الصومال : حرب بالوكالة بين القاعدة و واشنطن

29-05-2006

الصومال : حرب بالوكالة بين القاعدة و واشنطن

الصومال يشهد حربا بالوكالة بين واشنطن والقاعدة ، هذا ما أطلقه المراقبون على القتال الذى اندلع فى العاصمة الصومالية مقديشيو بين ميليشيات متنافسة منذ السادس من مايو وأدى إلى مقتل 270 شخصا على الأقل وإصابة مئات آخرين ، بالإضافة إلى تشريد الآلاف من سكان مقديشيو . وكانت مواجهات قد اندلعت بين قوات المحاكم الإسلامية وأمراء الحرب في فبراير ومارس الماضيين للسيطرة على مقديشيو، إلا أن الاشتباكات التى اندلعت منذ السادس من مايو تعتبر الأكثر دموية والأسوأ منذ عدة سنوات.
     وأعلنت مصادر الحكومة الصومالية أن تلك الاشتباكات بدأت بعدما هاجم مسلحو تحالف أمراء الحرب مركبة تابعة لمقاتلى المحاكم الإسلامية ، وأن رقعة القتال قد اتسعت لتشمل المناطق الجنوبية والوسطى من العاصمة مقديشيو بعد أن كانت محصورة فى شمالها نتيجة انتشار أتباع المحاكم الإسلامية فى كل المدينة ، كما أن الأطراف المتناحرة تستخدم المدفعية والهاون والصواريخ المضادة للطائرات في القتال.
    وأوضحت تلك المصادر أن قوات المحاكم التى يشتبه الغرب في أن بصفوفها عناصر من تنظيم القاعدة، تسيطر حاليا على حوالى 80 بالمائة من مقديشيو بعد أن نجحت في التمركز بأحياء كان يسيطر عليها سابقا خصومهم ، مشيرة إلى أن تحالف أمراء الحرب يستعد لخوض جولة جديدة من المواجهات بعد أن تعرض منذ بدء القتال في السادس من مايو لانتكاسة كبيرة على الصعيد الميدانى رغم التسليح الجيد والخبرات الكبيرة الذى يتفوق به على قوات المحاكم الإسلامية.
    ورغم التوصل فى الثامن عشر من مايو لاتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة زعماء قبليين محليين ، تجدد القتال في الخامس والعشرين من مايو بين المقاتلين التابعين للمحاكم الإسلامية التى تتولى فرض النظام فى بعض أجزاء العاصمة مقديشيو ومسلحى تحالف أمراء الحرب ، الذي تدعمه واشنطن ، مما تسبب فى مقتل 30 شخصا وإصابة 40 آخرين .
   وصرح رئيس المحاكم الشرعية في مقديشيو الشيخ شريف أحمد بأن الميليشيات التابعة للمحاكم الشرعية أعلنت في الثامن عشر من مايو وقفا لإطلاق النار إثر نداءات وجهها المجتمع المدني الصومالي ، وقال :" ولكن إذا تعرضنا للهجوم أو إذا أطلق أحدهم النار علينا فلن نقف متفرجين" ، بينما أعلن زعماء الحرب في التحالف من أجل إرساء السلام أن وقف إطلاق النار لن يستمر طويلا إذا لم تنحسب قوات المحاكم الشرعية من مناطقهم التي احتلتها بصورة غير شرعية .
    ومن جانبها، طالبت الحكومة الصومالية الإنتقالية ومقرها مؤقتا فى بيدوا شمالى الصومال ، بوضع حد للقتال ، قائلة إنه يحول دون نقلها لمقرها في مقديشيو، وذلك وسط تقارير حول أن تلك الحكومة التى شكلت في عام 2004 انقسمت إلى فصيلين متناحرين، يسعى كل منهما إلى القضاء على الآخر، كما اتهم الرئيس الصومالي عبد الله يوسف الولايات المتحدة بتمويل تحالف أمراء الحرب وحذر وزراء حكومته فى التورط في اشتباكات مقديشيو . 
    وفي تعقيبها على أحداث الصومال ، أعلنت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الإفريقية جينداي فريزر أن سياسة حكومتها هي دعم كل الجماعات التي تريد الحيلولة دون أن يصبح الصومال ملاذا للقاعدة وذلك فى إشارة إلى دعم واشنطن لتحالف أمراء الحرب الذى أطلقت عليه "التحالف لإرساء السلم ومكافحة الإرهاب" ، وقالت :" إن سياستنا واضحة جدا سنعمل مع تلك العناصر التي ستساعدنا على القضاء على القاعدة ومنع تحول الصومال إلى ملاذ آمن للإرهابيين ونحن نفعل ذلك لحماية أمريكا".

   ومن جهته ، دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى وقف فوري لإطلاق النار في مقديشو ، بينما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ، بشدة الاشتباكات التى وقعت منذ السادس من مايو فى العاصمة الصومالية مقديشو ، وطالب موسى فى بيان أصدرته الجامعة العربية الأطراف الصومالية المتصارعة بالتوقف الفورى عن تلك الأعمال والعمل مع الحكومة الصومالية المنتخبة لضمان الإستقرار واستتباب الأمن فى البلاد والبدء فى إعادة الإعمار والتنمية التى هى بأشد الحاجة اليها.

 ويتساءل البعض " ماذا يحدث في الصومال حاليا ومن المستفيد من تمزق تلك الدولة أكثر وأكثر ؟".
    يري مراقبون أن ما يحدث في الصومال حاليا هو صراع على السيطرة على مقديشيو وأن القتال اندلع إثر اتهام تحالف أمراء الحرب المعروفين باسم "تحالف إعادة السلام ومكافحة الإرهاب" الذي تشكل مؤخرا بدعم من واشنطن للمحاكم الإسلامية بتوفير ملجأ لزعماء القاعدة الأجانب، واتهام المحاكم لأمراء الحرب بأنهم دمية بيد الولايات المتحدة. 
    وأوضح المراقبون أن واشنطن التى زعمت أكثر من مرة أن الصومال تحول إلى ملاذ لعناصر القاعدة تؤجج هذا الصراع بدعمها لأمراء الحرب في مواجهة مقاتلي المحاكم الشرعية وعددها 12 والتى تتولى منذ سنوات فرض النظام فى بعض أجزاء مقديشيو بالحكم وفقا للشريعة الإسلامية ورغم أن الولايات المتحدة لم تؤكد علنا دعمها لتحالف أمراء الحرب ، فإن مسئولين لديها صرحوا أكثر من مرة بأن التحالف تلقى أموالا أمريكية وأنه واحد من العديد من الجماعات التي تعمل معها واشنطن لاحتواء ما أسمته "تهديد الإسلام المتطرف". 
    وأضاف المراقبون أنه بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الصومال خلال الثلاثة أعوام الماضية ، وتشكيل الحكومة المؤقتة ، عاد البلد المدمر ليكون ساحة للحروب الاستخبارية بين أعداء الصومال ، حيث يواجه الصومال حاليا حرباً طاحنة من جديد ، وهذه المرة تخوض الفصائل المتناحرة حرباً بالإنابة عن آخرين ، ورغم قرار الأمم المتحدة في 1992 حظر تصدير السلاح إلى الصومال ، يتدفق السلاح بأنواعه على طرفي النزاع ، واحد منها قام بإعادة بناء نفسه وتجميع أسلحته خلال سنوات التهدئة وهم الجماعات الإسلامية التي يعتقد أنها تابعة لتنظيم القاعدة ، والآخر هو تحالف لأمراء الحرب السابقين تدعمه الولايات المتحدة بهدف تصفية تنظيم القاعدة .
    وأشار المراقبون إلى أنه يضاعف من حجم الأزمة ، حالة الجفاف والمجاعة التى تهدد آلاف الأطفال والنساء ، فهنالك شح كبير في المياه وندرة في المواد الغذائية كماً ونوعاً ، ونقص في تدفق المساعدات إلى الصومال التي تمنع الفصائل المتناحرة وصولها إلى أهدافها ، بينما يستمر تدفق السلاح بسلاسة ويسر ، وتستمر الدول وأجهزة الاستخبارات العالمية في دعم أمراء الحرب بالمال علناً ، والهدف كما يقولون هو محاربة الإرهاب ، وبهذا تشتد الاشتباكات وتطول ، بينما تستمر موجات جديدة من الأطفال والنساء والشيوخ في هجرة أماكن سكناها إلى مخيمات جديدة للفرار من الموت قتلاً أو جوعاً وعطشاً.
    واستبعد المراقبون أن يتوقف القتال قريبا في الصومال لأنه لاشيء متوافر في الصومال حاليا سوى السلاح ، كما أنه قبل انتخاب يوسف أحمد رئيسا للصومال في عام 2004 أقسم كل زعماء الحرب في الصومال على القرآن أن ينزعوا سلاح الميليشيات التابعة لهم في مقديشيو، إلا أنه وحتى الآن لا يوجد أي علامة على حدوث هذا ويوجد العديد من المسلحين في أماكنهم المعتادة ، كما أن دعوة الرئيس الصومال لأكثر من عشرين ألفا من قوات حفظ السلام الأجنبية لدخول البلاد لنزع سلاح الفصائل المختلفة وحماية الحكومة ، قوبلت بالرفض ، حيث وصف حسين عيديد أحد كبار زعماء الحرب الصوماليين في مقديشيو هذه الدعوة بأنها "فكرة مجنونة"، لأن وجود هذه القوات الأجنبية سوف يوحد الفصائل الصومالية ضد هذه القوة. 
    وأوضح المراقبون أنه رغم أن الصومال جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، ومن حقه كأى بلد عربى أن يحظى بالإهتمام والمتابعة على المستويين الرسمى والشعبي ، ورغم تبنى الحكومات الصومالية المتعاقبة قرارات مهمة من أبرزها عدم السماح لاستخدام جواز السفر الصومالى للدخول إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة أو إلى إسرائيل ، ورغم الحركة التجارية الدؤوبة بين الصومال والدول العربية حيث تعد المواشى الصومالية من أهم وأكثر الواردات لدى بعض الدول العربية ، إلا أن القضية الصومالية وهى قضية إسلامية وعربية بدرجة أولى مازالت بعيدة عن اهتمام العرب الذين يركزون بالأساس على قضايا العراق وفلسطين ولبنان .
    وحذر المراقبون من أن انقطاع العلاقة الودية والأخوية بين الصومال والأمة العربية، حيث يظن كثير من أبناء الصومال أن العرب تفرجوا عليهم فى محنتهم، يخدم مخططات إسرائيل وحليفتها أثيوبيا لتمزيق الصومال الذي يتمتع بموقع استراتيجى ، وحصار الوطن العربى أكثر وأكثر ، ولذلك انتقد الرئيس الصومالى عبد الله يوسف مؤخرا الموقف العربى وقال :"العرب لم يساعدونا، ومن حقنا أن نطلب المساعدة من أى جهة نرى فيها مصلحتنا الوطنية" وذلك في تعقيب على سؤال خلال مقابلة تليفزيونية حول علاقته الوطيدة مع أثيوبيا، وأن بامكان هذه العلاقة أن تفتح الباب أمام مصراعيه للتطبيع مع إسرائيل . 
    وأكد المراقبون أنه في ظل الانهماك الدولي بأزمات السودان والعراق وأفغانستان، فشل العالم في إدراك أن السلام لم يتحقق بصورة نهائية في واحدة من أسوا القضايا التي يشهدها العالم (أزمة الصومال) ، وحذروا في هذا الصدد من أن التخلي عن عملية السلام والحكومة المنتخبة مؤخراً سيكون الخيار الأسوأ للشعب الصومالي الذي يواجه مجموعة من التحديات التي لا تُعدّ ولا تُحصى.

   وأخيرا ، يمكن القول إن مايحدث حاليا في الصومال لايخدم إلا مخططات واشنطن فى تفتيت تلك الدولة أكثر وأكثر للسيطرة عليها بعد خروجها بفضيحة من الصومال إثر تعرضها لهزيمة قاسية خلال سنوات الحرب الأهلية هناك ، كما أنه يساعد واشنطن على تنفيذ مخططاتها أن العديد من القوى الغربية لن تقبل بالمخاطرة بجنودها في الصومال ، بعد كارثة التدخل الأمريكي في الصومال عام 1993 والتي انتهت بتصوير المسلحين الصوماليين وهم يجرون أجساد الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشيو.
     تُعدّ الجمهورية الصومالية واحدة من الدول الإسلامية والعربية في القارة الإفريقية التي أنهكها الاستعمار الأجنبي، ومن بعدها النزاعات الأهلية في ظل غياب مساندة حقيقية من الأمة الإسلامية والعربية للشعب الصومالي، ولو من قبيل الإغاثة الإنسانية. وانحدر الصومال في مستنقع الفوضى وغياب سلطة حكومية بعدما أطاحت ثورة شعبية بحكم الديكتاتور محمد سياد بري في 27 يناير 1991، ومنذ ذلك التاريخ فإن أمراء الحرب وقادة الفصائل الصومالية المتناحرة يخوضون حرباً قاسية في ظل افتقاد البلاد لحكومة مركزية أو محلية، بينما أمراء الحرب أصبحوا من الأغنياء، يدفع الشعب الصومالي، وأكثرهم الأطفال، ثمناً باهظاً للصراعات والنزاعات التي تمزّق البلاد.

   وأسفرت الحرب الأهلية التى شهدها هذا البلد الفقير فى القرن الإفريقى منذ عام 1991 عن مقتل حوالى 500 ألف شخص .وتوجد في مقديشو نحو 12 محكمة إسلامية تسعى إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتستخدم مسلحين لفرض قانونها في حين لا يوجد نظام قضائي آخر في عاصمة الصومال.وتشتبه أجهزة الاستخبارات الغربية فى أن المحاكم الإسلامية فى مقديشو التى يتصاعد نفوذها منذ عام 2004 ترعى متشددين مسلمين بعضهم مرتبط بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.

   وقالت مصادر أمريكية إن تحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب الذى أنشى لوقف تزايد نفوذ المحاكم الإسلامية تلقى منذ إنشائه فى فبراير 2006 دعما ماليا من الولايات المتحدة فى إطار العمليات السرية لمكافحة الإرهاب.
    واستضافت كينيا وبرعاية الاتحاد الإفريقى منذ بداية التسعينيات محادثات سلام بين الفصائل المتناحرة في الصومال كما أصدر مجلس الأمن فى عام 1992 قراراً يقضي بحظر تصدير السلاح إلى الصومال بهدف دعم جهود المصالحة والحوار وتشكيل حكومة مركزية، وبعد 14 جولة من محادثات السلام في كينيا ، وقع السياسيون وقادة الحرب الرئيسيين في الصومال فى 29 يناير 2004 على اتفاق سلام يقضي بإقامة برلمان وطني جديد يقوم بدوره بانتخاب رئيس للبلاد معترف به منذ 13 عاما. ونص الاتفاق على أن يتكون البرلمان الجديد من 275 عضوا، وان يقوم قادة الحرب والشيوخ المحليين باختيار أعضاء البرلمان .
    وفى 10 أكتوبر 2004 ، تم تشكيل البرلمان الجديد الذي انتخب بالاجماع عبد الله يوسف رئيسا للبلاد ، واستمرت الحكومة الجديدة في كينيا حوالى عام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في الصومال .ورغم عودتها مؤخرا للصومال إلا أنها غير قادرة حتى الآن على العودة للعاصمة مقديشيو ولاتسيطر إلا على قسم بسيط من البلاد كما أن الحكومة الجديدة ـ ومقرها مؤقتا فى بيدوا ـ منقسمة وتبدو عاجزة عن إرساء النظام إذ لا يزال العديد من أمراء الحرب يعادونها، وبعض أطراف المجتمع الدولي يرفضون دعم عبد الله يوسف بسبب التوقع بفشل هذه الحكومة الجديدة. 
    وأوضح المراقبون أنه رغم أن عددا من زعماء الحرب أصبحوا وزراء في الحكومة الجديدة إلا أنهم لم يلتزموا بموعد التاسع عشر من يوليو 2005 الذي حددته تلك الحكومة لإزالة جميع الحواجز العسكرية التابعة لهم في مقديشيو ، تمهيدا لجعلها منطقة منزوعة السلاح وبالتالى تتمكن الحكومة الجديدة من ممارسة نشاطها في العاصمة. وأضاف المراقبون أن الحواجز العسكرية المنتشرة في العاصمة البالغة عددها نحو40 حاجزا عسكريا لا تزال علي حالها، وأنها تتوزع تبعا لنفوذ زعماء الحرب الذين يتقاسمون أحياء العاصمة منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال في بداية التسعينيات ولذلك كان حصول معظم زعماء المليشيات القبلية في العاصمة علي مناصب وزارية رفيعة في الحكومة مع احتفاظهم بهذه المليشيات ، مثار جدل حول جدية التزامهم بأجندة تلك . 
    وأشار المراقبون إلى أن هذه الحواجز تمثل مصدرا ماليا مهما لزعماء الحرب الصوماليين حيث تفرض مليشياتهم ضرائب باهظة علي سيارات النقل العام والشاحنات التي تنقل البضائع داخل العاصمة وكذلك المناطق المحيطة بها كما تمثل هذه الحواجز أيضا ورقة بيد زعماء الحرب لتعزيز مكاسبهم في الصراع السياسي في الصومال. وأكد المراقبون أن من بين التحديات أمام الحكومة الجديدة أيضا أن الكثير من مواطني دولة أرض الصومال التي أعلنت من جانب واحد خلال فترة الحرب الأهلية استقلالها عن الصومال يعارضون بشدة الانضمام إلى الحكومة الجديدة ، كما تضم الحكومة الجديدة معظم زعماء الحرب الصوماليين وهو ما يغضب البعض حيث يرى البعض أن هؤلاء الأشخاص هم من دمروا البلد فكيف يساعدون في بناءه.

   وشكك المراقبون في إمكانية نجاح تلك الحكومة بعد أن فشلت من قبل ثلاثة عشر محاولة لتنصيب حكومة أو برلمان جديدين بالاضافة إلى أن العاصمة مقديشيو تظل من أخطر الاماكن لكي تعمل مثل هذه الحكومة كما أنه لا يوجد جهاز شرطة قوي وقادر على حماية الرئيس ولا أي من وزرائه ولا حتى من نواب البرلمان الصومالي المنتخب في بلد يقدر فيه عدد رجال الميليشيات المسلحة بأكثر من 60,000.

   يأتى الصومال كل عام في مرتبة متدنية بين (163) دولة في تقرير التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويأتي الصومال حالياً في المرتبة (161) .وبين كل أربعة أطفال صوماليين يموت طفل قبل بلوغ خمس سنوات، ويصل أقل من 25 % من الصوماليين إلى ماء نظيف، وأقل من 20% من الأطفال مسجلون في المدارس الابتدائية، يكمل واحد بين كل ثمانية منهم تعليمه ، كما أن الإمدادات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية مثل "اليونسيف" في مجالات التعليم والصحة محدودة في ظل أوضاع معقدة وصعبة. 
    ويعانى الصومال أيضا من أزمات طاحنة أبرزها "الجفاف" الذي خلفته الحروب وينتشر من شمال الصومال عبر كل أنحاء البلاد ليدمر الدواب وسبل المعيشة والرزق وانتشار "الإيدز" الذي يُعد أحد التحديات الملحة الخطيرة التي يغفل عنها الصومال بالاضافة إلى تصاعد أزمة اللاجئين الذين يعانون معاناة شديدة، وأوضاعهم الحالية غير إنسانية. ويري مراقبون أنه مثلما يدعم المجتمع الدولي الحكومة الصومالية الجديدة، ينبغي عليه ألا ينسى أن العدالة وتخفيف حدة الفقر يجب أن تكون المحور المركزي لأي عمل يقوم به فى هذا البلد وبدون توفير الأمن والوصول الآمن للمساعدات الإنسانية فلن يتحقق أي منها.

        أشارت الولايات المتحدة إلي الصومال تحديدا كهدف رئيس في حربها ضد ما تسميه بالإرهاب ، وتشير تقارير إلى أن عملاء بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) زاروا الصومال أكثر من مرة مؤخرا حديثا، كما أن أمريكا قامت بتأجير ميليشيات محلية لخطف المشتبه في أنهم من عناصر القاعدة وتسليمهم إليها. وفي 5 نوفمبر 2003 ، حذرت الأمم المتحدة من وقوع هجمات إرهابية جديدة في شرق أفريقيا، مشيرة إلى أن صواريخ أرض-جو ربما تم تهريبها إلى الصومال لاستخدامها ضد بلدان مجاورة .

   واوضحت الامم المتحدة في تقرير لها أن عناصر صومالية تورطت في الهجمات على مصالح إسرائيلية في مدينة مومباسا الكينية في عام 2002 ، وأن الصومال لعب دورا هاما في الهجمات التي نفذتها القاعدة في نوفمبر 2002 في مومباسا حيث استخدم الإرهابيون الصومال كقاعدة انطلاق وممر خلفي للهرب بعد تنفيذ الهجمات. وأضاف التقرير أن ثمة مهربين يستغلون قوارب وطائرات صغيرة لتهريب أسلحة إلى الصومال وأن ثمانية أنظمة صاروخية، تعتبر صيدا ثمينا للإرهابيين، يرجح أنه تم تهريبها إلى الصومال في عام 2003 وحده. وأعربت الأمم المتحدة عن اعتقادها بأن الهدف من تلك الصواريخ، التي تطلق من على الكتف، فضلا عن أنظمة مضادة للدبابات وعبوات ناسفة، هو استغلالها في شن هجمات في بلدان مجاورة ككينيا.
 


جهان مصطفى

المصدر: المحيط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...