الرواية الجديدة لانتهاك الطيران الإسرائيلي أجواء سورية

12-09-2007

الرواية الجديدة لانتهاك الطيران الإسرائيلي أجواء سورية

الجمل:   بعد فترة من الصمت الإسرائيلي الرسمي حول قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بانتهاك الأجواء السورية الشمالية المتاخمة للحدود التركية، ومع تحركات سورية الدولية والإقليمية، بدأت الدوائر الإسرائيلية والأمريكية محاولة تفسير السلوك الإسرائيلي العدواني بناء على التبريرات الجديدة.
• التفسير الإسرائيلي- الامريكي الجديد:
نقلت شبكة سي.إن.إن الأمريكية تفسيراً جديداً لواقعة قيام الطائرات الإسرائيلية اختراق الأجواء السورية، قالت فيه بأن الجيش الإسرائيلي لم يعلق على الأخبار، ولكن مصدراً أطلع شبكة سي.إن.إن بأن ما حدث ليلة الأربعاء- الخميس الماضي، قد اشتركت فيه قوات إسرائيلية برية قامت بعملية الإرشاد وتوجيه الضربة الجوية التي خلفت ثقباً كبيراً في الصحراء السورية.
وأضاف قائلاً بأن العملية العسكرية استهدفت شحنة أسلحة خاصة بحزب الله قادمة من إيران، يتم تمريرها عبر سورية إلى حزب الله اللبناني. وقال المصدر أيضاً بأن عمليات نقل وتمرير السلاح هذه كانت تتم على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، بلا أي رد فعل من جانب إسرائيل. وأضاف المصدر أن الحكومة الإسرائيلية مسرورة من جراء نجاح العملية.
• الرواية الجديد.. لماذا؟
من المعلوم أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قد انتهكت المجال الجوي السوري، ومن المعلوم أنها قد دخلت من جهة البحر الأبيض المتوسط بمحاذاة خط الحدود السورية- التركية، وعندما وصلت بالقرب من مدينة القامشلي السورية المتاخمة للحدود السورية مع تركيا، والعراق، ووجهت بنيران المضادات السورية، ومن ثم قامت بإلقاء بعض خزانات الوقود، وعادت أدراجها.
هذه الرواية تؤكدها مطالبة علي باباكان، وزير الخارجية التركي، لإسرائيل بتقديم تفسير لوجود خزانات وقود بلا علامات بالقرب من حدود تركيا مع سورية.
إن تفسير الانتهاك الإسرائيلي للأجواء السورية، على أساس وجود شحنة أسلحة قام من إيران يتم تمريرها لحزب الله اللبناني عبر الأراضي السورية، هو زعم يحمل الكثير من الدلالات:
- تبرير السلوك الإسرائيلي على  أساس أنه دفاع عن النفس.
- إعطاء إسرائيل لنفسها حق القيام بالإجراءات العدوانية ضد سورية تحت ذريعة الإجراءات الوقائية لحماية أمن إسرائيل.
- نقل رسالة الرأي العام الدولي بأن سورية تقوم بتمرير شحنات الأسلحة إلى حزب الله.
- قطع الطريق على تحركات سورية في مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية الأخرى، وذلك حتى لا تتم إدانة إسرائيل.
- إرساء سابقة، تستند إليها إسرائيل للقيام مستقبلاً بالمزيد من عمليات تحليق الطيران الإسرائيلي فوق الأجواء السورية بدعوى ملاحقة شحنات الأسلحة القادمة عبر سورية من إيران لحزب الله، وربما لحركة حماس والجهاد الإسلامي.
- الزعم بأن إسرائيل قامت بتنفيذ عملية عسكرية تضمن مشاركة القوات البرية الإسرائيلية، هو زعم قصد به إرساء سابقة تمهد السبيل لاحتمالات قيام إسرائيل بعمليات ابرار جوي، مستقبلاً في الأراضي السورية تحت مزاعم مكافحة الإرهاب وحماية إسرائيل من خطر حزب الله والمنظمات الإرهابية الأخرى.
- توفير الذرائع للقوات الأمريكية الموجودة في محافظة الأنبار العراقية، وإقليم كردستان العراقي المجاوران للأراضي السورية، للقيام باختراق الأجواء والأراضي السورية، تحت مزاعم القيام بعمليات الـ(تعقب الساخنة) للمسلحين الذين نفذوا عمليات ضد القوات الأمريكية، وهربوا إلى داخل الأراضي السورية.
- تمهيد السبيل للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من أجل القيام بتمرير تعديلات جديدة على القانون الدولي تسمح للدول باختراق حدود الدول الأخرى في عمليات مكافحة الإرهاب، و(التعقب الساخن) للإرهابيين.
- توفير الذرائع لمجلس الأمن الدولي لكي يقوم بإصدار قرار جديد –هذه المرة- يتعلق بنشر القوات الدولية على الحدود السورية- اللبنانية، لمنع تدفقات الأسلحة القادمة من إيران عبر الأراضي السورية إلى لبنان.
- التأثير سلباً على الرأي العام الإسرائيلي المؤيد للسلام مع سورية، وتعزيز مزاعم الزعماء الإسرائيليين المعادية لسورية.
• إسرائيل وخطورة ما بعد الانتهاك الجوي.. التحريض على الحرب ضد سورية:
نشر الدكتور روني بارت رئيس القسم الأمريكي بمعهد دراسات الأمن القومي، مقالاً حمل عنوان (على الحكومة –الإسرائيلية- أن تقرر الآن حول أولويات الجيش الإسرائيلي في الحرب القادمة مع سورية: في حالة الحرب فإن معظم الجهود العسكرية يجب توجيهها لاستهداف الصواريخ والترسانة الصاروخية السورية).
يقول روني بارت بأنه في حالة الحرب ضد سورية، فإن إسرائيل سوف تواجه تساؤلاً رئيسياً: هل يتوجب توجيه الجهود مباشرة باتجاه الصواريخ والترسانة الصاروخية السورية من أجل القضاء على خطر التهديد ضد العمق الإسرائيلي، أم يتوجب التركيز على هزيمة الجيش السوري، بحيث يتم إنهاء الحرب على أساس ذلك؟
يقترح روني بارت بأن القرار يتوجب اتخاذه بواسطة الحكومة الإسرائيلية، وليس بواسطة الجيش الإسرائيلي. وسوف يؤدي ذلك إلى تحديد خطط الطوارئ، العتاد، المعدات/ التدريب، واستخدام القوة. وأشار روني بارت إلى أنه في حالة عدم اتخاذ مثل هذا القرار فإن الجيش الإسرائيلي سوف يكون مجبراً للتحضير  استعداداً للبديلين، وسوف يكون القرار الذي يتوجب اتخاذه فقط عند اندلاع الحرب واقعاً تحت ظروف الضغط غير المؤدي للتفاؤل.
يشير روني بارت إلى ثلاثة أسباب معتدلة لاختيار الخيار الأول (أي خيار قيام الحكومة بإصدار القرار الذي يحدد إلى أين يجب أن يتم توجيه الجهود العسكرية الإسرائيلية في حالة الحرب ضد سورية: إلى تدمير الصواريخ وترسانة الصواريخ السورية لحماية أمن عمق  إسرائيل، أم إلى هزيمة الجيش السوري والاكتفاء بذلك باعتباره يمثل نتيجة الحرب النهائية)..
والأسباب الثلاثة التي أشار إليها روني بارت، هي:
- أولاً: ان وظيفة الجيش هي حماية المواطنين على ضوء أن مدى الصواريخ السورية يمكن أن يؤدي إلى احتمالات قتل المئات من المواطنين الإسرائيليين.
- ثانياً: ان إدراك تحقيق النصر أو الهزيمة سوف يتحدد بناء على حالة وضع الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والإنجازات التي تتحقق في جبهة الحرب سوف لن تطغى على الإحساس والشعور بالفشل والإخفاق، أو صورة الضعف التي قد تنشأ بتأثير إلحاق الأضرار الجسيمة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية.
- ثالثاً: ان الصواريخ وترسانة الصواريخ السورية، التي بناها حافظ الأسد وعزز بناءها ابنه بشار، هي الذراع الرئيسي للجيش السوري، والتي يأمل عن طريقها تحقيق التوازن الاستراتيجي في مواجهة التفوق الجوي والبري للجيش الإسرائيلي.
ويستنتج روني بارت قائلاً: إن الذراع الاستراتيجي –السوري- يجب أن يكون هو الهدف الرئيسي، ويجب العمل ضدها باستخدام نظام أرو للدفاع الصاروخي، وعمليات الاصطياد بواسطة القوات الجوية والاستخدام المكثف للقوات الإسرائيلية المحمولة جواً، واستخدام الهيليكوبترات في عمق الأراضي السورية.
أما بالنسبة للخيار الثاني، المتعلق بترك أمر القرار للجيش عندما تحين لحظة المواجهة واندلاع الحرب، فهو خيار له تبرير مختلف: ليس من سبيل أو طريقة لتدمير الصواريخ وترسانة الصواريخ السورية، وبالتأكيد ليست المقذوفات الصاروخية التي تهدد نصف إسرائيل الشمالي، فسورية ظلت دائماً تحافظ على القدرات العالية لإطلاق النيران. وبالتالي فإن السبيل لوضع نهاية للنيران يكون بكسب الحرب وفقاً للأسلوب الكلاسيكي (الاستيلاء على الأرض وتدمير جيش العدو). وهو  الأمر الذي سوف يؤدي بسورية إلى إنهاء النيران.
إن جوهر ومضمون الجهد، تبعاً لذلك يجب ان يكون موجهاً نحو المناورة البرية بهدف خلق مواقع الدفاع السوري على طول الاتجاه المؤدي إلى دمشق. وإضافة لذلك، فإن احتلال الأرض هو إشارة واضحة للنصر ويتناسب مع  إعلان قيادة الجيش القائل بأن الحرب التالية يجب أن تنتهي بطريقة واضحة جلية.
ويضيف الدكتور الإسرائيلي روني بارت، فقرة يحاول فيها التأكيد على عدم وجود خطر يستهدف وجود إسرائيل، وفيها يقول:
نحن لا نتحدث حول الاختيار بين بديلين (خالصين)، وإنما بالأحرى، القرار حول سمة وخاصية الجهد الرئيسي. وبسبب ان هذه الحرب سوف لن تقدم الخطر أو الهزيمة، وبالتأكيد لا خطر على وجود إسرائيل، فإن الخيار الأول –المتعلق بحماية أرواح المدنيين الإسرائيليين- هو الأفضل.
ويقول روني بارت، وإضافة إلى ذلك برغم ميل الجيش الإسرائيلي إلى العودة إلى الروح الجماعية المتعلقة بكسب المناورة البرية، فإنه ليس واضحاً إذا ما كان من الممكن هزيمة سورية عن طريق الاحتلال والتدمير. فالجيش السوري ماهر عندما يتعلق الأمر بالقتال والمعارك التراجعية، وأنماط السيطرة والإمساك، والمواقع الدفاعية الكثيفة بين الحدود ودمشق سوف تتطلب معركة تترتب عليها الكثير من الخسائر البشرية الفادحة والوقت الطويل، وفي الوقت نفسه سوف تعاني الجبهة الداخلية الإسرائيلية من الضربات العاصفة المستمرة.
ولكي تتم بفعالية مواجهة ترسانة الصواريخ قصيرة المدى، فإنه يتوجب دفع وصد الخطر البري السوري، بما يؤدي الى خلق انطباع بالنصر، ومن ثم فسوف يكون من الجيد والحسن أن يتم التقدم إلى حوالي 10 كيلومترات (تقريباً 6 أميال) باتجاه الشرق (يقصد داخل الأراضي السورية) وأيضاً الاستيلاء على جبل حرمون السوري.
ويقول الدكتور روني بارت أيضاً: ليس من الضروري أن نقرر انتهاج الخيار المفضل في هذا المقال، وبعد فمايزال مهماً بالنسبة للحكومة الإسرائيلية تفحص وتدقيق هذه المسألة في هذا الوقت. وإذا رأت وفضلت تجنب إصدار القرار الآن، فعلى الأقل عندما يحين الوقت، فإن صناع ومتخذو القرار سوف يكونون مدركين بشكل عميق لمدى التعقيد والأهمية الحرجة للمسألة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...