الصراع الليبي واحتمالات الأيام الثلاثة القادمة

22-02-2011

الصراع الليبي واحتمالات الأيام الثلاثة القادمة

Image
Libya_ethnic

الجمل: دخلت حركة الاحتجاجات السياسية الشعبية الليبية مرحلة نوعية جديدة تجاوزت لجهة طبيعة المواجهة ما حدث في النموذج الاحتجاجي التونسي والنموذج الاحتجاجي المصري: فما هي طبيعة وخصوصية النموذج الاحتجاجي الليبي الجاري حالياً؟ وما هي أبعاد هذا النموذج؟ وإلى أين يمضي؟
* المسرح السياسي الليبي: توصيف المعلومات الجارية
بدأت شرارة الاحتجاجات السياسية الشعبية اشتعالها قبل حوالي سبعة أيام، وظلت نيرانها أكثر اشتعالاً بما أدى خلال فترة وجيزة إلى حريق هائل أصبح ينطوي على المزيد من المخاطر المتجددة، وعلى أساس اعتبارات تطورات الأحداث والوقائع نشير إلى النقاط الآتية:
•    تزايدت حركة المظاهرات والاحتجاجات الشعبية بما أدى إلى وقوع العديد من المدن الليبية تحت سيطرة المتظاهرين ليشمل مدينة بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا ومدينة البيضاء إضافة إلى مدن أخرى.
•    تمركزت قوة الاحتجاجات في المنطقة الشمالية الشرقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط من جهة الشمال والمجاورة لمصر من جهة الشرق.
•    اكتسبت قوة الاحتجاجات في المنطقة الشمالية الشرقية زخماً أكبر بما جعلها تتمدد باتجاه المنطقة الوسطى والمنطقة الغربية التي توجد فيهما العاصمة طرابلس.
•    تميزت المواجهة بين السلطة والمتظاهرين المحتجين بالطابع العنيف، وحالياً تقول المعلومات والتقارير بأن الوسائط العسكرية أصبحت تندرج ضمن وسائل المواجهة بين الطرفين بما في ذلك استخدام المدفعية والدبابات والطائرات في المناطق المدنية.
•    أدت شدة المواجهات إلى حدوث المزيد من الاصطفافات الجديدة، بحيث شهدت الأيام الماضية انشقاق العديد من المسؤولين الليبيين وإعلانهم الانضمام إلى حركة الاحتجاجات إضافة إلى تزايد ظواهر الاصطفافات القبلية والعشائرية.
•    تشير المعطيات الجارية إلى تزايد عدد القتلى، وبرغم أن التقديرات تقول بأن العدد بين 300-500 قتيل، فمن المتوقع أن يكون العدد الحقيقي أكبر من ذلك، إضافة إلى وجود الأعداد الكبيرة من الجرحى.
•    تزايد حركة النزوح الداخلي والخروج الجماعي من ليبيا، وعلى وجه الخصوص ظاهرة رجوع آلاف المصريين والتونسيين والجزائريين والسودانيين والتشاديين إلى بلدانهم المجاورة للحدود الليبية.
على خلفية التطورات الجارية وعمليات التصعيد والاصطفافات المتجددة إضافة إلى عمليات التعبئة، فمن المؤكد أن تشهد ساحة المواجهة الليبية مرحلة حاسمة خلال الأيام الثلاثة القادمة.
* تحليل المواقف: القراءة في الوضع القائم
على ضوء المواقف الجارية حالياً، يمكن الإشارة إلى أن أطراف الصراع الليبي-اللليبي لم تدخل دائرة مكاسرة الإرادات وحسب، وإنما تجاوزت ذلك ضمن ما يمكن تسميته بدائرة مكاسرة الإرادات شديدة التصلب، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
-    موقف النظام الليبي: أعلن النظام صراحة على لسان أحد أبرز رموزه (سيف الإسلام معمر القذافي)  بأن الممكن لحل الأزمة يتمثل في الآتي: الدخول في المفاوضات والحوار، اللجوء للسلاح لجهة الحسم المباشر، اللجوء لإشعال الحرب الأهلية.
-    موقف القوى الاحتجاجية: أعلنت القوى الاحتجاجية صراحة على لسان رموزها الموجودين في الخارج (زعماء جبهة المعارضة الليبيبة) في أمريكا وبريطانيا وبعض البلدان الغربية الأخرى، إضافة إلى شعارات المتظاهرين الآتي: "إسقاط النظام الليبي والقصاص من الزعيم معمر القذافي وبقية رموز النظام".
حتى الآن، لا توجد أي بادرة لاحتمالات التوصل إلى المنطقة الوسطى التي تمثل الحل الوسط، فكل طرف أصبح ليس أكثر رفضاً لجهة تقديم التنازلات وحسب، وإنما أكثر اهتماماً باستخدام المزيد من عمليات العنف الدامي ضد الآخر.
تشير التوقعات إلى أن احتدام الصراع الليبي-الليبي الدائر حالياً ضمن وتائر تصعيدية جديدة أكثر عنفاً سوف يؤدي إلى العديد من الاحتمالات الجديدة والتي يمكن أن يتمثل أبرزها في الآتي:
-    تزايد أعداد الضحايا والقتلى والجرحى ضمن وتائر كبيرة، بما يمكن أن يؤدي إلى نموذج سيناريو "مذبحة رواندا".
-    تزايد احتمالات التدخل الخارجي خصوصاً بواسطة الأطراف الثالثة التي يمكن أن تسعى إلى المزيد من التصعيدات الجديدة في ملف الصراع الليبي.
-    تزايد الانهيارات والتصدعات في قوام المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية الليبية بما يمكن أن يفسح المجال أمام "صوملة" ليبيا.
-    تزايد عمليات التسييس القبلي-العسكري-الأمني لمعطيات الأزمة الليبية بما يمكن أن يؤدي إلى سيطرة كل مجموعة قبلية-عشائرية بقوة السلاح على منطقتها الأمر الذي سوف يدفع بلا شك إلى بروز ظاهرة الدويلات القبلية المسلحة الليبية.
أما الكارثة الأكثر خطورة فمن الممكن أن تتمثل في اشتعال سيناريو الحرب الأهلية الليبية وذلك لأن القبائل الموالية للزعيم معمر القذافي أصبحت الآن تسيطر على كامل القدرات العسكرية الليبية، وعلى وجه الخصوص المدفعية-المدرعات والدبابات إضافة إلى الطائرات، وفي حال وصول التطورات الدامية الليبية إلى هذا المستوى، فمن الصعب بمكان القول بإمكانية التوصل إلى حل قريب لأزمة الصراع السياسي-الدامي الليبي-الليبي.
تشير التسريبات إلى أن التطورات القادمة يمكن أن تشمل احتمالات ظهور العامل التدخلي الدولي، وعلى الأغلب أن يؤدي هذا التدخل إلى تعميق أزمة الصراع الليبي، وذلك بسبب حساسية المجتمع الليبي للوجود الأجنبي. وتقول المعلومات والتسريبات بأن المناشدات لمجلس الأمن الدولي بالتدخل لاحتواء أزمة الصراع الليبي الدامي قد اصطدمت ببعض العراقيل التي من أبرزها أن مجلس الأمن لن يستطيع القيام بعملية تدخل انتقائي، وبكلمات أخرى، إذا قرر مجلس الأمن الدولي التدخل، فإنه سوف يتوجب عليه التدخل ليس في الساحة الليبية وحسب، وإنما في الساحة البحرينية والساحة اليمنية، وربما في الساحتين المغربية والجزائرية إضافة إلى الساحة الأردنية والتي بات من المتوقع أن تشهد المزيد من التصعيدات والمواجهات إذا لم تفلح سلطاتها الحاكمة  في إجراء الإصلاحات المطلوبة لجهة احتواء الصراع ونزع فتيل الأزمات قبل اشتعالها!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...