ما علاقة مؤتمر الديمقراطيات بالمناورات العسكرية في الخليج العربي؟

31-10-2006

ما علاقة مؤتمر الديمقراطيات بالمناورات العسكرية في الخليج العربي؟

الجمل:   تفكيك المشهد الجيوستراتيجي في منطقة الخليج العربي في هذه اللحظة يكشف لنا عن مثلث ثلاثي الأبعاد:
- مناورات عسكرية أمريكية ضخمة على مياه الخليج العربي.
- اجتماعات ولقاءات استخبارية أمريكية- عربية خليجية.
- مؤتمر خاص حول الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة.
إن إعادة قراءة هذه الأبعاد، تشير إلى الآتي:
• المناورات العسكرية: تهدف المناورات العسكرية أياً كانت إلى تحقيق عدة أهداف أولها سياسي، ويتمثل في ردع الأطراف الأخرى عن طريق ما يُعرف بعملية استعراض القوة التي تكشف عنها المناورات.. أما الهدف الثاني فيتمثل في تحقيق التكيف العسكري سواء كان بين الأطراف المشتركة في المناورات أو مع البيئة الطبيعية والجغرافية للمسرح.. أما الهدف الثالث فهو الاستعداد التعبوي والتكتيكي لمعركة قادمة.
• الاجتماعات واللقاءات الاستخبارية: تهدف هذه الاجتماعات واللقاءات إلى إقرار الترتيبات والخطط السرية، الهادفة إلى القيام بمشروع مشترك، وعادة ما يتمثل في المشروع الذي يطرحه الطرف الأقوى، وذلك بهدف القيام بـ(شيء ما).
• المؤتمر الخاص حول الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة: وهو مؤتمر يهدف إلى طرح وجهة نظر محددة إزاء تطور الأنساق السياسية الحاكمة.
بعد تفكيك أبعاد المشهد الجيوستراتيجي، وإعادة قراءتها، يمكن القول: إن إعادة تركيبها تؤدي بنا إلى اكتشاف الأبعاد الأكثر عمقاً، فمن المعلوم أن أمريكا تحتفظ في سائر أنحاء العالم بحوالي 30 قاعدة عسكرية منها 18 قاعدة في منطقة الخليج العربي وحدها، هذا بخلاف التسهيلات العسكرية التي تمنح القوات الأمريكية قدراً هائلاً من حرية الحركة الاستراتيجية في شتى مجالات العمل العسكري التعبوية والتكتيكية.
وبرغم ذلك فإن أمريكا تسعى حالياً إلى ما يُعرف عسكرياً بـ(الحسم النهائي)، وذلك على أساس اعتبارات أن أمريكا لم تعد تكتفي بالتعاون اللامحدود الذي تبديه أنظمة دول الخليج معها، بل تسعى إلى استدامة وجودها العسكري، ووضع يدها بالكامل على المنطقة، والسيطرة على مستقبلها السياسي والاجتماعي.. ويمكن توضح أبرز المؤشرات المتعلقة بهذه الاعتبارات على النحو الآتي:
- الوجود العسكري المكثف أدى إلى كسر استقلال وسيادة هذه البلدان، بدليل أنه لا يوجد حالياً من يستطيع أن يقول: لا، ويرفض طلباً أمريكيا.. ومن أمثلة ذلك: أن أمريكا قررت بناء جدار عازل بين العراق والسعودية، ومن ثم وافقت حكومة المملكة –مشكورة- على دفع كل تكاليف بناء هذا الجدار العازل الأمريكي، والتي تبلغ نحواً من مليار دولار. كذلك يتحدث الكثير من العمانيين بأن أجهزة الأمن العمانية يشرف على إدارتها البريطانيون، وبالتالي فإن من تقبض عليه أجهزة الأمن العمانية، يحقق معه ويقرر مصيره ضباط بريطانيون.. وعلى غرار هذا السيناريو، ماتزال أجهزة الأمن والمخابرات البحرينية تحت سيطرة وتوجيه البريطانيين. كذلك فقد أدى الوجود العسكري المكثف إلى فرض حالة من التبعية المطلقة للقوات المسلحة في البلدان الخليجية، إزاء الجيوش الغربية، وحصرا الجيش الأمريكي.. ومن المؤسف أنها تبعية بلا فائدة (تضع السيف في موضع الندى) كما يقولون، فكل الأسلحة والعتاد والأفراد في الجيوش الخليجية تحت سيطرة وتصرف الجنرالات الأمريكيين وحدهم دون غيرهم، وحالياً ليس باستطاعة أي قائد أو زعيم خليجي أن يعلن حالة التعبئة العامة والاستنفار في قواته المسلحة دون الحصول على موافقة البنتاغون المسبقة، والتي لن يقرر البنتاغون حولها شيئاً قبل حصوله على موافقة إسرائيل.
- التحركات الاستخبارية الجديدة هذه، والتي جاءت لتجمل الحلقة الثانية من اجتماع العقبة، هدفها هذه المرة جعل أجهزة الأمن والمخابرات في هذه الدول الخليجية تصبح فروعاً أمنية مباشرة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية، وفروعاً غير مباشرة لجهاز الموساد الإسرائيلي، ومن ثم فعلى غرار تجربة جهاز المخابرات الأردنية الـ(ثرية) في تقديم الخدمات للموساد يجري الآن تعميم هذا النموذج، ولكن وفقاً لغطاء أمريكي في هذه المرحلة، وبالتأكيد سوف يعقب ذلك، القبول بالتعاون الـ(مشترك) مع الموساد كأمر واقع.. والآن سوف يكون مطلوباً من أجهزة مخابرات هذه الدول –المفترض أنها عربية- أن تنخرط في علاقات الـ(شراكة والتعاون الأمني) ضد الإرهاب، وبالتالي عليها أن تقوم بتقديم المعلومات عن المواطنين الخليجيين والعرب، ورصد تحركاتهم وحساباتهم المصرفية، وذلك لضمان عدم دعمهم للإرهاب.. كذلك سوف يتوجب على هذه الأجهزة اعتقال كل مطلوب من هؤلاء المواطنين، وتسليمه فورا لـ(الشركاء) الغربيين.
- مؤتمر الديمقراطيات الجديدة والمستعادة: جاء ليوضح المسار السياسي المطلوب، وإذا كان معنى الديمقراطية مفهوم وواضح في الأدب السياسي، فما الذي يقصد بكلمتي الجديدة والمستعادة.. والإجابة على هذا السؤال توجد في واشنطن وتل أبيب، لأن كلمة الجديدة وكلمة المستعادة توجد تأويلاتهما فقط في الأطروحات الجارية الموجود في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية (FDD)، ومنتدى الشرق الأوسط (MEF)، وغيرها من مراكز الدراسات التي تعمل في مجال صناعة (الثورات الملونة)، واستخراج النسخ الجديدة منها، وما تريد أمريكا التمهيد له في هذا المؤتمر هو التمهيد لصياغة المجتمعات البشرية الخليجية، وذلك بما يقلل من انتمائها العربي والإسلامي، ويعيد تشكيل هويتها القومية على أساس منظومة القيم الجديدة التي يتم إعدادها حالياً في مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد هدسون، والذي تقوم بالإشراف عليه الباحثة الإسرائيلية- الأمريكية الجنسية ميعراف فورمزر.. والجدير ذكره أن إحدى وثائق هذه المركز والتي تحدثت عن السعودية، تقول بوضوح في إحدى فقراتها: (..العربية السعودية، وما هو مطلوب ومهم إزالة العربية عن السعودية..)، وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر قد وجه الدعوة إلى تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية، والتي اعتذرت عن المشاركة.. وقد حاول البعض أن يفسر ذلك بأن الوزيرة الإسرائيلية تخشى الدخول في مواجهة مع حشود المؤتمرين، ولكن على خلفية الأداء السلوكي الإسرائيلي، تقول: إن اعتذار الوزيرة قد لا يكون بسبب ذلك، ومتى كان الإسرائيليون يحسبون حساباً لاحترام الرأي العام العالمي والآخرين.. لذلك قد تكمن الإجابة في السؤال القائل: لماذا تحضر الوزيرة الإسرائيلية الاجتماع طالما أن هناك من (يقوم بالمهمة) خير قيام.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...