مستقبل علاقات مثلث «موسكو – بروكسل - واشنطن»

03-12-2008

مستقبل علاقات مثلث «موسكو – بروكسل - واشنطن»

الجمل: تدور في أروقة حلف الناتو الكثير من الخلافات حول القضايا الساخنة التي ظلت دائماً مثار توتر بين أعضاء الحلف، ومن أبرزها: ملف توسيع الحلف، ملف شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية في أوروبا، ملف التعاون مع أمريكا في الحرب ضد الإرهاب.
* شراكة الناتو – روسيا:
بعد تزايد تداعيات أزمة ما بعد انفصال إقليم كوسوفو عن صربيا، والحرب الروسية – الجورجية أصبحت الشراكة شبين الناتو وروسيا تواجه المزيد من الفرص والمخاطر بالنسبة لكل طرف:
• حلف الناتو: يرى أعضاؤه الأوروبيين ضرورة عدم ضم أوكرانيا وجورجيا طالما أن ذلك سيترتب عليه بعض المخاطر الضارة بمسيرة أمن واستقلالية الاتحاد الأوروبي حيث ستحشد روسيا قواتها العسكرية في المناطق المتاخمة لحدودها مع الدول الأوروبية الغربية بما يدفع القارة الأوروبية للدخول مرة أخرى في مرحلة سباق التسلح، وبدلاً عن ذلك ترى هذه الأطراف بأن عدم ضم جورجيا وأوكرانيا إلى عضوية الحلف سيفتح آفاق التعاون الاقتصادي الروسي – الأوروبي الغربي، إضافة إلى أن ما هو أهم من ذلك سيتمثل في تأمين أمن الطاقة الأوروبي المهدد بالمزيد من إمدادات النفط والغاز الروسي بعيد عن نفوذ وسيطرة الولايات المتحدة.
• روسيا: وترى بضرورة استغلال وتوظيف الفرص المتاحة أمامها لجهة السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الغربي عن طريق أنابيب النفط والغاز وتوظيف الخلافات الدائرة في بلدان القوقاز وحوض البحر الأسود والبلقان لصالحها طالما أن الرأي العام في هذه الدول أصبح أكثر نفوراً من المضي قدماً في مسايرة أجندة السياسة الخارجية الأمريكية إضافة لذلك ترى موسكو بإمكانية استغلال فرص حالة الضعف الأمريكي التي نشأت بفعل تورط واشنطن في صراعات الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية إضافة إلى تزايد العداء لواشنطن في الدول الآسيوية ودول الاتحاد الأوروبي. أما لجهة المخاطر فإن موسكو ترى ضرورة احتواء خطر الناتو العسكري عن طريق الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية وتقول التوقعات بأن موسكو أصبحت أكثر جهوزية للتعاون مع الاتحاد الأوروبي التي التقطت الإشارات التي أطلقتها موسكو عبر الحرب الروسية – الجورجية، وتقول التحليلات بأن التعاون الروسي – الأوروبي – الغربي سيتيح لموسكو القضاء على مخاطر نشر بطاريات الدفاع الصاروخي في بلدان شرق أوروبا.
* تدهور النفوذ الأمريكي في أوروبا:
استغلت إدارة بوش فرصة علاقات عبر الأطلنطي لجهة توريط حلفائها الأوروبيين في مشروع الحرب على الإرهاب، ومشروع إشعال الثورات الملونة ومحاصرة روسيا، ولكن إدارة بوش أفرطت في استغلال الفرص التي تتيحها علاقات عبر الأطلنطي، بما ترتب عليه بالمقابل نفور حلفائها الأوروبيين، الذين بدورهم أصبحوا يواجهون ضغط الرأي العام الأوروبي المتزايد لجهة المطالبة بعدم مسايرة السياسات الأمريكية. وحالياً، أصبح الرفض الأوروبي للتوجهات الأمريكية يركز على الآتي:
• ملف شبكة الدفاع الصاروخي: طالب الأوروبيون بأن تكون هذه الشبكة تحت إشراف وإدارة حلف الناتو باعتباره المسؤول الأول عن الدفاع عن القارة الأوروبية، وطالما أن واشنطن هي بالأساس عضو مؤسس في الحلف فإنها ترفض هذا المطلب بالتحديد.
• ملف إمدادات النفط والغاز الروسي: يقول الأوروبيون بأنه لا بديل لإمدادات بالنفط والغاز الكافية لجهة تأمين احتياجاتها ويحاول الأمريكيون تمرير أنابيب النفط والغاز عبر أذربيجان وتركيا وجورجيا تفادياً للأراضي الروسية، وبالمقابل تعمل موسكو على تمديد الأنابيب عب بيلاروسيا إلى غرب أوروبا، إضافة إلى إغراء أوكرانيا وجورجيا وتركيا وأذربيجان بإمكانية التعاون أيضاً.
* الناتو ونافذة علاقات عر الأطلنطي: إلى أين؟
خلال فترة ما قبل جورجيا كان المشهد السياسي يشير لجهة وجود محور واشنطن – بروكسل، الذي يجمع طرفي علاقات عبر الأطلنطي في مواجهة موسكو التي تراجع موقعها متدهوراً بعد أن استطاعت واشنطن إحراز التقدم الآتي:
• مسار المفاوضات مع بولندا وجمهورية التشيك فيما يتعلق بنشر شبكة الدفاع الصاروخي.
• مسار مصير إقليم كوسوفو الذي أعلن الاستقلال عن صربيا ووجد الاعتراف من واشنطن.
• مسار تعزيز الضغوط والعقوبات ضد إيران الحليفة لموسكو.
ولكن، بعد أن نجحت موسكو في خوض الحرب مع جورجيا انقلبت الأوضاع بما أدى إلى حدوث المزيد من التغيرات في المشهد وكان أن حدث الآتي:
• أصبح ملف استقلال كوسوفو يقابل من الناحية الأخرى ملف استقلال الأقاليم الجورجية: أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
• أصبح ملف نشر شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكي يقابله من الناحية الأخرى ملف نشر شبكة الدفاع الصاروخي الروسية في بيلاروسيا.
• أصبح ملف التعاون السياسي الأوروبي مع أمريكا يقابله من الناحية الأخرى ملف التعاون الاقتصادي الأوروبي مع روسيا.
هذا، وعلى خلفية الأزمة المالية الأمريكية وما ألحقته من خسائر بالاقتصاد الأمريكي واقتصادات الدول الأوروبي الغربية فإن بلدان الاتحاد الأوروبي أصبحت أكثر ميلاً للتحفظ إزاء الانفتاح على الارتباط بالسياسات الأمريكية. وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى أن الخلافات الأمريكية الأوروبية الغربية ستنتقل خلال الفترة القادمة إلى داخل حلف الناتو وتحديداً في الملفات المتعلقة بمستقل العلاقات مع روسيا ومحاربة الإرهاب وتوسيع الناتو وما شابه ذلك.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...