مستقبل أزمة شبكة الدفاع الصاروخي بين واشنطن وموسكو

25-11-2008

مستقبل أزمة شبكة الدفاع الصاروخي بين واشنطن وموسكو

الجمل: على خلفية دخول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض وخروج الجمهوريين منه، أصبح مصير مشروع الدفاع الصاروخي مجهولاً، وذلك لأن حملة المرشح الديمقراطي ركزت على توجيه الانتقادات الحادة لإدارة بوش الجمهورية في كل ما يتعلق بملف مشروع الدفاع الصاروخي.
* الوضع الميداني الراهن لمشروع الدفاع الصاروخي:
تقول المعلومات والتقارير بأن إدارة بوش قد حققت التقدم الآتي في مشروع الدفاع الصاروخي:ف
• إقناع جمهورية التشيك باستضافة الرادار الخاص بالشبكة.
• إقناع جمهورية بولندا باستضافة بطاريات صواريخ الاعتراض الصاروخي.
وتقول المعلومات أيضاً بأن الاتفاقيات الجارية بواسطة إدارة بوش على خط واشنطن – براغ، وواشنطن – وارسو، ما زالت تصطدم بالكثير من العقبات والمشاكل التي يمكن إيجازها على النحو الآتي:


أولاً: الاتفاقية مع جمهورية التشيك:
تقول المعلومات أن الحكومة التشيكية الحالية قد وافقت على استضافة الرادار والمنشآت التابعة له ولكن البرلمان التشيكي لم يقم بالموافقة لعدة أسباب أبزرها:
• إن الرأي العام التشيكي رافض بأغلبية كبيرة لفكرة اتفاق استضافة منشآت الدفاع الصاروخي الأمريكية، وقد كشفت استطلاعات للرأي أن حوالي 75% من التشيك يرفضون صراحةً هذا الموضوع جملةً وتفصيلاً.
• المعارضة داخل البرلمان التشيكي أصبحت قوية في مواجهة الحكومة الحالية وبسبب تأييد بعض النواب للحزب الحاكم فإن مخاوف النواب أصبحت كبيرة إزاء احتمالات أن تؤدي موافقتهم للحزب الحاكم إلى الإطاحة بهم في الانتخابات البرلمانية القادمة.
إضافة لذلك فإن مبررات الرفض التشيكي العام لاستضافة منشآت الدفاع الصاروخي استندت إلى الآتي:
• إن المزاعم الأمريكية بأن الدفاع الصاروخي يهدف إلى الوقاية من خطر الصواريخ الإيرانية هي مزاعم غير صحيحة.
• إن المقصود بشبكة الدفاع الصاروخي هو استهداف روسيا وليس من مصلحة جمهورية التشيك القيام بأي إجراءات استفزازية ضد روسيا طالما أن إمدادات النفط والغاز الحيوية تأتي من روسيا وليس من أمريكا أو حلفائها الآخرين.
وتقول المعلومات والتقارير بأن إدارة بوش قد بذلت الجهود الحثيثة في محاولة إقناع البرلمان التشيكي في التصويت لصالح الاتفاقية ولكن جهود واشنطن منيت بالفشل، إضافة إلى تزايد شكوك الرأي العام التشيكي في مصداقية الحكومة التشيكية التي تقول التسريبات بأن جماعات اليهود التشيك من أصدقاء وحلفاء الرئيس التشيكي اليهودي السابق فاسلاف هافيل ما تزال تسيطر على مجلس الوزراء والمؤسسات التنفيذية الوطنية التي تكونت بعد انفصال تشيكيا عن سلوفاكيا ضمن ما عرف بانفراط الاتحاد الفيدرالي التشيكي – السلوفاكي.
ثانياً: الاتفاقية مع جمهورية بولندا:
وافقت الحكومة البولندية من حيث المبدأ لواشنطن باستضافة منشآت الدفاع الصاروخي ولكن مضمون محتوى الموافقة البولندية قد أدى إلى نشوء المزيد من التجاذبات والخلافات على خط وارسو – واشنطن ويمكن إيجاز ذلك على النحو الآتي:
• اشترط البولنديون على الإدارة الأمريكية نشر قوة عسكرية كبيرة في بولندا ولكن الأمريكيين رفضوا ذلك بسبب أن نشر مثل هذه القوة سيؤدي إلى استفزاز روسيا ودفعها إلى ردود أفعال قد تضر كثيراً بالأمن القومي الأمريكي وبالذات إذا ردت موسكو على ذلك بنشر قواتها في كوبا.
• اشترط البولنديون على الإدارة الأمريكية دفع مبالغ كبيرة مقابل استضافة منشآت الدفاع الصاروخي وقد رفض الأمريكيون ذلك لأنه سيلقي على واشنطن المزيد من المضاعفات أقلها زيادة مساعداتها لدول شرق أوروبا السابقة الحليفة لأمريكا.
وتقول المعلومات أن الرأي العام البولندي يتضمن ما نسبته 60% من الرافضي للاتفاقية إضافة إلى أن المعارضة البولندية تقوم حالياً بدور كبير في التسويق لفكرة تقديم التنازلات للإدارة الأمريكية.


* ردود فعل الاتحاد الأوروبي:
برغم عدم قيام الاتحاد الأوروبي بإظهار المعارضة الساخنة لمشروع الدفاع الصاروخي الأمريكي، فقد انتهج الاتحاد أسلوب المعارضة الناعمة عن طريق المطالبة بالآتي:
• أن يكون المشروع تحت الإشراف المباشر لقيادة حلف الناتو باعتباره المسؤول عن الدفاع عن الأمن الأوروبي وباعتبار أن الولايات المتحدة نفسها العضو القائد لحلف الناتو. وبالمقابل يرفض الأمريكيون وضع شبكة الدفاع الصاروخي تحت إدارة الناتو لاعتبارات تتعلق بالأسرار التكنولوجية والشفرة النووية الأمريكية، إضافة إلى عدم رغبة الأمريكيين في إعفاء الألمان والفرنسيين من فرصة المشاركة في إدارة المشروع والتي يعتبرها الأمريكيون أداة من أدوات السيطرة العسكرية على الجميع بما في ذلك ألمانيا وفرنسا.
• ظل الاتحاد الأوروبي يقدم المساعدات المكثفة لبولندا والتشيك وفي حالة حصول هذه الدول على المعونات الأمريكية –وهي معونات غير مضمونة- فإن الاتحاد الأوروبي سيقلل أو يقطع معوناته عنها.
• تسعى التشيك وبولندا إلى الانضمام إلى حلف الناتو الذي ترتبطان معه حالياً ببعض اتفاقيات التعاون والشراكة وبالتالي فإن استضافة مشروع الدفاع الصاروخي سيدفع دول الاتحاد الأوروبي إلى تقليل أهمية وجود هذه الدول في مفهوم الدفاع الأوروبي، وهو أمر سيجعل أمن كلا البلدين مكشوفاً في مواجهة أي استهداف روسي الأمر الذي إذا حدث فإن واشنطن بالتأكيد سوف لن تقامر بالدخول في مواجهة نووية مدمرة من أجل بولندا والتشيك.
• هددت روسيا بنشر شبكة دفاع صاروخي مماثلة في مواجهة الهوس الأمريكي في نشر شبكتها الصاروخية، وهو ما يثير مخاوف الدول الأوربية من خطورة العودة إلى فترة الحرب الباردة، وحيث أنها في هذه الحالة ستواجه خطر الصواريخ الروسية وليس أمريكا.
* الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة: الموقف من مشروع شبكة الدفاع الصاروخي:
تشير معطيات الخبرة التاريخية إلى أن مشروع شبكة الدفاع الصاروخي قد بدأت بشكلها الحالي خلال فترة إدارة الرئيس ريغان الجمهورية التي أطلقت مبادرة الدفاع الاستراتيجي ولكن إدارة كلينتون الديمقراطية أوقفت المبادرة، وعندما جاءت إدارة بوش الجمهورية قامت مرة أخرى بمواصلة المشروع نفسه، وخلال فترة إدارة بوش ظل الحزب الديمقراطي بكافة أجنحته يقدم الكثير من الانتقادات الرافضة للمشروع ويتهم إدارة بوش بالآتي:
• إن كل التجارب التي تمت أكدت بأنه من غير الممكن ضمان تنفيذ أي عملية اعتراض صاروخي ناجحة بنسبة 100%.
• إن شبكات الدفاع الصاروخي الموجودة في ولاية ألاسكا الأمريكية تبين أنها غير قادرة على اعتراض الصواريخ القادمة بنسبة 100%.
• إن شبكة الدفاع الصاروخي التي سيتم نشرها في أوروبا الشرقية سوف لن تستطيع حماية أمريكا من الصواريخ الروسية التي ستأتي بكل سهولة عبر القطب الشمالي أو بالانطلاق من الغواصات الروسية الموجودة في المحيط الهادي أو الباسفيكي.
• إن حلفاء أمريكا الأوروبيين لم يوافقوا على نشر شبكة الدفاع الصاروخي فلماذا نسعى لإقامتها إذا لم يوافق عليها من يفترض بها حمايتهم.
• إن شبكة الدفاع الصاروخي قد استهلكت حتى الآن 150 مليار دولار ولم تستطع أن تعمل بفعالية في اعتراض الصواريخ المعادية بنسبة 100% فلماذا الإصرار على المزيد من إنفاق الميزانيات لصالح مشروع لا طائل من وراءه.
هذا، وتشير التوقعات الجارية حالياً أن إدارة أوباما الديمقراطية سوف لن تمضي قدماً في تنفيذ المشروع خاصة وأن كل أطراف وأجنحة الحزب الديمقراطي ما تزال تتشدد في رفض المشروع إضافة إلى رفض حلفاء أمريكا الأوروبيين.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...