هل ينجح ليبرمان في عزل إسرائيل عن حلفائها

01-07-2009

هل ينجح ليبرمان في عزل إسرائيل عن حلفائها

الجمل: خلال لقاء باريس الأخير الذي جمع ساركوزي – نتينياهو تحدث الرئيس الفرنسي طالباً من نتينياهو ضرورة إقصاء وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان واستبداله بأي وزير آخر يكون قادراً على التعامل ومقبول لدى الأوساط الدبلوماسية الإقليمية والدولية، وحالياً تشير التقارير إلى أن مطالبة ساركوزي لنتينياهو قد بدأت تداعياتها تظهر في الساحة السياسية الإسرائيلية بما أصبح يهدد احتمالات استمرار تماسك حكومة ائتلاف الليكود – إسرائيل بيتنا.
* ماذا تقول المعلومات؟
تقول التقارير والتسريبات الإسرائيلية الصادرة اليوم بأن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا اعترته حالة من الغضب والاستياء الشديد ليس بسبب ما قاله ساركوزي لنتينياهو وإنما بسبب عدم قيام نتينياهو بالرد على ساركوزي وتقول مصادر حزب إسرائيل بيتنا أن عدم رد نتينياهو هو أمر يعكس ضعفه وعدم تمتعه بالمصداقية في احترام حلفائه إضافة إلى أن إقصاء أو عدم إقصاء ليبرمان من منصبه هو شأن داخلي سيادي إسرائيلي وكان على نتينياهو تنبيه ساركوزي مباشرة إلى ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية الإسرائيلية.
انتقلت عدوى ما دار في لقاء ساركوزي – نتينياهو بشأن ليبرمان إلى الأوساط السياسية الإسرائيلية فقد بثت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي تقريراً حول الواقعة، واليوم خصصت صحيفة هاآرتس افتتاحية كاملة ركزت على انتقاد وجود ليبرمان في منصب وزير الخارجية، وما كان لافتاً للنظر أن الافتتاحية حملت عنوان «لقد كان ساركوزي صائباً ومحقاً..». ويمكن الإشارة إلى مضمون ما ورد في الافتتاحية من خلال النقاط الآتية:
• إن ما قاله ساركوزي لنتينياهو حول ليبرمان هو أمر يكشف عن الحقيقة المحزنة القائلة أنه ليس لإسرائيل في الوقت الحالي وزير خارجية قادر على القيام بالدور الوظيفي المطلوب لجهة تمثيل إسرائيل.
• لقد رفض المجتمع الدولي أن يتحدث ليبرمان بسبب أنه أصبح زعيماً عنصرياً يقوم حزبه بشن الحملات العنصرية في إسرائيل.
• افتضح أمر الطبيعة العنصرية للحزب وزعيمه ليبرمان من خلال الحملات الانتخابية التي أطلقها ضد المدنيين العرب خلال الانتخابات العامة الإسرائيلية.
• وجه أنصار ليبرمان وحزب إسرائيل بيتنا ووزارة الخارجية الإسرائيلية التي يسيطر عليها ليبرمان حملة من الانتقادات ضد ساركوزي، وهي حملة خاطئة وغير صحيحة لأن ساركوزي كان واضحاً في تقديم النصيحة بشكل خاص لصديقه نتينياهو.
• إن ساركوزي لم يسع للتدخل في الشأن السيادي الإسرائيلي لأن نصيحته لنتينياهو لم يقم بإعلانها بشكل صريح وعلني وإنما هي نصيحة خاصة قيلت في جلسة خاصة ومكان خاص، وبالتالي لا يمكن التعامل مع نصيحة ساركوزي وفقاً للقواعد والمعايير الدبلوماسية الرسمية.
• يتوجب على الإسرائيليين التعامل مع نصيحة ساركوزي وأخذها على محمل الجد لأن نصيحة ساركوزي لا تضر بالمصالح الدبلوماسية الإسرائيلية وإنما الذي يضر بالمصالح الإسرائيلية هو ما يقوم به حزب إسرائيل بيتنا وزعيمه ليبرمان.
• الضرر الذي يقوم به حزب إسرائيل بيتنا وزعيمه ليبرمان أصبح أكثر خطراً على المصالح الدبلوماسية الإسرائيلية بسبب تصعيد ليبرمان إلى قمة هرم الدبلوماسية الإسرائيلية عن طريق توليته مسؤولية القيام بمنصب وزير الخارجية الإسرائيلي.
• لن يستطيع ليبرمان التفاهم والتحدث مع العرب وذلك لأن تهديدات ليبرمان وتصريحاته الطائشة والمتهورة دفعت العرب إلى رفض الحديث والتفاهم معه، بما في ذلك مصر الدولة العربية الأكثر تفاهماً وتعاوناً مع إسرائيل.
وتقول التسريبات الدبلوماسية الأمريكية والإسرائيلية بأن نصيحة ساركوزي لنتينياهو بضرورة التخلي عن ليبرمان كانت ليس فقط بسبب اقتناع ساركوزي بعدم صلاحية ليبرمان وحسب، وإنما أيضاً بسبب إدراك ساركوزي لامتعاض الأمريكيين الواضح من ليبرمان، وتقول المعلومات أن الإدارة الأمريكية أبدت هذا الامتعاض بشكل واضح من خلال أدائها السلوكي الدبلوماسي الأخير والذي تضمن تعمد التقليل من شأن وزير الخارجية الإسرائيلي من خلال:
• توجيه الدعوة إلى وزير الدفاع باراك خلال تواجده في واشنطن للقيام بلقاء الرئيس أوباما.
• عدم توجيه الدعوة لليبرمان خلال فترة تواجده في واشنطن للقاء الرئيس أوباما.
هذا، ولما كان التقليد الدبلوماسي في واشنطن عند زيارة وزراء الخارجية والدفاع هو أن يقوم البيت الأبيض بدعوتهم لمقابلة الرئيس الأمريكي، فإن عدم توجيه هذه الدعوة لليبرمان هو أمر فسره المراقبون والمحللون بأنه تعبير واضح عن رسالة يريد الأمريكيون نقلها إلى إسرائيل بأن وجود ليبرمان في الخارجية هو أمر غير مرغوب فيه أمريكياً.
* ليبرمان والاتهامات الإسرائيلية بالفشل:
تقول بعض المصادر الإسرائيلية أن ليبرمان سبق أن وعد الإسرائيليين والأوساط السياسية في تل أبيب بأن توليه منصب وزير الخارجية الإسرائيلي سيتيح له أن يحقق لإسرائيل المزيد من المزايا والفرص الإيجابية الإضافية وسيكون تحسين العلاقات الروسية – الإسرائيلية هو أحد أبرز المزايا الجديدة التي سيسعى لتحقيقها. بكلمات أخرى، فقد أدركت الأوساط الدبلوماسية والسياسية الإسرائيلية بأن موسكو ستكون هي الجائزة الكبرى التي سيحصل عليها الإسرائيليون طالما أن ليبرمان هو بالأساس مواطن روسي ويرتبط بعلاقات وثيقة مع الأوساط السياسية الروسية وتوقع الإسرائيليون أن تنجح دبلوماسية ليبرمان في القضاء على علاقات روسية الوثيقة مع الفلسطينيين والإيرانيين والسوريين.
وقد سعى ليبرمان إلى الاهتمام بزيارة موسكو والتفاهم مع المسؤولين الروس حول كيفية تعزيز الروابط الإسرائيلية – الروسية ولكن النتائج التي حصل عليها ليبرمان كانت بنظر الإسرائيليين مخيبة للآمال إضافة إلى أنها كانت تتضمن قدراً كبيراً من الإهانة لليبرمان ومن أبرزها:
• عند شروع ليبرمان بزيارة موسكو، بادرت الأخيرة إلى إرسال وزير الخارجية الروسي للقاء خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
• استمرار موسكو في التأكيد على علاقاتها وروابطها مع إيران وسوريا شكل لطمة أخرى للإسرائيليين إزاء مصداقية مشروع ليبرمان الدبلوماسي.
وتقول المعلومات أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بدأ يسعى بنفسه من أجل التأثير على روسيا ودول آسيا الوسطى والقوقاز بعد أن أدرك أنه لا طائل من وراء دبلوماسية ليبرمان، وحالياً تقول التقارير الإسرائيلية أن رئيس الوزراء نتينياهو شرع مباشرة في بذل جهوده الشخصية لترميم العلاقات الروسية – الإسرائيلية بعد أن أدرك عدم جدوى مصداقية دبلوماسية ليبرمان إزاء روسيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لإسرائيل، فقد سعى وزير الخارجية الإسرائيلي للتفاهم معه حول ضرورة الحد من مبيعات الأسلحة الروسية لإيران، وبعد عودة لافروف إلى موسكو لاحظ الإسرائيليون أن روسيا استمرت في تقديم الأسلحة المتطورة لإيران، وبعد ذلك اضطر ليبرمان إلى القيام بزيارة موسكو ومقابلة الرئيس الروسي ميدفيديف وعند اللقاء طلب ليبرمان من الرئيس عدم تزويد طهران بالرادار الروسي إس-300 لأن حصول إيران عليه سوف لن يترتب عليه تعزيز قدرات الدفاع الجوي الإيراني وحسب، وإنما كذلك تغيير معادلة الميزان العسكري في كامل شرق المتوسط طالما أن هذا الرادار سيقضي على التفوق الجوي الإسرائيلي، وأكدت المصادر الروسية أن ميدفيديف رد بشكل حاسم على طلب ليبرمان وأخبره بكل وضوح أن موسكو لن تستطيع إيقاف صفقة الرادارات مع إيران وعندما عرض عليه ليبرمان تقديم زبائن آخرين يستطيعون الشراء وبمبالغ أكبر رد ميدفيديف أن روسيا قد استلمت العديد من الدفعات المالية من إيران ولن تستطيع إيقاف الصفقة لأن ذلك سيلحق ضرراً كبيراً بمصداقية روسيا.
أولى المؤشرات على احتمالات سعي نتينياهو لجهة القيام بالتخلص من وزير الخارجية ليبرمان ظهرت من خلال الأداء السلوكي السياسي المتعاكس الذي يقوم به نتينياهو ويبرز هذا التعاكس من خلال التحركات الآتية:
• صرح نتينياهو بأنه مازال يثق في قدرات ومصداقية أفيغدور ليبرمان.
• عقد نتينياهو اجتماعاً مع وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني التي تتولى حالياً زعامة المعارضة داخل الكنيست الإسرائيلي.
هذا، وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن تحركات نتينياهو المتعاكسة قد تزامنت مع تحركات أخرى موازية داخل صفوف حزب كاديما المعارض بما يهدد بإشعال صراع تسيبي ليفني – شاؤول موفاز مرة أخرى وبهذا الخصوص تشير التسريبات إلى الآتي:
• استمرار تسيبي ليفني في تمسكها بأنها سوف لن تنضم إلى أي حكومة ائتلافية إلا إذا تولت منصب رئيس الوزراء.
• استمرار شاؤول موفاز في تجميع أنصاره داخل كاديما والسعي لإعداد كتلة حزبية تطالب بالانضمام لحكومة نتينياهو الائتلافية.
إضافة إلى ذلك تقول المعلومات بأن موفاز قد نجح في تجميع عدد لا بأس به من العناصر المؤيدين لتوجهاته داخل كاديما، ولكن المشكلة الرئيسية التي تواجهه تتمثل في أن شعبية تسيبي ليفني قد بدأت بالتزايد في أوساط الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي إذا كان نتينياهو يسعى لضم كاديما إلى حكومته الائتلافية فإنه سيواجه مشكلة تتمثل في أن ضم ليفني سيتيح للحكومة الاستمرار وكسب تأييد الرأي العام ولكنه سيكلف نتينياهو منصبه أما ضم شاؤول موفاز فسيتيح لليفني أن تسيطر على الرأي العام الإسرائيلي بالكامل بما يضمن لها الصعود بقوة إلى منصب رئيس الوزراء في أي انتخابات قادمة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إقرأ أيضاً:

ساركوزي – ميركل: استراتيجية الهروب إلى الأمام
لماذا طلب ساركوزي من نتينياهو التخلي عن وزير خارجيته ليبرمان

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...