ميادة الحناوي :أنا موجودة في الخارج ومغيبة في بلدي

28-08-2007

ميادة الحناوي :أنا موجودة في الخارج ومغيبة في بلدي

ميادة الحناوي فنانة كبيرة تقاوم الغناء الرديء بمزيد من العمل والتفاني وحب الفن, وتؤكد في هذا الحوار قبيل سفرها إلى لوس انجلوس لإحياء عدة حفلات, إنها مغيبة منذ عشر سنوات عن المشاركة في المهرجانات المحلية وليست غائبة كما يعتقد جمهورها, لدرجة أن اسمها استبدل فجأة باسم آخر في مهرجان قلعة حلب هي التي حملت ثمرة التزامها طوال مسيرتها الفنية الطويلة, بالايقاعات الصوتية واللحنية العذبة, تلك الإيقاعات التي كرستها كواحدة من الكبيرات في عالم الغناء العربي, يكفي أن نشير هنا أنها غنت في زمن الأصالة لكبار نجوم النغم والتلحين في مصر.‏
وفي مقدمتهم رياض السنباطي ومحمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي وحلمي بكر ومحمد سلطان وعمار الشريعي وصلاح الشرنوبي وسواهم, وكادت تغني من ألحان محمد عبد الوهاب لولا الإشكالية التي حصلت في بداياتها الفنية في القاهرة.‏
لقد رسمت لي حبها للوطن بشيء من الانكسار, لأن لها على حد قولها حقوقاً في بلدها, ولاسيما أن مهرجانات الصيف مضت مزدحمة كالعادة, بالدخلاء على الفن,وبالذين وجدوا في الغناء وسيلة لتحقيق مكاسب بعيدة عن مسالك الإبداع والابتكار والإقناع.‏
بالطبع هذا لاينطبق على كل المشاركين, لكن تغلغل تجار الفن, وتجيير مصالحهم الخاصة في المهرجانات الرسمية, يجعل المستويات تختلط ببعضها, بدلاً من العمل على إعادة الأسماء الفنية الراسخة إلى واجهة الصدارة في المهرجانات المحلية الكبرى التي تحتضنها مواقع أثرية عبر قرون ولادة حضارات وأفول أخرى.‏
تحدثت ميادة الحناوي بنبرة انتقادية لاذعة لإدارات المهرجانات المحلية, وقالت: أنا مغيبة ولست غائبة, في السابق كانوا يسألونني عن السبب وكنت أقول مشغولة, أما الآن فخرجت عن صمتي, بعد أن استمر الوضع عقداً كاملاً من الزمن, علماً أنني أعطيت هذا البلد أجمل الأغنيات الوطنية, وهذا واجبي, وأنا سعيدة جداً, بما قدمته لبلدي, لكنني عاتبة وأشعر بالمرارة لهذه الحالة التي نعامل بها.‏
> لكن الجمهور السوري والعربي يتابع حفلاتك المصورة على الفضائيات العربية, كما أنك متواجدة وبقوة في أشهر البرامج الفضائية?‏
>> أنا موجودة في الخارج ومغيبة في بلدي, نحن نجاهر بمحبتنا للفنانين العرب, وعلى الفنان السوري أن يتفرج ويصفق, وإذا شارك تأتي المشاركة كثمرة لعلاقاته الشخصية الخاصة جداً.‏
مشكلتنا في الوسط الفني تكمن في غياب المحبة, حتى أن هناك من يعمل على إيقاع الأذى بزميله, وهذا لا ألمسه إلا هنا.‏
يجب أن نكرم رموزنا الفنية, بدلاً من العمل على تهميشها وتغييبها وأنا لاأستطيع السكوت على تصرف تجار الفن في بلدي, والفنان يحارب من الوسط الفني المحيط به, هؤلاء حساد ويغارون من شهرة الفنان ومن نجاحه ويفضلون نجاح الوافدين إلينا على نجاحنا, وهذا الوضع والكلام لفنانتنا الكبيرة, أوصل بعض الفنانين والفنانات للغناء في الملاهي والكباريهات.‏
وإذا كانت الغاية من المهرجانات إظهار الطابع الثقافي لسورية, فلماذا يتم تغييب الفنان المحلي والاستعاضة عنه بمغنية من موجة الأداء الرديء والهابط, أنا أطالب بوضع الأولوية للفنان السوري, أسوة ببعض البلدان العربية, وذلك لإعطاء المهرجانات خصوصية ثقافية محلية. وهنا أتساءل أين دور وزارتي الإعلام والثقافة ونقابة الفنانين في ضبط هذه المهرجانات وحمايتها من مافيا التجار ومن كل تصرف غير مسؤول يسيء إلى مستوى الفن الغنائي والموسيقي.‏
وتؤكد ميادة أن سورية أكبر ممول للمهرجانات, وما أكثرها عندنا ( مهرجان قلعة الحصن, مهرجان قلعة حلب, مهرجان قلعة دمشق, مهرجان المحبة, مهرجان بصرى, مهرجان تدمر.. وغيرها ) وهذه المهرجانات تدفع مابين 20 إلى 40 ألف دولار لكل مغني أو مغنية عربية, وهو أعلى أجر على حد قولها يدفع في البلدان العربية ( أكثر من عشرة أضعاف مايدفع في دول عربية أخرى ).‏
> كيف تنظرين إلى نقابة الفنانين ومادورها في هذه المهرجانات?‏
>> نقابة الفنانين لاتعلم بما يجري والجمهور لايعلم والجميع لايعلمون ولهذا خرجت عن صمتي, فمن حق الفنان أن يعيش من فنه, وأنا لاأغني بدون مقابل, في وقت يدفعون فيه للمغنيات والمغنين آلاف الدولارات, في الماضي كانوا يقولون إنني أطلب مبالغ خيالية, وهذا غير صحيح, قد تكون مشكلتي في أنني لاأطالب أحداً بشيء, وفي احترامي لذاتي وفي طريقة تفكيري وتعاملي.‏
وأنا أطالب بنقابة موسيقية ترعى شؤون الفنانين, وليس فقط الممثلين العاملين في الدراما, التي احترمها وأقدرها. فمن الصعب التوفيق بين الدراما والموسيقا.. المعادلة تبدو صعبة, ولهذا يتم تفضيل شيء على حساب شيء آخر, وحتى الآن لم يتمكن أي نقيب من خدمة الفنانين بشكل صحيح, فالذين تعاقبوا على النقابة خدموا أنفسهم فقط, ولم يقدموا أية خدمات تذكر للمطربين والمطربات بشكل خاص.‏
> وماذا عن غيابك عن حفلات دار الأوبرا?‏
>> أنا كمطربة سورية لم تتم دعوتي للغناء في دار الأوبرا, مع أنهم دفعوا لمطربة عربية رقماً خيالياً والأمور أصبحت مفضوحة ومقصودة, وعندي كلام أكبر من ذلك وأخجل في الواقع من قوله.‏
أنا كمطربة سورية لها تاريخها أطالب المسؤولين بجواب أو تفسير لما يحدث, فأين المطربون السوريون في المهرجانات المحلية. فهل هكذا يتم التعامل مع الفن الرفيع الذي هو مرآة التقدم والرقي والحضارة.‏
وتتابع ميادة: هناك أسماء لمطربين من لبنان وسورية يشاركون بأكثر من عشرين حفلة تقام عندنا في شهر واحد, في حين لايجد المطرب السوري فرصة للمشاركة في حفلة واحدة, مع بعض الاستثناءات التي لاتتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة, وهؤلاء يجدون فرصهم بوسائل خاصة ويحققون المكاسب.‏
> تراكمت طوال السنوات الماضية الانتقادات حول مهرجان الأغنية, وطرحت اقتراحات عديدة لتطويره, ماذا تقولين?‏
>> مهرجان الأغنية السورية, لايقدم ولايؤخر, هناك مصالح شخصية في استمرارية وجوده, وهنا أتساءل أين الأصوات التي قدمت في المهرجان, ولماذا تطرح بطريقة ( البلاي باك) بمعنى أنها تسجل في الاستديو, ومن ثم تقدم على المسرح بأداء تمثيلي من المطرب, وهذا خطأ كبير والدليل على ذلك عدم اسستمرارية هؤلاء بعد انتهاء المهرجان, وأنا أطالب بإلغاء مهرجان الأغنية أو تطويره وأتساءل لماذا تذهب المواهب السورية للخارج وتحقق نجومية, نحن نملك الأصوات والمواهب إذاً لكننا نفتقر إلى الوسائل القادرة على دفعها باتجاه التألق والنجاح.‏
> لماذا لم يتم التعاون بينك وبين الملحنين السوريين, إلا صفوان بهلوان?‏
>> لم يدق بابي, وفي سنواته الأخيرة زارني الملحن محمد محسن, وجاءت وفاته قبل أن يسمعني لحنه الخاص بي.‏
> تعاونت مع كبار نجوم التلحين في مصر والعالم العربي ماعدا كمال الطويل, ماذا تقولين?‏
>> قدمت لي بعض ألحانه, ووجدتها تنتمي إلى الأسلوب الذي اشتهر به عبد الحليم حافظ, وبالتالي فهي بعيدة عن الخط الذي رسمته لنفسي منذ البداية.‏
> آخر أخبارك ونشاطاتك الفنية?‏
>>لي إطلالة في حلقة تلفزيونية على شاشة mbc مع الإعلامي نيشان في برنامجه الجديد. ومشاركة مع الموسيقار محمد سلطان في برنامج سلطنة على شاشة ART إضافة لعدة حفلات سأقيمها في لوس انجلوس وتونس وفي عدة مدن ألمانية.‏
ميادة الحناوي آثرت أن تخرج من دوامة الصمت لتثير الأسئلة وتفضح الزيف, كلماتها تؤلم, لأنها صادرة عن فنانة كبيرة: عندما أذهب إلى تونس أو إلى أي بلد عربي, لا أستقبل كمطربة عادية, لقد كرمت في العديد من البلدان العربية, ولست بحاجة إلى المزيد, لكنني عاتبة وفي داخلي غصة رهيبة, في تونس مثلاً اتخذوا قراراً على أن يكون تسعون في المئة من المطربين توانسة.. في الخليج المطرب هو الأول في بلده. أنا لاأطلب أو أستنجد, وعملي يسير على أكمل وجه, لكن هذه بلدي, أحسها ملكي, وأنا أحق من الغير, على رأسي المطرب العربي, وفي العديد من البلدان المطرب هو سفيرهم, وعلى سبيل المثال عندما تظهر صباح يقولون عنها الفنانة العظيمة, جميل أن يحب الإنسان فنانيه ويرتبط برموزه.‏


حوار :أديب مخزوم
المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...