مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي التي تغير اسمها الآن إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبي, بهدف تفعيل دبلوماسية وقائية أوروبية تهدف إلى إيجاد حل سلمي لأزمة إقليم ناغورنو-كرباخ, وكما هو واضح فإن تقويض دور عملية منسك سوف تنطوي عليه أبعاد أكبر من ذلك.
عملية منسك التي تم إطلاقها في عام 1992م, تتكون من رئاسة ثلاثية مشتركة تضم, فرنسا – روسيا – الولايات المتحدة الأميركية, إضافة إلى عضوية 10 دول هي: ألمانيا – بيلاروسيا – إيطاليا – البرتغال – هولندا – السويد – فنلندا – تركيا – أرمينيا – أذربيجان, ونلاحظ هنا, عدم وجود دول آسيا الوسطى, وعدم وجود إيران. ويأتي الاهتمام الأوروبي بحل أزمة ناغورنو-كرباخ ضمن عملية منسك، وهو اهتمام يعود بشكل أساسي إلى الإدراك الأوروبي المتزايد لجهة أهمية منطقة القوقاز الجنوبي بالنسبة لإمدادات نقل النفط والغاز, وأيضا بالنسبة لاستقرار وأمن مناطق جنوب شرق أوروبا, وذلك لأن منطقة القوقاز الجنوبي هي امتداد لمنطقة البلقان المضطربة والتي ظلت ومازالت تشكل تحديا خطيرا لمعادلة أمن بلدان الاتحاد الأوروبي.
تقول المعلومات, بأن رد الفعل الإيراني الرافض لوجود أي قوات أميركية في منطقة الأقاليم الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمينيا سوف يكون قويا, وعلى الأغلب أن تسعى إيران للاستعانة بتركيا, وروسيا, ولكن, وكما تقول التسريبات, فإن واشنطن تسعى لاستخدام مفهوم قوات حفظ السلام الدولية كأساس لجهة توفير الذرائع التي تبرر تمرير قرار دولي في مجلس الأمن الدولي يطالب بعملية نشر قوات حفظ السلام الدولية في هذه المنطقة, وإضافة لذلك فمن الممكن أن يتم تبني القرار بواسطة أعضاء عملية منسك, خاصة وأن معظم أعضاء هذه العملية هم حلفاء أميركا, أما رد الفعل الروسي الرافض, فهو أمر وإن كان ممكنا, فمن الصعب توقع حدوثه داخل مجلس الأمن الدولي في ظل الصفقات الروسية-الأميركية المتزايدة هذه الأيام!!!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...