الحرب الباردة الأردنية - الفلسطينية

30-08-2008

الحرب الباردة الأردنية - الفلسطينية

الجمل: شهدت العلاقات الأردنية – الفلسطينية الكثير من التوترات هذا وبرغم التهدئة التي استمرت لفترة طويلة بين النظام الملكي الأردني وحركات المقاومة الفلسطينية في الفترة الممتدة من أحداث أيلول الأسود 1970م وحتى الآن، فإن هذه الفترة ظلت تحمل ملامح وبصمات الحرب الباردة الفلسطينية – الأردنية.
* ماذا تقول التطورات الجديدة:
أعلن وزير الإعلام الأردني رسمياً عن انعقاد لقاءات واجتماعات بين بعض المسؤولين الأردنيين الكبار مع بعض زعماء حركة حماس من أجل حل المشاكل والقضايا الأمنية العالقة بين الطرفين. هذا، ومن المعروف أن أبرز المشاكل على خط حماس – عمان تتمثل في الآتي:
• علاقات وروابط حماس مع الحركة الإسلامية الأردنية المعارضة للنظام الملكي الأردني.
• استخدام حماس للأراضي الأردنية كمعبر لتمرير الإمدادات لعناصر الحركة في الأراضي الفلسطينية وعلى وجه الخصوص في الضفة الغربية.
• شكوك النظام الأردني في علاقات حماس مع المقاومة العراقية.
• قيام السلطات الأردنية بملاحقة واعتقال عناصر حماس.
• دعم السلطات الأردنية للسلطة الفلسطينية وحركة فتح الذين يمثلون خصوم حماس في الوقت الحالي.
هذا، وتقول المعلومات بأن اجتماعات حماس مع السلطات الأردنية الجارية حالياً وقد يترتب عليها ارتفاع التوترات خاصة وأن السلطات الأردنية تحاول الضغط في هذه الاجتماعات على حركة حماس لكي تقبل المزيد من التنازلات.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر توتر على خط حماس – عمان كان قبل حوالي عامين عندما قامت السلطات الأردنية باعتقال ثلاثة من عناصر حماس تحت طائلة اتهامات تتعلق بتورطهم في الأنشطة الإرهابية وعمليات تهريب الأسلحة وقد نجح الطرفان آنذاك في تجميد الخلاف بما أدى إلى التهدئة.
* اجتماعات حماس – عمان: أبرز الدلالات والخلفيات غير المعلنة.
انخرط النظام الأردني بقوة ضمن تحالف المعتدلين العرب الذي شهدت الساحة السياسية الإقليمية العربية صعوده بقيادة مثلث عمان – القاهرة – الرياض وبإشراف أمريكي – إسرائيلي وبعد مرور عامين تآكلت أجندة تحالف المعتدلين العرب وبدا واضحاً أن رهانات أركانه قد استنفدت مقوماتها وبرغم ذلك تشير عملية تحليل الأداء السلوكي الميداني الجاري إلى وجود محاولة جديدة لإعادة إنتاج ملف المعتدلين العرب وذلك ضمن صيغة جديدة يغلب عليها الطابع الليكودي هذه المرة.
الملامح البارزة لما يجري تحت سطح دبلوماسية المعتدلين العرب تتمثل في الآتي:
• محاولة مصرية لممارسة الضغوط على قطاع غزة.
• محاولة أردنية لممارسة الضغوط على الضفة الغربية.
وإذا كانت المحاولة المصرية الهادفة للضغط على قطاع غزة والسيطرة عليه عبر تفعيل بنود خطة الإحدى عشر بنداً المدعومة سعودياً وبالتالي أمريكياً وإسرائيلياً فهل اجتماعات عمان – حماس هي نقطة البداية لوجود خطة أردنية تهدف إلى الضغط على الضفة الغربية والسيطرة عليها عبر تفعيل بنود الخطة على غرار نموذج الخطة المصرية – السعودية إزاء غزة، وذلك على النحو الذي يمكن القول معه بأن هدف خطة غزة وهدف خطة الضفة الغربية هو تنفيذ النموذج الذي سبق أن اقترحه بنيامين نتينياهو زعيم الليكود الإسرائيلي ووجد التأييد والمساندة بواسطة خبراء اللوبي الإسرائيلي، وبكلمات أخرى هل تم تحويل هذه الفكرة إلى سيناريو عملي لقنته الإدارة الأمريكية لمثلث القاهرة – عمان – الرياض وبدأنا نشهد أولى خطواته العملية الميدانية؟
* الإدراك الملكي الأردني لحركة حماس: الخلفيات غير المعلنة:
خلال شهري نيسان وأيار عام 2006م قامت أجهزة الأمن الأردنية باعتقال أكثر من عشرين شخصاً بتهمة الانتماء لحركة حماس، وإضافةً لذلك اعتقلت ثلاثة فلسطينيين واتهمتهم بتجميع معلومات استخبارية عن المنشآت الإسرائيلية والمتعاملين معها داخل الأردن وتمرير هذه المعلومات إلى زعماء حركة حماس الموجودين خارج الأردن.
لاحقاً وبعد ذلك، عرض التلفزيون الأردني اعترافات المتهمين الثلاثة المتعلقة بنواياهم استهداف المنشآت الإسرائيلية وأجهزة الأمن الأردنية إضافةً إلى أنواع الأسلحة والمتفجرات الإيرانية الصنع وبعد انقضاء فترة أدانت إحدى المحاكم الأردنية المتهمين وأصدرت في حقهم أحكاماً بالسجن لفترات طويلة.
تشير التحليلات إلى أن النظام الأردني ما زال ينظر ويتعامل بحذر شديد مع حركة حماس وبالمقابل ما زالت حركة حماس تنظر وتتعامل بحذر شديد معه وعلى هذه الخلفية تؤكد التوقعات بأن الحرب الباردة بين حماس وعمان ستستمر لفترة طويلة قادمة.
* الضغوط المتبادلة ومحفزات الحرب الباردة:
من الواضح للعيان أن تحفظات وشكوك النظام الأردني إزاء حماس ما تزال وستكتسب ديناميكية أكبر بسبب مجموعة من العوامل أبرزها:
• الضغوط الخارجية على عمان:
- الضغوط الإسرائيلية على عمان وهي ضغوط تقوم على أساس خلفيات وبنود اتفاقية السلام الأردنية – الإسرائيلية وما ترتب عليها من التزامات ومسؤوليات على عمان.
- الضغوط الأمريكية على عمان وهي ضغوط تقوم على أساس خلفيات التفاهم على خط عمان – واشنطن وملفات الحرب على الإرهاب ودور أمريكا كضامن لأمن إسرائيل ولاتفاقية السلام الأردنية – الإسرائيلية.
• الضغوط الداخلية على عمان:
- ضغوط اقتصادية بسبب ارتفاع الأسعار وعلى وجه الخصوص أسعار مواد الغذاء والوقود إضافةً إلى عدم ارتفاع معدلات الأجور.
- ضغوط تزايد التوجهات الإسلامية بسبب اتساع نطاق الرأي العام الأردني لحركات المقاومة الإسلامية السنية في العراق والمقاومة الإسلامية السنية في فلسطين.
- ضغوط الإنتلجينسيا الأردنية المتمثلة في مطالبة النخب الفكرية والثقافية الأردنية للنظام بضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات المؤدية إلى تعزيز الشراكة واقتسام السلطة والثروة إضافة1ً إلى إعطاء الشرائح والفئات الاجتماعية دوراً أكبر في عملية صنع واتخاذ القرار بعدما ظل البلاط الملكي الأردني يهيمن عليها طوال الحقب الماضية التي أعقبت استقلال الأردن.
 ازدواج الضغوط الخارجية والداخلية دفع النظام الأردني إلى محاولة البحث عن مخرج من خلال الانخراط والمشاركة الفاعلة في سيناريو تحالف المعتدلين العرب. هذا، وتشير الاستنتاجات إلى أن تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية والتمادي في محاولة كسر إرادة حركة حماس ستزيد من احتمالات تصعيد المواجهة على خط عمان – حماس  وهو أمر كان من المستبعد أن يصل إلى مستوى نموذج حرب أيلول الأسود فإن تداعياته ستكون أكثر خطورة على استقرار النظام الأردني لأن إشعال سيناريو صراع حماس – النظام الأردني سيؤدي هذه المرة إلى اجتذاب الكثير من الفئات والشرائح والقوى السياسية الأردنية إلى جانب حماس وعلى وجه الخصوص الحركة الإسلامية الأردنية التي أصبحت أكثر سخطاً ضد توجهات عمان الموالية للولايات المتحدة الأمريكية والهادفة إلى استرضاء تل أبيب.
فهل ستسعى عمان إلى تهدئة التوتر مع حماس أم أنها ستمضي في اتجاه التصعيد؟ وبالتأكيد ستلجأ عمان إلى التهدئة مع حماس إذا استطاع البلاط الملكي الأردني أن يدرك بأن صراع عمان – حماس هو أحد الأحلام والأماني الغالية على إسرائيل لأنه سيتيح لها فرصة عبور  نهر الأردن والدخول إلى عمان لمساعدة حلفائها وعندها سوف لن تعود القوات الإسرائيلية مرة أخرى لأن تل أبيب ستتمسك بضرورة البقاء في عمان لحماية الحلفاء ومحاربة الإرهاب تماماً مثلما تحاول واشنطن القيام به حالياً العراق!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...