الرواية الفرنسية لتفاصيل مفاوضات (باريس- دمشق) حول لبنان

04-01-2008

الرواية الفرنسية لتفاصيل مفاوضات (باريس- دمشق) حول لبنان

عرض مصدر فرنسي رفيع المستوى تفاصيل المفاوضات بين سورية وفرنسا حول الانتخابات الرئاسية في لبنان، مؤكداً أن باريس جمدت اتصالاتها مع دمشق بانتظار أن تعود الأخيرة الى التزام خريطة الطريق التي وضعتها للعمل مع فرنسا من دون شروط إضافية. وأكد المصدر أن فرنسا لن تدخل في جدل مع السوريين لأنها لا تريد وضع المزيد من الزيت على النار.

وقال المصدر إن أمين عام الرئاسة الفرنسية كلود غيان اتصل مرتين في 31 كانون الأول (ديسمبر) بوزير خارجية سورية وليد المعلّم ليقول له إن الاتصالات توقفت حتى تظهر سورية نية طيبة وينتخب رئيس بالتوافق في لبنان. وأوضح غيان للمعلم أن الطرح الوحيد على الطاولة هو خريطة الطريق التي اتُفق عليها في تشرين الثاني (نوفمبر) بين فرنسا وسورية، وتقضي بإعلان بيان مشترك عام بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري قائم على ثلاثة مبادئ: انتخاب رئيس يمثل توافقاً واسعاً وحكومة وحدة وطنية وقانون انتخابي عادل. وقال المصدر إن إعلان المبادئ لم يدخل في تفاصيل تشكيل الحكومة، بل اقتصر على مبدأ حكومة وحدة وطنية تعبر عن تشكيلة عادلة للقوى السياسية الممثلة في البرلمان من دون أي تفصيل في الأعداد والنسب.

وأضاف المصدر: «كان الجميع متفقاً على المبادئ الثلاثة، ولكن في وقت ما طرأت مشكلة تمثلت في أن سورية، أو المعارضة، طلبت إدخال تفاصيل في موضوع حكومة الوحدة الوطنية، وقالت فرنسا منذ البداية انه لا يمكنها الدخول في تفاصيل تشكيل حكومة، فهذا من ضمن سيادة لبنان. ولكن عندما تحدثت سورية والمعارضة عن تفاصيل حول الحكومة، استمع الجانب الفرنسي الى هذه الأطروحات من مثل حكومة من 17 للأكثرية الى 13 للمعارضة الى طرح 5-10-15 الى أطروحات أخرى وفرنسا لم تلتزم أي صيغة، فالجانب الفرنسي أجرى محادثات على وثيقة عمل ليست فرنسية ولا طرحاً فرنسياً، بل مجرد طرح وُضِع على ورقة عمل نُقِلت من طرف الى آخر. وعندما رفضها الحريري توقف العمل».

وخلاف ما قاله المعلم، لم يكن هذا طرح فرنسياً في أي شكل من الأشكال. حتى أن فرنسا رأت في الطرح الذي قدمته سورية من طريق المعلّم حول التفاصيل بالنسبة الى الحكومة شرطاً إضافياً تضعه سورية أو المعارضة، وقال الجانب الفرنسي للمعلّم أنه يرفض إضافة شرط إضافي فقال المعلّم أنه ليس شرطاً إضافياً، بل هو مجرّد توضيح».

وزاد المصدر: «عندما رأى غيان أنه لا يمكن تحقيق التوافق اللبناني على «ورقــة العـمــل» التي قدمتها فرنسا بنـــاء على أفكار المعارضة وسورية حول الحكومة أوقف مسعاه وقال للمعلم أنه ينبغي العودة الى الاتفاق الأساسي وهو خريطة الطريق التي اتفق الكل عليها».

وأشار المصدر الى أن المعلّم قال مرات عدة للجانب الفرنسي إن الحريري وافق على إعطاء المعارضة الثلث المعطل أمام وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وبري. لكن عضواً في فريق كوشنير حضر الاجتماعين بين الحريري وبري في حضور كوشنير روى تفاصيلهما لـ «الحياة» وقال إن الحريري لم يقبل في أي شكل من الأشكال الثلث المعطل. وأوضح ان في يوم الأربعاء 5 كانون الأول (ديسمبر) عقد اجتماع بين الحريري وبري في حضور كوشنير قال فيه الحريري: إنني هنا فقط لأتحدث عن انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً وكيفية تعديل الدستور لانتخابه.

وقال بري: «لا، ينبغي أيضاً التحدث عن الحكومة وقانون الانتخاب لأن «حزب الله» لديه مشكلة مع العماد ميشال عون وينبغي على الحزب إرضاءه. فأجاب الحريري أنه لا يريد الدخول في هذا الآن لسببيـــن: لأن ذلك غيـــر دستوري وينبغي القبول بسلطة الرئيس المنتخـــب وهـــذه أمـــور لا تـتـــم مناقشتهـــا قـــبل الانتخاب بل بعـــده مع الرئيس المنتخب، مضيفاً: ماذا يضمن لي الآن إنني إذا وافقت على الحديث حول هذه المواضيع أنكم لن تطلبوا المزيد من الأمور، فأنا لا أريـد التطرق الى ذلك الآن. ورد بري قائلاً: أعدك، إذا وافقت على إعلان بيان قائم فقط على المبادئ الثلاثة: تعديل الدستور لانتخاب ميشال سليمان وحكومة تمثل النسب في البرلمان 55 في المئة للأكثرية و45 في المئة للمعارضة وقانون انتخابي عادل، فقال الحريري: إذا ضمن بري أن «حزب الله» يوافق وعون لا يعمل مشكلة أوافق على الحديث على العمل على نص لإعلان مبادئ. وبدآ العمل على نص البيان.

ولم تمثل النقطة الأولى من البيان، وكانت تعديل الدستور لانتخاب سليمان مشكلة، وكذلك النقطة الثالثة حول تعديل قانون الانتخاب ولكن النقطة الثانية نوقشت مطولاً ولم يوافق الحريري على عبارة حكومة وحدة وطنية قائمة على نسب. وتم تبني صيغة حكومة وحدة وطنية تأخذ في الاعتبار تمثيل الكتل البرلمانية ولم يتم الذهاب الى أبعد من ذلك في التفاصيل».

- وأوضح عضو الفريق «ان بري والحريري تواعدا على أن يستشيرا حلفاءهما ثم يتابعان النقاش في اليوم التالي. وفي 6 كانون الأول التقيا وحاول بري مجدداً الطلب من الحريري الموافقة على النص، فأجاب الحريري: لا يمكنني التحدث عن موافقــة على النص مــن دون التكلــم عن مســـار تعديـــل الدستور للانتخاب الرئاسي فكل ذلك يشكـــل موضوعـــاً متكامــلاً وفي غياب اتفاق على مسار التعديل الدستوري لانتخاب سليمان فليس هناك مسار لوضع نص بيان مبادئ. وعندها بدآ مناقشة مسار تعديل الدستور وطلبا استشارة من القانونيين بهيج طبارة وعفيف مقدّم ولم يتوصلا الى اتفاق، فغادرا وتوقفا عن المحادثات، ما يعني كما قال الجانب الفرنسي انه لم يكن هناك اتفاق على نص المبادئ لأن بري لم يوافق على مسار تعديل الدستور لانتخاب الرئيس، ولو أنه كان في الإمكان التوصل الى اتفاق حول نص المبادئ لتم التوافق على مسار التعديل الدستوري لانتخاب الرئيس. «ولكن لم تكن هناك موافقة على هذا النص، كما زعم المعلّم».

وأضاف المصدر ان النص نفسه «لم يذكر أو يشير الى أي عدد لوزراء المعارضة كي يقال إن الحريري وافق على مبدأ الثلث المعطل للمعارضة، فالنص المقترح لم يدخل في هذه التفاصيل».

ولفت المصدر الى أن عشية لقاء الحريري - بري وكوشنير كان الجانب السوري بعث الى القصر الرئاسي الفرنسي مشروع بيان مشترك بين بري والحريري. وقال الجانب السوري ان من المحبذ أن يتفق الحريري وبري على مثل هذا النص لأنه يسهل الأمور. وكان فحوى النص الذي أرسله الجانب السوري مماثلاً لما عرضه بري على الحريري في اليوم الأول من لقائهما في حضور كوشنير، أي تعديل الدستور لانتخاب سليمان وتشكيل حكومة وطنية على أساس النسبية وقانون انتخابي عادل. وهكذا لم يكن النص مقترحاً من كوشنير في اليوم الأول من لقاء بري والحريري ولكنه كان نصاً عرضه بري، ما يعني أنه كان تلقى من دمشق النص نفسه الذي أرسله المعلّم الى القصر الرئاسي عشية لقاء بري والحريري في حضور كوشنير. وعندما بدأ بري عرضه قال الحريري: جئت أتحدث عن تعديل الدستور لانتخاب سليمان رئيساً.

- الى ذلك، نفى المصدر أن يكون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلن عن توقف اتصالاته مع الجانب السوري بسبب ضغوط أميركية وقال: «منذ البداية كان ساركوزي واضحاً في أنه بدأ حواراً مع الرئيس بشار الأسد مشترطاً أن يتم الانتخاب الرئاسي في لبنان. والهدف الوحيد بين فرنسا وسورية كان خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها والتي أضيف إليها شرط سوري وصفه المعلّم بأنه توضيح وفرنسا اعتبرته شرطاً إضافياً ورفضته».

وقال المصدر إن المعلّم قـــدّم ورقـــة العمل التي تم تداولها بين فرنسا وسورية الى الجانب الأميركي كأنها طـــرح فرنســي – سوري «وهذا خطأ تام». ففرنسا لم تكن متبنية مثل هذا الطرح، بل كانـــت مجرّد أفكـــار تُنقل مــن جهة الى أخرى لمحاولة إيجاد الوفـــاق ومجرد رفضها من جانب يجعلها غير صالحة للعمل. واختتم بالقول: «لم تكن فكرة فرنسية ولا مبادرة فرنسية – سورية».

رندة تقي الدين

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...