توتر علاقات أنقرا-تل أبيب والمناورات العسكرية التركية-السورية

04-11-2009

توتر علاقات أنقرا-تل أبيب والمناورات العسكرية التركية-السورية

الجمل: برغم مرور ثلاثة أسابيع على المناورات العسكرية السورية-التركية، فإن تداعيات هذه المناورات ما تزال تمارس حضورها القوي في تشكيل الإدراك الأمني-العسكري-السياسي إزاء واقع ومستقبل العلاقات التركية-الإسرائيلية، ومدى تأثيرات ذلكم على إسرائيل وواشنطن وروسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي.الشرق الأوسط
* الإدراك الإسرائيلي: مقاربة التطور العسكري:
أكدت بعض المصادر الإسرائيلية بأن تل أبيب تتابع باهتمام بالغ الإدراك السياسي-العسكري-الأمني لجنرالات المؤسسة العسكرية التركية، وأشارت التقارير والتسريبات إلى أن ما هو لافت للنظر يتمثل في اهتمام الإسرائيليين بالطبيعة المزدوجة للإدراك والسلوك الذي ينتهجه جنرالات المؤسسة العسكرية:
·  الجانب الأول: يقف معظم جنرالات المؤسسة العسكرية التركية إلى جانب خدمة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحالي، في كل ما تنحو به هذه الحكومة من تصعيد وتائر الصراع مع تل أبيب، وفي نفس الوقت تصعيد وتائر التعاون مع دمشق.
·  الجانب الثاني: يرغب معظم جنرالات المؤسسة العسكرية التركية في الاحتفاظ بالعلاقات والروابط مع تل أبيب، بما يتيح للمؤسسة العسكرية التركية الحصول بكل سهولة على الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا المتقدمة والمعلومات الاستخبارية الجارية.
وبكلمات أقرب، يقول بعض الخبراء الإسرائيليين، بأن إدراك المؤسسة العسكرية التركية أصبح يحمل المزيد من المؤشرات المتضاربة، فالجنرالات يقفون إلى جانب حكومة حزب العدالة والتنمية الساعية لدعم العلاقات التركية مع سوريا وإيران، وفي نفس الوقت يريد هؤلاء الجنرالات من حكومة حزب العدالة والتنمية تطوير وتعزيز العلاقات التركية-الإسرائيلية.
* التفسير الإسرائيلي للسلوك التركي:
سعت بعض الأطراف الإسرائيلية إلى توضيح أسباب أزمة علاقات خط أنقرا-تل أبيب، وفي هذا الخصوص برزت وجهات النظر الآتية:
الرأي الأول: إن سبب توتر علاقات خط أنقرا-تل أبيب يعود إلى عدم قيام إسرائيل بالالتزام بتسليم أنقرا الطائرات بدون طيّار (من طراز حبرون) والتي تحتاج إليها القوات التركية في الوقت الحالي. إضافةً إلى أن تركيا قد وقَّعت عقد الشراء الرسمي الخاص بالصفقة، والذي ينص صراحةً على أن إسرائيل تقوم بتسليم تركيا 10 طائرات بلا طيّار من طراز حبرون بقيمةٍ إجمالية قدرها 180 مليون دولار. وبرغم استلام تل أبيب للمبلغ، فإن موعد التسليم قد انتهى دون أن تقوم إسرائيل بتسليم تركيا أي طائرة، إضافةً إلى عدم تحديد أي تاريخ بديل للتسليم.
الرأي الثاني: إن سبب توتر علاقات خط أنقرا-تل أبيب يعود إلى أسبابٍ اجتماعية-سياسية أعمق تتمثل في توجهات حزب العدالة والتنمية الساعية للارتداد بالوعي التركي باتجاه أفق جيو-سياسي جديد يتضمن إعادة تركيا لمكانتها السابقة كبلد شرق أوسطي قائد بالمعنى العثماني.
هذا، ويتبنى معظم الخبراء الإسرائيليين الرأي الثاني وذلك بالاستناد إلى المعطيات الآتية:
·  عقدت تركيا مناوراتها العسكرية المشتركة مع سوريا في 27 نيسان (أبريل) 2009م الماضي بمشاركة وحدات قوات الحدود.
·  سعى كبار الجنرالات الأتراك إلى التلميح للإسرائيليين بأن المناورات السورية-التركية صغيرة الحجم، وقليلة الأهمية.
·  بتاريخ 4 أيار (مايو) 2009م تحدث رئيس الأركان التركي الجنرال إيلكير بابشوغ معلقاً على اهتمام الإسرائيليين بالمناورات السورية-التركية الأولى، قائلاً بأن هذه المناورات تمثل شأناً خاصاً ليس لأي طرفٍ آخر الحق بالتدخل طالما أنها لا تخصه، ثم أضاف الجنرال بابشوغ قائلاً لماذا تهتم إسرائيل بأمر هذه المناورات؟ فتركيا تتصرف باستقلالية وبملء إرادتها، ولا تأخذ إذناً من أحد أياً كان لإجراء مناوراتها وتدريباتها.
·  في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2009م الماضي أعلنت تركيا إلغاء مناوراتها مع حلف الناتو بسبب رفض أنقرا القاطع لمشاركة الإسرائيليين لهذه المناورات.
·  تحدث رئيس الوزراء التركي أردوغان أول أمس الاثنين مؤكداً بأن قيام القوات الإسرائيلية باستخدام قنابل الفوسفور في قتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزّة هو سبب رفض تركيا لمشاركة القوات الإسرائيلية في المناورات.
وأضافت التحليلات الإسرائيلية، بأن كل هذه الوقائع والمعطيات المُشار إليها لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، وبالتالي، فإن رفض تركيا لمشاركة القوات الإسرائيلية في مناورات حلف الناتو، وقيام تركيا بعقد مناوراتها الأولى والثانية مع السوريين تمثل جميعها شيئاً واحداً.
* رد فعل الإسرائيليين إزاء أنقرة:
تشير المعلومات إلى وجود خلافٍ بين الإسرائيليين حول كيفية وماهية رد الفعل الإسرائيلي الذي يتوجب على تل أبيب القيام به لجهة التعامل مع الموقف التركي الذي أصبح يتعارض مع مصلحة إسرائيل، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الآتي:
·  الرأي الأول: يقول بأنه لا رئيس الوزراء نتنياهو، ولا وزير الدفاع الجنرال إيهود باراك، ولا وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قد اهتم بالتصدي لجهة الرد على الموقف التركي، واكتفت الحكومة الإسرائيلية بتصريحات داني إيعالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلية والتي علق قبلها قائلاً بأن العلاقات التركية-الإسرائيلية هي علاقات ذات طبيعة استراتيجية وهامة ويتوجب العمل من أجل الحفاظ على إبقائها مستمرة.
·  الرأي الثاني: يقول بأن العلاقات التركية-الإسرائيلية الاستراتيجية سوف تتعرض إلى المزيد من التآكل والانجراف، طالما أن حكومة حزب العدالة والتنمية ما تزال مستمرة، إضافةً إلى أن الأداء السلوكي التركي لم يعد مبشِّرا لا بالإبقاء على استراتيجية هذه العلاقات، ولا حتى بالعمل من أجل تحسينها، وحالياً، فإن كل تحركات رئيس الوزراء التركي أردوغان ووزير خارجيته دافو توغلو تشير إلى أن أنقرا بدأت تبتعد عملياً عن تل أبيب.
الموقف الإسرائيلي يجمع بين الرأيين، فعلى أساس اعتبارات الجانب المعلَن، يتحدث الإسرائيليون عن أهمية واستراتيجية العلاقات التركية-الإسرائيلية وضرورة الحفاظ عليها، وفي الجانب غير المعلَن، أصبح الإسرائيليون أكثر إدراكاً للرأي الثاني، باعتباره يمثل الأمر الواقع، والذي يتوجب على تل أبيب العمل من أجل مواجهته، وفي هذا الخصوص، فإن تل أبيب تُعوّل كثيراً على ضرورة استخدام واشنطن كوسيلة ضغط، تضع أنقرا أمام خيارين: إما التعامل بإيجابية مع إسرائيل والذي سوف يترتب عليه تعزيز علاقات أنقرا-واشنطن، وأنقرا-الاتحاد الأوروبي، أو التعامل بسلبية مع إسرائيل، وبالتالي خسارة علاقات أنقرا مع واشنطن والاتحاد الأوروبي.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...