هل تتحررالسياسةالخارجيةالتركيةمن ضغوط الأزمات الاقتصاديةالداخلية

10-12-2008

هل تتحررالسياسةالخارجيةالتركيةمن ضغوط الأزمات الاقتصاديةالداخلية

الجمل: تشير التوقعات إلى أن السياسة الخارجية التركية سوف تواجه المزيد من الخيارات المعقدة خلال العام القادم، وعلى وجه الخصوص تلك الخيارات ذات الصلة والارتباط بالخلافات التركية_ التركية الداخلية.
• ماذا يحمل جدول أعمال السياسة الخارجية التركية:
يعتبر جدول السياسة الخارجية التركية، من الأكثر بين دول الشرق الأوسط اكتظاظاً بالملفات المعقدة خلال العام القادم، وتتضمن هذه الملفات: أزمة القوقاز- أزمة البلقان- أزمة نفط آسيا الوسطى- أزمة بحر قزوين- أزمة الصراع الأرمني_الأذربيجاني- أزمة الصراع العربي_الإسرائيلي- أزمة العراق= أزمة الملف النووي الإيراني- أزمة قبرص- أزمة الصراع الأمريكي_الروسي- أزمة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
هذا وتقول المعلومات والتحليلات، بأن كل أجندة السياسية الخارجية التركية إزاء هذه الأزمات، مرتبطة بشكل وثيق بأجندة الصراع التركي_التركي الداخلي بين التحالف الحاكم الذي يقوده حزب العدالة والتنمية والتحالف العارض الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري التركي.
ارتباط أجندة السياسة الخارجية التركية بأجندة السياسة الداخلية التركية، ترتب عليه التقليل من فعالية الحراك الدبلوماسي التركية في البيئة الإقليمية والدولية..
- الانسجام مع أجندة السياسة الخارجية الأمريكية سوف يؤدي إلى فشل أجندة السياسة الخارجية التركية الإقليمية.
- عدم الانسجام مع أجندة السياسة الخارجية الأمريكية سوف يؤدي إلى مواجهة المشاكل الاقتصادية والتي سوف تؤدي بدورها إلى تزايد المعارضة وتآكل شعبية حزب العدالة والتنمية وإضافة لذلك، تشير إلى الآتي:
- عدم التغلب على المشاكل الداخلية سوف يعرقل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
- عرقلة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي سوف تضعف شعبية حزب العدالة والتنمية وتعزز موقف المعارضة التركية.
وإضافة إلى تأثير العامل الأمريكي، والعامل الأوروبي على أجندة السياسة الخارجية التركية، برز على خلفية الأزمة الجورجية، تأثير العامل الروسي، مما أدى إلى وجود ثلاثة أطراف تؤثر بشكل متعاكس على توجهات السياسة الخارجية التركية.
- الخلافات مع روسيا سوف تؤدي إلى احتمالات حرمان أنقرة من مزايا تمرير خطوط أنابيب النفط والغاز عبر أراضيها.
- الخلافات مع واشنطن سوف تؤدي إلى احتمالات تزايد خطر العمليات المسلحة الكردية، إضافة إلى حرمان أنقرة من المساعدات الاقتصادية.
- الخلافات مع الاتحاد الأوروبي سوف تؤدي إلى حرمان أنقرة من نيل عضوية الاتحاد الأوروبي.
على خلفية هذه الخلافات والملفات غير المواتية.. فإن السياسة الخارجية التركية، أصبحت مطالبةً أولاً وقبل كل شيء الانتباه جيداً إلى مخاطر الرمال المتحركة التي أصبحت تهدد أنقرة بالغرق..
• أنقرة وملف المحادثات السورية_ الإسرائيلية غير المباشرة:
يعتبر ملف إدارة المحادثات السورية_ الإسرائيلية غير المباشرة، بمثابة الملف الأكثر صعوبة والذي سوف يشكل تحدياً حقيقياً لجدول أعمال السياسة الخارجية التركية، ويعود ذلك إلى عدة أسباب:
- الإشكاليات الإستراتيجية: وتتمثل الإشكاليات الإستراتيجية، في المواقف الآتية:
. التزام سوريا بالتمسك بحقوقها المشروعة العادلة إزاء استرداد حقها القانوني.
. التعنت الإسرائيلي الذي يركز على محاولة تحقيق السلام دون رد الحقوق إلى أصحابها.
. وقوف واشنطن المطلق إلى جانب إسرائيل.
- الإشكاليات التكتيكية: وتتمثل الإشكاليات التكتيكية في المواقف الآتية:
. عدم قدرة أنقرة ممارسة الضغوط على إسرائيل.
. عدم قدرة أمريكا ممارسة الضغوط على إسرائيل
. عدم قدرة تل أبيب وواشنطن ممارسة الضغوط على تركيا.
. عدم قدرة تل أبيب وواشنطن ممارسة الضغوط على سوريا.
. عدم قدرة أنقرة ممارسة الضغوط على أمريكا.
هذا، وعلى خلفية المعايرة بين الإشكاليات الإستراتيجية والإشكاليات التكتيكية، فإن الاستثناء الوحيد المتعلق بجهة قدرة أنقرة على ممارسة الضغوط ضد واشنطن، هذا استثناء برز بوضوح من خلال
- قدرة أنقرة على التدخل في شمال العراق بما يمكن أن يترتب عليه إضعاف الوجود الأمريكي في العراق.
- مخاوف واشنطن من احتمالات أن تلجأ أنقرة إلى التحالف مع موسكو وطهران، وذلك بما سوف يؤدي بكل تأكيد إلى إلحاق الأضرار الفادحة بمستقبل الإستراتيجية الأمريكية في العالم.
تلعب تركيا دور القلب في الإستراتيجية الأمريكية إزاء العاملين، وقد أدرك حزب العدالة والتنمية الحاكم هذه الميزة، وبالتالي لم يتردد في محاولة انتهاج سياسة خارجية تركية مستقلة إزاء ملف شمال العراق وملف العلاقات مع تركيا.
وتشير التوقعات الحالية إلى أن ملف المحادثات غير المباشرة السورية_ الإسرائيلية، سوف يتأثر بالتغييرات المحتملة الآتية
• صعود بنيامين نتنياهو زعيم الليكود الإسرائيلي في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وحالياً يقول آخر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، بأن نتنياهو يتقدم على منافسته تسيبي ليفني.
• نجاح اللوبي الإسرائيلي في التعاون والتنسيق مع وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة هيلاري  كلينتون، لجهة عقد صفقة بين الجمهوريين والديموقراطين، يتم بموجبها تقديم الدعم الأمريكي المفتوح لتوجهات نتنياهو العدوانية في المنطقة.
• نجاح الجمهوريين في عقد صفقة مع الديمقراطيين يتم بموجبها نشر القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، بما يؤدي إلى التقليل من أهمية الوجود العسكري الأمريكي في تركيا، بشكل يترتب  عليه إضعاف قدرة تركيا في استخدام ملف استضافتها للقواعد الأمريكية في الضغط على واشنطن.. طالما أن البديل موجود في العراق.
• نجاح حلفاء أمريكا في جورجيا وأوكرانيا في السيطرة على مقاليد الأمور، بما يؤدي إلى إفساح المجال أمام واشنطن لكي تتوسع في استغلال الأراضي الجورجية والأوكرانية في تمديد أنابيب النفط والغاز القادمة من منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وهو أمر سوف يهدد طموحات تركيا النفطية، وتصبح بلا أهمية للشركات النفطية الأمريكية؟!
• نجاح اللوبي الإسرائيلي واللوبي الأرمني في عقد صفقة بين الجمهوريين والديمقراطيين، يتم بموجبها حل الصراع الأرمني_ الإذربيجاني، بما يؤدي إلى نشوء تحالف رباعي يجمع أمريكا_ إسرائيل_ أذربيجان_ أرمينيا.
وهو أمر سوف يؤدي إلى إضعاف نفوذ تركيا في منطقة بحر قزوين ويقطع أمامها منافذ روابطها مع دول آسيا الوسطى.
• قيام اللوبي الإسرائيلي واللوبي الأرمني والعربي الكردي بعرقلة برامج المساعدات الأمريكية لأنقرة.. داخل الكونغرس إضافة إلى قيام الإدارة الأمريكية بالضغط على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لجهة عدم تقديم القروض والمساعدات لأنقرة بما سوف يترتب عليه وضع الاقتصاد التركي في مواجهة الأزمات الاقتصادية وعدوى الأزمة المالية الأمريكية المستفحلة.
وعموماً، سوف تتأثر مكانة أنقرة في إدارة ملف المحادثات السورية_ الإسرائيلية غير المباشرة بكل هذه العوامل وتداعياتها، ولكن برغم ذلك، فإن قيام حزب العدالة والتنمية بانتهاج جدول أعمال جديدة للسياسة الخارجية التركية يهدف إلى التطابق مع أجندة السياسة الخارجية الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة هو أمر سوف يترتب عليه تآكل برنامج حزب العدالة والتنمية الذي رفع شعار إدماج تركيا ضمن بيئتها الشرق أوسطية.. وسوف يترتب على ذلك انهيار كامل قوام أطروحات أنقرة الحالية الهادفة إلى استقلالية السياسة والسيادة التركية، والتي بناء عليا بني الحزب سنده الشعبي والانتخابي.
إن تمسك أنقرة بالاستقلالية السياسية والسيادة التركية هذه الضمانة الوحيدة للإبقاء على حزب العدالة وحكومته في السلطة، وأيضاً لبقائه كحزب سياسي فاعل في الساحة السياسية التركية، هذا، وبرغم المخاطر المحدقة أمام السياسة الخارجية التركية، فإن الفرص الممكنة لن تتوقف، طالما أن السياسة كما يقولون هي فن الممكن؟!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...