مستقبل العلاقات السورية – التركية من وجهة نظر إسرائيلية

03-12-2009

مستقبل العلاقات السورية – التركية من وجهة نظر إسرائيلية

الجمل: عادت علاقات دمشق – أنقرا لتكون مجدداً تحت دائرة تسليط الاحتواء، ولكن ما كان ملفتاً للنظر، أن تسليط الاحتواء لم يتم هذه المرة عن طريق التقارير والتحليلات الصحفية، وإنما بواسطة الأوراق البحثية المهمة. وفي هذا الخصوص، نشير إلى الورقة البحثية التي أعدّها اليهودي الأمريكي «ديڤيد شينكر» والتي حملت عنوان (سوريا وتركيا: المُضي معاً خطوةً خطوة في نفس الطريق؟) ونشرها مركز أورشليم للسياسة العامة، وهو المركز المرتبط بتيار الليكود الإسرائيلي، ويشرف عليه «دوري غولد» مساعد ومستشار نتنياهو السابق.
* النقاط والمحاور الرئيسية:
تطرّق ديڤيد شينكر لعلاقات خط دمشق – أنقرا من خلال خمسة محاور تشكّل على أساس خطوطها توجهات الإدراك والأداء السلوكي الدبلوماسي الإسرائيلي إزاء تركيا، وهذه النقاط هي:
• عودة الوئام بين دمشق وأنقرا حدث كنتيجةٍ للسياسات ذات الطبيعة الإشكالية التي ظلَّ حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي يقوم بإتباعها وانتهاجها.
• يوجد عاملين تسببا في دفع أنقرا لجهة الابتعاد عن إسرائيل والتقارب مع دمشق هما:
- لم تعد تركيا تحتاج للمساعدات العسكرية الإسرائيلية خلال الفترة الحالية، وذلك بسبب استقرار علاقات تركيا مع جيرانها بما فيهم سوريا والعراق وإيران.
- خلال الأعوام السبعة الماضية، نجحت أنقرا في اعتماد المزيد من التوجهات الإسلامية بشكلٍ تزامنَ فيه تقدم وصعود النزعة الإسلامية مع تآكل وتراجع النزعة العلمانية.
• تغيّر مفاعيل ضوابط علاقة المدنيين مع السياسيين داخل تركيا، وذلك بشكلٍ لم يعد يمتلك العسكريون الأتراك فيه اليد العليا، وحالياً، لم تعد المؤسسة العسكرية التركية تتمتع بأي قدرة لجهة التأثير في عمليات صنع واتخاذ القرار التركي.
• من جهة أدت سياسة حزب العدالة والتنمية التركي إلى تحويل أنقرا بما جعلها أقل اهتماماً بعلاقاتها مع أوروبا، وتسعى إلى القيام بدور النجم الشرق أوسطي الصاعد، ومن الجهة الأخرى، فقد نجحت دمشق في استغلال وتوظيف علاقات خط دمشق – أنقرا كفرصةٍ تفسح المجال لجهة تعديل خارطة التحالفات الإقليمية الخاصة بالمنطقة.
• تزايد مخاوف واشنطن – تل أبيب إزاء احتمالات أن تسعى إسرائيل في نفس توجهاتها السياسية بما يجعل من أنقرا لا تكتفي فقط بعلاقات خط دمشق – أنقرا وحسب، وإنما تتخطى ذلك باتجاه بناء علاقات خط أنقرا – طهران، وذلك بشكل سوف يُلحق ضرراً بليغاً بالاستراتيجية الأمريكية والسياسة الإسرائيلية إزاء الشرق الأوسط.
هذا ، وتجدر الإشارة إلى أن ديڤيد شينكر قد قام بمقاربة هذه النقاط على أساس اعتبارات تداخلاتها وتقاطعاتها مع المحاور الآتية:
- ملف استهداف إيران.
- ملف الصراع العربي – الإسرائيلي.
- ملف العراق.
- ملف التطورات الداخلية الأمريكية.
وإضافةً لذلك، فما هو جدير بالإشارة يتمثل في سعي «ديڤيد شينكر» الحثيث إلى تحذير واشنطن مراراً وتكراراً من مغبة غض النظر عن أنقرا وجعلها تفلت من قبضة واشنطن، لأن ذلك معناه، وبكل بساطة دخول أنقرا التلقائي ضمن التحالفات المعادية لواشنطن.
* أبعاد الحراك على خط دمشق – أنقرا تأثير العامل السوري:
يقول ديڤيد شينكر، بأن ما حدث مؤخراً في علاقات خط أنقرا - تل أبيب، يتجاوز الوقائع الجارية إلى ما هو أكثر عمقاً، فالخلافات التركية – الإسرائيلية ليست مجرد خلافات لردود الأفعال المتبادلة حول مواقف تركيا الراهنة والتي لم يقبل بها الإسرائيليون، وما هو أعمق يتمثل في الآتي:
• خلال الفترة التي أعقبت خروج أوجلان من سوريا وحتى الآن، فقد وقعت أنقرا حوالي 46 اتفاقية مع دمشق.
• سعى حزب العدالة والتنمية خلال الفترة الممتدة من العام 2002 إلى الآن إلى إعادة توجيه السياسة التركية بحيث تكون أكثر إسلامية وأكثر شرق أوسطية، وكانت سوريا هي السبَّاقة لجهة توظيف استثمار هذا التحوّل في مواقف أخرى.
ويضيف ديڤيد شينكر قائلاً، بأن محور واشنطن – تل أبيب ظل طوال الفترة السابقة عاجز عن القيام بشيء لجهة إعادة توجيه تركيا في مسار تحالفاتها الاستراتيجية مع الغرب. ولو لم تندلع الخلافات الأخيرة حول ملف أزمة شمال العراق، وملف أزمة قطّاع غزّة ، فإن محور واشنطن – تل أبيب لن يكون في مقدوره الوعي والإدراك الواعي لحقيقة توجهات أنقرا الإسلامية.
يقول ديڤيد شينكر، بأن عام 2009 سوف يشكّل عام التراجع في العلاقات التركية – الإسرائيلية، وذلك لأنه قد وضح للإسرائيليين تماماً، بأن تركيا قد تحركت واقتربت باتجاه سوريا، وفي نفس الوقت تحركت تركيا مبتعدةً عن إسرائيل، ومن ثم، إذا كان اقتراب أنقرا من دمشق سوف يتيح أمام سور يا الفرصة، فإن ابتعاد أنقرا عن تل أبيب سوف يجعل الإسرائيليين في مواجهة الانكشاف، ومن الصعب جداً أن تتمكن إسرائيل من استعادة علاقاتها مع تركيا في القريب العاجل، وحتى إذا صعدت القوى السياسية التركية الأخرى، فإنها سوف تحتاج إلى وقتٍ طويل لإقناع الرأي العام التركي وإقناعه بضرورة العودة إلى إسرائيل!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...