روسيا وإعادة ترتيب المسرح القوقازي

25-11-2009

روسيا وإعادة ترتيب المسرح القوقازي

الجمل: تقول المعلومات والتسريبات، بأن موسكو، تسعى حالياً، باتجاه اعتماد سياسة روسية أكثر تشدداً إزاء ضبط منطقة القوقاز، وذلك بما يتيح لروسيا إعادة ترتيب المسرح القوقازي، بما يدرأ شبح التهديد والمخاطر عن الأمن القومي الروسي.
* منطقة القوقاز: إشكاليات المحتوى الجيو – سياسي:
تقع منطقة القوقاز في وسط نقطة التقاء القارة الآسيوية مع القارة الأوروبية، وحالياً تنقسم منقطة القوقاز إلى جزأين هما:
• القوقاز الشمالي: ويضم الجمهوريات الصغيرة الواقعة تحت مظلّة الاتحاد الروسي الفيدرالي، وتنحصر هذه الجمهوريات الصغيرة في منطقة جنوبي غرب روسيا، وتحديداً على طول المنطقة الممتدة من شمال غرب بحر قزوين وحتى سواحل شمالي البحر الأسود. وهذه الجمهوريات هي: داغستان، الشيشان، أوستيا الشمالية، كاربادينو، بلغاريا وشركسيا، هذا وتوجد في هذه الجمهوريات أقليات صغيرة موزعة تتميز بعمق انتمائها الديني الإسلامي – السني، الأمر الذي جعل مسلمي هذه الجمهوريات أكثر ميلاً إلى بناء الروابط مع البلدان العربية الإسلامية السنية، وعلى وجه الخصوص السعودية وبلدان الخليج.
• القوقاز الجنوبي: و يضم كل من تركيا، جورجيا، أذربيجان وأرمينيا، وخلال فترة القطبية الثنائية كانت تركيا دولةً مستقلة حليفةً لأمريكا والغرب، وتُمثل خط الدفاع الأول عن المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، أمّا الدول الثلاث الأخرى، فكانت ضمن جمهوريات الاتحاد السوڤيتي السابق، وبالتالي، كانت تُمثّل خط الدفاع الأول عن الاتحاد السوڤيتي السابق في مواجهة خطر التهديد الأمريكي والغربي القادم عبر تركيا.
أدى انقسام منطقة القوقاز إلى جزأين شمالي ضمن السيادة الفدرالية الروسية، وجنوبي مستقل، إلى تزايد المخاطر وحالات عدم الاستقرار، إضافةً إلى تزايد مفاعيل العداء الداخلي والخارجي في منطقة القوقاز بشكلٍ عام.
* توجهات موسكو الأمنية – العسكرية الجديدة إزاء القوقاز؟
تقول المعلومات، بأن موسكو بدأت تتحرك إزاء منطقة القوقاز ضمن محورين، يمكن الإشارة إليهما على النحو الآتي:إقليم القوقاز
• محور أمني – دبلوماسي إزاء القوقاز الجنوبي: ويتضمن القيام بالتحركات الدبلوماسية الروسية المكثفة إزاء تعزيز التعاون المشترك مع كلٍّ من تركيا، أذربيجان وأرمينيا، وذلك بما يتيح لموسكو تحقيق الأهداف الآتية:
- ترتيب المصالح المشتركة بشكلٍ يقوم على التوازن والانسجام، وعلى وجه الخصوص الاعتبارات المتعلقة بشراكة روسيا مع هذه الدول في مجالات استثمارات النفط والغز.
- عزل الحكومة الجورجية الحالية المرتبطة بأمريكا وإسرائيل، وذلك بما يجعل جورجيا تتعرض للمزيد من الضغوط والعزل، بحيث تتزايد المعارضة وتجد المزيد من السند والدعم لجهة القيام بإسقاط نظام الرئيس ساخاشيفلي الحالي.
- قطع الطريق أمام واشنطن وحلفائها إزاء القيام بجمع دول القوقاز الجنوبي ضمن عمليات الاستقطاب الإقليمي والتي بدأتها واشنطن بالسعي لإقامة حلف «غوام» الذي خططت لضم إسرائيل إلى عضويته.
• محور عسكري – أمني – اقتصادي إزاء القوقاز الشمالي: ويتضمن القيام بالمزيد من التحركات الساعية لإعادة إدماج القوقاز الشمالي داخل الإطار الدولاتي الفيدرالي الروسي، وتقول المعلومات، بأن خطة موسكو الجديدة إزاء القوقاز الشمالي تتضمن الآتي:
- استخدام نظام إداري إقليمي فيدرالي يسعى لربط جمهوريات القوقاز الصغيرة ضمن مظلّة إدارية إقليمية واحدة.
- تعيين "حاكم عام" فيدرالي موحد للقوقاز الشمالي، وتزويده بالصلاحيات الفيدرالية والاتحادية الكافية لفرض سيطرته على القوقاز الشمالي.
- تعزيز التنمية الاقتصادية – الاجتماعية في جمهوريات القوقاز الشمالي، بما يتيح للنخب القوقازية السياسية الشمالية المزيد من المشاركة، وأيضاً المزيد من عدم الحاجة للمعونات والمساعدات التي تقدمها السعودية ودول الخليج عن طريق المنظمات الدينية الوهابية والسلفية، التي ظلّت وما زالت فعاليتها ناشطة في القوقاز الشمالي.
- تكثيف الوجود العسكري الأمني الروسي في رقعة القوقاز الشمالي، وذلك بما يتيح لموسكو نشر المزيد من القواعد والوحدات العسكرية الروسية في هذه المنطقة، وذلك على أساس اعتبارات أن نشر القدرات العسكرية الروسية في القوقاز الشمالي سوف يكون عاملاً رادعاً ليس للحركات المسلحة المتمردة فحسب، وإنما لخصوم موسكو الدوليين، وعلى وجه الخصوص واشنطن وحليفتها جورجيا التي تتميز بحدودها الطويلة مع جمهوريات القوقاز الشمالي.
تشير التقارير إلى أن استراتيجية وسياسة موسكو الجديدة إزاء القوقاز الشمالي والقوقاز الجنوبي، تواجهها العديد من المشاكل والصعوبات التي من أبرزها:
• توتر العلاقات الأذربيجانية – التركية بسبب الموقف التركي الجديد إزاء أرمينيا، مع احتمالات أن يمتد هذا التوتر إلى العلاقات الروسية – الأذربيجانية، وتقول المعلومات، بأن محور واشنطن – تل أبيب يدفع حالياً باتجاه إشعال المزيد من التوترات والخلافات بين أذربجان وأرمينيا وأذربيجان وروسيا وأذربيجان وتركيا.
• صعوبة إقناع أرمينيا بالانسحاب من إقليم ناغورنوكرباخ، إضافةً إلى صعوبة إقناع أذربيجان بعدم التعامل مع الشركات النفطية الأمريكية.
• موقف تركمانستان والذي أصبح أكثر تأرجحاً بين الالتزام ببنود الترتيبات الإقليمية مع دول المنطقة ومنها روسيا، والالتزام ببند العلاقات والروابط مع كل من واشنطن وتل أبيب، وحالياً تقول المعلومات، بأن محور واشنطن – تل أبيب يسعى حثيثاً باتجاه تعزيز الروابط مع تركمانستان بسبب أنها تتميز بمخزونات النفط والغز الكبيرة، إضافةً إلى مو قعها الذي يساعد بقدرٍ كبير في القيام باستهداف منطقة القلب الجنوبي الإيراني، وذلك لأن الجزء الشمالي الشرقي من إيران توجد فيها المراكز الصناعية والمفاعلات النووية، إضافةً إلى سهولة الانتقال وقرب المسافة الواصلة بين خط الحدود الإيرانية – التركمانستانية والعاصمة الإيرانية طهران.
على ضوء التطورات والوقائع الجارية حالياً، يمكن الإشارة إلى أن الجهود الروسية الساعية لتثبيت استقرار منطقة القوقاز، هي جهودٌ سوف لن تستطيع تحقيق الاستقرار بالقدر المطلوب، إلا إذا وجدت الدعم والسند من الأطراف الإقليمية الرئيسية، وعلى وجه الخصوص تركيا وإيران وكازاخستان باعتبارهم اللاعبين الإقليميين الأساسيين في منطقة القوقاز الجنوبي.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...