محمية التليلة وسجلات التنوع الحيوي في سورية

28-03-2008

محمية التليلة وسجلات التنوع الحيوي في سورية

استناداً الى سجلات الدراسات الوطنية للتنوع الحيوي لعام 1998,زخرت غابات سورية بأكثر من سبعة آلاف مجموعة أو زمرة موثقة, وتعادل هذه الزمر ما نسبته /20%/ مما هو موجود في العالم القديم.

لقد شكل التنوع الحيوي موارد اقتصادية مهمة لتأمين احتياجات السكان والهجرات الوافدة وهذا بالذات كان أحد أهداف الصراع على سورية بين الامبراطوريات خلال حقب التاريخ وكانت الأشجار إحدى ضحاياه بسبب استخدامها في بناء المساكن والوقود ومعدات الحرب وبناء السفن والمعابد ثم وقوداً للقطارات خلال الحرب العالمية الأولى وكعوارض للسكك الحديدية.‏

جاءت الخطوة الأولى في مجال حماية البيئة بإحداث وزارة شؤون البيئة عام 1985 لتكون سورية أول دولة عربية تحدث وزارة مستقلة للبيئة إضافة الى إنشاء مركز للأبحاث العلمية والبيئية, وجاءت الخطوة الثانية بالخطة الخمسية التاسعة لعام 2000 في مجال حماية البيئة وتحقيق استخدام مستدام للموارد, وإيجاد توازن بين عناصر البيئة والسكان بصدور قانون حماية البيئة رقم /50/ لعام 2002.وقد حققت سورية عدداً من الإنجازات نذكر أهمها:‏‏‏

انضمام سورية الى معظم الاتفاقيات الدولية البيئية, التعاون مع المنظمات الدولية, استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد لدراسة الغطاء النباتي، إنشاء المحميات الرعوية في البادية حيث بلغ عددها أكثر من 65 محمية استزرع فيها 300 ألف هكتار من الأنواع النباتية الرعوية لإعادة تأهيل البادية باتجاه التنوع الحيوي, إقامة وحماية الغابات الطبيعية وزيادة التنوع الحيوي ومن أهمها: الفرنلق, أم الطيور, ابن هانىء, في المنطقة الغربية وأبو قبيس والجبل الوسطاني في المنطقة الوسطى والتليلة والبلعاس والشومرية في البادية ومحمية الثورة على نهر الفرات وراء السد وجبل عبد العزيز وسبخة الجبول والمساحة الاجمالية لها 7000 هكتار أي ما يعادل 70 كم2 .‏‏‏

تزخر المحميات السورية بالتنوع الحيواني والنباتي الخاص بمختلف النطاقات المناخية, وتتميز بعض المحميات بوجود أنواع نادرة من الحيوانات (المها العربي في التليلة ), ومن النباتات (السنديان شبه العزري والفاوانيا في الفرنلق, والشوح والارز في محمية الشوح, والشجيرات الرعوية في التليلة وعبد العزيز), بالإضافة لوجود الكثير من المنشآت الأثرية قرب مواقع المحميات . ساهمت القرارات الخاصة بإقامة المحميات الطبيعية في سورية , بالحفاظ على الغابات الطبيعية والتنوع الحيوي الموجود فيها, وزيادة وعي الناس بأهمية هذه المحميات والحفاظ عليها.

هي أول محمية طبيعية تم تأسيسها في البادية السورية, كنقطة انطلاق للتنمية البيئية, و توفر الحماية للنباتات والحيوانات البرية التي كانت سائدة في المنطقة والتي استمرت لآلاف السنين, وتعرضت للتدهور نتيجة الإهمال والعبث بمواردها الطبيعية. تم إصدار عدة قرارات لمنع الفلاحة التي كانت من أهم العوامل المسببة لحالة التدهور ومنع احتطاب وقلع الشجيرات والرعي الجائر. اتفقت الحكومتان السورية والإيطالية على تمويل مشروع إعادة تأهيل المراعي في البادية السورية, وتأسيس محمية طبيعية في البادية, بموقع التليلة- شرق تدمر حوالي 17 كم- على أرض تبلغ مساحتها 108 آلاف هكتار, نفذت من قبل منظمة الأغذية والزراعة(الفاو) بالتعاون مع وزارة الزراعة.وبدأ العمل بالمشروع في شباط عام 1996 للمرحلة الأولى وانتهى في شباط عام 2000, تلاه تنفيذ المرحلة الثانية بدءاً من شهر آذار 2000 وانتهاءً في شهر كانون الأول 2003 .ضم المشروع بداية ثلاث جمعيات فلاحية تشمل 426 أسرة يبلغ عدد أفرادها 3050 شخصاً يعملون في تربية الأغنام ويملكون 95 ألف رأس من الغنم, واحتفل رسمياً تحت رعاية السيدة أسماء الأسد بتدشين مشروع المحمية,وتعتبر عملية التوعية البيئية لأبناء البادية إحدى الأولويات لحماية المراعي والنباتات, وكذلك عملية المشاركة الواسعة لهم والتي يجب أن تتواصل حفاظاً على المراعي وأكبر نسبة ممكنة من الموارد الطبيعية, وكذلك للحفاظ على الحيوانات البرية الموجودة فيها.‏‏‏

يهدف المشروع أيضاً إلى رفع المستوى المعيشي للمجتمعات المحلية من خلال التوظيف المباشر ورفع المهارات وخلق مصادر جديدة للدخل, نفذت أنشطة المشروع عبر ثلاثة محاور هي: تحسين المراعي وحماية الأحياء البرية والتنوع الحيوي وإشراك المجتمعات المحلية في نشاطات التنمية ورفع مستواها المعاشي, تم إنشاء مواقع لانطلاق الحيوانات البرية مساحتها 14 كم مربع جهزت بالمظلات ومناهل المياه, و في عام 1996 تم إدخال 30 غزالاً من الريم الصحراوي, وثمانية رؤوس من المها العربي, وتم توالدها,, وتم تحديد 257 نوعاً من الطيور و22 نوعاً من الثدييات و21 نوعاً من الزواحف, ونوع واحد من البرمائيات, وعدد كبير من الحشرات.وتم أيضاً اكتشاف طائر النوق (أبو منجل), وكان من المعتقد أن هذا الطائر قد انقرض من سورية والشرق منذ الثمانينات, ولم يتبق منه سوى مجموعتين في شمال غرب المغرب, ويبلغ عددها 220 فرداً وتم تناقل أخبار هذا الاكتشاف على الإنترنت على المستوى العالمي.‏‏‏

في نيسان من عام 2002,تمكن فريق وطني صغير بإشراف الخبير الإيطالي جان لوكا سيرا وبمساعدة أهالي المنطقة من رصد وتوثيق اكتشاف مستعمرة مكونة من ثلاثة أزواج تحضن البيض وطائر مفرد من نوع أبو منجل الأصلع الشمالي وذلك على جروف الجبل الأبيض على بعد عشرة كيلومترات من بحيرة وادي أبيض شمال مدينة تدمر.‏‏‏

كان هذا الاكتشاف مذهلاً بكل المعايير حتى أن منظمة (حياة الطيور) وصفته بأنه أهم كشف يتعلق بالطيور في الشرق الأوسط منذ أربعين عاماً. يوجد ما يقارب 30 نوعاً من الطيور تحمل تسمية أبو منجل (نظراً لشكل المنقار الذي يشبه المنجل) ومعظمها يواجه تهديدا بالانقراض أما أكثرها تهديداً فهما نوعان:‏‏‏

أبو منجل الأبيض الكتفين ويقدر عدد أفراده في العالم بأقل من 250 طائراً ويتواجد في عدد من دول جنوب شرق آسيا, بالإضافة إلى أبو منجل الأصلع الشمالي ويقدر عدد أفراده بحدود 227 طائراً ويتواجد في الأسر في المغرب وتركيا وكمجموعة صغيرة مهاجرة تعشش في سورية.‏‏‏

كان الطائر معروفاً لقدماء المصريين إلى جانب قريبه الوثيق الصلة أبو منجل المقدس ذو اللون الأبيض, وقد اكتشفت لطائر أبي منجل الأصلع الشمالي تماثيل في قبور الفراعنة تعود إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد كما جرى تحنيطه وتمثيله كأحد النقوش الهيروغليفية. لقد أدى إنشاء السدود والتوجه نحو الزراعات المكثفة من خلال الاعتماد على المبيدات الكيميائية إلى تخريب مواطن طائر أبي منجل والإخلال بوسطه الحيوي ومن ثم القضاء عليه نتيجةً لسموم المبيدات التي احتواها غذاؤه من الحشرات والزواحف الصغيرة.‏‏‏

مركز التوعية‏‏‏: يقع مركز التوعية البيئية فى محمية التليلة على بعد 30 كم الى الشرق من مدينة تدمر. يتضمن المركز قاعة عرض وورشة الأطفال ومنفذ لبيع منتجات البادية.‏‏‏

قاعة العرض: متخصصة لعرض أفلام الفيديو والشرائح الضوئية وتقديم شرح مفصل للزائرين عن برنامج الزيارة الى المحمية والغاية منه وتقديم لمحة عن النشاطات التى يمكن مزاولتها أثناء هذه الزيارة.‏‏‏

قاعة الأطفال: مخصصة للأطفال كي يلهوا ويتعلموا ويكتشفوا أسرار الطبيعة من خلال الاطلاع على 28 ملصقا معلقا على جدرانها و ممارسة بعض الألعاب الهادفة لتعريفهم بعالم البادية الطبيعي ويمكن الأطفال القيام بجولة في المحمية للتعرف على بيئتها ونباتاتها وحيواناتها مصطحبين معهم دفاترهم ومنشور استكشاف محمية التليلة الذي تم إعداده خصيصا لهذه الغاية‏‏‏

منفذ بيع منتجات البادية: وهو مخصص لبيع المنتجات التقليدية البدوية التي تنتج أو تجمع أو تعد من قبل البدو كالصناعات اليدوية مثل التطريز والحياكة والنباتات الطبية والأطعمة التقليدية ومواد التجميل.‏‏‏

قاعة المعرض: وهي القاعة الأكبر وقد خصصت لعرض طبيعة البادية ماضيا وحاضرا ومستقبلا وذلك ضمن خمسة أقسام تضم عددا كبيرا من اللوحات والمجسمات.‏‏‏

في جبل أبو رجمين‏‏‏

مخزون وراثي مذهل‏‏‏

يقع جبل أبو رجمين شمال مدينة تدمر وسط أراض قاحلة ويبعد عنها 45 كم يرتفع عن سطح البحر 800- 1390م .‏‏‏

يصل معدل الأمطار فيه 200- 220مم, جوه معتدل صيفاً وبارد جداً شتاء. بناء على القرار رقم 10/ت تم اعلان منطقة أبو رجمين محمية بيئية حراجية متعددة الأغراض بمساحة تبلغ 45 ألف هكتار موزعة على ثلاث مناطق ومنها منطقة تشاركية حيث تم زيادة مساحة المحمية من ناحية المنطقة التشاركية حتى بلغت مساحة المحمية بالكامل 180 ألف هكتار.‏‏‏

في الموقع مخزون وراثي متنوع ففيه العديد من النباتات والأشجار كالبطم الأطلسي والسويد والعديد من الطيور والحيوانات ومن أنواع الطيور: الحجل- الحمام البري- الدرج- الصقر- الباشق- العقاب- الغراب- النسر -الفري- الحباري- القطا- الحسون- الهدهد- السنونو- أبو سعد وهي آخذة بالانقراض نتيجة لتدهور الغطاء النباتي والصيد الجائر. ومن الحيوانات البرية: الذئاب- الضباع- الأرانب- الثعلب- الغريري- الشيب- أفاع وثعابين- عقارب وخنافس.‏‏‏

النباتات الحولية والمزهرة‏‏‏وهي: الخزامى- الجعدة- الزعتر - الروثة- الصدر- الصديرة- القبا- الشيح- الأشنان- الحرمل- القيصوم- الحلبية- الخشخاش البري- العيصلان- النيتون وفيه القبار بأعداد قليلة على أطراف المحمية.‏‏‏

جاء قرار إنشاء المحمية البيئية في جبل أبو رجمين نتيجة لوجود نظام بيئي مهدد بالانقراض وهو عبارة عن البطم الأطلسي مع مرفقاته والذي يعتبر بقايا لنظام غابات المناطق الجافة ضمن البادية السورية وتأتي أهميته من وجود أشجار معمرة استطاعت التكيف مع المناخ المحلي السائد.‏‏‏

من خلال المسح الاجتماعي لكامل منطقة الجبل من قبل لجنة مختصة كانت النتائج التالية:‏‏‏

عدد المواقع 27 موقعاً: أم سيور- عصيان- قليع- قطقط- نقرة فاضل- مطاوع- نصر الله- تركماني- مبنى سليم- وادي المزبد- الوعرة- سطيح- دبيس شرقي- القطار-البويرة- بدر- الميدان- الرفاعي- النشمي- حوايا الشمس- الهبية- المجرودة- وادي السكنة- الميدان الهبيط- المسطح- المزرعة- الأخضير دبيس شرقي- رسم العبد- جبل المراه الرهاوي- قطقط, المراح من جهة شمسين- أم ركبة.‏‏‏

لوحظت 604 عائلات في الجبل وعدد أفرادها 3594 نسمة وتبين أيضاً وجود 351 بيتاً من الحجر و471 بيتاً من الشعر ما يدل على كثرة التنقل وعدم الاستقرار في منطقة واحدة.‏‏‏

بناء على تكليف من السيد مدير الزراعة تم تشكيل لجنة فنية من مصلحة الحراج ومصلحة الهندسة لتحديد مواقع تصلح لبناء قرى نموذجية في المنطقة. وقد وجدت عدة مناطق تطابق المواصفات وهي حسب الأفضلية:‏‏‏

حوايا الشمس- السطيح- بئر فايز- قطقط باتجاه جبل اللايدة- وغيرها.‏‏‏

ولا ننسى أيضاً المحمية الطبية في أبو رجمين التي تقع في منطقة جبلية تبعد عن تدمر باتجاه الشمال الغربي بنحو 30كم تمتد على مساحة واسعة من الأراضي وتمتاز بطبيعتها الباردة شتاء والمعتدلة شتاء وتضم أشجارا قديمة من البطم تصل أعمارها إلى مئات السنين كما تحتوي على العديد من النباتات الطبية والحيوانات البرية.‏‏‏

 

 

سوزان ابراهيم

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...