رئيس هيئة تخطيط الدولة بدليل ربطة عنقه المخططة

16-05-2007

رئيس هيئة تخطيط الدولة بدليل ربطة عنقه المخططة

في الحوار مع الدكتور تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة: لا أجوبة دبلوماسية.. بل أجوبة صريحة تعبر عن قناعاته ورؤيته لمستقبل الهيئة والاقتصاد الوطني.

عندما سألته لماذا عدت من الخارج وأنت تعمل في أماكن مرموقة قال لي: أنا مؤمن بمشروع الرئيس بشار الأسد الإصلاحي لذلك قبلت المهمة التي أسندت لي لكي أقوم بواجبي في هذا المشروع الوطني مشيراً إلى أن هذا المنصب كان قد عرض عليه سابقاً. ‏

. نبدأ بالخطوة الأخيرة المتعلقة بإعادة هيكلة هيئة تخطيط الدولة وتقليص عدد المديريات من 70 مديرية الى نحو 29 مديرية...البعض يراها مناسبة لدور اكثر رشاقة وفعالية والبعض الآخر يراها تحديداً لعملها.. ما الهدف من اعادة الهيكلة؟ ‏

..صحيح هذا الكلام، فالهيئة كانت تحتوي على 70 مديرية وعندما جئت إليها كنت أبحث عن الكفاءة، وأهم شيء في أية مؤسسة هو كفاءتها كيف تعمل بعيداً عن العدد والامتيازات التي تعطى للموظفين اي أنك لا تستطيع ان تجعل موظفاً مديراً كي تعطيه سيارة وهو موظف على نفسه فقط، فوجدت بعد أن سألت الكثير من الخبراء انه لابد من دمج القطاعات المتشابهة حتى تصبح كفاءة، ومثالي على ذلك انه في قطاع الصناعة كان هناك ثلاث مديريات: تخطيط الصناعة، تنفيذ الصناعة، وميزانية الصناعة وفي اعادة الهيكلة تم دمجها في مديرية واحدة اسمها مديرية الصناعة، فالموضوع هو الكفاءة فقط.. اي كيف تصبح المديرية اكثر كفاءة وانتاجاً واكثر فائدة. ‏

. مادمنا نتحدث عن الكفاءة.. هل وجدت في الهيئة كفاءات؟ ‏

.. الكفاءات بالنسبة للاشخاص كثيرة وممتازة، ووجدت كثيراً من الموظفين على مستوى عال من الكفاءة، وأعطيك مثالاً: أنا لم اكن اعتقد أن هناك متخصصين بالنمو والنمذجة لان هذا الموضوع ضعيف في سورية لكن في الهيئة هناك بعض الموظفين يستطيعون ان يتعاملوا مع النماذج بكفاءة عالية. ‏

.. وحتى المديريات بعد الدمج أصبحت تستطيع تأدية مهامها بشكل أفضل بكثير من السابق. ‏

. برأيك اذاً دكتور تيسير ما المهمة الرئيسية لهيئة تخطيط الدولة؟ ألايفترض ان تقوم بها خلال الفترة القادمة؟. ‏

.. الان اختلفت مهمتها، وأنا أعتقد ان مهمة هيئة تخيطط الدولة أنها ليست معنية فقط بالتخطيط وان كان جانباً مهماً، لكن المهم كذلك انها تقدم مساعدة تقنية للحكومة فيما يتعلق بمسائل التنمية الاقتصادية وخذ مثالاً على ذلك: موضوع اقتصاد السوق الاجتماعي فنحن مهمتنا تقديم تصور للحكومة تصور حول هذا الاقتصاد وكيف يعمل وماذا يحتاج من قوانين وشفافية.. ومن هياكل جديدة؟!. ‏

. مادمت قد ذكرت موضوع اقتصاد السوق الاجتماعي.. في المرحلة التي اعقبت الاعلان عن اعتماد هذا النهج الاقتصادي وهي فترة قريبة كان ثمة تباين وعدم معرفة بماهية هذا الاصلاح وآلياته وقوانينه واهدافه وأحياناً كان هناك تناقض في التصريحات الرسمية وفي حديث الباحثين؟! ‏

..هذا صحيح وأنا كنت من المتابعين لهذا المصطلح وأنا في الخارج وكنت ألاحظ تشتت بعض المسؤولين بسبب عدم وضوح هذا المصطلح، لا يوجد شيء في الاقتصاد يسمى «اقتصاد السوق الاجتماعي» هو مصطلح الماني ظهر بعد الحرب العالمية الثانية لأنهم كانوا يريدون اقتصاد السوق، ومع الانتباه للموضوع الاجتماعي بسبب وجود ثقافة اشتراكية لديهم. وأنا أعتقد ان اقتصاد السوق الاجتماعي هو اقتصاد السوق بآلياته كالاحتكام الى العرض والطلب وحرية الأسعار والاجور والمنافسة ولكن لا مانع ان نضيف «اجتماعي» أو ما أسميه أنا «اقتصاد السوق» مع زيادة تدخل الدولة، يعني أنه عندما نذهب في اقتصاد السوق يصبح دور الدولة أعظم ومهماً، لأن هذا الاقتصاد يحتاج الى إشراف الدولة ومراقبتها، وثانياً اقتصاد السوق قد يولد بعض الحالات الاجتماعية التي تؤثر في العمال والعمل أو أجور العمال، ولذلك لابد من أن يكون للدولة دور اجتماعي من أجل التخلص او معالجة الجوانب السلبية من اقتصاد السوق. ‏

. هذا الدور الاجتماعي هل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تطبيق اقتصاد السوق أم أنه يجب تطبيق اقتصاد السوق ثم ننظر الى جوانبه الاجتماعية؟. ‏

..لابد اولاً من المرور في عدة مراحل، واول خطوة هي بث ثقافة اقتصاد السوق وكثير من الناس لايعرفون ما هو اقتصاد السوق والبعض يعي انه ارتفاع الاسعار والبعض يعتقد أنه عدم تدخل الدولة، وثانياً الهياكل التي يحتاجها اقتصاد السوق من القوانين والهياكل الاقتصادية، وثالثاً شبكات الأمان الاجتماعي وأن نتهيأ لما سوف ينتجه هذا السوق من آثار اجتماعية على المواطنين.. ‏

. إذاً أين نحن في سورية من هذه المراحل؟! ‏

.. أصدقك القول: نحن وضعنا هذه اللافتة «اقتصاد السوق الاجتماعي» وفي كثير من الأحيان نقوم بخطوات مناقضة لاقتصاد السوق الاجتماعي.. ‏

. مثل ماذا؟ ‏

.. عندما ارتفعت الأسعار تدخلت الدولة على شكل تاجر وحاولت زيادة العرض من السلع.. وهذا مخالف لاقتصاد السوق الاجتماعي الذي يتطلب عند زيادة الأسعار أن يتم تدخل الدولة بإفساح المجال للتجار لزيادة العرض من هذه السلع وليس الدولة بتدخلها المباشر مثلما حدث أن تشتري كميات إضافية من اللحوم.. ‏

. مادام أن الدولة يجب أن يكون تدخلها غير مباشر والتدخل المباشر يتم من خلال الفعاليات التجارية والصناعية.. إذاً يفترض أن يجري الاهتمام كذلك بالهيكل التجاري ليصار الى وجود تنسيق بين الطرفين وحدوث فعالية لهذا التدخل؟ ‏

.. ولذلك قلت لك قبل قليل: إنه يجب أن نعي تماماً أين مهمة الدولة وأين واجبات التجار في اقتصاد السوق الاجتماعي الذي لا يجعل من الدولة تاجراً بل هي مشرف ومراقب على السوق.. أي أن لها مهمة أكبر بكثير من مهمتها في الاقتصاد المركزي، لأن اقتصاد السوق يتطلب منافسة وكفاءة في استخدام الموارد ومساواة المنتجين، والشفافية، القوانين، وعدم وجود مفاجأة قد تتخذها الدولة في أية مسألة.. ‏

. على هذا الحال فالمؤسسات العامة التسويقية والتوزيع دورها الى انحسار لا الى اتساع كما يُقال؟! ‏

.. دور الدولة المباشر يجب أن يتقلص ولكن دور الدولة غير المباشر كمشرفة على السوق ومراقبته يجب أن يزداد، أي ان دورها اختلف، فهي ليست معنية وليس من وظائفها ومهامها أن يكون لها محلات في سوق الهال كما يوجد اليوم، إنما لها مهمة أكبر هي مراقبة سوق الهال ومراقبة الأسعار والإشراف وحماية المستهلكين وتحقيق المنافسة.. أي أن دور الدولة ازداد ولم يتقلص.. أنا أعتقد أن الدولة هي تاجر فاشل. ‏

. هيئة تخطيط الدولة.. ماذا يمكن أن تقدم في هذا المجال في التعريف باقتصاد السوق الاجتماعي والمباشرة بوضع مراحله؟! ‏

.. نحن نريد أن تصبح هيئة تخطيط الدولة أداة استشارية للدولة تساعدها في اتخاذ القرار ورسم سياساتها الاقتصادية، ولذلك نعتقد أنه لدينا مهمة أساسية في توضيح مفاهيم اقتصاد السوق وايجاد الآليات ونشر ثقافته اولاً ومن ثم اقتراح الهياكل وهذه برامج نعمل عليها حالياً. ‏

. هل هناك مدة زمنية محددة حتى نصل لهذه المرحلة؟! ‏

.. كنت أعتقد أن الموضوع يحتاج إلى ثلاث سنوات للانتقال كاملاً إلى اقتصاد السوق الاجتماعي ولكن هذا يتوقف على الخطوات التي إن أنجزت بشكل فعلي وحقيقي فقد تكون المدة ما بين 2 ـ 3 سنوات حتى تنجز هذه المرحلة. ‏

. إلى أي حد يمكن للخطة الخمسة العاشرة التي سميت بالطموحة جداً أن تسهم في ردم مسافة زمنية لنصل إلى اقتصاد السوق الاجتماعي؟! ‏

.. الخطة الخمسية العاشرة فعلاً هي خطة طموحة وأنا تحفظي عليها أنها كانت طموحة أكثر مما يجب وكنت أفضل ألا تكون بهذا الطموح بل أن تكون أقل طموحاً وأكثر قدرة على التنفيذ، فعندما تكون أنت طموحاً بشكل كبير فأنت قد لا تستطيع أن تحقق هذا الطموح ولكن إذا كان الطموح محسوباً. ‏

. يعني هل تعتقد أن الخطة لن تنفذ بشكل كامل؟! ‏

.. الخطة كانت طموحة جداً وقد لا نستطيع أن ننفذ كل هذا الطموح.. ‏

. لكنها خطة؟ ‏

هي خطة من أفضل الخطط على مستوى العالم، متكاملة أخذت بعين الاعتبار التحولات لاقتصاد السوق وأخذت بعين الاعتبار جداً الجانب الاجتماعي بحيث أنها أفردت أبواباً كاملة للتنمية البشرية ثم أخذت موضوع توازن النمو على مستوى القطر ولذلك اعتنت بشكل خاص بالمناطق البعيدة والنامية ففيها جانب مهم عن تنمية المنطقة الشرقية. ‏

. على هذا الحال ما المشكلات والصعوبات التي قد تواجه الخطة؟! ‏

.. حتى الآن الخطة تسير بالاتجاه الصحيح وهناك نسب تنفيذ عالية ونحن متفائلون في هيئة تخطيط الدولة وعناصرنا يذهبون إلى المحافظات يتابعون تنفيذ الخطة والمؤشرات تقول بنسب جيدة جداً وفي بعض القطاعات 100%. ‏

. سابقاً مثل هذه الأرقام والنسب يعتريها الشك وعدم الدقة هل تثق بهذه المؤشرات؟! ‏

.. قلت أكثر من مرة أننا في سورية بحاجة إلى رقم احصائي صحيح نحن كدولة نامية بحاجة إلى أرقام دقيقة جداً حول أرقام الناتج المحلي الاجتمالي، معدل التضخم، معدل البطالة... الخ، وأنا لا أستطيع أن أقول: إن هذه الأرقام خاطئة أو صحيحة. ‏

. إنما عملكم في الهيئة يقوم بشكل مباشر على المعطيات الرقمية والبيانات الإحصائية؟! ‏

.. نعم نحن نأمل أن تتطور الأدوات الاحصائية وتواكب هذا التطور الموجود في الاقتصاد وأن نصل إلى أرقام إحصائية صحيحة وأهم ما نحتاجه وجود أرقام حول مدخلات ومخرجات وحالياً نسعى في الهيئة لوضع مثل هذه الجداول توضح ماذا تأخذ كل صناعة وماذا يأخذ كل قطاع وماذا يعطي ضمن مصفوفة كبيرة. ‏

. القناة القائمة بين المكتب المركزي للاحصاء والهيئة والتي شهدت اجراء مسوح مهمة خلال الفترة الماضية كيف يمكن ان تتطور هذه العلاقة ويتعاون الجانبان لايجاد رقم دقيق وموثوق؟ ‏

.. نحن نتعاون بشكل جيد مع المكتب المركزي للاحصاء ونستخدم ارقامه وبشكل يومي ولكن انا اعتقد اننا بحاجة الى الوصول لتعاريف حقيقية حتى نصل الى ارقام حقيقية.. مثلاً البطالة لا بد من الوصول الى تعريف موحد عمن هو العاطل عن العمل فلا يمكننا القول: ان الكل الذين سجلوا في مكاتب العمل هم عاطلون عن العمل ولا يمكننا القول كما فعل المركزي للاحصاء ان من عمل في الاسبوع الماضي ساعة هو غير عاطل عن العمل. ‏

. يعني هل نحن بحاجة لمعيار وطني او معيار دولي؟ ‏

.. نحن بحاجة الى معيار دولي ووطني يستخدم المعايير الدولية ويحاول تطبيقها على مجتعنا المحلي واعتقد ان العاطل عن العمل هو كل من لا يعمل او انه لا يمكن اعتبار من عمل ساعة او ساعتين ولا تكفيه للحياة انه غير عاطل عن العمل، فاذا كانت عالميا ان الانسان لا يعتبر عاطلا عن العمل اذا عمل ساعة واحدة فربما تكون هنا في سورية ان الانسان الذي لا يعتبر عاطلاً عن العمل ان يعمل في الاسبوع السابق للتعداد او الاحصاء يومين او ثلاثة ايام.. اي ان يكفيه عمله للحياة. ‏

. عندما دخلت الى الهيئة ما الملف الذي اعتقدت انه الاهم والذي يجب ان يعالج؟ ‏

.. عندما جئت الى الهيئة كانت الفكرة السائدة هي ايهما المهم في التنمية.. هل نبدأ بالتنمية البشرية وبالتالي كل البرامج في التحتية البشرية هي المهمة والتي تعود الى التنمية الاقتصادية وانا بالاساس من الذين يعتقدون ان التنمية البشرية هي نتاج للتنمية الاقتصادية او ان هناك تزاوجاً بينهما وانا اؤمن كذلك انه كلما زاد معدل الناتج المحلي الاجمالي ساعد ذلك في تخفيض معدلات الفقر. واكثر من ذلك انا من المؤمنين انه كلما زاد معدل الناتج المحلي الاجمالي بـ 1% فإن معدل الفقر سوف يتحقق بمعدل 4 ـ 5% لذلك فالاهتمام يجب ان يكون اولاً الى التنمية الاقتصادية وليس فقط الى التنمية البشرية، وهذا ربما كان اهم الملفات التي احاول حالياً ان اقود مشاريع التنمية العديدة مع المنظمات والصناديق الدولية بشكل يخدم التنمية الاقتصادية. ‏

. كيف وجدت التجاوب معك من داخل الهيئة وخارجها من الفريق الاقتصادي وتحديداً حول السير بالتنمية الاقتصادية وبالتنمية البشرية؟ ‏

.. هناك تعاون مع الاشارة الى ان البعض لديه افكار مختلفة ولكن من خلال الحوار يصل معي الاغلبية الى اتفاق ويقولون نعم التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية مترابطة، فكل تنمية اقتصادية ستؤدي الى تنمية بشرية وكل تنمية بشرية ستساعد التنمية الاقتصادية. ‏

. لفترة طويلة كانت هيئة تخطيط الدولة مرتبطة بالشخص الذي يقودها فهل تعتقد ان الجهات العامة الاخرى لا تعي اهميتها وبالتالي تفعيل دورها يعتمد على من يديرها؟ ‏

.. طبيعي ان تتأثر المؤسسة بمن يقودها ولكن انا حريص على تفهم الجميع لدور الهيئة وارغب ان تنتقل الى خطوة اكثر وتصبح هيئته للتنمية والتعاون الدولي، يعني ان تتبدل تسميتها ووظائفها وتصبح هيئة فنية تساعد الخطوات التنموية وتساعد التعاون الدولي. ‏

. هذا المشروع قال يمكن ان يتحقق؟ ‏

.. قد يتحقق في اية لحظة واليوم علاقتنا مع الوزارات والجهات تصب بهذا الاتجاه، فنحن نقدم مساعدة فنية لجميع الوزارات ولا نفرض عليهم ولا نقدم لهم خطة الزامية بل نقدم لهم المقترحات ونتعاون معهم وعلاقتنا معهم جيدة. ‏

. في الفترة الماضية احدى الانتقادات التي توجه للهيئة انها غير جدية في دراسة بعض المشاريع وتفرض ما تريد؟ ‏

.. هذا الكلام لم يعد موجوداً حالياً بل العكس. ‏

. يعني هل انتم اليوم تنتظرون ماتطلبه الوزارات ام انتم تبادرون لتقديم ذلك؟ ‏

.. كثير من الوزارات تطلب دعمنا في مسائل فنية ومثلاً موضوع دعم السلع نحن نعمل عليه حالياً لتقديم مقترح علمي وواقعي وصحيح حول كيفية معالجة مشكلة الدعم. ‏

. اين اصبحتم فيه؟ ‏

.. نعمل عليه من خلال عدة لجان لمعالجة هذه المشكلة لانه لا يمكننا ان نبقى الى ما لانهاية نقدم دعماً للاغنياء فقط ولا يستفيد منه الفقراء وتذهب مواردنا الى التهريب. ‏

. هناك من يقول ان ايصال الدعم لمستحقيه صعب لانه من الصعوبة الوصول الى كل محتاج واذا ما وجدت وسيلة فهي ستكون مؤلمة للبعض؟ ‏

.. لا يوجد اشد ايلاماً من هذا الوضع الذي نحن فيه، نحن اجرينا في الهيئة وظهر معنا انه اذا قسمنا المجتمع الى عشر شرائح وجد ان الشريحة العليا تستفيد 56 مرة من الشريحة الدنيا من الدعم يعني ان الاغنياء يستخدمون من دعم المازوت 56 مرة من الشريحة ذات الدخل المحدود. ‏

. اي انك متفائل بايجاد وسيلة لايصال الدعم؟ ‏

.. نعم.. اعتقد ان مسألة اعادة توزيع الدعم هي مسألة هامة والدعم سيصل بالطريقة الجديدة الى اصحابه الحقيقيين. ‏

. هل تتلقى اقتراحات من باحثين اقتصاديين، من مسؤولين.. في موضوعات معينة؟ ‏

.. انا ارحب بهذا الموضوع وحريص جداً على الحوار. ‏

. حتى لو كان الرأي الآخر مختلفاً تماماً؟ ‏

.. كثيراً.. وافضل اولاً الرأي المخالف لانه هو الذي يعطينا الرأي الصحيح، واذا كنت تسمح دوما لآراء مشابهة لرأيك فانك لاتصل الى الحقيقة، فانت تصل اليها عندما تسمع الرأي الآخر لانه يجعلك تفكر في رأيك.. والرأي الآخر هو الذي يظهر احيانا ما لديك من عيوب في رأيك. ‏

. مهما كان هذا الرأي في الجانب الاقتصادي قاسياً؟ ‏

.. لا مشكلة.. المهم ان يكون وطني ولمصلحة الوطني واي رأي في هذا الاتجاه مستعد لسماعه ومناقشته. ‏

. اساتذة الجامعات متهمون انهم لا ينجحون في العمل التنفيذي وان ما يدرس لا يطبق.. ما رأيك باعتبارك استاذاً جامعياً؟ ‏

.. المهم ان يتم استخدام المعارف النظرية في التطبيق العملي، فالشخص لا يمكنه ان ينجح اذا كان لديه ابحاث نظرية ولا يستطيع تطبيقها في الواقع، وهو لا ينجح ايضا اذا درس الواقع ولا يعرف ماذا يوجد في النظرية، وبالتالي فالمهم التزاوج بين النظرية والتطبيق. وانا احاول دوما استخدام العلم في معالجة اية مسألة.. مثلا حساب تكلفة انتاج القطن المطروح الآن انا اعتمد على النظرية الاقتصادية لحساب التكاليف فاذا كانت التكلفة اعلى من اسعار مبيع القطن فسوف انصح ان يكون الانتاج في السنوات القادمة اقل، واذا كانت التكلفة اقل والقيمة المضافة اعلى فسوف انصح بالاستمرار والانتاج اعلى ايضا اذا طلب انتقاء محاصيل فسوف انتقي حسب التكاليف.. اين نملك نحن تفوقاً نسبياً في اية سلعة فهي السلعة التي سوف تنتجها. ‏

. الهيئة هل تعلم على اولويات معينة في هذا المجال بمعنى آخر القطن انتاج كبير وقيمة مضافة غير مناسبة القمح لفترة سابقة كان هناك اقتراح بعدم التوسع بزراعته وفي الصناعة حديث عن الاستفتاء عن صناعات لصالح صناعات اكبر؟ ‏

.. انا سعيد لمناقشتك لي بمسائل نظرية اقتصادية، وانا من الذين يعتقدون ان اي دولة او مجتمع يملك تفوقاً نسبياً في سلعة ما، ولا شك انه لدينا تفوق نسبي لا يمكن تحديده الان اين هو.. لكن قطعا موجود ربما يكون في انتاج الزيتون، الملابس.. الخ، لكن التخصص مهم واية دولة يجب ان تتخصص ثم تبادل ما تخصصت فيه ولا يمكن لاية دولة ان تنتج كل السلع، لانها لا يمكن ان تكون متوقعة في انتاج كل السلع، ونحن في سورية يمكننا انتاج سلعة بتكاليف اقل ومبادلتها مع سلع اخرى تنتج في دول أخر بتكاليف نسبة اقل والتبادل سيكون لمصلحة كلا الطرفين. ‏

.قلت سابقاً: إن الدولة تاجر فاشل.. في الصناعة هل هي مصنع فاشل؟ ‏

.. هناك قضايا في الصناعة ودور الدولة تبعاً لنوع الصناعات والتي نقسمها إلى عدة أنواع: صناعات استراتيجية على الدولة أن تتدخل فيها وسواء أكانت ناجحة أو فاشلة يجب المحافظة عليها وتطويرها باعتبارها استراتيجية من حيث الانتاج وعدد العمالة ولأهميتها للوطن وهناك صناعات وسيطة إذا كانت ناجحة من باب الأولى المحافظة عليها وإذا كانت فشلت وبالإمكان فهذا أفضل، إنما هناك صناعات أو بالأحرى هي ليست بصناعة تستخدم عدداً قليلاً من العمالة ولا يوجد لها قيمة مضافة ويوجد فيها خسائر عالية.. فما الفائدة من جعلها في يد الدولة أو أن تتحمل عبء خسائرها. ‏

. حتى الآن لم نصل إلى مرحلة القول: إن تكاليف الانتاج لدينا مناسبة في العام التكاليف مرتفعة بسبب الهدر والعمالة وفي الخاص التكاليف مرتفعة بسبب ما يقال عن الرسوم والضرائب؟ ‏

.. جزء كبير من هذا الكلام صحيح وأنا أعتقد أن القطاع الخاص يتحمل بعض الأعباء ولابد من مساعدته أكثر وإفساح المجال أمام القطاع المنتج أي يجب أن نميز بين قطاع عام منتج وآخر غير منتج فالمنتج هو الذي يجب أن يؤمن له المواد الأولية والآلات الحديثة وفتح الأسواق في العالم وعقد الاتفاقيات وهذه كلها مهام الدولة. ‏

. علاقتك مع الاستاذ عبد الله الدردري كيف هي؟ ‏

.. ممتازة جداً ونحن متفقون في كثير من القضايا. ‏

. إذاً هناك اختلافات؟ ‏

..لابد من غير المفيد أن أتفق معك على كل القضايا ‏

. ومع باقي الفريق الاقتصادي؟ ‏

.. جيدة مع الجميع وأحاورهم دوماً وأحاول إيجاد نقاط اتفاق وتحديد نقاط الاختلاف لمناقشتها. ‏

. هل تجد مهمتك صعبة أحياناً؟ ‏

.. البعض أحياناً يعتبر التغير خطاً أحمر وهذا غير صحيح.. فكل تغير لمصلحة الوطن هو صحيح في الشأن الاقتصادي، وأحياناً عليك أن تجابه المشكلة وتضع خلالها ولا فائدة من تخديرها. ‏

. خلال الفترة السابقة كان ثمة خطوات اصلاحية اقتصادية أعلن عنها، ما تقييمك لما تم انجازه؟ ‏

.. السيد الرئيس بشار الأسد لديه مشروع ورؤية مهمة وواجبنا أن نتلقف هذه الرؤية ونسهل تحقيقها، وهذا المشروع يحتاج الى جهود كبيرة حتى يتحقق كما هو مخطط له. ‏

. هناك جوانب أنجزت في هذا المشروع؟ ‏

.. نعم وكثير.. أنا راض جداً عما حدث في قطاع المال والمصارف رغم أهمية خطوات أخرى يجب أن تنجز.. ‏

. والأولويات حالياً ما هي؟ ‏

.. أعتقد أنه لم يحدث ما هو مأمول في قطاع الصناعة وعلى مستوى التصدي فنحن بحاجة الى سياسة أخرى أكثر نجاعة في الصادرات. ‏

. والاصلاح الإداري؟ ‏

.. والاصلاح الإداري لأنه أصعب ومن عدم السهولة الامساك به. ‏

. في الصناعة هناك مشروع قانون للاصلاح يناقش؟ ‏

.. نعم أطلعت عليه، ولكن ما تم حتى الآن لا يشكل خطوة كافية، القطاع العام يحتاج الى خطوة جريئة في سبيل اصلاحه. ‏

. قلت إن تدخل الدولة يجب أن يكون غير مباشر.. هل هذا يعني عدم التوسع في القطاع العام؟ ‏

.. لا بالعكس¾ في بعض المسائل الدولة أن تتوسع فيها أكثر وعدم تدخل الدولة لا يعني عدم تدخلها في القطاع الخاص، لكن بعض المسائل يجب ألا يكون تدخلها مباشراً وبعضها مباشر، وإذا سألتني حول صناعة جديدة أقول لك هي صناعة استراتيجية ويجب أن تبقى قطاعاً عاماً.. ‏

‏ السيرة الذاتية ‏

. مدرس في كلية التجارة والاقتصاد (جامعة حلب 1981 ـ 1986) ‏

. رئيس قسم الاقتصاد والتخطيط في كلية التجارة (جامعة حلب 1982 ـ 1983) ‏

. استاذ في كلية الاقتصاد والتجارة (حلب 1986 ـ 1992) ‏

. استاذ في كلية الادارة والاقتصاد (جامعة قطر 1992 ـ 1996) ‏

. باحث في مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ابو ظبي 1996 ـ 1998) ‏

. مستشار لدى رئاسة دولة الامارات العربية المتحدة (2002 ـ 2005) ‏

. مستشار لدى الديوان الاميري في دولة قطر (2005 ـ 2007) ‏

. له مجموعة من المؤلفات والابحاث العلمية المنشورة ‏.

اقرأ أيضاً:

معهد للتفكير السوري.. بالأكل والشرب

زياد غصن

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...