مخاطر اتفاقية التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي

24-03-2010

مخاطر اتفاقية التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي

الجمل: شهدت العاصمة الروسية موسكو يوم الخميس 18 آذار (مارس) 2010م, توقيع اتفاقية تعاون بين الأمانة العامة للأمم المتحدة, والأمانة العامة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي, وما هو مثير للغرابة أن التقارير والتحليلات السياسية لم تهتم بتغطية ورصد هذا الحدث بالقدر الكافي, فما هو الملف الهام الذي انطوى عليه هذا الحدث. وما هي تداعياته على توازنات الأمن العسكري الإقليمي الدولي, وعلى وجه الخصوص في مناطق آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية والقوقاز والشرق الأدنى والشرق الأوسط؟
اتفاق الأمم المتحدة-منظمة معاهدة الأمن الجماعي
أشارت المعلومات إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد وصل إلى العاصمة الروسية موسكو في نهاية الأسبوع الماضي, وقام في يوم الخميس 18 آذار (مارس) 2010م, بتوقيع اتفاقية مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي والتي وقع عنها أمينها العام الجنرال نيكولا بورديوزه, هذا, وأضافت المعلومات بأن هذه الاتفاقية تتضمن الخطوط الآتية:
• إقرار التعاون بين منظمة الأمم المتحدة, ومنظمة اتفاقية الأمن الجماعي. دول منظمة معاهدة الامن الجماعي
• اعتراف الأمم المتحدة العملي والقانوني الدولي بدور منظمة اتفاقية الأمن الجماعي كمنظمة أمنية-عسكرية.
هذا, وعلى خلفية الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين المنظمين تجدر الإشارة إلى النقاط الآتية:
• خلال الفترة الماضية رفض حلف الناتو توقيع أي اتفاقية مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
• الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين منظمة الأمم المتحدة, ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي يتطابق بشكل تام مع الاتفاق الذي سبق وأن تم التوقيع عليه بين منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حلف الناتو.
تقول المعلومات والتقارير التي وردت يومي 22-23 آذار (مارس), بأن اتفاقية بان كي مون-الجنرال نيكولاي بورديوزه, سوف تترتب عليها المزيد من التداعيات الخطيرة, وذلك لأن بنود هذه الاتفاقية تنطوي على قدر كبير من قابلية الانزلاق باتجاه تصعيد الصراعات والحروب الإقليمية, ومن أبرزها:
• بند التعاون من أجل مكافحة المخدرات في أفغانستان, وفي هذا الخصوص, سوف تسعى بعض الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة الأميركية إلى الضغط على الأمم المتحدة لكي تضغط الأمم المتحدة بدورها على منظمة معاهدة الأمن الجماعي من أجل الدخول في المسرح الأفغاني لجهة مكافحة المخدرات, وهو أمر معناه الصدام والمواجهة المسلحة مع حركة طالبان الأفغانية التي تسيطر على مناطق زراعة المخدرات, إضافة إلى أن تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي سوف لن يتم إلا ضمن إطار التعاون والتنسيق مع حلف الناتو والقوات الأميركية.
• بند التعاون من أجل حماية الأمن والاستقرار, معناه, أن تتعاون الأمم المتحدة مع دول منظمة المعاهدة الجماعية لجهة محاربة الحركات الأصولية المسلحة الناشطة في مناطق آسيا الوسطى, والقوقاز, وهذا يعني  دفع منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى فتح ملف الحرب ضد الإرهاب في مناطق آسيا الوسطى والقوقاز بشكل مواز لملف الحرب الأميركية ضد الإرهاب الدائرة حاليا في المسرحين العراقي والأفغاني.
على خلفية توقيع معاهدة موسكو بين الأمم المتحدة, ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي, ما كان لافتا للنظر تمثل في تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف, والتي أكد فيها عن أمل موسكو بأن تؤدي الاتفاقية إلى حدوث تعاون حقيقي بين الطرفين, وأضاف لافروف قائلا بان أفغانستان المنشغلة حاليا سوف تشكل تهديدا على أمن دول منطقة منظمة معاهدة الأمن الجماعي وبقية المناطق.
منظمة معاهدة الأمن الجماعي وحلف الناتو:
تشير التحليلات السياسية إلى أن القيمة الحقيقية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي تتمثل في أنها تمثل الموازن الاستراتيجي العسكري-الأمني لمنظمة حلف الناتو, وإذا كانت منظمة حلف الناتو تعمل على توفير غطاء الدفاع العسكري عن أمن دول الاتحاد الأوروبي, فإن منظمة معاهدة الأمن الجماعي تعمل على توفير الدفاع العسكري-الأمني لمجموعة من الدول المستقلة التي كانت ضمن جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
تضم عضوية منظمة معاهدة الأمن الجماهي كل من: روسيا, كازاخستان, طاجاكستان, أوزبكستان, بيلاروسيا, أرمينيا, وتساهم كل واحدة من هذه الدول الأعضاء بالقدرات العسكرية البشرية والتكنولوجية.
تقول المعلومات بأن منظمة معاهدة الأمن الجماعي قد تم تكوينها في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2002م, حيث تم التوقيع على معاهدتها بواسطة روسيا وبقية دولها الأعضاء, على خلفية إدراك هذه الدول آنذاك بنوايا ومخططات إدارة بوش الجمهورية وجماعة المحافظين الجدد الرامية إلى توسيع حلف الناتو شرقا بما يتيح تطويق وتهديد روسيا وبقية الدول المجاورة لها, وعلى وجه الخصوص الحليفة موسكو.
لاحقا, وبعد اكتمال السياقات المؤسسة الخاصة بالمنظمة, فقد تم في 4 شباط (فبراير) 2009م, إنشاء قوة الرد السريع, وتم تحديد قيادة موحدة لهذه القوة, بحيث تعمل على غرار ونسق قيادة قوات حلف الناتو.
سعت إدارة بوش ودول الاتحاد الأوروبي, إضافة إلى إسرائيل إلى توجيه الانتقادات لإنشاء قوة الرد السريع, ومن ثم فقد ظلت إدارة بوش تعمل بشكل مضطرد على ممارسة الضغوط على موسكو من أجل التخلي عن تشكيل هذه القوة وتفكيكها تحت المزاعم والاتهامات الأميركية بأن موسكو قد سعت من خلال تشكيل هذه القوة إلى إقامة حلف عسكري جديد يحل محل حلف وارسو السابق, وأضافت الاتهامات الأميركية بأن وجود هذه القوة  لن يؤدي سوى إلى عودة مرحلة الحرب الباردة السابقة.
مؤشرات الانذار المبكر: ماذا تقول الإشارات؟
من المعروف أن خلافا كبيرا بشأن ملف العلاقات الروسية-الأميركية, ظل يدور داخل الكريملن, بين الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين, ومن الواضح أن ميدفيديف قد ظل يسعى من أجل اعتماد سياسة خارجية روسية تتطابق مع السياسة الخارجية الأميركية, وعلى وجه الخصوص في المسائل المتعلقة بعملية الحرب ضد الإرهاب, وعمليات ضبط التسلح, أما رئيس الوزراء فلاديمير بوتين, فقد ظل أكثر اهتماما بعملية الإصلاح الداخلي الروسي, إضافة إلى تعزيز الروابط مع الصين وبقية الدول التي تقع ضمن المجال الحيوي الأمني الروسي, إضافة إلى استخدام وتوظيف إمدادات الغاز والنفط الروسي لأوروبا كوسيلة لإضعاف الهيمنة الأميركية على القارة الأوروبية.
وبالمقابل, فقد ظلت واشنطن تسعى إلى إضعاف روسيا إضافة إلى توريطها في صراعات الحرب ضد الإرهاب بما يتيح لواشنطن ابتزاز القدرات العسكرية الروسية وتحويلها لقوة مضافة لصالح الاستراتيجية العسكرية-الأمنية الأميركية؟
تشير الوقائع إلى أن التوقيع على معاهدة موسكو بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي, قد سبقته جولة المبعوث الخاص الأميركي ريتشارد هولبروك إلى دول آسيا الوسطى الخمس, والتي سعى إلى التفاهم معها من أجل دعم الجهود الحربية الأميركية في المسرح الأفغاني, وتقول المعلومات بأن هولبروك قد حذر دول آسيا الوسطى من مغبة عدم تقديم الدعم والجهود, طالما أن انتشار الأصوليات الإسلامية المسلحة في المسرحين الأفغاني والباكستاني سوف لن يترتب عليه في نهاية الأمر سوى انتقال عدوى الجماعات الجهادية المسلحة إلى دول آسيا الوسطى الخمس المجاورة والمتاخمة لحدود شمال أفغانستان, وإضافة إلى هذه التحديات, تقول بعض المعلومات, بأن واشنطن قد سعت من جهة إلى استخدام المنظمات السلفية الوهابية السعودية والخليجية في دعم الحركات الإسلامية المسلحة الناشطة في مناطق القوقاز الشمالي لجهة تصعيد الصراع المسلح ضد روسيا, ومن جهة أخرى إلى إفهام موسكو بأن أمامها أحد خيارين: إما التعاون مع أميركا في حرب أفغانستان, مقابل أن تتعاون أميركا مع روسيا في حرب القوقاز الشمالي, أو تحزم موسكو أمرها لمواجهة ملف العنف في القوقاز الشمالي والذي بدا أكثر خطورة عما كان عليه من قبل!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...