عمرو موسى يحمل صيغة التسوية العربية إلى بيروت

08-01-2008

عمرو موسى يحمل صيغة التسوية العربية إلى بيروت

يصل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، غداً، الى بيروت، محاولاً ترجمة «الخطة العربية المتكاملة»، التي أقرها المجلس الوزاري العربي، مساء يوم السبت الفائت، لحل الأزمة السياسية في لبنان، غير أن «التفسيرات الرقمية» التي أعطيت من جانب فريقي الموالاة والمعارضة لـ«الاقتراح الخلاّق» الذي وافق عليه العرب، طرحت أسئلة جدية حول مدى قدرة الجامعة العربية على تحويل الخطة مشروع حل دائم.
وكان ملاحظاً أن ما شهدته الجامعة العربية من «مفاجآت»، أبرزها التفاهم الى حد التوافق بين السعودية ومصر من جهة وسوريا من جهة أخرى، لا يمكن فصلها، عن الجولة التي سيبدأها، اليوم، الرئيس الأميركي جورج بوش الى المنطقة ومحطتها الأولى اسرائيل.
كما أن الموعد الذي توافق عليه العرب، في 27 كانون الثاني، يحمل في طياته أحد احتمالين، إما توافق يفضي الى جعل الاجتماع خطوة باتجاه المزيد من الانفراجات العربية أو الذهاب نحو فصل جديد من فصول العلاقات العربية المتردية.
وقد رسمت صيغة التسوية العربية للملف اللبناني علامات استفهام حول ما اذا كان العرب قد أرادوا من اجتماع القاهرة صيانة الحد الأدنى من علاقاتهم، ولو على حساب التوافق على نص مبهم يمكن أن يغرق بسهولة في التفاصيل اللبنانية.
وفيما كانت جهات كثيرة، داخلية وخارجية، تحاول معرفة ما اذا كان هناك تفسير موحد أو ضمانات أو تعهدات اتفق عليها الوزراء العرب وتركوها في «جيبة» عمرو موسى، فإن المعلومات، من أكثر من عاصمة عربية، أظهرت أن لا توافق عربياً على تفسير موحد ولا ضمانات أو تعهدات تم الحصول عليها من أي طرف إقليمي.
وهكذا صار لزاماً على الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن يحاول ابتداع «صيغة سحرية» تكسر الصيغ المتداولة من فريقي الموالاة والمعارضة، وإلا فان مهمته، سيكون مصيرها، كمصير مهماته السابقة، وخاصة الأخيرة، أي محاولة تمديد وإعادة صيانة الهدنة الداخلية، في ظل «الاهتزازات» التي بدأت تلوح في الأفق اللبناني.
ولعل العنصر الذي لفت انتباه أوساط كثيرة، لبنانياً وعربياً، هو مبادرة الجامعة العربية الى تبني ترشيح قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رسمياً ومنحه حق الترجيح، في خطوة قال عنها وزير الثقافة طارق متري لـ«السفير» إنها تشكل سابقة غير مألوفة «وكأن العرب أرادوا القول بصوت واحد إن العماد ميشال سليمان هو مرشح الإجماع العربي».
وأظهرت التسريبات التي تحدث عنها بعض أعضاء الوفود العربية التي شاركت في الاجتماع الخماسي الذي جمع وزراء خارجية السعودية سعود الفيصل ومصر أحمد أبو الغيط وسوريا وليد المعلم وعُمان يوسف بن علوي ورئيس وزراء قطر وزير خارجيتها حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في منزل عمرو موسى وبحضوره، أن الوفود العربية لم تدخل نهائياً في موضوع التفاصيل، باستثناء مرة واحدة تحدث فيها الجانب السعودي عن صيغة 14+10+,6 وكان رد الجانب السوري أن هذه الصيغة (للنائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري) طرحها الجانب الفرنسي على المعارضة اللبنانية ورفضتها فوراً.
وعلم أن ممثل قطر الشيخ حمد بن جاسم هو الذي تقدّم بالصياغة التي حظيت بموافقة الجميع وتضمنت العناصر الآتية:
1ـ الترحيب بتوافق مختلف الأفرقاء اللبنانيين على ترشيح العماد ميشال سليمان لمنصب رئاسة الجمهورية، والدعوة إلى انتخابه فورياً وفقاً للأصول الدستورية.
2ـ الدعوة إلى الاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجري المشاورات لتأليفها طبقاً للأصول الدستورية على ألا يتيح التشكيل ترجيح قرار أو إسقاطه بواسطة أي طرف، وتكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيح.
3ـ الدعوة إلى بدء العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات فور انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.

4ـ تكليف الأمين العام للجامعة إجراء اتصالات فورية مع جميع الأطراف اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية في ضوء هذا القرار وله أن يستعين بأي مسؤول عربي للمساعدة في هذا الشأن.
5ـ يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً مستأنفاً لدورتهم غير العادية لاستعراض نتائج جهود الأمين العام في 27 كانون الثاني الحالي.
وحسب أعضاء وفود عربية شاركت في اجتماع القاهرة، فان الصيغة التوافقية تتضمن نقاطاً مبهمة أو خلافية يمكن اختصارها بالآتي:
أولاً، هل المبادرة كل متكامل أم يمكن تجزئتها؟
ثانياً، هل القول بانتخاب الرئيس وفقاً للأصول الدستورية، يعني صيغة التعديل الدستوري عبر الحكومة، أم خيار المادة 74 التي طرحها الوزير بهيج طبارة وتبناها الرئيس نبيه بري، علماً أن رئيس الحكومة اللبنانية حاول وحتى اللحظة الأخيرة عبر وفده الحكومي الى القاهرة إقناع الوزراء بتضمين البيان نصاً صريحاً في موضوع التعديل عن طريق الحكومة، ولم يوفق!
ثالثاً، هل يتوجه النص المتعلق بألا يتيح التشكيل الحكومي «ترجيح قرار أو إسقاطه بواسطة أي طرف»، إلى طرف بعينه أم أن النص شيء ونية المشترع شيء آخر، وإذا سئل عمرو موسى في بيروت عن هذه الصيغة أو تلك، ماذا سيكون جوابه، خاصة بعد أن كشفت المعارضة أن فهمها الدستوري الواضح له ترجمة وحيدة، أي أن تكون النسب متساوية بين المعارضة والموالاة ورئاسة الجمهورية، بينما تبنت الموالاة صيغة 14+6+10 التي طرحها أكثر من مرة النائب وليد جنبلاط؟
رابعاً، لماذا أبقى النص موضوع قانون الانتخاب غامضاً ولم يحدد صيغة القضاء التي يقول الجميع إنهم قبلوا بها؟
خامساً، ما هو المقصود بأن يستعين الأمين العام بأي مسؤول عربي للمساعدة في إنجاز التسوية الداخلية؟ وهل المقصود خلق ديناميات عربية موازية للملف اللبناني، تعطي قوة دفع على الصعيد اللبناني والعربي في آن معاً؟
وفي هذا السياق، علمت «السفير» أن خلوة جمعت الوزيرين الفيصل والمعلم في منزل موسى، ساهمت في تقريب وجهات النظر بينهما في الملف اللبناني وتخللتها «أجواء طيبة جداً»، حسب مصادر المشاركين في الاجتماع الخماسي.
وتبعاً للمصادر نفسها، فان الفيصل طرح عناوين عدة خلال الاجتماع الخماسي الذي لم تتخلله أية أجواء مشحونة نهائياً، أبرزها موضوع إنهاء اعتصام المعارضة اللبنانية في وسط بيروت، وكان الجواب السوري أن الموضوع اللبناني صار عبارة عن سلة قضايا متكاملة.
وقالت المصادر إن الوزير السوري قدم خلال الاجتماع الخماسي مطالعة دفاعية عن الدور السوري في لبنان على مدى نحو ثلاثة عقود من الزمن، وكيف ساعد اللبنانيين بعد إقرار الطائف على تنفيذه وحل الميليشيات ونزع سلاحها وتوحيد الجيش وإعادة بناء مؤسسات الدولة وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، مستغرباً كيف يتم التنكر للدور السوري وكيف بات يستخدم لبنان ساحة للضغط على سوريا؟
ورد الجانب السعودي مشدداً على أهمية تحقيق الوفاق اللبناني والعربي.
وعلم أن الجانب القطري لعب دوراً محورياً في إنجاز الصياغة عبر زيارتين قام بهما الى دمشق، وساهم الوزير العماني «العريق» في ترجيح الموقف القطري، فيما كان ممثل مرشد الثورة الإسلامية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني د. علي أكبر لاريجاني يواكب من دمشق، الاتصالات العربية ويؤكد أمام المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل ومساعد الرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل على أهمية الدور العربي وضرورة تشجيعه، ويشدد على دعم كل ما يؤدي الى اتفاق وتوافق اللبنانيين.
- ولوحظ أن الأكثرية اللبنانية تلقفت المبادرة العربية ببيانات ترحيبية من جميع أطيافها وخاصة النائبين الحريري وجنبلاط، مع بروز «اجتهادات» في موضوع الصياغة الرقمية لحكومة الوحدة الوطنية كانت تلتقي على صيغة (14 +6 +10)، فضلاً عن انتقاد الصيغة التي سربتها المعارضة والقائلة بحكومة من 10+10+.10
وفي المقابل، فإن المعارضة اللبنانية لم تتخذ موقفاً موحداً من المبادرة العربية، حيث تراوحت المواقف بين تأييد من جانب الرئيس بري الذي تعامل بايجابية مع المبادرة العربية واصفا اياها بانها تاريخية رافضا الدخول في التفسيرات والاجتهادات والشروط قبل الاطلاع من أمين عام الجامعة على مضمون المبادرة.
يذكر أن الرئيس بري صارح عمرو موسى عبر الهاتف بان قراءاته للمبادرة واضحة، وتعني حكومة بنسب متساوية للموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية، علما أن مدير مكتب موسى السفير هشام يوسف سئل في مقابلة متلفزة مع فضائية «العالم» الايرانية، ليل أمس، عما اذا كانت ترجمة الخطة العربية حكومة من عشرة وزراء لكل من الموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية، فكان جوابه «نحن لم نتحدث عن المساواة في خطتنا بل تحدثنا عن الاستئثار والتعطيل»!
أما «حزب الله»، فقد أكد أنه سيتعامل بايجابية وانفتاح ومرونة مع المبادرة العربية التي تضمنت عناصر جديدة أبرزها تأكيد منطق الحل السياسي المتكامل وليس الجزئي، كما طالبت الأكثرية، وأكد الحزب أن الخطة العربية في موضوع الحكومة «واضحة جدا ولا تحتاج الى تفسير»، ومع ذلك فان الحزب «ينتظر ما سيحمله الأمين العام من أجل تحديد الموقف النهائي منها».
واقترح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون اعتماد صيغة 14+11+5 في تشكيل الحكومة المقبلة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، لتتشكل أكثرية الثلثين من كل الفرقاء، وان يكون رئيس الحكومة توافقيا، وقال اننا «ننتظر تفسير محتوى المبادرة العربية ونتمنى نجاحها لا فشلها، والتفاهم والتفاوض سيكونان معي حتى تجتمع المعارضة وتعلن غير ذلك»، معتبراً ان وضع وزراء الخارجية العرب الضمانات بيد الرئيس نقطة ايجابية للجميع، لكن السلبية هي في سلوك الأكثرية، واتهمها بانها تحاول إلغاء المعارضة.
ولوحظ أن عون لم يتبن موقف القيادي في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي كان قد طالب بتكريس إعطاء «الصوت الوازن» في الحكومة لرئيس الجمهورية من خلال تعديل الدستور، وهو أمر رفضه الرئيس بري الذي جدد رفضه اية محاولة للمس باتفاق الطائف.

المصدر: السفير
   
 


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...