ما هي الصفقة المرتقبة على خط أنقرة– بغداد–أربيل ضد العمال الكردستاني

17-12-2008

ما هي الصفقة المرتقبة على خط أنقرة– بغداد–أربيل ضد العمال الكردستاني

الجمل: على الصعيد الإقليمي تركز حكومة حزب العدالة والتنمية على العمل بمختلف الوسائل الدبلوماسية والأمنية والعسكرية من أجل حل أزمة ملف شمال العراق وخلال العام الماضي كثفت أنقرة جهودها الإقليمية والدولية والمحلية أيضاً من أجل القضاء على حزب العمال الكردستاني إما بالوسائل العسكرية لجهة تدمير قواعده والقضاء على عناصره أو بالوسائل الدبلوماسية لجهة إدماجه ضمن العملية السياسية التركية.
* ماذا تقول آخر التطورات:
نشر موقع جيمس تاون الإلكتروني – الاستخباري – الأمريكي تقريراً حمل عنوان «أنقرة – بغداد – أربيل على وشك التوصل إلى صفقة تهدف لردع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق». وقد أعد التقرير المحلل سابان كارداس وأشار فيه إلى النقاط الآتية:
• كثفت أنقرة جهودها الدبلوماسية مع بغداد وأربيل خلال الشهرين الماضيين لجهة وضع حد نهائي لوجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
• حصلت أنقرة على تأييد بغداد في القيام بتنفيذ الضربات العسكرية الجوية ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
• حصلت أنقرة على تأييد واشنطن في القيام بتنفيذ الضربات العسكرية الجوية في شمال العراق إضافة إلى الدعم اللوجستي والاستخباري الأمريكي.
• وجدت أربيل نفسها في مواجهة ضغوط ثلاثية تتمثل في «أنقرة – بغداد - واشنطن».
وعلى خلفية هذه الوقائع والتداعيات لجأت أربيل كما هو واضح من خلال أدائها السلوكي الدبلوماسي إلى خيار التفاهم مع أنقرة وواشنطن وبغداد وذلك على النحو الذي أصبحت فيه أربيل على وشك التحول من دائرة التفاهم إلى دائرة «التعاون الكامل» مع أنقرة في خيار القضاء على حزب العمال الكردستاني.
* أنقرة وتغيير قواعد اللعبة في شمال العراق:
لم يتم التحول في موقف أربيل من «الرفض» إلى «التفاهم» ثم إلى «التعاون الكامل» بالسهولة المتوقعة، بل جاء نتيجة جهود أنقرة المكثفة في تليين هذا الموقف وتكييفه من مشروطيات الخيار التركي الرئيس، وقد تكيفت كل من واشنطن وتل أبيب كذلك مع هذه المشروطيات رغم أنهما كانتا تقفان إلى جانب أربيل.
تعتبر العملية العسكرية التركية التي شهدها الشمال العراقي قبل حالي العام بمثابة نقطة التحول الدراماتيكية في الأداء السلوكي لأربيل ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:
• قبل العملية العسكرية التركية كانت أربيل أكثر تشدداً في التمسك بوجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وأكثر تهديداً في مواجهة تركيا، إضافة إلى تهديدها لكل من واشنطن وبغداد بأنها سوف لن تجعل العملية العسكرية التركية تمر دون القيام بالإضرار بمصالح بغداد ومحور واشنطن – تل أبيب في المنطقة.
• بعد العملية التركية أصبحت أربيل أكثر ليونة وقبولاً للتفاهم واستعداداً لعقد الصفقات مع أنقرة، مهما كان الثمن، حتى لو كان رأس حزب العمال الكردستاني.
إذاً لقد طبقت حكومة حزب العدالة والتنمية مبدأ التعامل مع أربيل وفقاً لسياسة طرق الحديد وهو ساخن أو بالأحرى سكب الماء البارد على الرؤوس الساخنة، وهي رؤوس أربيل التي كانت باردة قبل العملية العسكرية التركية، ولكنها أصبحت أكثر حرارة وسخونة بعد دخول الجيش التركي إلى شمال العراق وأصبحت حكومة كردستان الإقليمية وزعيمها البرزاني في مواجهة خطر خوض معركة أربيل تماماً على غرار معركة بغداد التي خاضها النظام العراقي السابق مع القوات الأمريكية وترتب عليها تصفية أركان هذا النظام.
* ما هي ملامح صفقة أنقرة – أربيل – بغداد:
زار الرئيس العراقي جلال طالباني (زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني المسيطر على منطقة السليمانية) العاصمة التركية أنقرة، وأعقب ذلك زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى العاصمة العراقية بغداد، ثم أعقب ذلك لقاءات وزيارات وتفاهمات تضمنت قيام رموز أربيل بزيارة أنقرة وعقد لاءات مع زعماء حزب العدالة والتنمية الحاكم وخصوصاً أردوغان ووزير خارجيته باباكان، هذا وتمثلت النتائج في الآتي:
• التأكيد على ضرورة الاستمرار في "الحوار البناء" من أجل تحقيق "الاستقرار في شمال العراق وجنوب تركيا".
• تقديم المساعدات للمبعوث التركي الخاص إلى العراق.
• التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي العالي المستوى على خط أنقرة – بغداد.
• تكوين لجنة أمنية مشتركة: تركية – أمريكية – عراقية، تهدف إلى تنسيق الجهود ضد حزب العمال الكردستاني.
وافق الرئيس التركي عبد الله غول على زيارة العراق ولكنه لم يحدد موعداً لذلك، ولكنه في حال قيامه بالزيارة فسيلتقي الطالباني والمالكي ثم يذهب إلى كركوك للقاء القيادات التركمانية العراقية، وبرغم ذلك فقد قام الرئيس العراقي جلال طالباني بزيارة كركوك وعقد لقاء مع الزعماء التركمان، وتقول التحليلات أن هذه الزيارة هدفت إلى استباق زيارة الرئيس التركي للمنطقة لتخفيف حدة التوترات الكردية – التركمانية بما يمهد المسرح لتمرير زيارة غول للمنطقة دون التعرض لأي تداعيات أو احتقانات سالبة.
تم الاتفاق بين أربيل – أنقرة – بغداد برعاية محور واشنطن – تل أبيب على ضرورة إنهاء وحسم ملف حزب العمال الكردستاني بشكل نهائي، وبهذا الخصوص، فإن هناك عدة خيارات تم طرحها في التفاهمات الثلاثية المشتركة لجهة معايرة أفضل السبل والآليات الملائمة لإنهاء خطر حزب العمال الكردستاني ويمكن الإشارة إلى هذه الآليات المطروحة على النحو الآتي:
• آلية الصراع الكردي – الكردي: تقول التسريبات أن جلال الطالباني ومسعود البرزاني قد اتفقا على القيام بعملية عسكرية – أمنية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
• آلية الصراع التركي – التركي: وتتضمن هذه الآلية قيام أنقرة بالاستمرار في عملياتها ضد حزب العمال الكردستاني مع ضرورة التزام أربيل والسليمانية بتقديم كل المعلومات الاستخبارية الضرورية حول تحركات عناصر الحزب في شمال العراق.
• آلية صراع الأجنحة داخل حزب العمل الكردستاني: تتضمن هذه الآلية بذل الجهود المشتركة لجهة تفعيل ملف صراع الأجنحة داخل الحزب، وتقول التسريبات الحالية بأن الصراع داخل الحزب يدور بين النخب ذات الأصل التركي في مواجهة النخب ذات الأصل العراقي والإيراني وغير ذلك. وبينما يفضل ذوو الأصول التركية الالتزام بنهج عبد الله أوجلان بتوجيه عمليات الحزب ضد تركيا وحدها، فإن ذوي الأصول الأخرى يفضلون تجميد العمليات ضد تركيا طالما أنها تورط الحزب مع حلفائه الأمريكيين والإسرائيليين إضافة إلى تعريض المكاسب الكردية في شمال العراق إلى الخطر وإلى إحداث فتنة بين الحركات الكردية العراقية وحزب العمال الكردستاني. إضافة لذلك، فإن النخب ذات الأصول التركية أصبحت تواجه الخلافات أيضاً ما بين مجموعة تطالب بتركيز العمليات في مناطق جنوب شرق تركيا وأخرى تطالب باستهداف كامل المجال التركي وضرب مصالح تركيا داخل تركيا وخارجها وهو ما سيعترض عليه أنصار حصر النشاط في الجنوب والشرق عن طريق تشديدهم على أن توسيع الملف بهذه الطريقة سيؤدي إلى تزايد نقمة الرأي العام التركي وإلى قيام الجيش التركي بتوجيه المزيد من الضربات للحزب.
إضافة لذلك، فقد برزت بعض التسريبات الجديدة القائلة أن خط السليمانية – أربيل يحاول الآن التفاهم مع بغداد وأنقرة وواشنطن على مدى إمكانية اعتماد خطة تستهدف إلى إقناع الأمم المتحدة بإصدار قرار ينص على نزع سلاح حزب العمال الكردستاني أسوة بقرار نزع سلاح حزب الله اللبناني وبعد صدور القرار يتم التفاهم بين الأطراف الإقليمية والدولية المعنية حول إمكانية القيام عن طريق الدبلوماسية أو العمل العسكري المتعدد الأطراف بنزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني، والعمل بعد ذلك على ترحيلهم إلى الأراضي التركي مع ضرورة قيام السلطات التركية بتقديم التسهيلات التي تعزز رغبتهم في العيش داخل تركيا والاندماج السلمي ضمن العملية السياسية التركية هذا، وتقول المعلومات بأن واشنطن تتحفظ بعض الشيء على هذا الطرح لأنها تتخوف من أن تؤدي خلفيات عناصر حزب العمال الكردستاني إلى تقوية الحركات اليسارية التركية وهو أمر سيترتب عليه مستقبلاً احتمالات تهديد المصالح الأمريكية في تركيا.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...