نتائج الانتخابات التركية وإعادة التوازن للشرق الأوسط

02-08-2007

نتائج الانتخابات التركية وإعادة التوازن للشرق الأوسط

الجمل:  أدت نتائج الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة إلى إعادة التوازن في واحدة من أكثر بلدان الشرق الأوسط والشرق الأدنى أهمية، فقد أكد حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يتزعمه أردوغان، بأنه مسنود بقاعدة جماهيرية واسعة، وهو أمر يعتبر في حد ذاته كافياً لردع الأطراف الداخلية مثل الجيش التركي والحركات والقوى العلمانية التركية، والأطراف الخارجية مثل الولايات المتحدة، وإسرائيل والاتحاد الأوروبي التي ظلت تمارس ضغوطها المتزايدة على حكومة حزب العدالة والتنمية السابقة.
كذلك وجد حزب العدالة والتنمية الدعم والمساندة بواسطة الأغلبية العظمى من السكان الأكراد الموجودين بشكل رئيسي في جنوب تركيا.

• عوامل القوة البرلمانية:

اكد حزب العدالة و التنمية الاسلامي الذي يتزعمه اردوغان بانه يستند على قاعدة جماهيرية واسعة, و هو امر يعتبر في حد ذاته كافيا لردع الاطراف الداخلية مثل الجيش التركي و القوى و الحركات العلمانية التركية, و الاطراف الخارجية مثل الولايات المتحدة و اسرائيل و الاتحاد الاوربي, و التي ظلت تمارس ضغوطها المتزايدة على حكومة حزب العدالة و التنمية السابقة

كذلك وجد حزب العدالة و التنمية الدعم و المساندة بواسطة الاغلبية العظمى من السكان الاكراد الموجودين بشكل رئيسي في جنوب تركيا 
• عوامل الضعف البرلماني:
حصل حزب العدالة والتنمية على عدد كبير من المقاعد في البرلمان التركي، ولكن في هذا العدد الكبير لم يبلغ مستوى الحصول على ثلثي المقاعد، وهذه تعتبر مشكلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، وذلك لأن الحصول على نسبة الثلثين هو الحد المقرر دستورياً لممارسة حق تعديل الدستور، وفرض انتخاب رئيس الجمهورية من داخل البرلمان.
• إدارة الصراع التركي في الفترة القادمة:
سوف تكون خيارات حزب العدالة والتنمية في مواجهة بعض المصاعب والتي سوف يتمثل أبرزها في الآتي:
- تشكيل الحكومة: سوف يضطر حزب العدالة والتنمية إلى التحالف مع بعض الكتل البرلمانية الأخرى الصغيرة، التي تتميز بمواقفها المنسجمة مع توجهات الحزب.
- انتخاب الرئيس: سوف يواجه حزب العدالة والتنمية ضغوط المؤسسة العسكرية التركية، خاصة وأن الجنرال اليساري بيوكانيت رئيس هيئة الأركان التركية المشتركة أعلن بوضوح عن عدم رغبته وعدم دعم المؤسسة العسكرية التركية لاختيار رئيس جمهورية إسلامي التوجهات والنزعة، كذلك سوف يجد حزب العدالة والتنمية بعض الصعوبة في حشد الدعم لمرشحه الرئاسي داخل البرلمان، وقد يضطر إلى تقديم الكثير من التنازلات ثمناً لهذا الدعم.
- الملف الكردي: سوف تواجه حكومة حزب العدالة والتنمية المزيد من الضغوط في هذا الملف، ويمكن حصر هذه الضغوط في الآتي:
* الضغوط الداخلية:
أ- المؤسسة العسكرية: تؤيد القيام بعمل عسكري فوري ضد الأكراد في شمال العراق.
ب- الرأي العام التركي: يؤيد القيام بعمل عسكري فوري ضد الأكراد في شمال العراق.
* الضغوط الخارجية:
أ- الولايات المتحدة: ترفض القيام بأي عمل عسكري تركي ضد الأكراد في شمال العراق.
ب- الاتحاد الأوروبي: يرفض القيام بأي عمل عسكري تركي ضد الأكراد.
* دول الجوار:
أ- إيران: تؤيد العمل العسكري ضد الأكراد.
ب- العراق ترفض حكومة المالكي (المنصبة أمريكيا) العمل العسكري التركي ضد الأكراد.
أما بالنسبة للأكراد فقد أكد حذر تركيا من (مغبة) القيام بعمل عسكري في مناطقهم، وفي لهجة متشددة (غير مسبوقة) تحدث الزعماء الأكراد عن استعدادهم للمواجهة العسكرية ضد القوات التركية.
• السياسة الخارجية التركية:
سوف يواجه ملف السياسة الخارجية الكثير من الخيارات الصعبة، خاصة وأن هامش المناورة الدبلوماسية المتاح أمام حكومة رجب طيب أردوغان سوف يكون ضيقاً للغاية.
- الانضمام للاتحاد الأوروبي: برغم أن استطلاعات الرأي قد كشفت أن70% من الأتراك أصبحوا غير راغبين في متابعة جهود الانضمام للاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب العراقيل التي وضعتها فرنسا وألمانيا، فإن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع إغلاق ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي كلية، وذلك لأن القوى العلمانية التركية ماتزال متمسكة بمتابعة هذه الجهود على أمل أن تتغير الظروف وتأتي اللحظة المناسبة، كذلك مازال الأمريكيون والإسرائيليون يقومون بإغراء تركيا بأن الانضمام للاتحاد الأوروبي ممكن وأنهم يعملون باجتهاد في الضغط على حلفائهم الأوروبيين من أجل النظر بعين الاهتمام لانضمام تركيا.
- الموقف من القضية الفلسطينية: يؤيد الشعب التركي بأغلبية ساحقة وعلى وجه الخصوص الرأي العام الإسلامي الداعم لحزب العدالة والتنمية، الحقوق العادلة للفلسطينيين، ولكن بسبب القيود التي فرضتها الاتفاقيات التركية- الإسرائيلية- الأمريكية، فإن حكومة حزب العدالة والتنمية سوف لن تستطيع القيام بدور حقيقي في دعم الفلسطينيين.
- الموقف من سورية: تحتفظ حكومة رجب طيب أردوغان بعلاقات طيبة متوازنة مع سورية، ولكن على خلفية الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فإن حكومة اردوغان سوف تواجه الكثير من الصعوبات في توسيع تعاونها وعلاقات الصداقة السورية- التركية، وبرغم ذلك فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر تبادل الزيارات والوفود الرسمية وغير الرسمية، وأيضاً حركة المبادلات السورية- التركية) خاصة وأن أراضي سورية تمثل ممراً هاماً لتجارة الترانزيت التركية- العربية، وبالذات مع الأردن، والسعودية، وبلدان الخليج العربي.
كذلك من المتوقع أن تعارض حكومة حزب العدالة والتنمية قيام مجلس الأمن الدولي بفرض أي عقوبات ضد سورية، إضافة إلى أن تأييد هذه الحكومة للموقف السوري إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، واحتلال الجولان، وقضايا لبنان سوف يستمر.
- العلاقات مع أمريكا: سوف ينطوي ملف العلاقات التركية- الأمريكية في المرحلة القادمة على الكثير من التعقيدات والإشكاليات، والتي سوف تنشأ حول جملة من القضايا، أبرزها:
أ‌- المشكلة الكردية.
ب‌-  الوجود الأمريكي في العراق.
ت‌-  ضرب إيران.
ث‌-  استهداف سورية.
ج‌- الدور الأمريكي في آسيا الوسطى والقفقاس.
وقد تحدث انفراجة في العلاقات التركية- الأمريكية، إذ وصل الديمقراطيون إلى البيت الأبيض في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، ولكن ما هو واضح حالياً أن العلاقات التركية- الأمريكية سوف تظل في حالة توتر إذا استمرت إدارة بوش في توجهات الشرق أوسطية، واستمرت تركيا في معارضة التوجهات الأمريكي، وتبني وانتهاج سياسة شرق أوسطية تركية واقعية تهدف إلى إدماج تركيا ضمن بيئتها الإقليمية الجغرافية والتاريخية في الشرقين الأوسط والأدنى.
وحالياً، سوف تكون تركيا في الموقف القوي القادر على ممارسة الرفض والضغط ضد الإدارة الأمريكية، وذلك لأن تركيا تدرك جيداً أن أمريكا لن تستطيع التخلي عن قواعدها العسكرية وتحالفاتها الاستراتيجية التي تبنتها طوال نصف القرن الماضي مع تركيا، خاصة وأن حاجة أمريكا لتركيا تزايدت من جديد بسبب الخلافات الروسية- الامريكية، وبسبب أن تركيا أصبحت تمثل المنفذ الوحيد لإمدادات نفط بحر قزوين، والتي سوف تعتمد أمريكا عليها في حالة اندلاع المواجهة العسكرية في الخليج بين أمريكا وإيران.
العلاقات التركية- الإسرائيلية: يتوقع أن تشهد العلاقات الإسرائيلية- التركية تراجعاً، وعلى وجه الخصوص في الملفات السياسية والأمنية المتعلقة بالشرق الأوسط، إضافة إلى احتمال حدوث التوترات بين أنقرة وتل أبيب إذا تبين لحكومة أنقرة أن تل ابيب تقوم سراً بدعم قوى المعارضة العلمانية التركية، والحركات الكردية المسلحة، كذلك يتوقع أن تتدخل أمريكا في محاولات إصلاح ذات البين بين أنقرا وتل أبيب.
على صعيد الإصلاح الاقتصادي سوف يواجه حزب العدالة والتنمية بعض المشاكل والصعوبات في الحصول على تدفقات رأس المال والاستثمارات المباشرة وغيرة المباشرة، وذلك لأن أمريكا وحلفائها الأوروبيين سوف يستخدم الوسائل الاقتصادية والمالية والنقدية والتجارية في عملية الضغط على حكومة اردوغان في الفترة القادمة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...