قصائد نزار قباني تملأ حياتنا فرحاً وحزناً

06-05-2007

قصائد نزار قباني تملأ حياتنا فرحاً وحزناً

 يحظ شاعر عربي في تاريخ الشعر العربي بالشهرة التي نالها نزار قباني. إذ انتشرت قصائد الشاعر السوري على ألسنة العامة قبل الخاصة، وليس مبالغة القول إنه لا يوجد مواطن عربي واحد منذ 30 سنة على الأقل، لم يسمع بهذا الشاعر ولا يحفظ ولو مقطعاً صغيراً من شعره.

والذي ساهم في شهرة نزار، قصائده التي تحولت إلى أغنيات صدح بها كبار المطربين العرب. وستبقى هذه الأشعار مصدراً مهماً للأغنية العربية لسنوات طويلة مقبلة. ونزار قباني لم يتعمد كتابة القصائد من أجل تلحينها. كان يكتبها ليقرأها الناس: «أنا لا أكتب الشعر ليغنى، وإذا طلب مني ذلك أرفض، القصائد أخذت من دواويني، ولحنت وغنيت ونجحت على سبيل المصادفة»، بحسب تعبيره.

وطيلة أكثر من نصف قرن، تحولت أكثر من 30 قصيدة لنزار إلى أغنيات، ملأت العرب حزناً وفرحاً وطرباً. ولكن متى كانت بداية شعر نزار مع الغناء؟ وما هي أول قصيدة له تحولت إلى أغنية؟

ظل سائداً لسنوات طويلة أن الملحن والمطرب السوري نجيب السراج هو أول من لحن وغنى من شعر نزار، من خلال قصيدة «بيت الحبيبة» عام 1958، وأن الموسيقار المصري محمد عبدالوهاب هو أول مصري لحن من شعر قباني عام 1960، من خلال «أيظن» التي غنتها نجاة الصغيرة. لكنني اكتشفت مصادفةً أن الملحن والمطرب المصري أحمد عبدالقادر هو أول من لحن وغنى من شعر الشاعر الراحل.

ففي شباط (فبراير) 2004، توفي الملحن السوري عدنان قريش، وطُلب مني إعداد فيلم تلفزيوني عنه. فبدأت رحلة البحث عن ألحانه في أعداد مجلة «الإذاعة» السورية في النصف الأول من خمسينات القرن العشرين. إذ كانت تلك المجلة تنشر عرض برامج إذاعة دمشق في أسبوع، وتضع مع كل أغنية اسم المطرب وكاتب الأغنية والملحن. وخلال بحثي عن ألحان قريش، وقع بصري فجأة على الفقرة التالية: «المطرب أحمد عبدالقادر يغني من ألحانه قصيدة «كيف كان» شعر نزار قباني»، وكان تاريخ بث الأغنية الجمعة 25 كانون الأول (ديسمبر) 1953. وبحثت عن التسجيل في المكتبة الموسيقية لإذاعة دمشق، فلم أجدها. وخطر ببالي أن أبحث في مستودع توضع فيه أشرطة الأغنيات التي يعتبرون أن الدهر أكل عليها وشرب... حتى عثرت على الأغنية مسجلة على «شريط بكر»، وتفيد البطاقة المرفقة بالشـريط بأنها سجلت في تاريخ 21/9/1953، ويقول مطلع الأغنية:

تساءلت في حنان/ عن حبنا كيف كـان/ وكيف نحن استحلنا/ حرائقاً في ثوان.

واتصلت بصديقي الدكتور صباح قباني، شقيق الشاعر الراحل، فوجد أن القصيدة منشورة في الصفحة 203 من ديوان «أنت لي» الصادر عام 1950. وهكذا أصبح من الثابت أن الملحن والمطرب المصري أحمد عبدالقادر هو أول من لحن وغنى من شعر نزار قباني خلال زيارته لدمشق في أيلول (سبتمبر) 1953. وخلال تلك الزيارة، أجرى معه الدكتور صباح (قباني) مقابلة لإذاعة دمشق، نشرت في العدد الخامس من السنة الأولى للمجلة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1953.

كان متوقعاً أن يكون الفنانون السوريون أكثر من لحن وغنى من شعر نزار قباني. لكن الذي حدث هو العكس، إذ لم يلحن من شعره سوى اثنين من الملحنين، الأول نجيب السراج الذي لحن قصيدة «بيت الحبيبة» عام 1958، وأتبعها بقصيدة «العيون الفيروزية»، وغناهما بصوته، وسعيد قطب الذي لحن قصيدة «أسألك الرحيلا»، وغنتها مطربة مغمورة اسمها رزان، وهي القصيدة ذاتها التي لحنها محمد عبدالوهاب لنجاة الصغيرة لاحقاً. ولحن قصيدة «لماذا تخليت عني» لربا الجمال.

المصريون كانوا أكثر من لحن وغنى من شعر نزار قباني، وكان أولهم الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي بدأ بقصيدة «أيظن» عام 1960، وغنتها نجاة الصغيرة، ثم أتبعها بقصائد أخرى لحنها لنجاة أيضاً هي «ماذا أقول له»، «أسألك الرحيلا». لكن قمة ألحان عبدالوهاب من شعر نزار قباني كانت «إرجع إلي» لنجاة أيضاً. وفي العام 1969، عندما تعاظم العمل الفدائي في فلسطين المحتلة، اهتزت مشاعر نزار، وابتدع قصيدة جميلة بعنوان: «أصبح عندي الآن بندقية»، فتلقفها عبدالوهاب ولحنها لأم كلثوم.

بعد «نكسة حزيران» (يونيو) 1967، كتب نزار قباني قصائد عدة، منها قصيدة «القدس» التي أعجبت عبدالحليم حافظ، فدفعها إلى صديقه محمد الموجي ليلحنها، وأجرى عبدالحليم البروفات عليها وسجلت.

وفي الوقت ذاته، أُعجبت المطربة المصرية شادية بالقصيدة، ودفعت بها إلى رياض السنباطي ليلحنها، وسجلتها أيضاً شادية بصوتها. لكن الأغنية لم ترَ النور لأن قانون حق المؤلف والملحن في مصر لا يسمح بتلحين الكلمات ذاتها مرتين، ويقول مطلع القصيدة:

بكيت حتى انتهت الدموع/ صليت حتى ذابت الشموع/ ركعت حتى ملنـي الركوع/ سألت عن محمد فيك وعن يسوع/ يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء/ يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء.

وعندما توفي الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عام 1970، رثاه نزار في قصيدتين: «قتلناك يا آخر الأنبياء» و «رسالة إلى الزعيم»، وهذه الأخيرة سجلتها أم كلثوم بصوتها وأذيعت مرات قليلة.

محمد سلطان لحن لفايزة أحمد قصيدة «رسالة إلى امرأة»، لكنها لم تحقق أي نجاح، تماماً مثل قصيدة «أغضب» التي لحنها حلمي بكر لأصالة نصري. لكن قمة ما لُحن من قصائد نزار، كانت ما لحنه محمد الموجي لعبدالحليم حافظ، وهما: «رسالة من تحت الماء» و «قارئة الفنجان».

وفي لبنان، فقط فيروز وماجدة الرومي غنتا من شعر نزار قباني. فيروز غنت قصيدتي «وشاية» و»لا تسألوني ما سمه حبيبي» اللتين لحّنهما الرحابنة. أما ماجدة الرومي، فغنت 4 قصائد، هي: «ست الدنيا يا بيروت» و»مع جريدة» (ألحان جمال سلامة)، و «كلمات» (ألحان إحسان المنذر) و «طوق الياسمين» (ألحان كاظم الساهر).

ووجد الساهر في قصائد نزار قباني مرتعاً خصباً له. فلحن وغنى 7 قصائد، هي: «اختاري»، «علمني حبك»، «زيديني عشقاً»، «قولي أحبك»، «أشهد ألا امرأة»، «إلى تلميذة»، «كل عام وأنت حبيبتي». كما لحن مقطعاً من قصيدة «أنا يا صديقة متعب بعروبتي»، وحملت الأغنية عنوان «دمشق» وغنتها لطيفة التونسية، إضافة طبعاً إلى لحنه لماجدة الرومي.

أما في الخليج، فثمة قصيدة وحيدة لنزار قباني تحولت أغنية، هي «عيناك كنهري أحزاني» التي اختار خالد الشيخ مقاطع منها، وألبسها لحناً رومانسياً جميلاً وغناها بصوته.

أحمد بوبس

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...