كيف تغلب جون بولتون على ترامب فيما بتعلق بسورية

27-02-2019

كيف تغلب جون بولتون على ترامب فيما بتعلق بسورية

ها هي الولايات المتحدة ستترك 400 من جنودها في سورية كبديل للانسحاب الكامل الذي وعد به ترامب
بعد إعلان ترامب المفاجئ في كانون الأول/ديسمبر الماضي سحب قواته كلياً من سورية –وهي خطوة أربكت حلفاء الولايات المتحدة ودفعت بوزير دفاعه جيمس ماتيس إلى الاستقالة– تبدي إدارة ترامب بعض اللين، معلنةً أن قوّة صغيرة تبلغ نحو 400 جندي من قواتها ستبقى في البلاد.

فوفقاً لمسؤول كبير في الإدارة، ستشمل القوات الباقية "مجموعة لحفظ السلام" تتألف من نحو 200 جندي في شمال شرق سورية، حيث لاتزال "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة والتحالف تحارب بقايا "داعش"، و200 آخرين متمركزين في قاعدة التنف، وهي قاعدة تقع في منطقة نائية في جنوب شرق سورية بالقرب من الحدود مع الأردن.

وتم إعلان القرار في بيان صدر في 21 شباط/فبراير على لسان السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض سارة ساندرز، بعد ساعات من مكالمة هاتفية جرت بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ووافق الزعيمان على مواصلة تنسيق إنشاء منطقة آمنة محتملة على حدود تركيا مع سورية، وفقاً للبيت الأبيض. هذه هي المرة الثانية في غضون الأشهر الأخيرة التي يتم اتخاذ قراراً هاماً بشأن سورية بعد اتصالاً هاتفياً بين ترامب وأردوغان.خلال اجتماع مع وزير الدفاع التركي خلوصي آكار في البنتاغون بعد ظهر يوم الجمعة، قال وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، إن المهمة في سورية لم تتغير: هزيمة "داعش". وأشار إلى أن القوات الأمريكية التي ستبقى في البلاد سوف تركز على "الاستقرار وتعزيز" القدرة الأمنية لقوات الأمن المحلية. وقال شاناهان «سنفعل ذلك كشركاء استراتيجيين».

لعدة أشهر، سعى جون بولتون للحفاظ على وجود أمريكي في سورية، وتحديداً في التنف، التي تمتد عبر طريق إمداد إيراني محتمل إلى سورية مروراً بالعراق، بهدف طمأنة الحلفاء بأن الولايات المتحدة لم تتراجع عن استراتيجيتها المناهضة لإيران، وذلك في غضون رحلته إلى المنطقة في كانون الثاني/يناير، وتناقلت التقارير أن بولتون ناقَشَ مع المسؤولين الإسرائيليين خطة إبقاء القوات في القاعدة من أجل الحد من نفوذ طهران في المنطقة.

وكانت التنف في الأصل مركزاً أمريكياً لتدريب المقاتلين السوريين المحليين. لكن مع انحسار "داعش" تدريجياً، أصبحت قاعدة التنف مركز تعزيز هام ضد النفوذ الإيراني. أنشأ المسؤولون في عام 2017 منطقة "يمنع الاقتراب" منها على بُعد نحو 34 ميلاً حول القاعدة، بحيث يُسمح للقوات الأمريكية بالدفاع عن النفس عند ضرب القوات الإيرانية أو غيرها من القوات التي تتحرك عبر تلك المنطقة.إلا أن استمرار وجود الولايات المتحدة في التنف بعيداً عن قتال "داعش" في شمال شرق سورية، يفرض مخاطر كبيرة. وقد أدّت الحادثة التي حصلت قرب قاعدة التنف في عام 2017، التي كانت تنطوي على تحرك إيراني غريب هناك، إلى مواجهة بين القوات الأمريكية والإيرانية، ما يوضح مدى السرعة التي يمكن أن تتصاعد بها الأحداث الصغيرة في ساحة المعركة المعقدة هناك.

علاوة على ذلك، فإن الاحتفاظ بوجود صغير في كلّ من سورية والعراق "لمراقبة إيران" بدلاً من محاربة "داعش" يثير أسئلة قانونية. فقد تمكنت القوات الأمريكية من محاربة المسلحين ما دون الدول، مثل "داعش" و"القاعدة"، بموجب تفويض الكونغرس لعام 2001، الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية، والذي أتى رداً على هجمات 11 أيلول/سبتمبر. لكن القوات العسكرية الأمريكية غير مصرح لها باستهداف الجهات الفاعلة التابعة للدول –مثل القوات الإيرانية والروسية والسورية وقوات وكلاء "النظام" في سورية– ما لم يتم مهاجمتها ودفاعاً عن النفس.

وصرّح أحد مساعدي السيناتور بيرني ساندرز للفورن بوليسي في أوائل شباط/فبراير: «لم يمنح الكونغرس الإذن للقيام بمهمة معادية لإيران في سورية. والحقيقة أن الأساس القانوني للوجود العسكري الأمريكي في سورية، عام 2001، هشّ للغاية، ويحتاج إلى إعادة النظر فيه». وأضاف أن «أي تحرك من جانب إدارة ترامب لتوسيع العمل بهذا التفويض بشكل أكبر ليشمل عمليات ضد إيران سوف يقابله بالتأكيد رد فعل من الكونغرس».

ومع ذلك، فإن قرار الحفاظ على بعض القوات في شمال شرق سورية هو فوز للأكراد السوريين، الذين كانوا الحليف الرئيس للولايات المتحدة في حربها ضد "داعش". قد يكون الهدف جزئياً من وراء هذه الخطوة هو دعم حلفاء أمريكيين آخرين في المنطقة، خصوصاً البريطانيين والفرنسيين، الذين يُقال إنهم مترددون في البقاء في سورية بعد مغادرة القوات الأمريكية.

لكن مسؤولي الدفاع الأوروبيين رفضوا ما تردد بخصوص أنهم يبحثون عن مخرج سريع من سورية. وخلال اجتماع في البنتاغون يوم الخميس، نفى شاناهان ووزير الدفاع البلجيكي ديدييه ريندرز بشكل قاطع أن الحلفاء الأوروبيين رفضوا طلب الولايات المتحدة بالبقاء في سورية، وأشار إلى أنه سيصر على وجود شرط واحد لاستمرار الوجود الأوروبي –وهو تفويض قانوني للبقاء على الأرضي السورية. ومن غير الواضح من أين سيأتي مثل هذا التفويض.

 

 


الجمل بالتعاون دمشق للدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...