برعاية فرنسية لقاء سري بين باراك ومشرف

الجمل: أشارت التسريبات الواردة من تل أبيب إلى قيام وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك بعقد "لقاء سري" مع الرئيس الباكستاني المثير للجدل الجنرال برويز مشرف، وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الإسرائيلية – الباكستانية برغم الملف الهادئ الخافت الذي ظلت تتسم به فإن تطورات وقائع مجرياتها التي تحدث بين الحين والآخر تكتسب أهمية أكبر في لفت الأنظار.
* لقاء الجنرالين: أبرز التسريبات:
أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريراً إخبارياً يقول بأن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك قد التقى بالصدفة خلال تواجده في باريس بالرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف وناقشا المواضيع الآتية:
• خطر التهديد الإيراني المتزايد.
• خطر تسرب الأسلحة النووية الباكستانية إلى يد الجماعات الأصولية الإسلامية.
• الوضع في الشرق الأوسط.
وفسرت الصحيفة "الصدفة" بأنها حدثت بسبب "صدفة أخرى" هي تواجد الجنرال باراك في "نفس الفندق" الذي كان يتواجد فيه الجنرال مشرف. إضافة لذلك فقد نشرت الصحيفة نفسها تقريراً إخبارياً آخر حمل عنوان «عندما التقى باراك بمشرف»، وأشار التقرير بشكل أكثر تفصيلاً إلى الآتي:
• اللقاء "غير العادي" تم في مساء يوم الثلاثاء الماضي بفندق رفائيل الفخم الموجود في باريس.
• عندما تقابل الجنرال باراك مع الجنرال مشرف "هرعا نحو بعضهما البعض" وتحدثا لفترة قصيرة.
• عندما قابل الجنرال باراك الجنرال الباكستاني مشرف قدم نفسه إليه قائلاً "إنني وزير دفاع إسرائيل" فرد عليه الجنرال مشرف "لقد عرفتك".
• هناك توقعات بحدوث لقاء آخر بين الجنرال مشرف والجنرال باراك ولكن هذه المرة في «دافوس» خلال حضورهما لوقائع الملتقى الاقتصادي العالمي.
وأشار تقرير يديعوت أحرونوت إلى لقاء آخر سوف يتم لكن في سويسرا حيث سيلتقي كل من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ووزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك ووزير التجارة والعمل إلياهو ييشعاي. كذلك أشارت المعلومات إلى أن الجنرال باراك سوف يلقي طوني بلير مبعوث اللجنة الراعية الخاص ورئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض. كما أنه وفي يوم الأربعاء الماضي يتوقع حدوث لقاء جمع بين وزير الدفاع الإسرائيلي باراك ونظيره الفرنسي بالإضافة إلى وزير الخارجية الفرنسية، وسوف يعقب ذلك أن يقابل الجنرال باراك في قصر الإليزيه الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي.
* لقاء الجنرالين: أبرز الشكوك:
من المؤكد أن قدوم الجنرال باراك إلى نفس الفندق الذي كان يقيم فيه الجنرال مشرف لم يكن صدفة، خاصةً وأن قدوم الشخصيات المهمة إلى الفنادق والإقامة بها لا يمكن أن يتم بشكل مزاجي أو عشوائي، طالما أن هناك ترتيبات كثيرة تقوم بها الدولة المضيفة وسفارة بلد الضيف فيما يتعلق بترتيبات الإقامة والسكن وأماكن الاجتماعات والتحركات والتوقيت المناسب وإجراءات الحماية والأمن وغير ذلك من التفاصيل الأخرى. وعلى الأغلب أن تكون السلطات الفرنسية أو ربما "الأيادي الخفية الفرنسية المتحالفة مع إسرائيل" قد خططت لحدوث ذلك بعد أخذ موافقة الجنرال إيهود باراك، وأيضاً ليس من المستبعد أن تكون الترتيبات لحدوث ذلك قد تمت بين الموساد الإسرائيلي والمخابرات الباكستانية خاصة وأن كلا الطرفين شديد الارتباط بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
التأكيد بحدوث لقاءين جمعا الجنرال برويز مشرف والجنرال إيهود باراك جاء على لسان صحيفة هاآرتس الإسرائيلية التي أشار تقريرها إلى النقاط الآتية:
• لقاءين بالعاصمة الفرنسية باريس، الأول تمت فيه عملية تبادل وجهات النظر السريعة أما الثاني فقد استغرق "ساعة كاملة".
• بعد لقاء الجنرالين صدرت تصريحات في العاصمة الباكستانية إسلام آباد تقول بأنه لا داعي للمخاوف بأن الأسلحة النووية الباكستانية سوف تقع أو تتسرب إلى حركة طالبان أو تنظيم القاعدة.
• أشارت صحيفة هاآرتس إلى أن الأسلحة النووية الباكستانية تقوم بحراستها وحمايتها قوة عسكرية تتكون من 10 آلاف جندي باكستاني بقيادة الجنرال خالد كيداوي
• أشارت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إلى أنه برغم الحراسة العسكرية الباكستانية المشددة للأسلحة النووية الباكستانية فإن الإدارة الأمريكية ما يزال يتملكها الكثير من المخاوف وقد جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز حيث قال:
* إن الإدارة الأمريكية ملتزمة بحماية الحكومة الباكستانية وحقها في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب داخل نطاق الحدود السيادية الباكستانية.
* إن الإدارة الأمريكية ما تزال عازمة ومصرة على الاهتمام بأمر ومصير الأسلحة النووية الباكستانية تفادياً لخطر وقوعها في يد الأصوليين الإسلاميين المتطرفين.
* خط تل أبيب – إسلام آباد: ماذا بعد؟
أشارت دورية الشرق الأوسط الربع سنوية التي ينشرها منتدى الشرق الأوسط التابع لجماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي، إلى ما أطلقت عليه تسمية "المهام الوظيفية المتوازية الغرابة بين إسرائيل وباكستان"، وكانت الفترة الرئيسية التي توصل إليها التحليل الذي أعده الباحث كومارسوامي بالجامعة العبرية في إسرائيل هي أنه برغم الفرق بين إسرائيل وباكستان من حيث المكونات الإسلامية الباكستانية واليهودية الإسرائيلية فإن دولة باكستان ودولة إسرائيل قد قامتا بالأساس لحماية الأقلية الإسلامية الموجودة في شبه القارة الهندية والأقلية اليهودية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى ذلك فإن كلا الدولتين تعملان في مواجهة الجماعات الأصولية الإسلامية بحيث أن إسرائيل تتصدى لمواجهة حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وغيرهما، وباكستان تتصدى لمواجهة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وبقية الجماعات الأصولية.
خط تل أبيب – إسلام آباد هو خط مثير للجدل لأن هناك خطاً آخر هو خط تل أبيب – نيودلهي – واشنطن، فهل اضطرت باكستان إلى بناء الروابط مع تل أبيب تحت رعاية واشنطن لإفساح المجال من أجل قطع الطريق على تطور خط نيودلهي – تل أبيب – واشنطن؟ أم أن تل أبيب قررت اللعب على الخطين عن طريق استثمار خلافات إسلام آباد – نيودلهي؟
من المعلوم أن التعاون النووي الهندي – الإسرائيلي يركز على مجال التكنولوجيا، فعلى ماذا يركز التعاون الإسرائيلي – الباكستاني؟ تقول الإجابة، بأنه على خلفية المعلومات المتاحة فإن التعاون الإسرائيلي – الباكستاني يشمل الجوانب الآتية:
• التعاون الاستخباري في الملفات المتعلقة بالحرب على الإرهاب، ومواجهة الحركات الأصولية الإسلامية.
• تزويد باكستان بتدفقات رأس المال الأجنبي المباشرة وغير المباشرة.
• تحييد باكستان إزاء صعود حركة التعاون الإقليمي الآسيوي لجهة الإبقاء على باكستان في نفس دورها الوظيفي الذي كانت تقوم به خلال فترة الحرب الباردة.
• توفير موطن قدم لإسرائيل بحيث تستطيع ممارسة التأثير على إقليم بلوشيستان الباكستاني الذي يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في استهداف إيران عن طريق إقليم بلوشيستان الإيراني المجاور له.
وبرغم ذلك، حتى الآن لا يمكن القول بأن الجنرال مشرف لا يدرك مدى حجم خطر التعاون مع إسرائيل على نظامه، وأيضاً على قوام الدولة الباكستانية. بكلمات أخرى، مهما تعاون الجنرال مشرف مع الإسرائيليين فإنهم سوف يميلون إلى التعاون بمصداقية أكبر مع نيودلهي الهندوسية، ومن أبسط الدلائل والأفكار الشهيرة المتعلقة بذلك الخط الذي رسمته نظرية صراع الحضارات، والذي يجعل من الحدود الهندية – الباكستانية خطاً لجبهة الصراع بين الهندوسية والإسلام، وهو صراع لن يقف فيه الإسرائيليون على الجانب الباكستاني وإنما على الجانب الهندوسي وفقاً للتعاليم التوراتية – التلمودية التي لا بد أن يكون الجنرال مشرف مدركاً لها. فهل يخطئ الجنرال مشرف بالتمادي أكثر فأكثر مع أصدقاء أعداءه؟ أم أنه سوف يلعب لعبته المفضلة ويتخلى عنهم بعد إكمال مناورة الخداع الاستراتيجي التي ظل الجنرال مشرف يتقنها جيداً، وعلى وجه الخصوص في استخدام أوراق تنظيم القاعدة وحركة طالبان ومنطقة القبائل في الضغط على الإدارة الأمريكية؟

الجمل: قسم الدراسات والترجمة