التحديات السياسية الداخلية والخارجية أمام الحكومة التركية الجديدة

07-05-2009

التحديات السياسية الداخلية والخارجية أمام الحكومة التركية الجديدة

الجمل: بدأت دبلوماسية تركيا الوقائية الإقليمية تشهد بعض المصاعب وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى ومنطقة القوقاز وبكلمات أخرى تشهد الجهود التركية الدبلوماسية الوقائية في تلك المناطق المزيد من التجاذبات التي ستتعاكس مع جهود الدبلوماسية الوقائية الأمريكية – الإسرائيلية إزاء المناطق ذاتها.
* ماذا تقول المعلومات؟
أعلنت أرمينيا رسمياً انسحابها من المحادثات التي سبق أن تم جدولة انعقادها مع أذربيجان لكي تتم يوم غد الجمعة داخل مبنى السفارة الروسية في العاصمة التشيكية براغ.
الانسحاب الأرمني المفاجئ بررته السلطات الأرمنية على أساس اعتبارات أن أرمينيا لا ترى ضرورة للدخول في المفاوضات مع أذربيجان في الوقت الحالي طالما انه سيترتب على ذلك توتير العلاقات التركية – الأذربيجانية وهو أمر سوف لن يؤدي سوى إلى المزيد من التدهور وعدم الاستقرار في خارطة التحالفات الإقليمية القوقازية إضافة إلى احتمالات تقويض شبكة المصالح الإقليمية في المنطقة.
أما بالنسبة للشرق الأوسط فإن جهود الدبلوماسية الوقائية التركية إزاء الوساطة في المحادثات الإسرائيلية – السورية فقد أصبحت في مواجهة توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة المتشددة لرفع سقف المطالب الإسرائيلية بشكل يصعب معه إقامة أي سلام حقيقي في المنطقة، إضافة لذلك فقد أصبحت تركيا أكثر اضطراراً لجهة التهديد رسمياً بإسقاط أي طائرة حربية تحاول الوصول إلى إيران عبر الأجواء التركية!!
في خضم هذه الشبكة المعقدة من التفاعلات الإقليمية أقدم حزب العدالة والتنمية على القيام بعملية تعديل وزاري واسعة النطاق وكان اللافت للانتباه فيها تعيين أحمد دافو توغلو وزيراً للخارجية بدلاً من علي بابكان الذي تم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية.
* القرار السياسي التركي على مفترق الطرق:
أصبح القرار التركي في مواجهة حيرة الإجابة على السؤال القائل: لمن الأولوية في المرحلة القادمة؟ لأجندة أعمال السياسة الداخلية أم لأجندة أعمال السياسة الخارجية؟ بكلمات أخرى يمكن توضيح هذه الخبرة على النحو الآتي:
• أهمية إعطاء الأولوية لأجندة أعمال السياسة الداخلية تتيح لحزب العدالة والتنمية تعزيز موقفه السياسي الداخلي في الانتخابات البرلمانية التركية القادمة عام 2011.
• أهمية إعطاء الأولوية لأجندة أعمال السياسة الخارجية تتيح لحزب العدالة والتنمية الاضطلاع بمهام الاستقرار الإقليمي وبناء قوة النفوذ التركي وعلى وجه الخصوص السيطرة على ممرات إمدادات النفط والغاز العالمية.
ويتضح لنا أن أزمة عملية صنع واتخاذ القرار السياسي التركي إذا لاحظنا أن فترة العامين القادمين لن تكون كافية لحسم أجندة السياسة الداخلية والخارجية وبالتالي فإن الحد الأدنى المعقول هو أن يركز القرار السياسي التركي على الأجندة الداخلية مع إعطاء جهد أقل للأجندة الخارجية ولكن سيترتب على ذلك تراجع قوة الدبلوماسية التركية في الساحة الإقليمية وهذا التراجع سيترتب عليه نشوء الفراغ وهذا الفراغ ستتقدم أطراف إقليمية ودولية لملئه والاستفادة من غياب تركيا، ويعتبر محور واشنطن – تل أبيب الأكثر تأهيلاً للتقدم واستثمار الفراغ ليس لتعزيز مصالحه وحسب وإنما لاستغلاله وتوظيفه في فرض الضغوط على تركيا بما يؤدي إلى إضعاف حزب العدالة والتنمية وإسقاطه في انتخابات عام 2011 البرلمانية.
* التعديل الوزاري التركي الأخير وحسابات الفرص والمخاطر:
تقول المعلومات والتسريبات أن التعديلات الجديدة في مجلس الوزراء التركي هدفت إلى تعزيز عملية صنع واتخاذ القرار التنفيذي الداخلي ويمكن ملاحظة ذلك من خلال طبيعة الأوراق السياسية التي ستشكل قوام الأداء التنفيذي الخاص بالحقائب الوزارية التي شملها التعديل:
• نائب رئيس الوزراء (سيميل سيسيك): سيركز على ملف النفط والغاز والأمن الداخلي.
• نائب رئيس الوزراء (علي بابكان): سيركز على ملفات التنسيق بين الأجهزة التنفيذية ذات القطاع الاقتصادي والمعنية بشؤون التجارة الداخلية والخارجية وتجارة الخدمات إضافة إلى مسائل الخصخصة والإصلاحات ومتابعة مؤشرات التقدم والتراجع في أداء الاقتصاد التركي.
• وزير الدولة (حياني يازيسي): سيتولى ملف مشروع اسطنبول عاصمة للثقافة الأوروبية عام 2010 إضافة إلى ملف قانون الجمارك التركي الجديد.
• وزير الدولة (فاروق ناقيس أوزاك): سيتولى ملف قوانين ولوائح كرة القدم التركية.
• وزير الدولة (فاروق سيليك): سيتولى ملف الترتيبات المتعلقة بالانتخابات وتنسيق المشاركة التصويتية للأتراك المقيمين بالخارج.
• وزيرة الدولة (سلمى علي كافاف): ستتولى ملف الترتيبات الخاصة بالقانون الجديد الخاص بالمعوقين والإصلاحات المطلوب القيام بها إزاء ملاجئ الأطفال.
• وزير الدولة (سيفديت يلماظ): سيتولى ملف إكمال مشروع جنوب شرق الأناضول الذي تقول التوقعات أنه سيجتذب استثمارات أجنبية لتوفير فرص العمل لحوالي 3 ملايين تركي.
• وزير الداخلية (بيشير أتالاي): سيتولى ملف مكافحة خطر الإرهاب داخل تركيا.
• وزير الخارجية (أحمد دافو توغلو): سيتولى ملف إعادة تخطيط السياسة الخارجية التركية وإدارة عمليات الدبلوماسية التركية المتعلقة بالاتحاد الأوروبي والشرقين الأوسط والأدنى والقوقاز.
• وزيرة التعليم (نعمت سيبوكيو): ستتولى ملف إصلاح التعليم العالي.
• وزير الأشغال العامة والإسكان (مصطفى ديمير): سيتولى ملف إكمال مشروع الطرق السريعة البالغ طوله 15 ألف كلم بحيث يتم إنجاز المشروع في عام 2011 وفقاً لالتزام حكومة حزب العدالة والتنمية أمام الرأي العام التركي.
• وزير الصناعة والتجارة (نيهات إرغون): سيتولى ملف الاختراعات في الصناعة التركية.
• وزير العمل والضمان الاجتماعي (عمر دينسير): سيتولى ملف وضع خطط الضمان الاجتماعي.
• وزير الصحة (رجب أكداغ): سيتولى ملف المجمعات الصحية التركية لإقامتها في 12 محافظة تركية.
• وزير النقل (بينالي بيلديريم): سيتولى ملف إكمال طريق السكة الحديدية السريع المحدد لإكماله عام 2011 الذي سيربط بين أنقرة واسطنبول إضافة إلى نفق اسطنبول – مرمرة الذي سيربط بين أراضي منطقة الأناضول بأراضي منطقة تيراسي التركية الموجودة على الجانب الأوروبي.
• وزير الزراعة (مهدي إيكير): سيتولى ملف تنسيق السياسات الزراعية التركية بما يتلاءم مع معايير الاتحاد الأوروبي.
• وزير الثقافة والسياحة (أرتوغرول غوناي): سيتولى ملف تعزيز قدرة تركيا على اجتذاب السياح والمسافرين.
• وزير البيئة (فايزيل إيروغلو): سيتولى ملف تحضير الترتيبات القانونية المتعلقة بتنسيق الموارد المائية.
التدقيق في مهام أعضاء مجلس الوزراء الجدد وطبيعة الملفات التي تمثل أولويات أجندة جدول أعمال حقائبهم يكشف لنا بوضوح عن نزعة حكومية تنفيذية باتجاه المزيد من الاهتمام والتركيز على القضايا الداخلية.
وعلى خلفية هذه الملاحظات هل سنشهد تحول عملية صنع واتخاذ القرار التركي باتجاه الانكفاء على والوضع الداخلي أم أن عملية صنع واتخاذ القرار ستسعى لمعالجة أجندة السياسة الخارجية عن طريق استبدال منظور المفاضلة بين أولوية السياسة الداخلية أو الخارجية، على أساس إمكانية الجمع بينهما وهو تزامن أداء السياستين الداخلية والخارجية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...