قمة دمشق تنطلق في أجواء تصالحية هادئة

30-03-2008

قمة دمشق تنطلق في أجواء تصالحية هادئة

نجحت القمة العربية في مكانها وزمانها الدمشقي وحضورها العربي وخطابها الرئاسي الهادئ وما سينتج عنه، ولا سيما «إعلان دمشق» الذي شكّل محور مناقشات الجلسة المسائية المغلقة، فيما صورة جامعة لرؤساء الوفود المشاركين في القمة العربية في دمشق أمس1بدأ الجانب السوري يستعد لإطلاق آليات ترجمة الخطاب الانفتاحي للرئيس بشار الأسد الذي حوّل القمة العربية من ساحة كان يراد لها أن تشهد انفجار العلاقات العربية العربية، الى مناسبة لترميم ما يمكن ترميمه، ما أدى الى إحراج المقاطعين أو الذين قرروا إما تنقيص أو انتقاص حضورهم في القمة لأسباب متصلة أولا وأخيرا بالجانب الأميركي وحساباته الإقليمية.
وحاولت قمة دمشق في يومها الأول أن ترسخ مناخا للتهدئة، فاتحة الطريق للدبلوماسية السورية في موقعها الجديد للعمل على أزمات المنطقة، وذلك بعد أن أصبحت دمشق رسميا رئيسة القمة العربية.
وقال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع إنّ القمة «تريد أن تؤسس لمعالجات هادئة» للملفات العربية، مشددا على «الحاجة للتضامن العربي»، فيما سعى المسؤولون السوريون إلى تجاوز مسألة الغياب والحضور المتدني لبعض العرب بدرجة تتفاوت بين التفهم والتجاهل.
وتأكدت، أمس، وفق معلومات ، زيارة رئيس الديوان الملكي الأردني إلى دمشق لتقديم «تبرير أردني للتمثيل الضعيف المفاجئ» الذي تمثلت به الأردن في القمة، وفهم أن «ثمة تفهما لحجم الضغوط التي قادت الأردن إلى اتخاذ هذا الموقف»، وفهم أمر مشابه بالنسبة للتمثيل اليمني.
وقال مسؤولون سوريون إن ثمة تفاهماً بين القادة العرب على فكرة الجلسة المفتوحة والنقاش الهادئ. وساد الجو ذاته في جلسة الحوار المغلق التي حضرها رئيس القمة الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، ورئيس الوفد السوري فاروق الشرع ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ورؤساء الوفود العربية التي ضمت شخصا واحدا فقط إلى جانب رئيس الوفد.
إلى ذلك، أجرى الشرع محادثات مع وزير الدولة المصري للشؤون البرلمانية مفيد شهاب، الذي يرأس وفد بلاده إلى القمة. وقال شهاب إنه تم التأكيد على ضرورة «مواصلة الحوار الموضوعي بين البلدين الشقيقين والتنسيق المستمر بينهما تجاه القضايا العربية والإقليمية، انطلاقاً من الحرص المتبادل على العلاقات المتميزة بين البلدين»، مشيراً إلى أن النقاشات داخل الجلسات المغلقة للقمة تناولت العلاقات العربية الإيرانية، وأن المجتمعين استعرضوا الأزمة اللبنانية بشكل عابر ولم يتم الحديث عنها بالتفصيل نظراً لغياب الوفد اللبناني.
والتقى على هامش المؤتمر وزراء خارجية إيران منوشهر متكي ونظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني، حيث تحرك الإيراني باتجاه المسؤول القطري وجلس إلى جانبه لحوالى ربع الساعة.
ووصفت مديرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية بشرى كنفاني الحضور العربي في القمة بأنه «حضور جيد»، وقالت «نحن مرتاحون له جدا».
وحول المذكرة اللبنانية بعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب لمناقشة العلاقات السورية اللبنانية، قالت كنفاني إن «سوريا لم تتسلم طلبا رسميا حتى الآن، وعندما تتسلمه سيدرس الأمر حسب النظام والأصول من قبل الأمانة العامة للجامعة العربية».
وفي رد على سؤال عما إذا كان المؤتمران الصحافيان اللذان عقدهما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل يهدفان إلى تشتيت الأنظار عنها أجابت كنفاني «لا أؤيد اتهام أحد بتشتيت الانتباه... وزير الخارجية السعودي نحن استمعنا إلى كلامه، وكان يتناول الموقف السعودي من القمة بأنه يتمنى لها النجاح، أما كلام السنيورة فلم يأت بجديد، هو الكلام القديم الجديد الذي يرمي بوجه سوريا الاتهامات والمشاكل الداخلية اللبنانية».
وقالت كنفاني إنّ الهدوء الذي اتسم به خطاب الأسد «لا يمثل تغييرات في القناعات السياسية، بل هو تعاط إيجابي منطقي مع ما أردناه وما نريده في المستقبل»، من دون أن تنفي وجود «انقسام وخلافات، لكنها ليست قضايا مستعصية على الحل إذا توافرت الإرادة السياسية التي تصون مصلحة الأمة العربية».
وكان الأسد افتتح أعمال القمة بخطاب تميّز بمضمونه السياسي الهادئ، أعرب فيه عن قلقه للأوضاع التي يمر بها لبنان والانقسام الداخلي الذي «يحول حتى الآن دون الاتفاق على قواسم وطنية مشتركة».
ونفى الأسد ما يثار عن تدخل السوري في الشؤون اللبنانية، مشيراً إلى أنّ «ما يحصل في الواقع هو عكس ذلك تماما». وأوضح أنّ «الضغوط التي مورست وتمارس على سوريا منذ أكثر من عام وبشكل أكثر كثافة وتواترا منذ أشهر عديدة هي من أجل أن تقوم سوريا بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، وكان جوابنا واضحا لكل من طلب منا القيام بأي عمل يصب في هذا الاتجاه».
ورأى أنّ «مفتاح الحل بيد اللبنانيين أنفسهم»، مؤكداً استعداد سوريا «للتعاون مع أية جهود عربية أو غير عربية في هذا المجال». وقال إنّ «مفتاح الحل بيد اللبنانيين أنفسهم، لهم وطنهم ومؤسساتهم ودستورهم ويمتلكون الوعي اللازم للقيام بذلك، وأي دور آخر هو دور مساعد لهم وليس بديلا عنهم».
وفي موازاة هذا الخطاب، كان لافتاً، أمس، الإشارات التي صدرت عن وزير الخارجية السعودي تجاه سوريا، لا سيما انتقاده ما وصفه بـ»محاولات تعطيل الحل العربي» في لبنان، ومطالبته بفرض عقوبات على أي طرف يقوّض قرارات الجامعة العربية، برغم أنه نفى ما يتردد عن محاولات لعزل دمشق، مشدداً على أنّ «سوريا من الدول المهمة في المنطقة»، وأنه «لا يمكن عزلها، فهي بلد عربي وفي قلب الأمة العربية»، معرباً عن أمله في أن «تسهم وتكون الأساس في حل المشكلة اللبنانية».
أمّا موسى فأشار، في كلمته الافتتاحية، إلى أنّ «آراء الجميع في الجامعة العربية على مبادرة واضحة تستهدف استقرار لبنان وحماية أمنه الاجتماعي ووحدته السياسية»، مشدداً على أنّ «غياب لبنان لا يعني ألا نناقش هذه المشكلة التي تؤرق الجميع».
وقال موسى إنّ «التقدم مهما كان حجمه، يشكل أساسا كافيا للتحرك نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ليقود عملية التوافق اللبناني، وعملية التفاهم بين الدولتين الشقيقتين والجارتين سوريا ولبنان»، مختتماً كلمته بالتأكيد أنّ قمة دمشق انعقدت «لأنها كان لا بد أن تنعقد» وانّ «انعقاد القمة السنوية التزام لا رجوع عنه ولا اهتزاز فيه مهما كانت الظروف».
ومن أبرز الكلمات التي ميّزت قمة دمشق، كانت تلك التي ألقاها العقيد الليبي معمر القذافي الذي وجّه انتقادات لاذعة للتشرذم العربي، حيث اعتبر أنّ «الشيء الوحيد الذي يجمع العرب هو القاعة التي تعقد فيها القمة»، مشدداً على أنّه من دون وحدة ستتحول الدول العربية إلى «مناطق نفوذ ومحميات مهمشة ومخازن للنفايات».
وحذر القذافي العرب من معاداة إيران، مخاطباً القادة العرب بالقول «ليس لكم مفر من إيران، فهذا جار أو أخ مسلم، وليس من مصلحتنا أن تكون إيران عدوة ونكون عدوها».
وحضر الجلسة الافتتاحية للقمة إلى جانب الأسد والقذافي، الرؤساء السوداني عمر البشير، والجزائري عبد العزيز بو تفليقة، والإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والتونسي زين العابدين بن علي، والموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، والفلسطيني محمود عباس، ورئيس جزر القمر أحمد عبد الله محمد سامبي، وأميرا الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، وقطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وكان الرئيس التونسي غادر أمس بعد الجلسة الافتتاحية، فيما كان من المتوقع أن يغادر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليلا. وتختتم القمة أعمالها اليوم، وقالت مصادر أنه لن يصدر بيان ختامي للقمة وأن التشاور كان صباح أمس حول «إعلان دمشق» الذي قالت مصادر مطلعة إنه يركز لغته على التضامن العربي والعمل العربي المشترك.

زياد حيدر

المصدر:السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...