تركيا: كتّاب ينتقدون «الأحلام العثمانية» لداود أوغلو

27-06-2012

تركيا: كتّاب ينتقدون «الأحلام العثمانية» لداود أوغلو

يكاد يوجد شبه إجماع على أن تركيا لن تلجأ إلى الخيار العسكري رداً على إسقاط سوريا طائرة تركية في المياه الإقليمية السورية الجمعة الماضي.
وكتب سامي كوهين، في «ميللييت»، إن الكثير قد كتب عن الحادثة، لكن هناك الكثير من الأسئلة التي تنتظر أجوبة واضحة، و«بما أن الجوانب العسكرية والفنية من الحادثة معقدة جداً فإن النقاش حول حقيقة ما جرى سيستمر وقتا طويلا. لكن الموضوع خرج من نقطة كيفية حصول الحادثة، إلى نقطة تقييم التداعيات الثنائية والدولية لها».
وحتى الآن فإن جميع البيانات الرسمية لا تذهب إلى التحرك الفوري ضد سوريا، لكنها تدعو إلى الحفاظ على الهيبة والكرامة الوطنية. وحول هذا توجد جملة أسئلة:
1- ما هي الخيارات التي بيد تركيا؟
نظرياً يمكن أن تطرح كل الخيارات، ومن بينها عملية عسكرية محدودة أو شاملة، لكن أنقرة ليست بهذا الوارد في هذه المرحلة على الأقل. الحكومة ما زالت في مرحلة المعالجة الديبلوماسية. وتركيا تحمل قضيتها إلى المحافل الدولية، وتريد من هذا التحرك تسجيل حقها لتهيئة الأرضية لاحقا لمشروعية أي رد، وممارسة المزيد من الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد، وهي تخطط لاتخاذ بعض الإجراءات الأحادية ضد سوريا في الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية.
2- ماذا تنتظر تركيا من حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة؟
تتطلع أنقرة إلى صدور بيان رئاسي على الأقل من مجلس الأمن. كما تنتظر بيانا واضحا جدا من حلف شمال الأطلسي يعلن دعمه لها، لتكون المسألة السورية للمرة الأولى في جدول اهتمامات «الأطلسي». بالطبع لن يبادر الحلف إلى أي إجراء عسكري، لكن تركيا تسعى إلى أن تكون سوريا بندا ثابتا في جدول أعمال الحلف. وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن ان إسقاط سوريا طائرة حربية تركية هو عمل «غير مقبول»، مؤكدا ان الحلف يقدم لأنقرة «دعمه وتضامنه» معها.
3- ماذا تنتظر تركيا من سوريا؟
للوهلة الأولى تأتي مسألة الاعتذار والتعويضات. ولكن إذا فعلت سوريا ذلك فهذا يعني أنها تعترف بمسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، ولكن هذا لن يقفل الموضوع فأنقرة لا تثق بنظام الأسد.
4- ما الذي ستفعله روسيا؟
لا يمكن انتظار موقف معارض لسوريا من قبل الحليف الرئيسي لدمشق. ولكن روسيا بدت متفهمة للتطورات ولا تريد تضخيمها. لقد تركت هذه القضية روسيا في حرج. ولذا هي ترجح العمل على تهدئة الأزمة.
وأنهى كوهين مقالته بالقول إن «العلاقات التركية - السورية اتخذت بعدا جديدا بعد إسقاط الطائرة، وواضح أن هناك خلافا خطيرا بين البلدين. ويبقى انتظار ما إذا كانت هذه الحادثة ستضعف نظام الأسد أم لا، وهو سؤال صعب ينتظر الإجابة عليه».
وبرزت أيضاً مقالة من احد أبرز الكتّاب الأتراك، وهو ارطغرل اوزكوك، رئيس تحرير صحيفة «حرييت» السابق، وقد وتوجه فيها إلى وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو مفندا العديد من عناوين خطابه في السياسة الخارجية.
وكتب اوزكوك إن داود اوغلو يتحدث كثيرا عن سياسة دعم الشعب السوري، والحكومة تبحث اليوم عن إجماع وطني على هذه السياسة، وكان حريا بالوزير أن يتحدث عن دعم الشعب السوري بعد أن يلتقي زعماء المعارضة ويقف عند رأيهم، وليس قبل الاجتماع بهم.
ويسأل اوزكوك الوزير ماذا يقصد بالشعب السوري في الوقت الذي تدعم تركيا المعارضة السورية. ويضيف «كانوا يقولون إن ميدان التحرير في القاهرة يمثل الشعب المصري، لكن تبين أن حوالي نصف الشعب المصري صوّت لأحمد شفيق ولم يكن في ميدان التحرير. وبالتالي فإلى أي مدى يمكن أن يكون صحيحا اعتبار مجموعات المعارضة المسلحة في سوريا تمثل «الشعب السوري؟».
وعن أي دعم يتحدث داود اوغلو؟ يقول اوزكوك إن من الواضح انه الدعم بالمال والسلاح للمعارضة الذي يمر عبر تركيا. وفي ظل هذا الوضع فهل يمكن الحكومة أن تتحدث عن دعم من «الشعب التركي» لأي عملية عسكرية ضد سوريا تكون أنقرة جزءا منها؟. وفي ظل الصدامات اليومية التي تشهدها تركيا، ألا يشكل التدخل في الصراع الداخلي في سوريا خطرا على الوضع الداخلي التركي؟
ويخاطب اوزكوك وزير الخارجية التركي قائلا «يجب الأخذ بالاعتبار الشعب التركي في تقرير السياسة الخارجية التي تشخصنت إلى حد كبير، وتحولت إلى سياسة تدخل خارجية متطرفة باتت جزءا من التحالف السني».
ويقول اوزكوك ان «من المهم بالطبع تقديم الدعم للعملية الديموقراطية في سوريا وأن نقف ضد القتل، لكن إلى هذا الحد. أما إذا هرعنا إلى سياسة دعم للشعب في سوريا فعلينا أولا أن نعلم مشاعر شعبنا نحن، وهل نحن مع سياسة دعم فاعلة يمكن أن تجلب الحرب إلينا؟ إن مثل هذا السؤال هو بالجدية التي لا يمكن أن تترك أمانة لدى الأحلام العثمانية لوزير خارجيتنا».
وفي «حرييت» كتب جنكيز تشاندار متهكما على الحكومة التي تقول إن «تركيا ليست دولة قبيلة». واعتبر ان هذا الكلام يعني أن تركيا ستتصرف بعقلانية وهدوء، ولن ترد على إسقاط سوريا الطائرة التركية. ويتساءل هل إن إسرائيل دولة قبيلة عندما هاجمت «أسطول الحرية»؟ وهل الولايات المتحدة دولة قبيلة عندما غزت أفغانستان وبقرار «أطلسي» ردا على هجمات 11 أيلول؟
ويضيف تشاندار أن صورة تركيا في الخارج هي أنها بلد «يجعجع كثيرا ولا يفعل»، وأن دعوتها لحلف شمال الأطلسي إلى الانعقاد دليل على أنها لن ترد على سوريا، لأن الذي يريد الرد لا يدعو إلى اجتماع للتشاور وفق المادة الرابعة من نظام الحلف.
وحذّر العديد من الكتّاب من انجرار تركيا إلى الفخ الذي يعد لها عبر تورطها في صراع عسكري مع سوريا. وحذر عثمان اوزصوي من أي ردة فعل انفعالية لتركيا على إسقاط الطائرة، معتبرا ان هذا سيعيدها سنوات إلى الوراء. وقال ان تركيا ليست بلدا تتأسس عليه قواعد اللعبة، بل يجب ان تكون البلد الذي يؤسس لقواعد اللعبة. يجب ألا تقع تركيا في الفخ، وأن تقوم بخطوات إستراتيجية تفسد ما يرمي إليه الآخرون لإضعافها.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...