تكريم حيدر حيدر في مهرجان المزرعة

29-08-2006

تكريم حيدر حيدر في مهرجان المزرعة

لقد بات مهرجان المزرعة للابداع الادبي والفني علامة فارقة ليس في الحياة الثقافية لمدينة السويداء بل ايضا في سورية والوطن ا لعربي, والمهرجان الذي اختتم يوم الخميس في 24/8/2006 اسبوعاً من النشاط ا لثقافي الادبي والفني , شمل معرضاً للكتب وامسيتين شعريتين للشعراء غسان حنا, فاديا غيبور, شكيب ابو سعدى, عبد القادر الحصني في اليوم الاول, و (علاء الدين عبدالمولى, ناصر زين الدين,سامر كحل , فؤاد نعيسة), في اليوم الثاني, تلاهما أمسيتان للموسيقا الكلاسيكية العربية قدمتهما فرقة جمعية اصدقاء الموسيقا بقيادة قائد الاوركسترا الاستاذ معين نفاع وامسية قصصية للأدباء : محمد ابو معتوق, عبد الله ابو هيف , غسان ونوس, تلتها ندوة حوار ثم العرض المسرحي الذي اعده واخرجه رفعت الهادي بعنوان ( امرأة وحيدة) عن نص الكاتب داري فو, في ثالث ايام المهرجان, كان مسك الختام الاربعاء مع الندوة التكريمية للكاتب الكبير حيدر حيدر بمشاركة الاساتذة : د. نضال الصالح, د.رضوان القضماني, د.محمد الحاج صالح, واطلاق دورة الاديب حيدر حيدر على جائزة الرواية للعام الحالي, كما درج المهرجان على اتباعه خلال دوراته السابقة, تكريماً لكبار المبدعين , ونظرا لغنى المهرجان وتنوع فعالياته سنتوقف عند ندوة التكريم للاديب الكبير حيدر حيدر .‏

افتتح الندوة وادارها د. ثائر زين الدين, بالترحيب بحضور مسؤولين وادباء وفنانين وجمهور ذواقة وبترحيب خاص بالروائي والقاص الجميل لقبوله الدعوة, احتفاء بأعذب واعند اغنيات الحرية وبصوت روائي وقصصي مميز وبلغة قصصية وروائية جديدة, تقوم على اسلوب يستخدم الكثافة والمجاز مغامرا بالاقتراب من حواف الشعرية من دون الوقوع فيها مسترفداً التحليل النفسي وتيار الوعي والفلسفة والاسطورة..‏

الدكتور محمد الحاج صالح قدم شهادته حول صديقه حيدر حيدر: بداية مسيرة نضالية بدأت من قريته حصين البحر في الخمسينات من القرن الماضي وترافقت بعشق الاديب للبحر والحب والحرية, مسيرة تنامت سياسيا وادبيا, اعقبها مشاركة فاعلة في الستينات, ثم ارتحل الى الجزائر هربا من جور لاختلاف في المواقف حيث ساهم في حملة التعريب ثم الى لبنان ليشترك مع المقاومة الفلسطينية ثم الى قبرص حيث كتب أوراق المنفى ونشر وليمة لأعشاب البحر ليعود الى الوطن من جديد, وكان في كل مرحلة يحمل معه ادبا يرصد الحالة السياسية والاجتماعية لبلده وبلده ليست حصين البحر او طرطوس او سورية, بل اي بلد من البلدان العربية وأي بلد من بلدان العالم المصاب بالاضطهاد.‏

د. رضوان القضماني تناول خصوصية النص الروائي عند الاديب كواحد من الاعلام الكبار للرواية السورية واحداثه نقلة في مسيرتها موضحا موقفه النقدي المستند الى ان الرواية العربية والسورية ولدت معوقة لأن عصر النهضة العربية الذي ارتبطت به لم يؤمن لها الارضية التي تحتاجها كما فعل عصر النهضة الاوروبي, فاتسمت بالتبعية للخطاب التنويري والخطاب الايديولوجي بمذاهبه الواقعية (انتقادية او طبيعية او اشتراكية) او خرج عنها نحو مذاهب وجودية او حداثية او ما بعد حداثية وحيدر حيدر شكل نقلة في تاريخ تطور الرواية السورية بخروجه عن كل تلك الاشكال والانتساب الى تيار الوعي بدءاً من روية ( الزمن الموحش ) بعد هزيمة حزيران فكانت انطلاقة جديدة, من خلال هذا الاسلوب الذي يقدم مدركات الشخصيات وافكارها كما تطرأ في شكلها الواقعي العشوائي وهي تقنية تكشف عن المعاني والاحساسات من دون اعتبار للسياق المنطقي او التمايزبين مستويات الواقع المختلفة وهو فن في وصف الحياة النفسية الداخلية للشخصيات بطريقة تقلد حركة التفكير التلقائية التي لا تخضع لمنطق معين ولا لنظام تتابع خاص.‏

الدكتور نضال الصالح تحدث عن حيدر حيدر قاصاً متخذاً من قصة (اغواء) للكاتب نموذجاً واعتبر د. الصالح حيدر احد ابرز علامات الفارقة من كتاب الجيل الثاني الذي افصح عن نفسه بقوة في عقد الستينات والذي يمكن عد انجازات معظم مبدعيه منعطفا حقيقيا في ذلك التاريخ واضاف لا تكمن اهمية قص حيدر حيدر في كونه مثالاً جهيراً لكتابة تخص مبدعها وحده فحسب بل في كونه ايضا كتابة زاخرة بالاشارات الدالة على ابداع متميز استطاع ان يحوز لنفسه مكانة متقدمة في المشهد القصصي العربي عامة وليس ادل على ذلك من ان عددا من مجموعاته طبع غير مرة من جهة وان مجمل تلك المجموعات لا يحاكي ما سبقه من تجارب قصصية عربية بل يشكل تجربة جديدة من جهة اخرى وقال لقد صدر للكاتب حتى الان ست مجموعات قصصية هي:‏

حكايا النورس المهاجر( وزارة الثقافة 1968) الومض( اتحاد الكتاب 1970) والفيضان ( وزارة الاعلام بغداد 1976) والوعول ( دار ابن رشد بيروت) والتموجات( المؤسسة العربية للدراسات بيروت 1980) ومراثي الايام ( دار ورد دمشق 2004) واخيرا مجموعة اغواء ( دار ورد دمشق 2005)‏

حيدر حيدر وجه كلمة شفوية شكر فيها الاصدقاء والزملاء الذين تحدثوا عن تجربته بهذا التحليل الدقيق والعميق والحضور في هذا المهرجان الابداعي والفني الادبي الذي لا تعتز به محافظة السويداء فقط وانما يعتز به كل الوطن العربي وكل سورية, التي تحتاج لأن يكون في كل محافظة فيها مثله واضاف, لأني لا اعرف ان اجامل او اداري فإن هذا المهرجان من نقاط العلام في تاريخ المهرجانات بسورية ويستحق بأن نقول عنه انه منارة ثقافية واضاف لابد لي ان اشكر من اعماق قلبي كل من اشرف وساهم ورعى المهرجان, وتحديداً الاستاذ يحيى القضماني وعندما نحضر هذا المهرجان نشعر ان الثقافة العربية لا تزال بخير, وهذا المهرجان الذي تقوم به المحافظة يجب ان تقوم به مؤسسات وان يكون قدوة , فأنا لم اشهد عمق الثقافة كما شهدته في هذا المهرجان, وان تسمى هذه الدورة باسمي فهذا شرف كبير لي وانا اعتز به فهو شرف للثقافة العربية منارتنا وخندقنا الاخير في هذا الزمن الاخير, وبعد ان كرر حيدر شكره للحضور والسيد محافظ السويداء, تحدث عن ملامح الرواية العربية الجديدة والمغايرة التي تبتعد عن الرواية الواقعية الاجتماعية, فقال(ثمة افتراق بنيوي في السرد والتحليل واللغة وانكسار الازمنة, ينعطف عن المجرى المألوف للرواية الواقعية- الاجتماعية المنحدرة الينا من رواية القرن التاسع عشر الغربية المضايق الوعرة عبر حداثات روائية متنوعة, يظل عنصر الجذب المغناطيسي فيها هو الايقاع الوجودي والنفسي للاحداث والحالة الدرامية والمأزومة للشخصية الروائية وهي تواجه مصيرها الكوني في عالم مضطرب قلق وفاجعي هذا الايقاع في الروايات التي تؤسس حداثيا , يشرخ الوقائع والاحداث والعلاقات وينثرها في الفضاء الروائي عبر ازمنة انكسرت سلسلتها المتوالية, فالماضي والحاضر والمستقبل ازمنة تتناوب وتتموج عبر تيار الوعي والذاكرة على نحو مشتبك ومنكسر الايقاع).‏

وقبل ان يقدم السيد المهندس علي احمد منصورة محافظ السويداء والسيد المهندس يحيى القضماني درع المهرجان للاديب المكرم, خص السيد المحافظ الثورة بكلمة جاء فيها يزداد مهرجان المزرعة الادبي والفني ألقاً في كل عام من خلال العدد الكبير من المبدعين الذي يشاركون والذي ينالون الجوائز التي تقدم من قبل المهندس القضماني الذي له الكلمة الاولى في تكريم المبدعين مادياً في كل دورة من دورات هذا المهرجان ونحن نشكر الاديب الكبير والجميع حضوراً وأدباء والشاغلين في حقل الثقافة بشكل عام , وكل الذين ساهموا في الاعداد والاشراف على هذا المهرجان المميز, الذي نتمنى له الالق الدائم, كما شكر مدينة السويداء التي تحمل اعباء الثقافة والادب لتضيف الى قلاعها الوطنية و الثقافية والادبية قلعة تتقاطع عندها القلاع الثلاث هو الاديب الكبير حيدر حيدر , وقال : نعتز بأن الدورة التاسعة حملت اسم الروائي الكبير حيدر حيدر الذي كرم اليوم والذي تكرمت السويداء ايضا بحضوره بيننا !‏

منهال الشوفي

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...